رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملحمة «نسور قرطاج» ..تونس فى مهمة اصطياد السنغال لحجز بطاقة النهائى الإفريقى

منتخب تونس
منتخب تونس

يصطدم المنتخب التونسى بنظيره السنغالى، فى السادسة من مساء اليوم، ضمن منافسات دور نصف النهائى لبطولة أمم إفريقيا، فى واحدة من المواجهات الشرسة التى ستحدد أحد طرفى نهائى الـ«كان».
فى السطور التالية نسلط الضوء على استعدادات المنتخبين للمباراة، والكيفية التى سيلعبان بها هذه المواجهة الحاسمة، والسيناريوهات المتوقعة للقاء.


الواقعية والانضباط سر تفوق «رجال جيريس».. اللعب على التمريرات السريعة «سلاح فتاك».. والسر فى مباغتة الخصم

بعد نهاية الدور الأول الذى عانى فيه تونس بشكل كبير، أظهر «نسور قرطاج» الوجه الحقيقى للكرة التونسية، الذى يعبر عن قيمة نجومه، ومكانة أنديته التى تقدم نتائج رائعة على المستوى القارى فى السنوات الأخيرة.
عندما سجل المنتخب التونسى الهدف الثالث فى منتخب مدغشقر، فى المباراة الماضية، رفع آلان جيريس، المدير الفنى للمنتخب التونسى، زجاجة مياه وشرب وكأنه لم يشرب منذ أيام، ارتوى بطريقة بدا فيها مرتاحًا وسعيدًا وكأن لسان حاله يقول: «لقد انتصرت عليكم جميعًا.. كنت على صواب أيها الحمقى».
عانى «جيريس» ما لم يعانه أى مدرب طوال مشوار البطولة. وصفوه بالفاشل، ووصل الأمر إلى اتفاق كامل بالشارع التونسى على ضرورة استبداله والإطاحة به بعد دور المجموعات. قالت الجماهير: «لا نريده ساعة واحدة بعد التعادلات الثلاثة والأداء الباهت أمام موريتانيا».
أمام غضبة الرأى العام كان المسئولون التوانسة فى موقف حرج للغاية، كيف يمتصون غضب الشارع والانتقادات اللاذعة؟ وهل ستكون الإطاحة به الحل الأمثل فى هذا التوقيت الصعب؟
على أى حال كان تسريب معلومة الإطاحة به بعد البطولة كفيلًا بتهدئة الأمور بعض الشىء، حتى وصلنا إلى هذه المحطة.
أمام خصم عنيد وقوى للغاية، كان المنتخب التونسى ندًا شرسًا لغانا. لعب مباراة للتاريخ، وعندما وصل إلى ركلات الترجيح تبدل لسان حال التوانسة: «نحن راضون الآن.. حتى لو خرجنا شكرًا للأولاد».
وأمام مدغشقر- مفاجأة البطولة- واصل رجال «جيريس» التطور والتألق، وأمطروا شباب الخصم بثلاثية، ولو أرادوا لجعلوها خماسية أو سداسية.
تلك هى كرة القدم مثل الحياة تمامًا، تتقلب فى وقت قصير، تفاجئك بما لا تتوقعه، لكن المفاجأة التى حملتها لـ«جيريس» ما أحلاها وما أروع توقيتها له وللتوانسة جميعًا.
يرفع «جيريس» شعار «الصبر مفتاح الانتصار»، لا يندفع للأمام، يسأل نفسه مستنكرًا: «لماذا علىّ أن أهاجم وأعانى للحصول على المساحة وأخلق لنفسى مشكلة فى خط الدفاع، لطالما بمقدورى أن أصبر ثم أصبر ثم أصبر حتى يتقدم الخصم ويترك هو لى المساحة؟!».
يُفعّل سياسة الصبر حتى مع أضعف الخصوم حتى لو كان مدغشقر، عاودوا مشاهدة أهدافه، سترون كيف ينتظر تقدم الخصوم، وكيف يترقب أخطاءهم، وكيف يسجل من خلال هذه الفلسفة.
ما أجمل هذه الفلسفة، وما أحوجك إليها أمام خصم قوى للغاية مثل السنغال الليلة.
أمام ساديو مانى ورفاقه أنت لا تحتاج للتقدم، لأن العقاب سيكون قاسيًا للغاية، عليك أن تواصل انضباطك الخططى، وأن يلتزم لاعبوك بأدوارهم خاصة فى منتصف الملعب، إلى أن تحين الفرصة لمباغتة الخصم بهجمة مرتدة سريعة.
يبقى الانضباط والدفاع بمنظومة العشرة لاعبين سر قوة كتيبة «جيريس»، الذى يعود جميع لاعبيه لحظة فقدان الكرة، للذود عن مرماهم من أمام الدائرة، لا يبحث عن الضغط العالى، يكتفى بأن يبدأ المهاجم الصريح طه ياسين الخنيسى مهمة الدفاع بالقرب من الدائرة، على أن يعود الجناحان «الخزرى» و«المساكنى»، ليتحولا إلى مقاتلين أمام الظهيرين: «الحدادى» و«كشريدة».
الرهان الليلة سيكون على التمريرات السريعة من فرجانى ساسى وغيلان الشعلانى لـ«المساكنى والخنيسى والخزرى».
الرهان سيكون على تبادل الأدوار بين الثلاثى، واللعب فى المساحات التى يتركها لاعبو السنغال الذين يميلون إلى تنفيذ الضغط العالى والاستحواذ والاندفاع الهجومى.
سيسيه يهاجم بـ6 لاعبين بفضل الثنائيات وتبادل المراكز.. وساديو مانى أخطر العناصر

يلعب المنتخب السنغالى بطريقة ٤/٢/٣/١، ويتميز بقوة عناصره على طرفى الملعب. وجود ساديو مانى وإسماعيلا سار، وحده يكفى لتوضيح مدى قوة هذا المنتخب على جانبى الملعب.
السنغال منتخب يشبه الجزائر فى شراسته الهجومية، لاعبوه يتبادلون الأدوار، وتحولات كبيرة فى الشكل تحدث بفعل هذه التحركات واللا مركزية.
يترك «مانى» طرف الملعب كثيرًا لصالح هنرى سايفيت، والمهاجم مباى نيانج لا يحبذ البقاء فى أحضان المدافعين، ويهرب على الأطراف ويعود إلى الوسط، وكذلك إدريسا جاى لاعب الارتكاز الذى يجاور بادو ندياى، يحدث تحولًا رائعًا فى طريقة اللعب عندما يتحول إلى جوار هنرى سايفيت فى مركز صناعة اللعب بالعمق.
الطريقة فى هذه الحالة تتحول إلى ٤/١/٤/١، ويصبح عدد المهاجمين خمسة ثم ٦ عندما يصعد أحد ظهيرى الجنب يوسف سابالى، الظهير الأيسر، أو لامينى جاساما الظهير الأيمن.
السرعة هى أهم الأدوات التى يتميز بها السنغال، إلى جانب دقة التمرير، والتحرك من دون كرة، وطلب الكرة.
كل شىء يتم بشكل سريع، ويعمل الجميع وفق منظومة محكمة يديرها مدرب يعمل معهم منذ ٥ سنوات ويجعل كل شىء يحدث بصورة بسيطة.
يراهن ألو سيسيه، المدير الفنى للسنغال، الليلة على قوة منتخبه فى تنفيذ الثنائيات وتبادل الأدوار بفضل العامل البدنى والمهارى، هم الأفضل قطعًا.
«مانى» فى مواجهة وجدى كشريدة، ستكون مواجهة ظالمة للأخير، سيتوجب على «الشعلانى» مساندته بشكل كبير، لأنه إذا تركه وحيدًا سيحدث ما لا نحمد عقباه جميعًا.
فى الجهة الأخرى أسامة الحدادى سيكون أكبر نقاط الضعف التى أتخوف منها بشكل شخصى، لأنه بمواجهة إسماعيلا سار الغلبة للأخير، لأن «الحدادى» ضعيف جدًا فى التغطية العكسية ويعانى بطئًا شديدًا.
لو كانت هناك نقطة ضعف يجب على التوانسة استغلالها لدى الخصم، ستكون المساحة المتاحة خلف لاعبى ارتكاز السنغال إدريسا جاى، وبادو ندياى، هنا صناعة الفارق قد تحدث.
كذلك الكرات الثابتة أظهرت بعض السذاجة فى التمركز ويمكن للتوانسة استغلالها، لكن فى الناحية الأخرى، فإنك فى مواجهة طوفان أطوال سنغالى عندما تكون الكرات الثابتة فى صالحهم.
سيكون هجوم تونس فى مهمة انتحارية، خاصة «الخنيسى»، للعب على مدافعين مثل خاليدو كوليبالى وشيخو كوياتى، سيصنعان له تمثالًا إذا تفوق عليهما، ويستطيع بخفته وذكائه أن يهزم قوتهما، لأن بعض البطء الذى يعانيه «كوياتى» قد يمنح المهاجم التونسى الغلبة.