رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

المحاربون قادمون.. خطة بلماضي للعبور بالجزائر نحو التتويج بـ"أمم إفريقيا"

الكابتن

«شنكون احنا».. كان هذا شعار حملة منتخب الجزائر في بطولة الأمم الإفريقية الأخيرة الذي حمل تلميحا واضحا إلى قوة "محاربي الصحراء" قبل أن يتحول إلى مادة للسخرية من نجوم الفريق الأخضر بعدما ودع الفريق البطولة في أدوارها الأولى، فيما كانت القارة السمراء بأسرها في انتظار عروض أقوى منه تليق بما يحمله هذا الشعار.

وبدوافع أكبر ورغبة في تصويب المسار وتصحيح الصورة الذهنية عن هذا الجيل الذي تقوده كوكبة من كبار النجوم، يدخل "محاربو الصحراء" منافسات أمم إفريقيا المقبلة، لكن: ما الذي تغير في الفريق عن البطولة الماضية؟، وكيف سيلعب المنتخب الجزائري في البطولة المقبلة؟، وما أبرز نقاط قوته وضعفه التي يمكن رصدها قبل انطلاق "كان"؟.

عطال وسبعيني يجعلان الأطراف موطن قوة الفريق.. ومعاناة بسبب تراجع قلب الدفاع

"جمال بلماضي"، المدير الفني لمنتخب الجزائر، اسم يعرفه العرب جيدًا بعدما لعب قديما في أندية أوروبية كبيرة مثل مانشستر سيتي وباريس سان جرمان ومارسيليا، كما أنه كان واحدًا من أبرز من مثلوا منتخب الجزائر طيلة عقود.

"بلماضي" تشبع بالثقافة الغربية التي اكتسبها خلال تنشئته في فرنسا، لذا يمتلك طموحات كبيرة جعلته يتعهد ويُعلن صراحة للجمهور الجزائري: « ذاهبون إلى القاهرة من أجل اللقب».

ورغم أن الجزائر لا يدخل البطولة بالحظوظ ذاتها التي حظي بها في البطولات الأخيرة، لكونه لا يملك جاهزية عدد من المنتخبات مثل السنغال والمغرب ونيجيريا، إلا أن حالة "بلماضي" تنعكس على جميع أفراد الفريق كما لخصها قائد الخضر سفيان فيجولي بقوله: «لا هدف لدينا سوى التتويج».

المدير الفني الجزائري يلعب غالبًا بطريقة (4/2/3/1) التي يسعى بها إلى تحقيق الاتزان لفريقه في وسط الملعب، وهي الخطة التي استعان بها في 4 من أصل 6 مواجهات للجزائر في تصفيات أمم إفريقيا الأخيرة.

وتعتمد الخطة على خط الدفاع المكون من يوسف عطال في الجهة اليمني، ورامي سبعيني في اليسري، وبينهما قلب الدفاع المخضرم عيسي مندي، وإلى جواره مهدي تاهرات أو جمال الدين بن عمري.

هذه التركيبة الدفاعية تتميز بوجود ظهيرين رائعين يقوموان بالأدوار الهجومية، هما يوسف عطال ورامي سبعيني، فالأول هو لاعب فريق "نيس" الفرنسي الذي يمتلك سرعات ومهارات كبيرة تجعله يقوم بأدوار الجناح الهجومي، لذا يشكل مع زميله رياض محرز ثنائية رائعة في الجبهة اليمني تجعل الفريق خطرًا للغاية من هذه الجهة.

أما "سبعيني" فيملك دوافع أكبر للعب من أجل تغطية غياب نجم نابولي فوزي غلام، الذي دخل مؤخرا في مشكلات مختلفة مع الاتحاد الجزائري والجمهور ما تسبب في غيابه عن هذه النسخة.

وقدم "سبعيني" أداءً رائعًا منذ شغل مكانه في عهد "بلماضي" ما طمأن الجمهور علي الجهة اليسرى في ظل التخوف من تأثير غياب "غلام"، رغم وجود فوارق لصالح الأخير بفعل خبراته واحتكاكه القوي في البطولات الأوروبية.

وعلى عكس ذلك، يعاني الفريق الجزائري دفاعيًا في عمق الملعب، بسبب تراجع أداء عيسي ميندي عن بداياته وضعف مستوى من يجاورنه، عوضًا عن ترك ظهيري الجانب مساحات كبيرة للخصوم خلال صعودهما المتكرر في العمليات الهجومية.

أما وسط الملعب، فيعتمد فيه "بلماضي" على خطة ثنائي ارتكاز، يحظى فيه اللاعب سفيان فيجولي بدور دائم نظرا لقيامه بعملية الربط بين خطي الدفاع والهجوم، فيما يتغير محور الارتكاز الثاني طبقا للاحتياج بين فيكتور لكحل وسفير تايدر وإسماعيل بن ناصر.

أقوى هجوم في البطولة بفضل محرز وبونجاح.. والمرونة التكتيكية تضاعف قوة خط الوسط

في الخطوط الأمامية وأمام ثنائي الارتكاز، يعتمد الفريق على خطة اللعب بجناحين علي طرفي الملعب وصانع ألعاب في العمق، وهي تركيبة تتسم بالمرونة الكبيرة في ظل قدرة أكثر من لاعب على شغل هذه المراكز الثلاثة بتألق وكفاءة.

ففي الجهة اليمني، دائمًا ما يكون المتألق "محرز" متواجدا، أما في اليسري فتجري المفاضلة بين أكثر من لاعب أبرزهم ياسين براهيمي نجم بورتو البرتغالي، ويوسف البلايلي نجم الترجي التونسي، كما يمكن أيضا الاعتماد علي آدم أوناس، نجم نابولي الإيطالي، في حين يلعب بغداد بونجاح في المقدمة كمهاجم صريح.

وتعتمد خطة اللعب في الخطوط الأمامية علي قدرة لاعب الوسط "فيجولي" على  بناء الهجمة من المناطق الخلفية، مع العمل كمحطة إمداد لخط الهجوم الذي يتمتع بالقدرة على تبادل الأدوار بين اللاعبين.

وتتبدى المرونة التكتيكية لـ"محاربي الصحراء" عندما يصعد "فيجولي" إلى جوار "أوناس" في عمق الملعب، وعندها تتخذ الخطة أشكال (4/3/3) أو (4/1/4/1) مع تركز أدوار اللاعبين على التسلم في المناطق المتقدمة بين خطوط لعب الخصم لإتاحة الفرصة أمام الزملاء من أجل صناعة الفرص.

وعلى نقيض عمق الدفاع في المنتخب الجزائري، يأتي تألق التركيبة الهجومية الحالية لافتا، حتى يمكن القول أنه يعد واحد من أقوى خطوط الهجوم في البطولة.

فعلى طول خطوط الملعب يمتلك الفريق الجزائري السرعة عند "محرز" والحلول الفردية في المساحات الضيقة عند ياسين براهيمي، كما يمكنه اللعب تحت الضغط بشكل رائع عند "فيجولي" و"أوناس"، اللذين يمكن تصنيفهما بأنهما من أصحاب «الوعي الخططي» والقادرين على التحكم في شكل اللعب وأسلوبه وطريقة التعامل معه.

هذه القدرة الكبيرة لدي الثنائي علي التسلم تحت الضغط والتمرير البيني والطولي والقطري بشكل مميز، تجعل ملكاتهما أقرب إلى الكمال، خاصة عندما يتطلب الأمر المراوغات في المساحات الضيقة، وهي قدرات تغيب مثلا عن المنتخب المصري الذي لا يمتلك المهارات والحلول الفردية في منتصف الملعب.

كما يتسم "المحاربون" في هذه البطولة بامتلاك مهاجم شرس مثل "بونجاح" الذي نضج بشكل كاف ما يؤهله ليكون واحدا من بين المرشحين لنيل جائزة هداف البطولة، خاصة بعدما قدم موسمًا استثنائيًا مع "السد" القطري، بتسجيل 39 هدفًا في بطولة الدوري متخطيًا كل نجوم العالم، حتى أن النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يليه برصيد 36 هدفًا.

يتسم "بونجاح" بأنه مهاجم عصري، بمعنى أنه لا ينتظر الكرة داخل مناطق الخصوم بل يطلبها من أي موقع، ففي بعض الأوقات تجده علي جانبي الملعب، وفي أخري تجده قريبا من خط المنتصف، لذا فهو يبحث عن المساحة أينما تواجدت كما أنه يمتلك سرعات رائعة ويجيد كسب الثنائيات، ويملك أيضا الرغبة في التسجيل من أنصاف الفرص.

هذه المواصفات والتحركات تساهم في خلق المساحات والحلول والفرص أمام الزملاء، لذا يمكن القول أنه أحد أبرز الأعمدة الرئيسية التي يعول عليها الفريق الجزائري لتحقيق التألق المطلوب في هذه البطولة.