رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

السقوط نحو الهاوية.. لماذا تدهور حال المنتخب الوطنى بعد جيل شحاتة التاريخى؟

المنتخب الوطني
المنتخب الوطني

12 عامًا على آخر معانقة لجميلة السُمر.. والنسخة الأخيرة من ثلاثية المنتخب المصري التاريخية في أدغال إفريقيا، مع جيل تاريخي هيمن على إفريقيا، وأرسى أبناء النيل على عرش البطولات القارية.

جيل حسن شحاتة، متعب، وزكي، وزيدان، وتريكة، وشوقي، وأحمد حسن.. سيطروا على كرة القدم الإفريقية منذ 2006، حتى 2010، وحققوا 3 نسخ متتالية لأمم إفريقيا.

 

ومنذ ذلك التاريخ، فشل المنتخب المصري في التأهل لأمم إفريقيا في نسخ 2012، 2013، و2015، في فترة كانت الأسوأ في تاريخ كرة القدم المصرية، شهدت توقفًا للنشاط، وأزمات لا تتوقف، ثم عاد المنتخب للمشاركة القارية في 2017، وخسر المباراة النهائية أمام الكاميرون بهدفين لهدف، ثم استضافت مصر البطولة في 2019، وودعتها من دور الـ16، قبل أن يعود الفراعنة للبطولة في 2021، ويصل المنتخب للمباراة النهائية أمام نظيره السنغالي، ولكنه لم يحقق النجاح أيضًا.

تلك الفترة شهدت بارقة أمل وحيدة، هي تألق محمد صلاح في الملاعب الأوروبية، وتحقيقه الألقاب مع فريق ليفربول الانجليزي، والتسبب بشكل مباشر في تأهل المنتخب الوطني لبطولة كأس العالم 2018، التي استضافتها روسيا، للمرة الأولى في تاريخ المنتخب منذ 28 عامًا.

ولكن.. كرة القدم المصرية ما زالت لم تستعد مكانتها السابقة حتى الآن؛ 12 عامًا دون لقب وحيد للفراعنة، ويرصد «الكابتن» أسباب انحدار مستوى المنتخب الوطني منذ ثلاثية شحاتة التاريخية وإلى الآن.

 

 اتحاد كرة القدم.. أزمات وارتباكات



من أهم مميزات الفترة التاريخية لمنتخب حسن شحاتة، كان وجود اتحاد كرة قوي، وصاحب قرار؛ على رأسه سمير زاهر، استطاع أن يذلل كل الصعاب للمنتخب من أجل تحقيق النجاحات المرجوة.

بالإضافة إلى ثقل سمير زاهر، ورجاله داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم آنذاك، وقدرتهم على حماية حقوق المنتخب الوطني في أكثر من مناسبة، وهو عكس ما يحدث الآن.

ومنذ نهاية ولاية سمير زاهر في 2012، عانت الكرة المصرية من أزمات متتالية، كانت أولاها توقف النشاط بسبب حادث بورسعيد، وغياب الجماهير عن الملاعب منذ ذلك الحين، بالإضافة إلى ارتباك قرارات المجالس المختلفة للاتحاد، وعدم وجود سياسة واضحة لإدارة ملف كرة القدم، أو اعتماد منهج واضح يتم اختيار المديرين الفنيين للفراعنة على  أساسه.
 


عدم انتظام الدوري



أزمات الكرة المصرية وارتباك مسئولي الاتحاد في فترة ما بعد ثورة يناير، وأحداث بورسعيد؛ أثرت بشكل مباشر على انتظام بطولة الدوري، ففي بعض الأحيان أجُبِر اتحاد الكرة على إلغاء الهبوط، خوفًا من غضب جماهير أحد الفرق الشعبية الذي كان على وشك الهبوط، كما ألغي بالفعل الهبوط في موسم 2011-2012، بعد احتجاجات عارمة من جماهير الاتحاد السكندري، وصلت إلى حد اقتحام الملعب في مباراة وادي دجلة بالجولة الـ22 من الموسم، قبل دقائق قليلة من نهاية المباراة.

ذلك بالإضافة إلى التنقل بين نظام دوري المجموعتين، والمجموعة الواحدة، إلغاء الهبوط ثم إعادته مرة أخرى، مواسم متلاحمة منذ موسم 2013-2014، دون راحة أو فترات إعداد، والقرارات متخبطة وكل مسئول يأتي ليمحي من قبله ولا أحد يدري كيف تدار كرة القدم؟

 

عدم انتظام بطولة الدوري أثر بشكل سلبي على مستويات اللاعبين، خاصة في  ظل عدم وجود فترات إعداد جيدة لهم، واستمرار منافسات بطولة الدوري بعد 3 أشهر وأحيانًا 4 من انتهائها في كل الدوريات الأخرى.

 

 ذلك بالإضافة إلى ارتباطات لاعبي الأهلي والزمالك، وهم القوام الأساسي للمنتخب، بالمشاركات الإفريقية مع فرقهم، وهو ما يزيد من ضغط المباريات عليهم، ويجعلهم أكثر عرضة للإصابات، والإرهاق بسبب عدم وجود فترات راحة كافية.



فارق الجودة والتطور الإفريقي



خلال السنوات الماضية، ومع زيادة حالة الارتباك على الكرة المصرية؛ تدهورت الجودة الفنية للاعبين، في ظل اعتماد أغلب الأندية على زيادة شراء لاعبين محترفين، خاصة بعد رفع عدد اللاعبين المحترفين لكل فريق، حتى وصلوا إلى 5 لاعبين.

وذلك بالإضافة إلى ندرة المواهب الشابة، خاصة بعد تسريح أكثر من مسابقة للناشئين، كانت آخرها مسابقتا 1997-1998، وهو القرار الذي تم اتخذه منذ قرابة الثلاث سنوات، أي في أوج احتياج المنتخب للاعبين شباب، ودمجهم مع عناصر الخبرة من أجل الارتفاع بمستوى المنتخب الوطني.

إضافة إلى عدم وجود خطة واضحة لفرق الناشئين سواء في الأندية أو في المنتخبات، وهو ما أضعف المراحل السنية الأصغر، وأبعدها عن تطورات كرة القدم الحديثة؛ إذ إن أكبر أندية العالم حاليًا، باتت تعتمد على ربط مراحل الناشئين بالفريق الأول، في طريقة اللعب، وطرق التدريب، والمهام المحددة لكل لاعب، لكي يصبح ملائمًا للدخول في طريقة لعب الفريق الأول في أي وقت، وهي خطط طويلة المدى.

ذلك فضلًا عن تطور كرة القدم في إفريقيا، واعتماد أغلب الدول الإفريقية على زيادة عدد لاعبيها المحترفين في الخارج، من مراحل سنية صغيرة من أجل تدريبهم على أفضل نحو، وتأسيس معرفتهم لأساسيات كرة القدم.



رفض الاحتراف



الأندية المصرية، كان لها نصيب أيضًا في أزمة المنتخب الوطني، بسبب رفضهم خروج اللاعبين للاحتراف الخارجي، والإصرار على استمرارهم مع الفريق.

 

احتراف اللاعبين منذ مراحل سنية صغيرة، أفاد عدد من المنتخبات مثل السنغال، وكوت ديفوار، والمغرب، وغيرها؛ ولكن قطبي كرة القدم في مصر، رفضا في أكثر من مناسبة الاستغناء عن لاعبيهم للاحتراف الخارجي، والتمسك بوجودهم مما أفقد هؤلاء اللاعبين فرصة الاحتكاك بخبرات مختلفة في كرة القدم، والاستفادة من التطور الفني في كرة القدم بالعالم.