رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المئوية الصامتة".. 7 خطايا وحسنة وحيدة في 100 سنة كورة

مئوية اتحاد الكرة
مئوية اتحاد الكرة

ربما كانت الحسنة الوحيدة للاحتلال الإنجليزي لمصر، هي كرة القدم، تلك القطعة المستديرة المصنوعة من الجلد، التي حرص الإنجليز علي إحضارها داخل حقائبهم عام 1882، أثناء حملتهم علي المحروسة، ووجد المصريون وقتها ضالتهم في تعلم كرة القدم لتحقيق الفوز علي الإنجليز وقتها، كنوع من المقاومة المشروعة.

 

شاءت الأقدار أن تكن تلك المحنة التي عاشها المصريون وقتها، منحة لتصبح مصر أول الدول العربية والأفريقية، التي تشرق في سماءها شمس كرة القدم التي مرت بمراحل عديدة من التطور، حتى باتت اللعبة الشعبية الأولي وأصبحت تمثل أعظم المنافسات علي مستوى العالم.

 

بعد عدة عقود وتحديدًا في 3 ديسمبر عام 1921، تم تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم كأول اتحاد في الشرق الأوسط ، وكذلك في أفريقيا وآسيا، لكن المصريون كعادتهم لا يحسنون استغلال التاريخ العريق في صناعة حاضر جيد أو مستقبل مشرق.

 

يتواكب شهر ديسمبر الجاري مع مئوية الاتحاد المصري لكرة القدم، "المئوية الصامتة" كما يجب أن تسمي ، تلك المناسبة العظيمة التي مرت مرور الكرام علي الجميع دون أدني محاولة لاستغلال الحدث، في ظل الصراعات والمؤامرات التي أفقدت تلك المناسبة قيمتها، وأضاعت علي مصر فرصة عظيمة تتمناها أي دولة عربية أو أفريقية لكتابة صفحات جديدة من التاريخ في كرة القدم .

 

لذلك كان لزامًا علينا فتح هذا الملف ورصد الخطايا السبع التي ارتكبها المصريون في حق بلدهم، مقابل حسنة وحيدة، علي مدار ما يزيد عن 130 عاما عرفت خلالها مصر كرة القدم.

 

100 سنة كورة في غياب مجلس إدارة منتخب (1-8)

ستظل لحظة إعلان أحمد مجاهد رئيس اللجنة المعينة لإدارة شئون اتحاد الكرة بقرار من الإتحاد الدولي لكرة القدم"فيفا"، بإعلان افتتاح مشروع الهدف بمدينة 6 أكتوبر، تزامنًا مع مرور مائة عام علي تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم، لحظة فارقة في تاريخ الكرة المصرية، لأنها جاءت دون احترام أو تقدير لمثل هذه المناسبات في حياة الشعوب، التي تسعي جاهدة لإظهار قوتها الناعمة في مثل هذه المواقف .

 

افتتاح مشروع الهدف أو المقر الجديد لاتحاد الكرة، الذي يعد الحسنة الوحيدة في الكرة المصرية علي المستوي الإداري، جاء دون احترام أو تقدير علي مستوي المسئولين عن الرياضة في مصر وكذلك علي مستوي كل من لعب كرة القدم، وكأن الجميع اتفق علي أن لا يتفقوا في مثل هذه المناسبة.

 

1- مسئول وحيد

كان أحمد مجاهد مسئولًا وحيدًا، ومعه محمد الشواربي عضو اللجنة الثلاثية، بعد استقالة أحمد حسام عوض من لجنة التطبيع بمسماها الحقيقي، ليحتفل اتحاد الكرة، أعرق الاتحادات في الشرق الأوسط، بمئويته في عدم وجود مجلس إدارة منتخب، بعد استمرار لجان التطبيع ما يقرب من ثلاث سنوات في إدارة الكرة المصرية، في مشهد يعكس مدي الصراعات الداخلية بين جموع الرياضيين الباحثين عن مصالحهم الخاصة فقط، دون الوضع في الاعتبار مصلحة الكرة المصرية.


ولم يجد مجاهد أي مساندة على المستوى الإداري، خاصة من وزارة الشباب والرياضة التي تجاهلت الأمر تمامًا، برغم حرص الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة على حضور جميع الفعاليات متناهية الصغر، حتى لو تعلق الأمر بافتتاح مراكز الشباب لمجاملة بعض أصدقاءه من الإعلاميين .

 

2- سيادة أفريقية على الأراضي المصرية

على هامش الاحتفالية السرية كما أطلق عليها البعض، رغم تحديد الموعد قبلها بوقت كاف، كانت السيادة للأفارقة الذين لبوا دعوة مسئولي اتحاد الكرة جميعاً، وحضروا احتفالية افتتاح مشروع الهدف، دون غيرهم من نجوم الكرة المصرية على مدار تاريخها، لدرجة أن المباراة الاستعراضية التي أقيمت على هامش الاحتفالية كانت بين رؤساء الاتحاد الأفريقية وبعض نجوم القارة السمراء، بمشاركة وائل جمعه وعصام الحضري فقط من مصر.


عدم حضور نجوم الكرة المصرية لهذا الحدث الفريد، كان لغزًا محيرًا للجميع، لدرجة أنه أثار انتباه السويسري جياني انفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي جاء من أخر العالم لحضور هذا الحدث، في حين لم يكلف نجوم الكرة المصرية أنفسهم بالحضور رغم وجود الحدث بحي 6 أكتوبر الذي يقطنون فيه .

 

3- صراع الوجوه الجديدة والحرس القديم

 

دفعت الكرة المصرية في يوبيلها الذهبي أو مئويتها الأولى، ثمن الصراع بين الوجوه الجديدة التي تطمح في كتابة فصل جديد ضمن رواية إدارة الكرة المصرية، أمام تمسك الحرس القديم بالاستمرار في قيادة السفينة، دون أدني محاولة لتقريب وجهات النظر أو خلق مزيج من الخبرة والشباب كما يحدث في كل دول العالم .

 

وبات الصراع الأطول في تاريخ كرة القدم المصرية منذ رحيل المجلس المنتخب برئاسة هاني أبو ريدة في يوليو 2019 وحتى الآن، دون التوصل لصيغة مناسبة، تعيد الكرة المصرية لوضعها الطبيعي في الريادة العربية والأفريقية، بل عاش الاتحاد المصري لكرة القدم تحت وصاية الفيفا لمدة ثلاث سنوات، حتى ضاعت علي مصر فرصة احتفالها بمئوية اتحاد الكرة في وجود مجلس منتخب من جمعية عمومية واعية .

 

4- جمعية عمومية غير واعية

 

تغاضي أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد الكرة عن القيام بدورهم الطبيعي في مثل هذه المناسبات، لدرجة أن الاحتفالية لم تشهد وجود ممثل واحد عن أي ناد من بين الأندية التابعة لاتحاد الكرة والتي وصلت في بعض الأحيان إلي 224 ناديا، في مشهد يعكس مدي قلة الوعي لدي أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد الكرة.


الموقف تكرر بعد ثلاثة أيام فقط من الاحتفالية، وفى أقل من ساعة تواجد 110 أعضاء من رؤساء الأندية خلال مراسم إجراءات الجمعية العمومية غير العادية، بهدف تنفيذ أجندة معدة مسبقًا لإضافة بعض البنود المريبة في لائحة الجبلاية، دون تفكير أو محاولة للفهم والمشاركة في صناعة مستقبل أفضل للكرة المصرية.