رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

في يوم ميلاده.. رحلة كريم بنزيما من منبوذ الجماهير لملك مدريد

بنزيما
بنزيما

كريم مصطفى بنزيما، الفرنسي من أصول جزائرية.. المهاجم الأول للفريق الأعرق في أوروبا، ريال مدريد الإسباني.. المظلوم الأكبر في كرة القدم.. يحتفل اليوم الأحد بعيد ميلاده الرابع والثلاثين، ومع وصوله لهذه السن، فلم ينل التقدير سوى في آخر سنوات مسيرته.

 

بنزيما يقود ريال مدريد لتحقيق الفوز على كذا وكذا.. بنزيما يقود فريقه لصدارة الدوري.. بنزيما يقود فريقه للتأهل للدور كذا في دوري الأبطال أو كأس إسبانيا.. هي عبارات نشاهدها باستمرار وبطلها كريم.. بطلها هو اللاعب الأفضل في الريال الذي يساعد وينقذ فريقه دائمًا!

 

الأمر أصبح معتادًا، كريم بنزيما هو صاحب الفضل الأول في انتصارات الميرينجي هذا الموسم والموسم الماضي والموسم الذي يسبقه، بعد رحيل نجم الفريق الأول فيما مضى، البرتغالي كريستيانو رونالدو.

 

بنزيما انتقل لصفوف نادي ريال مدريد صيف عام 2009، قادمًا من نادي أولمبيك ليون الفرنسي، أتى مع كريستيانو رونالدو، وأراد فلورنتينو بيريز بناء خط هجوم النادي الملكي عليهما في السنوات التالية، وبالفعل، أتى من أتى وذهب من ذهب، وبقى هذا الثنائي ليقودا الريال في العشرة أعوام الأخيرة، حتى قرر رونالدو وريال مدريد إنهاء قصتهما مع نهاية موسم 2017-2018، ليبقى بنزيما وحيدًا.. يدخل موسم 2018-2019 بدون شريكه الذي اعتاد  خدمته.. بنزيما كان يعيش في ظل رونالدو وهو أمر طبيعي، فرونالدو كان أحد أفضل لاعبي العالم.

 

لكن ذلك الأمر لا يقلل من بنزيما، ولا من إمكانيات بنزيما، فأرقام المهاجم الفرنسي في وجود رونالدو كانت تثبت أنه مهاجم كبير حتى في ظل بناء الفريق واعتماده بشكل شبه كامل على ابن مدينة ماديرا البرتغالية، لكن مع ذلك كان يتلقى بنزيما انتقادات مهولة، كان يتم انتقاده ليل نهار من جمهور النادي الملكي، كانوا يسخرون منه رغم أرقامه، رغم إسهامه في بطولات الريال في الأعوام العشر الأخيرة، ومع رحيل رونالدو وعدم تعويضه وبقاء بنزيما وحيدًا في خط الهجوم، اعتقد البعض أن خط هجوم الميرينجي سيعاني، وأن الاعتماد على بنزيما وحده في قيادة خط أفضل فريق في أوروبا يعد كارثة، ولكن كريم حمل على عاتقه مهمة قيادة هجوم الفريق وكان على قدر المسئولية

 

بنزيما لعب مع ريال مدريد منذ انضمامه له عام 2009، 580 مباراة في مختلف المسابقات، سجل فيهم 297 هدفًا وهو رقم جيد ومعقول بالنسبة للمهاجم الأول للوس بلانكوس فنسبة تسجيله في المباراة الواحدة 0.51 ، بالإضافة لصناعته لـ 152 هدفًا في تلك المباريات وهو رقم أيضًا لم يحققه غيره من مهاجمي العالم بل لم يصل له بعض صناع اللعب، ساهم إجمالًا في تسجيل 449 هدفًا لفريقه الملكي.

 

البعض علل أرقام بنزيما بوجود كريستيانو رونالدو في الفريق ومساعدته له، ولكن ماذا بعد رحيل الدون؟ الحقيقة أن بنزيما لم تكن أرقامه الأفضل في ظل وجود رونالدو، لأنه كان يقوم بمساعدته على تسجيل الأهداف أكثر من تسجيله هو عوضًا عنه، ولكن ومع وصوله لعامه الرابع والثلاثين وبرحيل الدون استطاع أن يثبت أن جميع الأفواه التي انتقدته على مر السنين الماضية كانت خاطئة.. كيف ؟ 

 

بنزيما كان هداف الفريق الملكي في موسم 2018-2019  قبل الماضي الذي كان واحدًا من أسوأ مواسم النادي بعد رحيل رونالدو وزيدان والذي عاد لتولي المهمة شهر مارس من العام الماضي، بنزيما كان أفضل لاعب في ريال مدريد ذاك الموسم، بل يمكننا القول إنه كان اللاعب الوحيد الذي ظهر بشكل جيد في ذلك الموسم بالنسبة لكتيبة الميرينجي.

 

"أبو إبراهيم"، سجل 30 هدفًا في 53 مباراة موسم 2018-2019، في مختلف المسابقات.. سجل 21 هدفا في الدوري الإسباني 4 أهداف في دوري أبطال أوروبا، 4 أهداف في كأس ملك إسبانيا، وصنع 11 هدفًا أخرى، وأخيرًا وجدنا بعض الأشخاص تدافع عن بنزيما وتدافع عن حقيقة كونه واحدا من أفضل مهاجمي هذه الألفية، لكن كانت هناك أفواه تنتقد بنزيما رغم ما قدمه في أول المواسم بعد رحيل كريستيانو.

 

وفي الموسم قبل الماضي، أتى ريال مدريد بلوكا يوفيتش في نفس مركز بنزيما، البعض توقع بأن يزيحه من عرشه، ولكن بنزيما ضم المهاجم الصربي لقائمة ضحاياه، مثلما حجز مقعده الأساسي في تشكيل ريال مدريد وأجلس جميع المهاجمين الذين تعاقبوا على النادي في مقاعد البدلاء، أجلس يوفيتش حبيسًا لمقاعد البدلاء، والتي شملت أسماء كبيرة مثل: جونزالو هيجواين، ألفارو موراتا، تشيشاريتو - إيمانويل أديبايور.. كل من تولى القيادة الفنية للميرينجي اعتمد في المقام الأول والأخير على بنزيما في قيادة خط الهجوم بالنسبة للفريق، ورغم الانتقادات، كان بنزيما على الموعد دائمًا.

 

أصيب أسينسيو في بداية موسم 2019-2020، تلاه هازارد، أصبحت أطراف الميرنجي مربوطة بجاريث بيل المغضوب عليه من جماهير الريال والذي لم يهتم بكرة القدم بل كان الجوف أولى اهتمامته، وقلة خبرة فينسيوس ورودريجو ذلك الوقت ، وبنزيما في خط الهجوم فقط، ومع ذلك، تمكن المهاجم الفرنسي من تسجيل 21 هدفا في الدوري الإسباني واحتلاله وصافة الهدافين خلف ميسي، 5 أهداف في دوري أبطال أوروبا، وهدف في كأس أسبانيا، بالإضافة لصناعته لـ 11 هدفًا.

 

وفي الموسم الماضي، استمر بنزيما في تألقه، 30 أهداف وصناعة لـ 9 آخرين في 46 مباراة في مختلف المسابقات.. صاحب الفضل الأول إنقاذ صورة " ريال مدريد" الموسم الماضي، فقادهم لاحتلال المركز الثاني في الليجا بعد منافسة استمرت لآخر الدقائق، والوصول لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. كان وحيدًا يحمل على عاتقه إنقاذ الفريق، في موسم كارثي كانت الإصابات عنوانه بالنسبة لـ ريال مدريد.

 

تألق بنزيما أجبر ديديه ديشامب المدير الفني لمنتخب فرنسا على استدعائه للمرة الأولى بعد 6 أعوام من الغياب والتهميش، ليسجل 4 أهداف في يورو 2020، ويقود منتخب بلاده للتتويج بدوري الأمم الأوروبية، لينتصر كريم لذاته وكرامته أمام العالم أجمع.

 

وبعد موسم وعام تاريخي لـ بنزيما، هو الأفضل له، نال فيه التقدير والعرفان، لكنه لم ينله في جائزة الكرة الذهبية " بالون دور" بعد احتلاله المركز الرابع، بعد أن كان مرشحًا حقيقيًا للظفر بالجائزة. 

 

بنزيما لا يكتفي بتسجيل الأهداف بالطريق العادية، إنما يتفنن في تسجيلها، كما فعل كثيرًا، أهداف جعلت العالم كله يصفق للمهاجم المظلوم.

 

بنزيما أجبر الجميع على إنصافه.. لماذا؟

 

لأنه الهداف العاشر في تاريخ الدوري الإسباني برصيد 205  هدفًا وخامس اللاعبين الأجانب في تلك القائمة.

 

لأنه رابع هدافي نادي ريال مدريد على مر التاريخ، بتسجيله 297 هدفًا.

 

لأنه في العام قبل الماضي حقق رقمًا فريدًا لم يتحقق في تاريخ النادي الملكي، سجل في 8 مباريات متتالية لفريقه ريال مدريد دون أن يسجل أي لاعب غيره في الفريق أي أهداف، كان هو المسجل الوحيد لأعظم نادي في أوروبا لـ 8 مباريات متتالية.

 

لأنه أكثر لاعب أجنبي تمثيلًا لنادي ريال مدريد في المباريات

 

لأنه رابع هدافي دوري أبطال أوروبا على مر التاريخ، بـ 76 هدفًا.

 

لأنه صاحب الهدف الـ 1000 لـ ريال مدريد في تاريخ دوري أبطال أوروبا

 

 

لأنه حقق لقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات، كان صاحب الفضل الأول في تحقيق آخر تلك البطولات عام 2018، بأهدافه في بايرن ميونخ في نصف النهائي، وليفربول في النهائي.

 

لأنه حقق الدوري الإسباني 3 مرات وكأس إسبانيا وكأس السوبر الإسباني مرتين لكل بطولة.

 

لأنه حقق لقب كأس العالم للأندية 4 مرات، وكأس السوبر الأوروبي 3 مرات.

 

لأن له أهدافًا لا تنسى، أهدافه في برشلونة، أهدافه في بايرن ميونخ، أهدافه في ليفربول، أهدافه في أتلتيكو مدريد، لكل هدف سجله بنزيما أو ساهم في تسجيله قصة ودور كبير في تحقيق بطولة أو انتصار مهم.

 

البعض قد لا يتفق على كون بنزيما أحد أعظم مهاجمي الساحرة المستديرة.. البعض انتقده  وكان يرى أنه لا يستحق أن يكون مهاجم الريال الأول ولكن بنزيما لم يلتفت لذلك.. البعض يرى أنه أحد أفضل مهاجمي اللعبة، ومنهم من يراه أفضل مهاجم فرنسي على مر التاريخ متفوقًا على تييري هنري كما قال مدربه زين الدين زيدان.. إلى يومنا هذا لم يتفق عشاق اللعبة على صيغة لوصف بنزيما.. هل هو أسطورة؟ هل هو مهاجم عادي أضاع على ريال مدريد الكثير؟ هل هو من عظماء خط الهجوم؟ أم هو الفتى المدلل لبيريز رئيس النادي وأنه لا يستحق وضعه الحالي؟ 

الأرقام تنصفه.. البطولات تنصفه، تأثيره الكبير على الريال ينصفه.. ابن الجزائر سيتذكره عشاق كرة القدم كأحد أفضل مهاجمي الساحرة المستديرة على مر التاريخ