رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المحتال كارلوس كايزر».. قصة اللاعب الذى لم يلمس كرة القدم

كارلوس كايزر
كارلوس كايزر

«كارلوس كايزر.. نصّاب كرة القدم»، هكذا اشتهر اللاعب البرازيلي الذي لم يلمس كرة القدم مطلقًا، ولكنه زامل العديد من نجوم اللعبة داخل المستطيل الأخضر.

كارلوس كايزر، هو لاعب كرة قدم برازيلي لم يمارس اللعبة يومًا، وتم تلقيبه بـ"أشهر نصاب في تاريخ كرة القدم"؛ كونه صنع لنفسه "شهرة وهمية" على أنه مهاجم موهوب، والحقيقة أنه لم يملك الموهبة ولم يسجل أي هدف.

وظن البعض أن كثرة تنقلاته بين الأندية وإصاباته المتكررة هي السر وراء عدم ممارسته رياضته المفضلة، ولكنه في حقيقة الأمر كان شخصًا مخادعًا، لا يجيد ممارسة الكرة من الأساس!

"الكابتن" يرصد تاريخ كارلوس كايزر وموهبته الحقيقية التي جعلت منه أشهر نصّاب في عالم كرة القدم، وذلك على النحو التالي:

 

كيف دخل "كايزر" عالم كرة القدم؟

ولد كارلوس عام 1963، والتحق بأكاديمية بوتافوجو، ومنها إلى فلامنجو، وأطلق عليه لقب "كايزر"؛ بسبب تشابه في الشكل مع القيصر فرانك بيكنباور، نجم ألمانيا.

كان يعشق كرة القدم بشغف وحلمه أن يصبح لاعب كرة قدم شهيرا، ولكن أكثر ما كان يميزه "ذكاءه الاجتماعي"، والذي مكّنه من تكوين صداقات بشكل واسع وسريع، من بينها صداقات مع لاعبي كرة قدم كبار في مطلع الثمانينات، مثل كارلوس ألبرتو، ريكاردو روشا، ريناتو جاوتشو وزيكو، حتى صنع لنفسه شبكة من العلاقات ترشحه للأندية.

ولم يتوقف على الصداقات فقط، بل كان يفعل كل ما بوسعه من أجل إقناعهم أنه مهاجم لديه موهبة مميزة؛ ويجعلهم يتوسطون له في الأندية التي يلعبون بها.

 



كيف نجح كارلوس في خداع جميع الأندية؟

نجح كارلوس في خداع كل الأندية التي وقع معها، رغم أنه لم يلعب دقيقة واحدة، مستمرًا في الحصول على العروض.

بدأت القصة عندما انتقل كارلوس إلى المكسيك، انكشف أمره سريعًا، ولكن غياب التكنولوجيا والاتصالات وقتها جعل الأمر لا يصل للبرازيل، ليعود إلى بلاده وزعم أنه كارلوس إنريكي، لاعب أرجنتيني شارك في تتويج "إندبنديينتي" بكأس ليبرتادوريس والانتيركونتينينتال في عام 1984، وأكد خدعته بقوله إنه صديق مقرب لوكيل اللاعبين أليخاندرو، صديق اللاعب الأرجنتيني الشهير خورخي بوروتشاجا.

صدق الجميع هذه الخدعة، ليعود كارلوس إلى صفوف بوتافوجو، الذي شهد بدايته كناشئ، وهناك بدأ في استخدام أكذوبة أمام الجماهير، أصبحت شعارًا لمشواره في كرة القدم، عندما يذهب ليشارك في أول تدريب وبعدها يتعرض للإصابة، ومن ثم لا يشارك في المباريات.

ولكن ليست هذه الأكذوبة فقط، بل استخدم كارلوس العديد من الحيل، وأبرزها ادّعاء الإصابات في العضلة الخلفية أثناء الإحماء، مستغلًا صعوبة التشخيص حينذاك؛ نظرًا لغياب الإشاعات المتخصصة لكشفها، وكان متعارفا أن التعافي منها يحتاج لوقت طويل.


 

خدع كارلوس كايزر

الخدعة الأخرى كانت باستخدام الهواتف المحمولة، لا سيما أنها لم تكن تلك تكنولوجيا رائجة وقتها، فكان يأتي بهاتف "لعبة" ويدعي أنه يتحدث مع أطباء أو وكلاء أجانب يأتون له بعروض أخرى، أو بالخارج للعب مع فِرق تطلب التعاقد معه.

الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد، بل استغل كارلوس صداقته بطبيب أسنان، وطلب منه إصدار شهادة طبية تفيد بوجود عدوى في أحد أسنانه، وهي السبب في إصاباته المتكررة.

 



الاشتباك مع الجماهير من أجل الطرد

وكاد أمر كارلوس يُفضح أثناء تجربته مع بانجو، وقتها كان رئيس النادي زعيمًا لإحدى العصابات وشخص ليس من السهل خداعه، وهو كاستور دي أندرادي.

بدأ كاستور دي أندرادي في الشك في أمر كارلوس؛ بسبب كثرة أعذاره وإصاباته وعدم مشاركته في المباريات، وانتشر في أجواء الفريق أن كاستور قرر عقاب كارلوس.

لذلك قرر كارلوس في حيلة جديدة، إذ استغل لقاء كان فريقه متأخرا بهدفين نظيفين، وحدث اشتباك بين اللاعبين والجماهير الغاضبة، ليتدخل هو ويدافع عن زملائه، بل ضرب المشجعين أيضًا، ليقوم الحكم بطرده من اللقاء، ومن ثم عدم الاشتراك في المباراة.

هنا قام كاستور الغاضب باستدعاء كارلوس للحديث معه في الواقعة، ولكن كارلوس نجح في امتصاص غضبه وقال له إنه ضرب المشجع؛ بسبب سبه لرئيس النادي، الأمر الذي جعل كاستور سعيدًا، وبدلًا من عقابه، قرر منحه مكافأة وتمديد عقده لستة أشهر إضافية.


 

الاحتراف في الخارج

قرر كارلوس تجربة حظه في أوروبا، وجعل صديقا له يلعب في "جازيليك أجاكسيو" بالدرجة الثانية الفرنسية، يقنع مسئولي النادي بالتعاقد معه، وكاد أمره يفتضح في التقديم عندما نظم النادي لقاء وديًا لتعريف الجمهور عليه، فأخذ كارلوس الكرات وأخذ يقذف بها للجماهير وهو يقبل شعار النادي للهرب من لعب كرة القدم أمام الجميع.

ولكن افتضح أمر كارلوس ورحل عن النادي بعد عام، ولكنه استغل علاقاته ببعض الصحفيين بالبرازيل وجعلهم يكتبون أنه رحل عن أجاكسيو وهدافًا للفريق، وأنه من اختار العودة لبلاده مرة أخرى، وهو ما أعطاه الفرصة لتكرار حيلته مرة أخرى في أندية بحجم فاسكو دي جاما وفلومينينزي.

ومع تقدمه في العمر وظهور التكنولوجيا، بدأت حيل كارلوس في النفاد، فاكتفى بالتجربة مع بعض الأندية الصغيرة، قبل أن يتوقف مشواره الكروي "الوهمي" مع بداية التسعينيات.


 

فيلم وثائقي عن كارلوس كايرز

مشواره الوهمي دفع البعض لإنتاج فيلم وثائقي عن كارلوس كايزر، تحت عنوان «النصّاب الأشهر في تاريخ كرة القدم الذي لم يلمس الكرة».

كارلوس تحدث بنفسه في افتتاحية الفيلم الوثائقي كالأبطال، قائلًا: "الأندية أفسدت حياة عديدين من قبل، وكان يجب أن يكون هناك من يرد لهم الدين، أنا هذا الشخص".

وأضاف "كايزر": "كل الأندية التي لعبت لها احتفلت بسببي في مناسبتين، عند توقيعي للعقد، وعند فسخي لنفس هذا العقد ورحيلي".

وأكد: "كل اللاعبين كانوا يأتون للتدريبات يفكرون كيف يسجلون ويفوزوا بالمباريات، أما أنا لا!، كنت أفكر في كيف أتفادى لمس الكرة، كان هذا كل تفكيري، وكنت أفعل أي شيء لتحقيق الأمر".

وأتم كارلوس: "في البرازيل هناك ثلاثة طرق إذا كنت شخصًا فقيرًا لكسب الاحترام، هى: الكرة، القتال، والنساء".

واستكمالًا لمقولته، يعمل كارلوس الآن مدربا ومعد بدني، ولكن خاص بالسيدات فقط، ولا يزال وجهًا بارزًا في الإعلام البرازيلي والعالمي، والذي يتفاخر ويعترف بكونه محتالًا.