رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

هنا موسكو "1".. أسلحة البرازيل للثأر من فضيحة ألمانيا والتتويج بالمونديال

الكابتن

قبل كل مونديال، ترتفع الأصوات بشأن المرشحين للفوز بأهم لقب كروى حول العالم، وتبرز ظاهرة «المراهنات»، سواء بشكل منظم يستهدف الربح، أو بين الرفاق والأصدقاء بطريقة ودية.

ومن بين الـ32 منتخباً المتأهلين لـ «العرس الكروي العالمي»، تبرز 6 منتخبات تتصدر قائمة المرشحين للفوز بالبطولة، وهي «البرازيل، وإسبانيا، وألمانيا، وفرنسا، والأرجنتين، وبلجيكا».

كيف يلعب هؤلاء المرشحين؟  وما نقاط القوة والضعف لديهم؟ وما الذي ينتظرهم في مشوار البطولة نحو اللقب؟.. أسئلة يُجيب عنها «الكابتن» في أول 6 حلقات من سلسلة «هنا موسكو» التي سنواصل نشرها حتى نهاية البطولة. 
وفى الحلقة الأولى نتوقف مع المنتخب البرازيلى الذى دائما ما يكون المرشح الأول لأى مونديال مهما تبدلت الأحوال وتغيرت المعطيات .

 فى مونديال 1990 ودع المنتخب البرازيلى المونديال على يد الأرجنتين، فتحولت شوارع «بلاد السامبا» إلى ثورة غضب، وكانت النتيجة تعديلات أتت بثمار التتويج باللقب ذاته عام 1994 .

وفي 1998 خسر «السيلساو» البطولة في نهائي مُهين أمام فرنسا بثلاثية نظيفة، فعادوا لينتقموا ويحققوا اللقب في 2002 .

وفي 2014 وعلى أرض كرة القدم ومصنعها الحقيقى، تحولت شوارع «ريودى جانيرو» إلى «ساحات مبكى»، عندما سقط سحرة كرة القدم في فخ الألمان بأقسى هزيمة يُمكن أن يتعرض لها فريق بحجم البرازيل في ليلة السباعية التاريخية.. فهل سيكون رد الاعتبار على أرض «الروس»؟

1- انتهاء عصر «النجم الأوحد».. دفاع بـ 9 لاعبين.. وهجوم جماعي بعيداً عن الفردية

عندما تولى كارلوس ألبرتوا بيريرا قيادة المنتخب البرازيلي، بعد السقوط المذل في مونديال 90، ثارت الدنيا ولم تقعد ضد المدرب الذى لا يتبع أسلوبًا ممتعًا فى لعب كرة القدم، لكن الجميع انحنى له بعد العودة بالمونديال من أمريكا عام 1994 .

في المونديال الماضى، كان المنتخب البرازيلي يميل إلى الفردية أكثر منه كفريق جماعى، يتكون من كتلة صلبة، تعرف كيف تدافع معًا، وتهاجم معًا .

ومع قدوم أدينور ليوناردو باتشي، والملقب بـ «تيتى»، لتدريب «منتخب السامبا»، أدرك الرجل أن المتعة والجمالية وحدهما ليست الغاية، وعمل منذ اليوم الأول على تسخير المقومات والمهارات الفردية التي يمتلكها لاعبوه للوصول إلى مزيج يخدم العمل الجماعى دفاعًا وهجومًا.

أيقن الرجل مبكرًا أنه في حاجة لتأمين دفاعاته، فعندما يستقبل البرازيل 7 أهداف في مباراة واحدة في كأس العالم أمام ألمانيا فالأمر ليس مرتبطًا بخط دفاع ضعيف أو تدنٍ مستوى لاعب أو اثنين أوحتي ثلاثة، بل بفعل فلسفة وطريقة خاطئة، تركت خطوط اللعب الثلاثة متباعدة، وخلقت مسافات كبيرة بينهم، فكانت النتيجة كارثية .

من هنا، عمل «تيتى» على استخدام مهاجميه في عملية الدفاع المنظم عند فقدان الكرة، فلجأ إلى الطريقة المثالية «4/1/4/1» ونجح بهذا الشكل العددى في توظيف رباعى الخط الأمامى بما فيهم الجناحين الهجوميين بمنظومة الدفاع، وحقق الكثافة العددية المطلوبة بالوسط، وبات الفريق يدافع بـ 9 لاعبين عندما يفقد الكرة فيتحول الشكل من «4/1/4/1»  إلى «4/5/1»، وهو ما لم يكن موجودًا قبل ذلك.

هجوميًا قضى المدرب البرازيلى على ظاهر النجم الأوحد، ولم يعد البرازيل «فريق نيمار» الذى خاض مونديال 2014 وأصبح يمتلك في كل خطوط اللعب قائدا ونجما، وجعل لجميع أفراد المنظومة -بما فيهم العناصر البديلة- أدوارًا بارزة زادت من عملية المنافسة على دخول التشكيل، وأسهمت في ارتفاع مستوى الجميع فبات البرازيل يمتلك منتخبين قادرين على تحقيق أى شئ بعد معاناة الماضى .

أما هجوميًا، فلم يتخل أيضًا عن الإمتاع في الأسلوب، وخلق حالة من المرونة واللامركزية بين لاعبي الخط الأمامى، وبرز تبادل الأدوار بين نيمار وكوتينيو وويليان والمهاجم خيسوس، فنجح بالنهاية فى تحقيق ما أراد بخلق حالة دفاعية متوازنة، وهجوم أكثر فعالية يقوم على الجماعية لا الفردية.

2- خطان أماميان الأقوى في البطولة.. وسط قوي بدنيًا.. وتشكيلة خلفية بإمكانيات هجومية

يمتلك المنتخب البرازيلى في تشكيلته أقوى خط هجوم في البطولة، بل ويمتلك خطي هجوم، كلاهما يستطيع أن يشارك أساسيًا ويكون أكثر فعالية من أي خط هجوم لمنافس .

أول تركيبة للثلاثى الأمامى هي نيمار داسيلفا نجم باريس سان جيرمان، وجابريل خيسوس مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي، وويليان جناج تشيلسي الإنجليزى، أما الثانية فمكونة من كوتينيو نجم برشلونة الإسبانى، وفيرمينيو ساحر ليفربول الإنجليزى، ودوجلاس كوستا جناح تشيلسي.

قد يرى البعض أن المدرب يمكنه فى ظل هذه الغلبة والزيادة الهجومية أن يتحول في طريقة اللعب، بإعادة كوتينيو كأحد صانعى الألعاب المتواجدين في العمق إلى وسط الملعب، أو يتحول لمهاجمين صريحين في وجود فيرمينيو وخيسوس.

ومع احتمالية لجوئه إلى الفكرة الأولى، لكن «تيتي» دائمًا ما يكون له رأى آخر ، فيسعى دائمًا للإبقاء علي صلابة الوسط في وجود كاسميرو «ليبرو وسط» أمام خط الدفاع، وأمامه لاعبان أصحاب جهد بدني عالى مثل باولينيو، وريناتو أجوستو، مع وجود كثير من اللاعبين المهرة القادرين على اللعب في هذا المركز.

أبرز ما يميز هذه التشكيلة هى حالة المرونة وتبادل الأدوار بين أكثر من لاعب، وهو ما يحدث مثًلا عندما يشارك كوتينيو مع نيمار، اللذين يتبادلان التواجد على الخط والدخول للعمق، وكذلك باولينيو مع ويليان أو كوستا .

ويعطى المهاجمان خيسوس أو فيرمنيو، الفريق، القدرة علي خلق مساحات كبيرة في الثلث الأخير من الملعب، لأنهما غير ملتزمين بالبقاء في أحضان دفاعات الخصم، ويفضلان دائمًا النزول إلى الأسفل أو الخروج عبر الأطراف، ويمتلكان قدرات رائعة في موقف لاعب ضد لاعب بفضل ذكائهما الشديد، وهي ميزة ربما لا يمتلكها غيرهما من مهاجمي البطولة، عندما يتحولا إلى دور المهاجم الوهمى .

وتعطى ميزة المهاجم الوهمى، التي يؤديها فيرمينيو أو خيسوس، لاعبي الوسط باولينيو أو كوتينيو، القدرة علي التقدم في المساحات، بفعل حركتة الأولين، ونزولهما إلى الأسفل، لذلك تزداد معدلات تهديف باولينيو، وهو واحد من أهم المميزات التكتيكة التي يمتلكها مهاجم «السيلساو»، فرغم تدني مهارته مقارنة بزملائه، إلا أنه من أذكى لاعبي العالم في اختيار توقيت دخول مناطق الخصم، ويمتلك قوة بدنية غير عادية تمكنه من الهجوم بقوة في الأمام، ثم العودة للالتزام بإغلاق المساحات دفاعيًا .

وفى الخط الدفاع يمتلك السامبا دفاعًا ذكيًا في التمركز، سريعًا في صراعاته الثنائية، يُجيد اللعب العالى، ومع كل هذه المميزات الدفاعية، يعرف جيدًا كيف يبنى اللعب من الخلف، ويُجيد ظهيراه مارسيلو وفيليبي لويس يسارًا ورافينا ودانيلو يمينًا، تقديم إضافة هجومية جبارة، لكونهما غير تقليديين، بل لاعبين قادرين علي أداء أدوار الجناح ذاته، عندما يترك نيمار وويليان الخط لهما ويدخلان العمق، وهنا عملية أخرى، من حالة اللامركزية التي يتمتع بها هذا الفريق .

ضف إلى تلك الجوانب التكتيكة وتكامل خطوط اللعب، حالة اللاعبين ذواتهم، فكل الأسماء التي تضمها قائمة البرازيل في الملعب وخارجه تعيش مرحلة تألق وتوهج غير عادى، وتساعد المدرب في تنفيذ أى شكل يفكر باللجوء إليه .

3- كتيبة احتياطي جبارة.. ولقاءات محتملة مع بلجيكا وألمانيا في مشوار البطولة

من نقاط قوة أى فريق أو منتخب في العالم، أن يمتلك أوراقًا خارج الخطوط لا تقل عن تلك التي في الملعب، فهذا يحدث بشكل نادر، ويحقق عملية التطوير المطلوبة اذا تعقدت الأمور، وربما يكون البرازيل الفريق الأوفر حظًا بامتلاكه هذه الكتيبة من النجوم .

فمن المميزات الإضافية التي يمتلكها فريق البرازيل، دكة احتياطي جبارة، تضم أسماء تلعب بشكل أساسي في كبرى الأندية الأوروبية.

التشكيلة الأقرب لخوض البطولة ستضم أليسون حارس روما، وأمامه الرباعي ألفيش، وماركينوس، وتياجو سيلفا، ومارسيلو، وفي الوسط كاسميرو أمامه الثنائي باوليينو وأجوستو، علي الطرفين نيمار وويليان وفي المقدمة خيسوس.

في المقابل، ستضم دكة البدلاء الأسماء التالية : « فيرمينيو، وكوستا، وكوتينيو، في الهجوم، وفي الارتكاز فيرناندينيو أفضل محور ارتكاز بالدوري الإنجليزي، وفريد لاعب شاختار الذي تدور حوله معركة نارية بين كبرى الأندية، وفي الدفاع فيلبي لويس وميراندا، وفي الحراسة أديسون حارس السيتي»، وغيرهم من الأسماء التي تؤكد في النهاية أنك أمام فريق يجلس علي خط الملعب، ينتظر إشارة لتغيير المباراة في أي لحظة .

وعن مشوار الفريق البرازيلي نحو اللقب، فهو يلعب في المجموعة الخامسة، وهي واحدة من أسهل المجموعات، وتضم كلًا من منتخبات صريبا وكوستاريكا وسويسرا، ومؤكد أن السيلساو سيصعد، متصدرًا عن هذه المجموعة .

وعندما يعبر البرازيل الدور الأول متصدرًا ، بفإن انتظاره خصم ليس صعبًا، لأنه ينتظر ثاني المجموعة الخامسة، الذي سيكون واحدًا من "المكسيك أو السويد أو كوريا"، لأن متصدرها بشكل مؤكد سيكون ألمانيا .

وبعد عبور الدور الثاني، ستبدأ المواجهات الصعبة في دور الثمانية، وينتظر البرازيل الفائز من أول مجموعة بلجيكا، وثاني المجموعة الثامنة التي في مقدمتها بولندا وكولومبيا، وبنسبة أكبر سيلتقي السيلساو مع بلجيكا، التي ضمنت الصعود كأول مجموعتها، ولن يكون المركز الثاني في المجموعة المقابلة لها خصمًا صعبًا بدور الـ 16 .

إذن ستكون أول معركة حقيقة للبرازيل بالدور ربع النهائى أمام واحد من أبرز المنتخبات التي تلعب الكرة الشاملة، والتي ستكون ندًا شرسًا للسيلساو، وفى حال صعودها فإن بانتظارها واحد من منتخبات فرنسا والبرتغال اذا صارت الأمور وفق حسابات المنطق، ودون أية مفاجآت، حيث سيتبدل الوضع اذا صعدت إسبانيا كثانى مجموعتها وليست في الصدارة وهنا قد تصطدم بالسليساو في قبل النهائي لكنها حسبة ذات احتمالات ضعيفة .