رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

العشاء الأخير في العِقد.. 10 سنوات من رونالدو وميسي (سيناريو تخيلي)

الكابتن

عام جديد وأحلام لاتتوقف؛ قتال وشغف وغيرة وتنافسية لا يعلم أحد أسرارها؛ ضحكات خالطتها الدموع ويأس صاحبه الأمل؛ لكن كل ذلك سيطوى مع التاريخ بعد ساعات معدودة وسنبدأ عامًا جديدًا من الأحلام والآمال والتحديات التي لايعلمها سوى خالق الخليقة.

إنها ليلة عشية الميلاد قبل ساعة من العام الجديد؛ مطعم فاخر يعج بروائح شانيل وجي لاروش وكاشاريل المشهورة؛ وجدران على طراز العمارة القوطية القديمة مختلطة بصوت إديث بياف الملائكي؛ هي باريس العتيدة.. عاصمة الجمال والفن؛ رجل ثلاثيني يحمل منشفة على يده كتقاليد المطاعم الشهيرة وعلى وجهه علامات غضب يكتمها أمام زبائن المطعم؛ لكنه كان على موعد مع مفاجأة لم تأت في أحلام يقظته.

مساء الخير سيدي، كيف يمكنني أن أخدمكـ... ماذا؟ ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو على طاولة عشاء واحدة.. إنها لحظة من التاريخ؛ شكرًا سانتا كلوز لأنك منحتني تلك الهدية؛ لم يخطر في أعماق أحلامي أن أرى أحدكما من بعيد؛ واليوم بعد أن تركت عائلتي في احتفال عشية الميلاد يمنحني سانتا هدية رائعة.

أنت رجل لطيف.. عيد ميلاد سعيد لك ولعائلتك؛ بلغهم تمنياتي بعام سعيد، بصوت يبدو عليه الخجل يرد ليونيل ميسي على نادل أحد مطاعم العاصمة الفرنسية باريس؛ أما رونالدو فيكتفي بابتسامة ونظرة واثقة للرجل.

كيف يمكنني أن أخدمكما؟ 

اجلب لنا طبقين من حساء البصل؛ وأنا أريد طبقًا من اللحم بالبوربيجيجون؛ وأنت يارونالدو ماذا تريد؟ 

حسنًا.. أريد سأكتفي بالحساء لأنني أتبع حمية غذائية قاسية؛ أريد فقدان المزيد من الوزن.

يجلس الثنائي يشاهدان بعض المناظر الطبيعية خارج نوافذ المطعم؛ الثلوج تتساقط بالخارج على غير عادة باريس في هذا الوقت من العام.. ثم يقرر رونالدو أن يقطع هذا الصمت.

ليونيل.. كيف ترى الحياة مابعد كرة القدم؟

لم أفكر فيها حتى الآن؛ كل ماأريده هو استعادة دوري الأبطال وتحقيق الكوبا الملعونة مع الأرجنتين قبل أن أترك الملاعب.. ماذا عنك؟

أعتقد أنني سأعمل كعارض أزياء، أو سأتجه للتمثيل؛ أمتلك وجهًا جذابًا للسينما قد أنجح فيها وأصبح مشهورًا مثل دي كابريو؛ مواهبي عديدة ياليو داخل الملعب وخارجه، ولكن ماأريده حاليًا هو معانقة الكرة الذهبية لسادس مرة لأنني استحققتها في العامين الماضيين.

يكمل رونالدو حديثه.. 10 أعوام من القتال ياليو؛ كنت فيها خير المنافس؛ أكره ذلك ولكنني أعترف أنك جعلتني لاعبًا أفضل، كنت تجبرني في كل يوم على قتل نفسي في التدريبات؛ والاستمرار في العمل لأصبح أفضل من اليوم الذي سبقه.. 

يبتسم ليو فيستطرد رونالدو: جعلتني أعاني ليالٍ طويلة؛ لكنني كدت أقتل نفسي بعد ذلك الكلاسيكو الملعون؛ قضيت الليلة التي سبقت المباراة أحلم بطريقة احتفالي بالأهداف؛ وكيف سأراوغ بيكيه ثم أسكن الكرة الشباك؛ لكنني استفقت على أصابع بيكيه الخمسة تشير إلى النتيجة متممًا على خطة ذلك الأقرع المجنون.. جوارديولا.

كنتم أقوياء في تلك الفترة وجلبتم العديد من اللاعبين، ولكننا كنا أفضل وفي حالة بدنية أجهز منكم؛ هذا هو حال كرة القدم ياصديقي من يسقط لن يرحمه أحد؛ كذلك لم ترحمنا ضرباتك أنت وأسنسيو في ليلة سوبر 2017؛ كانت تلك المباراتين من الأسوأ في حياتي؛ هذا هو طبيعة الحال ياصديقي.. عليك أن تقاتل لكي لا يحصل عدوك على فرصة لضربك.


يضحك رونالدو متذكرًا ليلة الفوز بالسوبر الإسباني؛ ويعود سائلًا ميسي.. حدثني عن شعورك بعد الفوز بالسداسية؟

من الصعب وصف ذلك الشعور؛ الأمر أشبه بأن تحتضن العالم بأجمعه بين يديك؛ ويصبح كله ملكك في لحظة؛ إنه  إحساس لايوصف بكلمات مقتضبة؛ أجمل من كل لوحات مايكل أنجلو وليوناردو دافنشي؛ مثير كأن يجتمع جمال نساء العالم كلهن في سيدة واحدة، أو أن تقف على أبواب جنة النعيم في الحياة الأخرى.

يستكمل رونالدو حديثه وعلى وجهه علامات من الحزن: فلتذهب إسبانيا للجحيم؛ ليذهب كأس الملك والملك نفسه إلى الجيحم.. اللعنة على كل شيء؛ طالما حلمت بتحقيق كل الألقاب في موسم واحد؛ أقسم أنني جسدي كان يتمزق من التدريبات والعمل الشاق كل يوم وكل دقيقة.. ليذهب كل هذا للجحيم، أنا ملك دوري أبطال أوروبا.

كتبت تاريخ تلك البطولة بنفسي؛ كنت الأفضل وانتزعتها عنوة من أنياب الجميع؛ لم ألتفت لأحاديث أولئك الأغبياء عن كرات لعينة ساخنة وباردة والترهات التي تفوهوا بها عن رشاوى الحكام؛ عبرنا على جثث البافاريين وسيدة يوفنتوس العجوز؛ بل إننا كنا سنعبر على جثتك أنت لو واجهتنا ياليو؛ عدنا أمام فولفسبورج في 2016 بريمونتادا بمذاق صاروخ ماديرا.. ثم ينفجر ضاحكًا: سامحني ياليو تذكرت ماحدث أمام ليفربول وروما.. هاهاها لقد استطاعوا إسقاطكم وإيقاف سحرك؛ 

الكل خذلني، وهبت روحي رهن انتصارهم وفرحتهم، قاتلت الجميع وحدي  ووقفت أمام العالم بأكمله لأجل هذا الشعار، لا أحد منكم يعلم قيمة هذا الشعار مثلي.. أكثر من مجرد نادٍ ليست كلمات بلا هدف أو شعار يلمس القلوب ، بل هو كذلك.. أنقذني من المرض ونفخ فيّ من روحه، منحني أول خطوة في طريق الحُلم، أهداني عصاي السحرية التي حققت بها كل أحلامي، وظللت طوال عمري أرد له المعروف، وحتى نهاية عمري لن أوفي بمعروفه عليّ.. لكن أنتم خذلتوني وقتلتم كل أحلامي بقسوة لم أرها من أعتى منافسيّ طوال مسيرتي.

يتذكر ميسي خطابه الغاضب ليلة ريمونتادا ليفربول؛ ويعيده على مسامع رونالدو لتتحول ملامح الأخير الضاحكة إلى صمت وشرود.. لأول مرة البرتغالي لايعرف من أين يلتقط أطراف الحديث..


يلتقط ميسي الحديث: كانت 10 أعوام عظيمة ياصديقي؛ أنت الآخر منحتني دافعًا للقتال كل يوم؛ حتى أنني شعرت بالخجل من نفسي بالحديث عن أن الجسد لايرحم والأمور تصبح أكثر صعوبة بعد أن رأيتك تطير كالرجل الآلي في مواجهة سامبدوريا؛ رحيلك كان صادمًأ لي؛ منافستك كانت تمنحني القوة في كل عام للمحاولة والمثابرة؛ كنت أتمنى أن تستمر معنا في إسبانيا أكثر لنقتتل لسنوات أكثر في سانتياجو برنابيو وكامب نو.

الفرصة مازالت قائمة؛ تخلى عن تلك الأحاسيس الجبانة؛ كن شجاعًا مثلي واخرج من برشلونة؛ تعال إلى إيطاليا لنجرب الصراع على طريقة المافيا الإيطالية؛ اترك كتالونيا لهذا الفرنسي الأشقر المدافع عن الكادحين؛ كيف هي حياة ميليونيرات برشلونة الآن؟ لماذا ترك كادحيه وقرر أن يخوض الحرب بطريقة أخرى أخبره أن الكرة الذهبية ستبتعد عنه مرة أخرى؛ يضحك ويواصل حديثه: دعنا نكمل مابدأناه سويًا ولكن هناك في الكالتشيو.


أترك برشلونة؟ هذا مستحيل، لقد أنقذني من المرض ونفخ فيّ من روح القتال لآخر لحظة ووضعني على طريق الحُلم؛ حتى ماقدمته على أرض الملعب كان ناتجًا لما منحني إياه هذا النادي؛ سأظل أوفي حق هذا النادي عليّ ولن أتركه سوى للموت.

كانت منافسة شريفة؛ وليالٍ عظيمة تلك التي وقفت فيها أمامك في المستطيل الأخضر نقتتل لأجل إسعاد مشجعينا؛ سنوات طويلة كتبنا فيها التاريخ؛ أتمنى أن تستمر منافستنا حتى خارج كرة القدم؛ عشية عيد ميلاد سعيدة ياكريستيانو.

عشية عيد ميلاد سعيدة ياليو..

رافاييل.. عزيزي استيقظ ستتأخر على عملك؛ عشية عيد ميلاد سعيدة.. 

يفتح رافاييل عيناه بعد أن عاش ليلة الحُلم في حضرة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي؛ أسطورتي الكرة عبر تاريخها.