رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يستحق «محمد صلاح» شارة قيادة المنتخب؟

الكابتن

في عالم كرة القدم المحترف، يكون الحديث عن كرة القدم ذاتها بجوانبها الفنية وتفاصيل خطط المدربين وقدرات اللاعبين، وحزمة اللوائح والقوانين التي تستهدف الارتقاء باللعبة هي الشغل الشاغل.


بينما في بلاد الهواة يتزايد الحديث عن أزمات كرة القدم، مواعيد البطولات، تأجيل المباريات، صراع الفضائيات، خلافات اللاعبين، غياب القوانين، عدم احترام النظم واللوائح، عندما تتابع أي فضائية رياضية في مصر فإن الحديث الدائم هو عن مشاكل كرة القدم وخناقات المسئولين، وكل ما لا علاقة له بالأصل "لعبة كرة القدم".
ولأننا تخلصنا من أزمة جدول الدوري وصراع الأهلي والزمالك الأخير بالهروب وتأجيل البطولة فإننا كنا في حاجة لأزمة جديدة كي نقضي فيها فترة الراحة الطويلة.


وبدلًا من الانشغال بمستقبل المنتخب الأوليمبي، والبحث عن حلول لأزمة المسابقات التي لا تنتهى، أبى حسام البدري، المدير الفني لمنتخب مصر، أن نحصل على قسط من الراحة، فابتدع أزمة جديدة جعلت الجميع يتراشق حولها، بعدما أبلغ أحمد فتحي، قائد المنتخب، بأنه سيمنح شارة القيادة لمحمد صلاح.


ولأن "فتحي" يشعر بالمظلومية ويعرف أنه يعمل في منظومة تغيب عنها الاحترافية، قرر التعامل بالمبدأ ذاته وحشد كل أدواته وقوته بالاتصال ببعض الصحفيين المقربين لاطلاق حملة يعلن من خلالها رفضه للأمر، وحشد جيوش الجماهير الأهلاوية عبر السوشيال لدعم موقفه وهو ما حدث.


من المخطأ هنا في هذه الأزمة؟، وهل يستحق صلاح شارة القيادة؟، وكيف يتصرف البدري؟


في حقيقة الأمر فإن حسام البدري هو المسئول الأساسي عن الأزمة، لأنه كان عليه قياس ردة فعل أحمد فتحي بشكل غير مباشر قبل أن يتخذ القرار النهائي، وكان مطالبًا بأن يحدد موقفه فإذا أراد صلاح قائدًا فعليه استبعاد فتحي الذي لم يعد أمامه الكثير في الملاعب ولن يستمر حتى مونديال 2022 ، أما اذا أراد غير ذلك فما كان هناك داعي لتحويل الشارة لصلاح دون الالتزام بالمعايير والأعراف التي نتقلدها هنا في مصر بصرف النظر عن قيمة النجم. 


أما عن مدى أحقية صلاح بارتداء شارة القيادة، فمن غير المنطقي التشكيك في ذلك.
ومن غير المنطقي أن نقول إن فلان يمتلك تاريخ أكبر من "صلاحط يؤهله لارتداء الشارة، لأنه وببساطة شديد ما فعله "صلاح" في آخر موسمين أفاد سمعة ومكانة مصر أكثر مما أفادت كل بطولات إفريقيا التي توجنا بها، اذا أراد البعض الارتكان إلى عامل التاريخ، فالتاريخ والعالم سيذكر "صلاح" أكثر من أجيال مصرية مجتمعة، فهذا المعيار ظالم لـ"فتحي" ولأي لاعب آخر.


الكثيرون يعتبرون بطولات "فتحي" مع الأهلي ومنتخب مصر تاريخ تبقى انجازات "صلاح" الفردية أمامه مجرد أرقام، وهؤلاء يقيسون بمعايير محلية ولا ينظرون للكيفية التي يقيم بها العالم حولنا النجوم والبطولات.


ما حققه "فتحي" من بطولات سواء مع الأهلي أو المنتخب حققه عشرات بل ومئات اللاعبين وسيحققه الآلاف لاحقًا، بينما ما حققه "صلاح" لم يحدث على مدار مائة سنة كرة قدم، وسنحتاج إلى عشرات السنين لنكررها.
لا يمكن بأي حال أن يقترن رابع أفضل لاعب في العالم في عصر ميسي ورنالدو بأي لاعب محلي، ولا يمكن بأي شكل أن نضع هداف البريمرليج وبطل دوري أبطال أوروبا في كفة توازيها كفة لاعب بل وفريق محلي كامل.


نعم شارة القيادة لا تعترف بالنجومية قدر اعترافها بالسمات والملكات الشخصية، لكن الارتكاز على تاريخ "فتحي" وهم لا يعترف به العالم.


"صلاح" قيمة وسلعة استثنائية علينا الحفاظ عليها بعدم الحشد ضده، واذا كنا نريد الدفاع عن "فتحي" فهناك ذرائع آخرى يمكننا الاستعانة بها مثل الالتزام بمعيار الأقدمة، رغم أن كل الأندية والمنتخبات الكبرى لم تعد تعترف بذلك، وتمنح الشارة اما بنظام الانتخاب داخل غرف الملابس، أو باختيار الجهاز الذي قد يرى لاعبًا صغيرًا قادر على تحمل المسئولية.


ثم يتذرع البعض بالقول بأن "صلاح" لم يقدم شئ للمنتخب، والحقيقة أنه هذا غير حقيقي، فصعودنا إلى المونديال بعض غياب 28 عامًا في حد ذاته انجاز عظيم جدًا، ولا يخفى على أحد أننا صعدنا بفضله وحده، وأننا كنا امام "فريق باصي لصلاح"، وجيل جميعًا ننتقده ونراه غير مؤهل لتمثيل المنتخب مقرنة بالأجيال الماضية.


اذا كان "فتحي" أحد من ساهموا في تحقيق بطولات للمنتخب وسط عظماء وجيل من الأساطير، فـ"صلاح" حملنا وحده إلى المونديال وسط صغار ومحدودى المواهب.


وبعيدًا عن كل هذه التفاصيل فـ"صلاح" ليس في حاجة لشارة قيادة، وأنه في حاجة أكبر لتخفيف تلك الأعباء من على عاتقه، والتركيز فقط في أدواره الفنية، لكن الانحياز لـ"فتحي" أو أي لاعب آخر على حساب "صلاح" هو الظلم بعينه، وشعور "صلاح" بغياب الحماية الأهلاوية والزملكاوية التي تحيط بعض النجوم امر يفقده حماسة الدفاع عن ألوان المنتخب فحافظوا عليه ولا تكررو فعلة الأرجنتينين مع ميسي.