رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

مورينيو الذي يكذب ولا يتجمل.. تفكيك أكذوبة البناء من الخلف

جوزيه مورينيو
جوزيه مورينيو

"كنا نعرف أننا لن نصنع 20 فرصة في المباراة، نعرف أن لاعبي الهجوم ليسوا في أفضل مستوياتهم من الناحية الفردية، ليست نتيجة جيدة ولكنها ليست سيئة كذلك، لا نمتلك لاعبين يمكنهم بناء الهجمة من الخلف".


كان ذلك تعقيب  البرتغالي جوزيه مورينيو، المدير الفني لمانشستر يونايتد على التعادل أمام فالنسيا بالجولة الثانية في مجموعات دوري أبطال أوروبا.


سبيشال وان فشل في الانتصار لأربع مباريات متتالية لأول مرة منذ بداية مشواره التدريبي في 2004، مانشستر يونايتد حقق ثاني أسوأ بداية موسم له بعد سنة فان خال الكارثية.


المدرب البرتغالي اختصر كل أزمات الفريق منذ سنتين في افتقار الفريق للاعب يجيد بناء الهجمات من الخلف، وليس افتقاده الإبداع، والحلول، ولا حتى تصريحاته المعادية لنجوم الفريق، أو الإدارة، وانشغاله المستطيل الديجتال (التليفزيون) أكثر من المستطيل الأخضر.

 4-2-3-1، والتي تحولت بعد ذلك إلى 
4-3-3، هي الخطط التي ينتهجها مورينيو مع الفريق الانجليزي، بالاعتماد على وجود نيمانيا ماتيتش كقاطع كرات قوي، وأمامه فيلايني، الذي يعود في الحالة الهجومية للفريق كمدافع ثالث، وعلى الجانب الأخر بول بوجبا.

الأزمات كثيرة، والأمر ليس مقتصرًا فقط على فشل خط الدفاع "الذي اختار مورينيو 2 منه بنفسه، في بناء الهجمات من المنطقة الخلفية، والخروج بالكرة من تحت الضغط،  إذا آمنا بصدق تلك الفرضية، لا أحد في مانشستر يجيد البناء من الخلف، السؤال الأهم ماذا فعلت أنت كمدرب؟!



الرأي الراجح في أزمة دفاع مانشستر يونايتد هو أن مورينيو كان تحت تأثير أحد أنواع مذهبات العقل وقت اختياره لإريك بايلي الذي لعب في آخر موسم دافع فيه عن ألوان فياريال في 13 مباراة فقط، ومرر كرتين حاسمتين فقط، لم تنته أيًا منهما بهدف، بالإضافة إلى أن كلاهما لا تعبران عن قدرته على بناء الهجمة من الخلف، الأمر ذاته تكرر مع ليندلوف بتمريرتين أخرتين دون حسم للأهداف، ثم يأتي ليشتكي من أن فريقه لا يمتلك القدرة على بناء الهجمة من الخلف.



دعنا من خط الدفاع، على افتراض آخر أن مورينيو سيلعب كرة قدم تقليدية  المدافع يمرر الكرة لوسط الملعب، وهو يقوم بدوره بنقل الهجمة.



أين وسط الملعب؟ أندير هيريرا على دكة البدلاء، بول بوجبا محبوس في الأدوار الدفاعية، نيمانيا ماتيتش لا يجيد سوى قطع الكرات، مروان فيلايني الإسم وحده يكفي... لا ريجيستا في يونايتد حاليًا والسبب؟ اسأل بيب جوارديولا وكيفن دي بروين.



"لعب كرة القدم أمر بسيط، ولكن كرة القدم البسيطة هي أصعب شيء" يوهان كرويف، أسطورة الكرة الهولندية.


في القطب الأزرق من مانشستر، جوارديولا يتسلم فريق حالته تشبه الميت إكلينكيًا فقط أشباه لاعبين، يستقدم صفقات كبرى، أغلى مدافع، وأغلى ظهير أيسر، وأغلى حارس مرمى آنذاك.

إصابة الظهير الأيسر ميندي تضرب الفريق، لا أزمة..  أوساط الملعب يتحولون إلى أظهرة دفاعية.

التدرج الدفاعي من الخلف يمثل مشكلة، لا أزمة أيضًا، أحد الظهيرين يتحول إلى وسط ملعب ثانٍ بالحالة الهجومية فيتسلم الكرة من الدفاع وينقل الفريق بالهجمة، صانع الألعاب يعود لاستلام الكرة من وسط الملعب، صانع ألعاب آخر يتحول إلى وسط ملعب ارتكاز ، يضبط إيقاع اللعب، ويخرج الفريق من حالة الضغط، وينقل الهجمة"ريجيستا" المنشود في يونايتد.



" أنا لست متعجرف، ولكنني أظن أنني مميز"،  جوزيه مورينيو.

تكتيك كرة القدم ليس معقدًا دائمًا، هناك أشياء بديهية من أهمها إذا ضاقت بك أرضية العشب فعليك بالسماء.



مانشستر يونايتد اعتمد على تلك الطريقة منذ منتصف الموسم الماضي، عن طريق إرسال الكرات الطولية من دي خيا إلى لوكاكو الخارج من منطقة الجزاء ومنه إلى راشفورد أو مارسيال أصحاب السرعات، والمنطلقين من الخلف وهو ما أتى ثماره خاصة في مباراة ليفربول في مارس الماضي بضربتين لراشفورد.



لنخرج جميعًا من المشهد، وننظر من مقاعد المتفرجين، نحن أمام مدرب يتعاقد مع مدافعين لا يجيدون التمرير بين الخطوط، يعتمد على ظهيري جنب  بقدرات هجومية شبه معدومة، ويلعب موسمًا كاملًا يعتمد على كرات طولية من حارس المرمى للمهاجم مباشرة، ثم يأتي في هذا الموسم وبعد كل هذا يشكو من أنه لا يملك لاعبين يجيدون بناء الهجمة من الخلف.


أما عن الصفقات التي استقدمها الفريق مؤخرًا، فحدث ولا حرج..  تعاقد مع فريد، لاعب وسط ملعب آخر بإمكانيات هجومية متفتحة بشكل أكبر عن بوجبا مثلًا، صنع 15 هدفًا فقط في 155 مباراة مع فريقه السابق شاختار دونتسيك.



لا أعتقد أن مورينيو قد شاهد 5 دقائق على الأقل من مباريات منتخب بلجيكا بكأس العالم، فشل في استثمار التطور الملحوظ في مستوى لوكاكو، الغزال الفرنسي" هينري" حوله من مهاجم محطة إلى جناح، وأيضًا إلى طور قدراته كمهاجم صندوق مميز.



ماذا عن الموسم الحالي؟

 7 مباريات لعبها الفريق بالدوري المحلي، ومباراتين بدوري أبطال أوروبا، وسجل بها 7 أهداف، 2 فقط من كرات عرضية، وواحد من ركلة ركنية. 



إذن لا كرات طولية، ولا تدرج بالكرة من الدفاع على الأرض، ولا استفادة من أطوال لوكاكو، وبوجبا هجوميًا، ولا فيلايني وسمولينج وبايلي دفاعيًا.


بمناسبة سمولينج.. المدافع الانجليزي حاله حال زميليه ليندلوف وبايلي امتلك فقط تمريرتين كادتا أن تتحول لأهداف.


أما عن الكرات الطولية، سمولينج كان صاحب المدى الأطول في دفاع مانشستر  بـ19 مترًا، فقط



18 تسديدة منها 14 بعيدة عن الثلاثة خشبات، و4 تم التصدي لها، 10 تمريرات مفتاحية ، و11 ركلة ركنية نسبة النجاح فيها 27% فقط. 


كانت تلك إحصائيات الفريق من مباراة فالنسيا بدوري الأبطال، مورينيو عُرف عنه تخفيف الضغط عن لاعبيه بتحمله المسئولية، لكنه الآن يترك كل شيء، يلقي بالأوراق والإحصائيات أرضًا كما الطفل الساخط على واجباته المنزلية ليردد: أريد صفقات، أحضروا لي صفقات الآن! 


"لا بطولة؟ أوكي، لكن دعونا نذهب إلى خط النهاية دون كوارث بعدها نتفق للبحث عن بداية جديدة أو الافتراق"


هذا كان شعار مورينيو في فترة من فترات توليه تدريب تشيلسي، يبدو أنه سيرفعه الآن على أمل إقناع إدارة الشياطين الحمر بالاستمرار حتى نهاية الموسم الحالي.

 

مورينيو إن حصل على فرصة ستكون حتى نهاية النصف الأول من الموسم، الأمل يتمثل في تحديد أسلوب اللعب، واستعادة ثقة الجماهير واللاعبين بالعودة للانتصارات قبل النظر إلى الميركاتو الشتوي- إن ظل على رأس القيادة الفنية للفريق حتى ذلك التاريخ-  حينها سيصبح للحديث بقية.


أيام سبيشال وان باتت معدودة، والتقارير الصحفية تضاربت حول رحيله وبقائه، التكهنات تزداد حول خليفته، لكن الأقرب هو صاحب الانجاز غير المسبوق بدوري الأبطال، البراجماتي زين الدين زيدان.. إن صحت تلك التقارير سيكون الأمر مختلفًا.