رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل أيام من قرعة كان 2024.. التاريخ الكامل لنهائيات أمم إفريقيا

كأس أمم إفريقيا
كأس أمم إفريقيا

أيام قليلة وتتجه أنظار الملايين من عشاق الساحرة المستديرة من كل أنحاء العالم صوب القارة الإفريقية لمتابعة ضربة البداية الحقيقية فى اتجاه واحدة من أهم بطولات كرة القدم وأكثرها جذبا للأنظار، حيث تشهد أبيدجان يوم الخميس المقبل قرعة النسخة الرابعة والثلاثين من بطولة كأس الأمم الإفريقية.
وتقام فعاليات هذه النسخة فى كوت ديفوار من 13 يناير إلى 11 فبراير 2024.
وعلى مدار أكثر من ستة عقود منذ انطلاق البطولة الأولى فى السودان عام 1957، شهدت البطولة العديد من التغيرات والتحولات المهمة التى جعلتها بين بطولات الفئة الثانية مباشرة فى عالم الساحرة المستديرة بعد بطولة كأس العالم حيث تقترب فى قوتها من بطولتى كأس أمم أوروبا وكأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا).
وتستحوذ البطولة فى نسختها الرابعة والثلاثين على اهتمام كبير؛ كونها تشهد مشاركة 12 من المنتخبات التى سبق لها الفوز باللقب، كما أن المنتخبات الـ12 الأخرى فى البطولة تحظى بخبرات متفاوتة بالبطولة؛ حيث سبق لها جميعا المشاركة فى البطولة فيما تغيب الوجوه الجديدة عن هذه النسخة.
وتعود البطولة إلى كوت ديفوار بعد أربعة عقود من استضافة هذا البلد لنسخة 1984 لتكون المرة الثانية فقط التى تستضيف فيها كوت ديفوار النهائيات.
وكانت البطولة الإفريقية أحد أهم أسباب تأسيس الاتحاد الإفريقى للعبة (كاف)، حيث اجتمع عدد من كبار الشخصيات البارزة فى عالم كرة القدم الإفريقية فى العاصمة البرتغالية لشبونة يومى السابع والثامن من يونيو 1956 لتأسيس الاتحاد وتنظيم المسابقة بداية من 1957.
وجرى الاتفاق على أن تكون السودان التى حصلت على استقلالها فييناير 1956 مقرا لاستضافة البطولة الأولى.
وبنى استاد جديد بالخرطوم خصيصا لهذا السبب وافتتح فى سبتمبر 1956.
وفى نفس الوقت، صيغت قوانين المسابقة وكانت المشاركة متاحة أمام منتخبات جميع الدول الأعضاء بالاتحاد، كما جرى الاتفاق على أن تقام البطولة كل عامين تحت إشراف لجنة التنظيم والدولة المضيفة.
وربما جاءت البداية هزيلة حيث انطلقت فعاليات البطولة بمشاركة ثلاثة منتخبات فقط، واستمر ذلك فى البطولة الثانية كما شهدت البطولات الأولى بعض الارتباك فى الأعوام التى أقيمت فيها البطولة.
ولكن الموقف تغير سريعا لتقام البطولة بشكل منتظم كل عامين كما تضاعفت قوة البطولة بمرور الوقت وازدادت المنافسة على الوصول إلى النهائيات، التى ارتفع عدد المنتخبات المشاركة فيها إلى 16 منتخبا ثم إلى 24 منتخبا فى الوقت الحالى.
ويشتعل الصراع كل عامين على الوصول لنهائيات البطولة؛ حيث يشارك فى التصفيات التى تقام على مدار عدة شهور أكثر من 50 منتخبا تتنافس على بطاقات التأهل للنهائيات.
وتساعد هذه البطولة عشاق الساحرة المستديرة فى كل أنحاء إفريقيا على مشاهدة أبرز نجوم القارة وهم يلعبون ضمن منتخبات بلادهم بالإضافة إلى الاستمتاع بمهاراتهم الرائعة التى صقلت من خلال احتراف معظمهم فى الأندية الأوروبية.
ونجحت البطولة فى التغلب على عوائق اللغة والدين والمسافة، كما نجحت فى التقريب بين الشعوب الإفريقية، والكشف العديد من المواهب والمهارات من كل أنحاء القارة السمراء.
وبالنظر إلى تاريخ وإحصائيات البطولة عبر تاريخها الممتد لأكثر من ستة عقود، نستنتج أنها لم تتوقف عند حد وإنما كانت ولا تزال نموذجا رائعا للتطور فى عالم كرة القدم كما تمثل معرضا لأبرز النجوم والمنتخبات الذين تركوا أثرا واضحا فى تاريخ البطولة.
ومرت بطولات كأس الأمم الإفريقية بعدد من المحطات الرئيسية على مدار ستة عقود وهذه المحطات هى:
بداية هادئة ونجاح مصرى 
فى العاشر من فبراير 1957، كانت ضربة البداية حيث افتتح رئيس وزراء السودان الأسبق سيد إسماعيل الأزهرى أول بطولة إفريقية للمنتخبات فى حضور أكثر من 30 ألف متفرج بالاستاد.
وأدار المباراة الافتتاحية فى البطولة، التى شاركت فيها منتخبات مصر وإثيويبا والسودان، الحكم الإثيوبى جيبيهو دوبى وفازت فيها مصر على السودان 2/1، وسجل هدفى المنتخب المصرى رأفت عطية ومحمد دياب العطار (الديبة) فى حين سجل صديق منزول هدف السودان الوحيد.

وأقيمت المباراة النهائية فى 15 من نفس الشهر وأدارها الحكم السودانى يوسف محمد وفازت فيها مصر على إثيوبيا بأربعة أهداف سجلها الديبة، وسلم المصرى عبدالعزيز عبدالله سالم الكأس التى حملت اسمه إلى قائد المنتخب المصرى رأفت عطية ليتوج المنتخب المصرى بلقب البطولة الأولى.
وكان تنظيم البطولة الثانية من نصيب مصر، مقر الاتحاد الإفريقى وجرت فعالياتها من 22 إلى 29 مايو باستاد نادى الأهلى فى القاهرة بمشاركة نفس المنتخبات الثلاثة.
وافتتح المنتخب المصرى رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ساحق على إثيوبيا بأربعة أهداف سجل منها الراحل محمود الجوهرى ثلاثة أهداف (هاتريك) ثم ميمى الشربينى الهدف الرابع فى حين فازت مصر فى النهائى على السودان بهدفين سجلهما عصام بهيج مقابل هدف لصديق منزول أيضا ليتوج المنتخب المصرى باللقب الثانى له.
وأقيمت البطولة الثالثة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بمشاركة أربعة منتخبات هى إثيوبيا ومصر وتونس وأوغندا، وفازت إثيوبيا باللقب بعد أن هزمت مصر 4/2 فى مباراة مثيرة تطلبت وقتا إضافيا، وسلم الإمبراطور هايلى سيلاسى الكأس إلى قائد الفريق الإثيوبى لوتشيانو فاسالو.

هيمنة غانية ولقب سودانى
اختيرت غانا لتنظيم البطولة الرابعة فى عام 1963، ووصلت ستة منتخبات للبطولة بعد التصفيات وهى تونس ونيجيريا والسودان ومصر وغانا وإثيوبيا.
وفى النهائى الذى أقيم فى أكرا، تغلبت غانا بقيادة مدربها الأسطورى جيامفى على إثيوبيا 3/صفر وفازت بالكأس للمرة الأولى. وفاز المصرى حسن الشاذلى بلقب هداف البطولة برصيد ستة أهداف.
وفى البطولة الخامسة عام 1965 بتونس، نجحت غانا فى الدفاع عن لقبها بفوزها 3/1 على منتخب الدولة المضيفة بعد وقت إضافى للمباراة وضم الفريق الفائز لاعبين اثنين فقط ممن فازوا فى مسابقة عام 1963.
وتساوى فى صدارة هدافى البطولة كل من كوفى وأشيم بونج من منتخب غانا ومانجل من كوت ديفوار ولكل منهم ثلاثة أهداف.
وفى عام 1968، أقيمت البطولة السادسة بإثيوبيا وارتفع عدد المشاركين إلى ثمانية منتخبات، ووصلت زائير أو الكونغو كينشاسا (الكونغو الديمقراطية حاليا) للمباراة النهائية أمام غانا حيث أحرز اللاعب بيير كالالا هدف المباراة الوحيد.
وأحرز الإيفوارى لوران بوكو ستة أهداف أى أقل بهدفين عن البطولة التالية ليصبح صاحب الرقم القياسى فى عدد الأهداف التى يسجلها لاعب فى تاريخ البطولة.
وفى عام 1970، استضافت السودان البطولة السابعة ووصلت غانا للمباراة النهائية للمرة الرابعة على التوالى ولكنها خسرت أمام السودان التى أحرزت الكأس الوحيدة فى تاريخها.
ونال الإيفوارى بوكو للمرة الثانية على التوالى لقب هداف البطولة برصيد ثمانية أهداف.

وسط إفريقيا يترك بصمته
فى عام 1972، أقيمت البطولة الثامنة بالكاميرون ووصل أصحاب الأرض للمربع الذهبى ولكن رغم كل التوقعات كانت المفاجأة هى هزيمة الكاميرون أمام الكونغو برازافيل التى فازت باللقب بعد التغلب أيضا على مالى 3/2 فى النهائى، وفاز المالى ساليف كيتا بلقب الهداف برصيد خمسة أهداف.
أما بطولة 1974 فأقيمت فى مصر وفازت بها زائير وسجل فيها لاعب زائير بيير نداى تسعة أهداف ليتوج هدافا للبطولة ويقود منتخب بلاده إلى الفوز باللقب.
ولأول مرة فى تاريخ المسابقة أعيدت المباراة النهائية نظرا للتعادل 2/2 فى المباراة الأولى ثم انتهت المباراة الثانية بفوز زائير على زامبيا 2/صفر وأحرز نداى الهدفين ليساعد الفريق على الفوز باللقب وعاد الفريق إلى زائير على متن طائرة موبوتو سيسى سيكو رئيس زائير.
وفى عام 1976، فأقيمت البطولة العاشرة فى إثيوبيا، وكانت المرة الأولى التى تقام فيها المنافسات بنظام المجموعات ثم الدور النهائى الذى انتهى باحتلال المغرب المركز الأول والتتويج باللقب، وفاز الغينى نيوجيليا بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف.
وفى عام 1978، أقيمت البطولة الحادية عشرة فى غانا وفاز أصحاب الأرض (النجوم السوداء) على أوغندا فى النهائى 2/صفر لتكون بذلك أول دولة تفوز باللقب ثلاث مرات وتحتفظ بالكأس للأبد وحصل الأوغندى أموندا على لقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف أيضا.

بداية حقيقية للعمالقة
أقيمت بطولة عام 1980 فى نيجيريا وأحرز نسور نيجيريا اللقب الأول لهم فى تاريخ كأس الأمم الإفريقية بقيادة الهداف الكبير سايجون أوديجبامى حيث تغلب الفريق النيجيرى على الجزائر 3/صفر فى المباراة النهائية.
وتصدر أوديجامبى والعبيدى نجم المنتخب المغربى قائمة هدافى البطولة برصيد ثلاثة أهداف لكل منهما.
وفى 1982 أقيمت البطولة على ملاعب ذات نجيل اصطناعى بليبيا واستفاد أصحاب الأرض من ذلك فصعدوا للمباراة النهائية ولكنهم خسروا 6/7 بضربات الجزاء الترجيحية بعد التعادل 1/1 فى الوقت الأصلى أمام غانا التى أحرزت اللقب للمرة الرابعة وهى المرة الثالثة بقيادة المدرب جيامفى.
وفاز الغانى جورج الحسن بلقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف فى حين احتل الليبى على البشارى المركز الثانى فى قائمة الهدافين برصيد ثلاثة أهداف واختير فوزى العيساوى نجم المنتخب الليبى كأفضل لاعب فى البطولة.
وأقيمت البطولة التالية فى كوت ديفوار عام 1984 وخرجت غانا مبكرا من الدور الأول للبطولة فيما فازت الكاميرون باللقب للمرة الأولى فى تاريخ الأسود بعد التغلب على نيجيريا 2/0 فى المباراة النهائية، ونال المصرى طاهر أبو زيد لقب الهداف برصيد أربعة أهداف.
وشهدت مصر إقامة البطولة للمرة الثالثة على أرضها عام 1986 وتخلص المنتخب المصرى من آثار هزيمته فى المباراة الافتتاحية أمام السنغال 1/0 ووصل للمباراة النهائية ليتوج باللقب بعد مباراة رائعة أمام الكاميرون فى النهائى نجح خلالها فى الفوز 5/4 بضربات الجزاء الترجيحية بعد انتهاء الوقت الأصلى للمباراة بالتعادل السلبى ليستعيد المنتخب المصرى اللقب بعد غياب دام 27 عاما.
ونال الكاميرونى روجيه ميلا لقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف فيما كان الراحل ثابت البطل حارس مرمى المنتخب المصرى هو أبرز نجوم هذه البطولة لأنه كان أحد العوامل الرئيسية فى فوز الفريق باللقب للمرة الثالثة فى تاريخ الفراعنة.
وفى عام 1988، استضافت المغرب البطولة ونجح منتخبها فى الوصول للدور قبل النهائى مثل الجزائر ولكن الفريقين العربيين خسرا أمام الكاميرون ونيجيريا.
وفاز المنتخب الكاميرونى باللقب للمرة الثانية فى تاريخه بالتغلب على نظيره النيجيرى 1/0 فى النهائى.
واقتسم صدارة قائمة الهدافين الكاميرونى ميلا والجزائرى الأخضر بلومى والمصرى جمال عبدالحميد والإيفوارى عبدالله تراورى والنيجيرى كوارجى برصيد هدفين لكل منهم.
وفى 1990، نظمت الجزائر البطولة واستغلت عامل الأرض للفوز باللقب لأول مرة فى تاريخها بالتغلب على نيجيريا 1/0 فى المباراة النهائية. وفاز الجزائرى جمال مناد بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف.

لقب للأفيال وآخر للنسور ومشاركة أولى للأولاد
أما بطولة عام 1992 فأقيمت فى السنغال بمشاركة 12 منتخبا للمرة الأولى واستطاع منتخب أفيال كوت ديفوار الفوز باللقب الأول فى تاريخهم بالتغلب على غانا فى النهائى 11/10 بضربات الجزاء الترجيحية بعد مباراة ساخنة انتهت بالتعادل السلبى وفاز النيجيرى رشيدى ياكينى بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف.
وفى 1994، أقيمت البطولة بتونس ولكن أصحاب الأرض خرجوا مبكرا من الدور الأول للبطولة وكانت زامبيا هى مفاجأة البطولة حيث وصلت للنهائى رغم أنها شاركت بفريق معظمه من اللاعبين الجدد بعد تحطم طائرة المنتخب الأول للفريق قبلها بفترة قصيرة ومقتل معظم أفراد الفريق الأساسى.
ولكنها خسرت فى المباراة النهائية 1/2 أمام نسور نيجيريا. وفاز ياكينى بلقب الهداف للمرة الثانية على التوالى ولكن برصيد خمسة أهداف.
ومع عودة جنوب إفريقيا للساحة الدولية بعد عشرات السنين من العزلة بسبب سياسة الفصل العنصرى، استضافت بطولة عام 1996 بمشاركة 16 منتخبا للمرة الأولى فى تاريخ البطولة التى شهدت انسحاب نيجيريا لأسباب سياسية ليتقلص عدد المشاركين إلى 15 منتخبا.
وفازت جنوب إفريقيا بلقبها الأول بالتغلب على تونس فى المباراة النهائية 2/0 وفاز الزامبى كالوشا بواليا بلقب الهداف برصيد خمسة أهداف.
وجرت البطولة التالية فى بوركينا فاسو عام 1998 وكانت مصر على موعد مع التتويج بالكأس الرابعة لها ولم يستطع أى من حسام حسن والجنوب إفريقى بينديكت ماكارثى إحراز أى أهداف فى المباراة النهائية بين منتخبى البلدين بعد أن وصل رصيد كل منهما إلى سبعة أهداف ليقتسما لقب الهداف.
وفازت مصر فى المباراة النهائية على جنوب إفريقيا 2/0 وأصبح الراحل محمود الجوهرى أول من يفوز باللقب كلاعب وكمدرب.

الأسود تستيقظ والفراعنة يخطفون الثلاثية 
مع عودة نيجيريا للمشاركات الإفريقية، استضافت البطولة بالتنظيم المشترك مع غانا عام 2000 وفازت الكاميرون باللقب الأول لها فى الألفية الجديدة بالتغلب على نيجيريا بضربات الترجيح 4/3 فى المباراة النهائية اثر انتهاء الوقت الأصلى للمباراة بالتعادل 2/2. وفاز الجنوب أفريقى شون بارتليت بلقب الهداف برصيد خمسة أهداف أيضا.
وفى عام 2002، استضافت مالى البطولة واحتفظت الكاميرون بلقبها ليكون الرابع لها فى تاريخ البطولة وذلك بالتغلب على السنغال فى النهائى بضربات الجزاء الترجيحية 3/2 بعد التعادل السلبى فى الوقتين الأصلى والإضافى للمباراة.
وتساوى كل من الكاميرونيين باتريك مبوما وسالومون أولمبى والنيجيرى جوليوس أجاهاوا فى صدارة قائمة الهدافين برصيد ثلاثة أهداف لكل منهم.
أما البطولة الرابعة والعشرون فأقيمت فى تونس عام 2004 أيضا ونجح نسور قرطاج فى الفوز باللقب على أرضهم ليكون الأول فى تاريخهم اثر تغلبهم على المغرب 2/1 فى النهائى.
وتقاسم لقب الهداف كل من النيجيرى أوجستين أوكوشا والمغربى عمر المختارى والتونسى سيلفا دوس سانتوس والكاميرونى باتريك مبوما والمالى فريدريك كانوتيه.
واستحوذت البطولة الـ25، التى أقيمت فى مصر عام 2006، على اهتمام كبير لأنها أعادت النهائيات إلى أحضان وادى النيل بعد غياب دام 20 عاما منذ أقيمت بطولة عام 1986 فى مصر أيضا.
وعادت البطولة إلى أحضان مصر مع الاحتفال باليوبيل الذهبى لتأسيس الاتحاد الإفريقى للعبة (كاف) وقبل عام واحد من الاحتفال باليوبيل الذهبى للبطولة.
ونجح المنتخب المصرى فى استغلال عاملى الأرض والجمهور ليتوج باللقب الغالى للمرة الخامسة فى تاريخه وينفرد بالرقم القياسى فى عدد الألقاب التى يحرزها أى منتخب فى تاريخ هذه البطولة.
ولم يكن مشوار المنتخب المصرى سهلا فى البطولة لكنه نجح فى النهاية فى حسم اللقب بالتغلب على نظيره الإيفوارى بضربات الجزاء الترجيحية 4/2 فى النهائى بعد تعادلهما سلبيا فى الوقتين الأصلى والإضافى للمباراة.
ورغم خروج المنتخب الكاميرونى مبكرا من البطولة بالهزيمة أمام كوت ديفوار 11/12 بضربات الترجيح بعد تعادلهما سلبيا فى الوقت الأصلى و1/1 فى الوقت الإضافى توج الكاميرونى صامويل إيتو بلقب هداف البطولة برصيد خمسة أهداف.
واستضافت غانا البطولة السادسة والعشرين فى مطلع عام 2008 لتكون المرة الرابعة التى تستضيف فيها البطولة على مدار تاريخها والمرة الثانية فى غضون ثمانى سنوات فقط حيث استضافت بطولة عام 2000 بالتنظيم المشترك مع نيجيريا.
وسعى منتخب غانا المعروف بلقب «النجوم السوداء» إلى إحراز اللقب الذى غاب عن الفريق منذ عام 1982 والذى أحرز خلاله الفريق اللقب للمرة الرابعة ليكون أول فريق يفوز بهذا العدد من ألقاب البطولة قبل أن يعادله المنتخبان المصرى والكاميرونى.
ولكن المنتخب المصرى، الذى انفرد بالرقم القياسى فى عدد مرات الفوز باللقب عندما توج به فى بطولة عام 2006، كان عند حسن ظن جماهيره ونجح فى الدفاع عن لقبه بجدارة بعدما أبهر جميع المتابعين للبطولة بعروضه الرائعة.
واستهل أحفاد الفراعنة مسيرتهم فى البطولة بفوز كبير 4/2 على أسود الكاميرون ثم أكملوا مشوارهم بنجاح وخطفوا الأضواء من الجميع عندما تغلبوا على أفيال كوت ديفوار 4/1 فى قبل النهائى ثم اختتموا مسيرتهم بالفوز مجددا على الكاميرون 1/0 فى النهائى رغم وفرة النجوم المحترفين بأكبر الأندية الأوروبية فى صفوف منتخبى كوت ديفوار والكاميرون.
ورغم وجود هؤلاء النجوم ومنهم الإيفوارى ديدييه دروجبا مهاجم تشيلسى الإنجليزى والكاميرونى صامويل إيتو مهاجم برشلونة الإسبانى فى ذلك الوقت والغانى مايكل إيسيان لاعب خط وسط تشيلسى، خطف اللاعب المصرى حسنى عبد ربه لقب أفضل لاعب فى البطولة.
واعتلى إيتو قائمة هدافى البطولة برصيد خمسة أهداف وذلك للبطولة الثانية على التوالى.
وبعدها بعامين، انضمت أنجولا إلى سجل الدول المضيفة للبطولة باستضافة كأس الأمم الإفريقية السابعة والعشرين فى مطلع عام 2010، وحاول منتخبها المنافسة بقوة فى هذه البطولة بقيادة مديره الفنى البرتغالى مانويل جوزيه الذى حقق قبلها العديد من الإنجازات التاريخية مع الأهلى المصرى.
ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن حيث خرج المنتخب الأنجولى صفر اليدين من دور الثمانية بالهزيمة أمام نظيره الغانى الذى شق بعد ذلك طريقه بنجاح إلى النهائى رغم عنصر الشباب الغالب على صفوف الفريق.
وفى المقابل، نجح أحفاد الفراعنة مجددا فى تعويض إخفاقهم فى تصفيات كأس العالم 2010 من خلال التتويج بلقب البطولة مثلما فعلوا فى بطولة 2006 بعد الإخفاق فى بلوغ نهائيات المونديال.
وبدأ المنتخب المصرى رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ثمين على نظيره النيجيرى 3/1 فى لقاء قمة مبكر قبل الفوز على موزمبيق 2/صفر وعلى بنين بالنتيجة نفسها.
وواصل أبناء النيل تألقهم فى الأدوار التالية ففازوا على أسود الكاميرون 3/1 فى الوقت الإضافى لمباراتهما بدور الثمانية والتى انتهى وقتها الأصلى بالتعادل 1/1 ثم على الجزائر 4/صفر فى مباراة ثأرية بعد الخروج أمام الجزائر من تصفيات مونديال 2010.
واستغل المصريون خبرتهم الكبيرة فى التغلب على المنتخب الغانى الشاب فى المباراة النهائية بهدف نظيف سجله محمد ناجى جدو الذى لقب بالبديل السوبر كما انفرد بصدارة قائمة هدافى البطولة برصيد خمسة أهداف فيما فاز زميله المخضرم أحمد حسن، قائد الفريق، بلقب أفضل لاعب فى البطولة.

غياب الأبطال وبصمة رائعة للنسور والأفيال
استضافت غينيا الاستوائية والجابون البطولة الثامنة والعشرين فى مطلع عام 2012 بالتنظيم المشترك فيما بينهما فى غياب منتخبى مصر والكاميرون اللذين سقطا فى التصفيات.
ونجح أصحاب الأرض فى عبور الدور الأول ولكنهما خرجا من دور الثمانية لفارق الخبرة فيما وصلت منتخبات زامبيا وغانا وكوت ديفوار ومالى إلى المربع الذهبى.
وفجر المنتخب الزامبى المفاجأة ببلوغ المباراة النهائية على حساب نجوم غانا فيما تغلب أفيال كوت ديفوار على مالى بنفس النتيجة 1/0.
وفى المباراة النهائية، كان لاعبو زامبيا على موعد مع التتويج الإفريقى الأول لهم بالفوز على الأفيال بضربات الترجيح بعد التعادل السلبى بينهما على مدار الوقتين الأصلى والإضافى.
وخاض المنتخب الزامبى جميع مبارياته الخمس فى الدور الأول ودورى الثمانية وقبل النهائى بغينيا الاستوائية ولكنه انتقل بعد ذلك إلى الجابون ليخوض المباراة النهائية فى العاصمة ليبرفيل.
وعادت البطولة الإفريقية فى 2013 إلى جنوب إفريقيا التى استضافت البطولة عام 1996 وكان أملها هو استغلال الاستضافة الثانية لها للتتويج باللقب الإفريقى الثانى خاصة فى ظل غياب قوى كبيرة مثل مصر والكاميرون وتراجع مستوى قوى أخرى.
وتأهل الفريق بجدارة إلى الدور الثانى بعدما تصدر المجموعة الأولى بفارق الأهداف أمام منتخب الرأس الأخضر الحصان الأسود لتلك لنسخة من البطولة.
وعلى عكس الترشيحات التى سبقت منتخبات الجزائر والمغرب وتونس إلى هذه النسخة، خرجت جميعها من الدور الأول لتخلو فعاليات دور الثمانية من أى منتخبات عربية.
كما خرج المنتخب الزامبى حامل اللقب وقتها من الدور الأول بعد ثلاثة تعادلات متتالية فى مجموعته.
وودع أصحاب الأرض البطولة من الدور الثانى بالهزيمة أمام مالى بركلات الترجيح وأطاح المنتخب النيجيرى بنظيره الإيفوارى قبل أن يستكمل مسيرته فى البطولة إلى النهائى على حساب مالى.
وفى المقابل، واصل المنتخب البوركينى مغامرته وأطاح بالمنتخب الغانى من المربع الذهبى بركلات الترجيح قبل أن يخسر فى النهائى أمام نظيره النيجيرى الذى توج باللقب للمرة الثالثة فى تاريخه.
واقتسم مهاجمه إيمانويل إيمينيكى مع الغانى مبارك واكاسو صدارة قائمة هدافى البطولة برصيد أربعة أهداف لكل منهما.
وفى 2015، عادت البطولة إلى غينيا الاستوائية بعد ثلاث سنوات من استضافتها بالتنظيم المشترك مع الجابون.
وغاب المنتخبان المصرى والنيجيرى حامل اللقب عن هذه النسخة لتسنح الفرصة لمنتخبات أخرى للفوز باللقب.
ومع غياب الفريقين عن البطولة، بدا المنتخب الجزائرى مرشحا بقوة للفوز بلقب هذه النسخة التى أقيمت بعد شهور قليلة من مشاركته فى بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل والتى شهدت صولات وجولات رائعة لمحاربى الصحراء الذين تأهلوا للدور الثانى (دور الستة عشر) فى المونديال للمرة الأولى فى تاريخهم.
ولكن المنتخب الجزائرى (الخضر) وقع فى مواجهة صعبة مع مرشح آخر للقب هو المنتخب الإيفوارى فى الدور الثانى للبطولة الإفريقية بغينيا الاستوائية، وكانت النتيجة لصالح أفيال كوت ديفوار 3/1 ليكمل منتخب الأفيال مسيرته فى البطولة حتى توج فى النهاية بلقبه الأفريقى الثانى بعد التغلب فى النهائى على منتخب غانا بركلات الترجيح بعد التعادل السلبى بينهما فى الوقتين الأصلى والإضافى.
واستغل منتخب غينيا الاستوائية إقامة البطولة فى بلاده وبعض الأخطاء التحكيمية خاصة فى مباراته أمام منتخب تونس فى دور الثانية للبطولة ليصل إلى المربع الذهبى وينهى مسيرته فى هذه النسخة باحتلال المركز الرابع.
وفاز الغانى كريستيان أتسو بلقب أفضل لاعب فى هذه النسخة، فيما تقاسم التونسى أحمد العكايشى والغانى أندرى آيو مع ثلاثة لاعبين آخرين صدارة قائمة هدافى البطولة برصيد ثلاثة أهداف لكل منهم.

عودة الفراعنة وتمديد البطولة 
ومثلما حدث فى نسخة 2015، شهدت نسخة 2017 عودة البطولة إلى الجابون التى شاركت غينيا الاستوائية فى استضافة البطولة عام 2012 لكن أصحاب الأرض سقطوا فى هذه النسخة مبكرا وودع المنتخب الجابونى البطولة من الدور الأول.
وشهدت نسخة 2017 عودة قوية لأحفاد الفراعنة حيث شق المنتخب المصرى طريقه بجدارة إلى النهائيات بعد غيابه عن ثلاث نسخ متتالية.
وفيما شقت منتخبات مصر وتونس والمغرب طريقها إلى الأدوار الإقصائية بنجاح، ودع المنتخب الجزائرى البطولة من الدور الأول دون تحقيق أى فوز.
كما كانت مفاجأة هذه البطولة هى السقوط المبكر لحامل اللقب حيث ودع المنتخب الإيفوارى البطولة من الدور الأول.
وعانى المنتخب المصرى من إصابة أكثر من لاعب بارز فى مبارياته بالبطولة لكنه واصل تقدمه بنجاح فى البطولة حتى المباراة النهائية التى التقى فيها نظيره الكاميرونى الذى استغل معاناة الفراعنة من الإصابات والإجهاد وثأر لخسائره المتكررة أمام المنتخب المصرى وتوج باللقب بالفوز 2/1 فى النهائى.
وتوج الكونغولى جونيور كابانانجا بلقب هداف البطولة برصيد ثلاثة أهداف فيما أحرز الكاميرونى كريستيان باسوجوج لقب أفضل لاعب فى هذه النسخة بعدما قاد فريقه ببراعة للفوز باللقب.
وشهدت النسخة التالية، التى استضافتها مصر فى منتصف عام 2019 نقطة تحول مهمة فى تاريخ بطولة كأس الأمم الإفريقية بتمديد حجم البطولة لتشهد النهائيات مشاركة 24 منتخبا وهو ما رآه البعض فرصة لظهور مزيد من المنتخبات التى يمكنها ترك بصمة جيدة فى ظل ارتفاع مستوى الكرة الإفريقية فى السنوات الماضية فيما رآه آخرون سببا محتملا فى إضعاف مستوى البطولة نفسها مع زيادة عدد المشاركين.
ولكن تلك النسخة أظهرت صحة الرأى الأول؛ وعلى سبيل المثال كان منتخب مدغشقر من مفاجآت البطولة فى باكورة مشاركاته بالبطولة القارية حيث تصدر مجموعته فى الدور الأول على حساب المنتخب النيجيرى.
كما حقق منتخب موريتانيا تعادلين فى مجموعته مع منتخبى أنجولا وتونس رغم أنه خاض البطولة للمرة الأولى أيضا.
وظهرت منتخبات أخرى، لا تحظى بخبرة كبيرة فى البطولة بشكل جيد، وسط ارتفاع عام للمستوى الفنى فى هذه النسخة.
وعلى الرغم من خروجه المبكر من الدور الأول فى نسخة 2017، ظهر المنتخب الجزائرى بشكل مثير ومذهل فى هذه البطولة، وحقق العلامة الكاملة فى مجموعته بالدور الأول ثم شق طريقه بنجاح فى الأدوار الإقصائية على حساب منتخبات غينيا وكوت ديفوار ونيجيريا حتى وصل للنهائى.
وفى النهائى، اصطدم المنتخب الجزائرى بنظيره السنغالى بعدما التقيا فى دور المجموعات لنفس النسخة، وكرر المنتخب الجزائرى الفوز على نظيره السنغالى بنفس النتيجة 1/0 ليحرز لقب البطولة للمرة الثانية فى تاريخه ويحرم المنتخب السنغالى من إحراز باكورة ألقابه فى البطولة.
وكان المنتخب المصرى، خرج مبكرا بالهزيمة 0/1 أمام منتخب جنوب إفريقيا فى الدور الثانى (دور الستة عشر) للبطولة.
وتوج النيجيرى أوديون إيجالو بلقب هداف هذه النسخة برصيد خمسة أهداف، فيما أحرز الجزائرى إسماعيل بن ناصر لقب أفضل لاعب فى البطولة وتوج زميله وهاب رايس مبولحى بجائزة أفضل حارس مرمى فى البطولة.
وبعد عامين ونصف العام، استضافت الكاميرون النسخة الـ33 من البطولة، وعادت البطولة إلى توقيت إقامتها المعتاد فى فصل الشتاء الأوروبى، مطلع عام 2022.
وكان خروج المنتخب الجزائرى من الدور الأول إحدى مفاجآت البطولة خاصة أن الفريق حصد نقطة واحدة فى مجموعته بالتعادل السلبى مع سيراليون والخسارة أمام منتخبى غينيا الاستوائية وكوت ديفوار.
كما ودع منتخب تونس البطولة من الدور الأول بعدما حل ثالثا فى مجموعته خلف منتخبى مالى وجامبيا علما بأن الأخير خاض البطولة للمرة الأولى وحصد 7 نقاط، وحل ثانيا خلف مالى بفارق الأهداف.
وعلى غرار نسخة 2019، شق المنتخب السنغالى طريقه بنجاح فائق إلى المباراة النهائية ليواجه اختبارا عربيا آخر على لقب البطولة، لكنه هذه المرة كان فى مواجهة المنتخب المصرى.
وبعدما سيطر التعادل السلبى على الوقتين الأصلى والإضافى فى المباراة، انتزع المنتخب السنغالى اللقب القارى الأول له عبر ركلات الترجيح، وحرم نظيره المصرى من تعزيز الرقم القياسى الذى يحمله فى عدد مرات الفوز باللقب.
وتوج الكاميرونى فنسان أبو بكر بلقب هداف البطولة برصيد ثمانية أهداف رغم خروج فريقه من الدور قبل النهائى للبطولة وإحراز المركز الثالث بالفوز على بوركينا فاسو بركلات الترجيح فى مباراة تحديد المركز الثالث.
وأحرز المهاجم السنغالى ساديو مانى لقب أفضل لاعب فى هذه النسخة بعدما لعب دورا بارزا فى فوز فريقه باللقب كما فاز زميله إدوارد ميندى بلقب أفضل حارس مرمى فى البطولة.
والآن، تعود البطولة فى نسختها المرتقبة مطلع عام 2024 إلى كوت ديفوار للمرة الأولى منذ 1984 عندما استضاف هذا البلد البطولة للمرة الوحيدة السابقة فى تاريخه.