رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

يورجن كلوب و«نيورو 11».. كيف تفوز باليورو بمساعدة علم الأعصاب؟

يورجن كلوب ونيكولاس
يورجن كلوب ونيكولاس هوسلير

تحكم في عقلك عندما يصبح الأمر أكثر أهمية، هذه الكلمات هي أول ما ستقع عليه عيناك، عندما تتصفح موقع شركة نيورو 11، للتحليل العصبي، متبوعًا بتوضيح للشعار، وهو: « تدريب قائم على البيانات العصبية لنخبة الرياضيين» في إشارة لنوع الخدمة التي تقدمها الشركة للرياضيين المحترفين.

موقع شركة نيورو 11

كما ستجد في جولتك، بقسم المدونات، مقالًا بعنوان: «العمليات الأساسية وتشريح الدماغ ذات صلة بكل كائن بشري»، اقرأه من هنا.
 


يستهل هذا المقال، بتصريح سابق لـ«ماريان دياموند» مؤسسة علم دراسة الأعصاب الحديث، قائلة: «عقل الإنسان هو الكتلة الأكثر تعقيدًا من البروتوبلازم على وجه الأرض، ربما حتى في المجرة بأكملها».

 

شركة نيورو 11، استطاعت جذب الأنظار في الشهور الماضية، بعد تعاونها المثمر مع نادي ليفربول الانجليزي، والمحترف ضمن صفوفه محمد صلاح، قائد المنتخب الوطني.

 

 

«فريق نيورو 11 طور تدريبا عقليا قويا مبتكرا للغاية وقائما على حقائق، يمكن دمجها بسلاسة في برنامجنا التدريبي الحالي، نحن الآن قادرون على تدريب القدرات العقلية للاعبينا على أرض الملعب، بطريقة لم تكن ممكنة لنا من قبل.

نحن متحمسون للعمل معهم، لأن القوة العقلية تلعب دورًا مهمًا في كرة القدم». 

يورجن كلوب، المدير الفني لفريق ليفربول، في تصريح لموقع شركة نيورو 11.



فما هي شركة نيورو 11؟ ومتى وكيف تأسست؟ وكيف تستفيد الأندية ولاعبيها من خدمات التحليل العصبي؟.. أسئلة نجيب عنها في التقرير الآتي.

في البداية، شركة نيورو 11، هي شركة مختصة بتحليل البيانات العصبية، عن طريق إيصال أقطاب كهربائية برأس اللاعبين، من أجل قراءة إشارات المخ في المواقف المختلفة، ومعرفة مدى استعداد الوظائف الحركية والحسية للدماغ، لتنفيذ المهام المطلوبة تحت الضغط العصبي.

واسم الشركة مقتبس من «نيوروساينس»، وهو دراسة الجهاز العصبي مع وظائف الأعضاء وعلم التشريح، مع رصد وتصوير المهام الحركية والحسية داخل الدماغ، لمفهمة تصرفات الفرد في المواقف المختلفة.

 

المؤسسان



نيكولاس هويسلر، وباتريك هونتشكي، الأول صاحب دكتوراة في علم الأعصاب من جامعة بون بألمانيا، والثاني هو لاعب كرة قدم سابق، ندرج بين فرق الناشئين بألمانيا، ثم لعب بدوري الشباب، ولكن مسيرته لم تكلل بالنجاح، ليتجه لدراسة علوم الإدارة ويحصل على الماجستير في علوم الإدارة، بتخصص إدارة الشركات والحوكمة، قبل أن تتأسس شركة نيورو 11.

 

نيكولاس هوسلير، نشر العديد من الأوراق البحثية المرتبطة بكرة القدم، مثل: النشاط الذهني للاعبين حين يسجلون الأهداف.

 

ويحكي هوسلير، أنه تعرف على هونتشكي، قبل 23 عامًا في أحد المعسكرات الخاصة بكرة القدم، كما سبق له العمل داخل نادي لايبزيج، والاتحاد الألماني لكرة القدم، بمجال التحليل العصبي.
 

نيكولاس هويسلر وباتريك هونتشكي


التواصل مع كلوب.. وفرصة تتمناها أي شركة ناشئة
 


ويحكي المؤسسان أنهما قررا التواصل مع يورجن كلوب، في 2019، وإخباره عن برنامجهما التدريبي، وعرض التعاون معهما؛ وهو ما برره هويسلر في حواره مع موقع ذا أثلتيك أنه يعرف اهتمام كلوب الجانب الذهني من كرة القدم.

 

نيكولاس هويسلر، أرسل ليورجن كلوب، رسالة شرح لها خلالها الخدمة التي يقدمانها، ليفاجأ باتصال شخصي من كلوب، يطلب منهما الحضور لمركز ليفربول التدريبي، مع معداتهما والأجهزة الإلكترونية التي يستخحدمانها.

 

وبعد حضور الثنائي إلى ميلوود، وشرح النمط التدريبي الذي يستخدمانه لكلوب ومساعده بيب ليندرز، حصلا على فرصة لتجربة مع أحد اللاعبين على تنفيذ ركلة ثابتة، لتثبت النتائج أن جودة تنفيذ اللاعب للركلة تحسنت بعد خضوعه للتدريب الذهني الخاص بالشركة.

 

ولكن تفعيل الاتفاق بينهما وبين ليفربول، تأخر بسبب انتشار جائحة كورونا في العالم.

 

نيكولاس هوسلير مع كلوب

 

كيف تعمل تقنية نيورو 11 للتحليل العصبي؟

 

التقنية الخاصة بشركة نيورو 11 تعمل على وضع أقطاب كهربائية حول رأس اللاعب، أثناء تسديده ركلة ثابتة أو ركلة جزاء، بينما ترصد الأقطاب نشاط ذهن اللاعب قبل وأثناء تسديد الكرة، وتحوله إلى بيانات ترسل مباشرة إلى الكومبيوتر.

 

ومن خلال هذه البيانات تصل الشركة إلى الأمور التي يتوجب على اللاعب التركيز عليها والأخرى التي عليه تجنبها من أجل السيطرة على ذهنه أثناء التسديد.


ويرى هويسلر أن الركلات الثابتة تستحق أن يولوها الاهتمام الأكبر لأن يسبقها لحظات سكون قبل تنفيذها، وهنا يمكن تتبع النشاط الذهني للاعب قبل تسديد الكرة، وتحسينه؛ بالإضافة إلى أن الأبحاث أظهرت أنه يمكن استغلال هذه اللحظات لتحسين دقة التنفيذ.

 

 

كيف تفوز باليورو مساعدة علم الأعصاب؟

 

في بحث منشور، عبر موقع جامعة أكسفورد، نقلًا عن موقع «ذا كونفيرسيشن»  في يونيو 2016، تحت عنوان «كيف تفوز باليورو مع قليل من مساعدة علم الأعصاب» يقول مورتن كرينجلباخ، أستاذ علم الأعصاب بالجامعة: "من خلال عدد من الدراسات العلمية، أظهرنا أن الاختبارات النفسية والعصبية للوظائف التنفيذية والذاكرة العاملة للاعبي كرة القدم، يمكنها المساعدة في التنبؤ بعدد الأهداف التي سيسجلها اللاعب، وعدد التمريرات ومدى نجاحهم في ذلك".

 

كما يشير كرينجلباخ، إلى أن اختيار اللاعبين الذين خضعوا للاختبارات، تم على أساس مهارتهم بكرة القدم، وقدرتهم البدنية، من خلال نظام معقد وغامض إلى حد ما - على حد وصفه- 

 

ويرى كرينجلباخ، أن كرة القدم تتعلق بالعقل أكثر من اللياقة البدنية، فلاعبو كرة القدم الناجحون يخضعون لعملية إدخال عدد هائل من المعلومان بسرعة، وتحت ضغط ذهني وبدني هائل؛ ويجب عليهم اتخاذ قرارات سريعة في وقت قصير، كما أنهم يحتاجون إلى أن يكونوا مبدعين ودقيقين في اتخاذه هذه القرارات، ليكونوا في المكان المناسب بالوقت المناسب، ويضيفوا شيئًا لأداء الفريق.

 

لكن كرينجلباخ، يرى عيوبًا في نظام التحليل العصبي، إذ إنه قد يهمل لاعبين مثل تشافي هيرنانديز، وإنييستا، نجمي برشلونة السابقين، لضعف إمكاناتهما البدنية، ومع ذلك  فإن الثنائي يتمتعان بقدرات عقلية رائعة سمحت لهما بالازدهار والتألق فوق كل التوقعات.

 

ويتابع بروفيسور كرينجلباخ إنه غالبًا ماتسمى القدرات المعرفية في كرة القدم، بذكاء اللعبة، في علم النفس الرياضي، وهو ماكان يعتقد أن قياسه أمر مستحيل فيما سبق، ولكن علم النفس المعرفي طور طرقًا لقياس الوظائف التنفيذية، ومجموعة من العمليات التنظيمية المعقدة في الدماغ، والتي تنسق أعلى مستويات التفكير والعمل.



كيف يفرق علم الأعصاب بين المهاجم ولاعب الوسط والمدافع؟

 

تحت عنوان «علم الفريق» يشرح كرينجلباخ أن كرة القدم تتعلق بكيفية تناسب الأفراد مع الفريق، وليس فردياتهم فقط، مشيرًا إلى أن الأبحاث الجارية في مختبرات أوكسفورد ركزت على تحديد ملامح الدماغ المختلفة للاعبين في مراكز مختلفة.

 

وكشفت نتائج الأبحاث، وفقًا لأستاذ علم الأعصاب بأوكسفورد، أن لاعبي خط الوسط الناجحين أمثال تشافي وإنييستا بحاجة إلى أداء وظيفي مستدام، كما أن يجيدوا الحفاظ على المسار العقلي لموقف اللاعبين الآخرين، حتى يتمكنوا من لعب التمريرات التي تخلق مساحة للفريق، وتقودهم للفوز بالمباريات.

 

على الجانب الآخر، يتخذ المهاجمون قرارات متهورة قصيرة الأمد وسريعة للغاية، لحاجتهم لاتخاذ إجراء حاسم أمام المرمى؛ بينما يكون لدى الدافعين سمات مختلفة، إذ يجب أن يكونوا ماهرين في التنبؤ بتحركات المهاجمين، والتصدي وتحييدهم في اللعبة.

 

كرينجلباخ في ثنيات بحثه أشار إلى أن منتخب الدنمارك 1992، واليونان 2004، نجحا في الفوز باليورو بسبب قدرتهم على تجميع المهارات الفردية، وإنشاء فريق يكون فيه الأجزاء أكثر من الكل، ولها جودتها.

 

طالع بحث مورتن كرينجلباخ، كاملًا من هنا.