رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

فلورنتينو بيريز وكيليان مبابي.. عن فاكس مانشستر وصفعة باريس وهندسة الفوتوشوب

فلورنتينو بيريز
فلورنتينو بيريز

 

 

كعادة كل موسم انتقالات، أحلام وردية، خطط متوقعة ولاعبين تتبدل قمصانهم عبر برامج ومنصات تعديل الصور الشهيرة، والفوتوشوب، ومواقع الرسوم التكتيكية للفريق بالصفقات المحتملة والأحلام البريئة للمشجعين.

 

كعادة أغلب صفقات الأحلام الوردية، انتهت أحلام جماهير ريال مدريد، ورئيس النادي، فلورنتينو بيريز، بصفعة باريسية، بطلها كيليان مبابي، ووالدته ووكيلة أعماله، فايزة العماري، ومسئولي باريس سان جيرمان.

 

«يؤسفني ماحدث في الأيام الماضية، لقد حطموا حلمك منذ أن كنت طفلًا، أتمنى لك التوفيق»، فلورنتينو بيريز، ردًا على كيليان مبابي، بعد التأكد من فشل انتقاله لريال مدريد.

 

ولكن قبل الحديث عن أي تفاصيل، أو التعمق في تفاصيل صفعة الباريسيين لبيريز وريال مدريد، هناك أسئلة علينا الإجابة عليها قبل أي شيء، وهي.. من هو فلورنتينو بيريز؟ وكيف وصل لرئاسة ريال مدريد؟

 

فلورنتينو بيريز، من مواليد 8 مارس 1947، بمنطقة هورتاليزا التابعة لعاصمة إسبانيا، مدريد.

 

درس بيريز الهندسة المدنية، بجامعة مدريد التقنية، وبدأ حياته المهنية في عام 1971، وبدأ عمله بمجلس بلدية مدريد، ثم تولى منصب المدير العام لجمعية الطرق الإسبانية بين عامي 1972، 1976، وتولى عدد من المناصب حتى وصل إلى منصبي رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة إيه سي إس، للهندسة المدنية.

 

بيريز التحق بالحزب الديمقراطي الإسباني، ونشط دوره في الفترة بين عامي 1976، و1983 وشغل مناصب مثل مندوب الصرف الصحي والبيئة في مجلس مدينة مدريد، ومدير عام البنية التحتية للنقل، ونائب المدير العام للترويج لمركز تطوير التكنولوجيا الصناعية.

ولكنه ترك العمل السياسي بعد 1983، وانشغل بتسيير أعماله، واشترى شركة Padros بعد إفلاسها، ونجح في إنجاحها، ثم دمجها بعد 10 أعوام مع شركة أخرى لتنشأ شركة ACS للمقاولات، التي يتولى رئاستها حاليًا.

أولى محاولات بيريز لتولي رئاسة ريال مدريد كانت في عام 1995، ولكنها باءت بالفشل، وانتصر رامون ميندوزا.

 

ولكن بيريز اختار التلاعب في الانتخابات بالطرق السياسية، فعقد اتفاقًا مع وكيل أعمال لويس فيجو، أحد نجوم برشلونة، قبيل انتخابات رئاسة ريال مدريد في عام 2000.

 

وحصل على تأكيدات من وكيل أعمال اللاعب بانتقاله للفريق الملكي، حال نجاحه في الانتخابات، وأعلن لجماهير ريال مدريد أنه سيستقدم فيجو، من الغريم التقليدي برشلونة، حال نجاحه في الانتخابات، ليحصل على المنصب للمرة الأولى، وبنجاح ساحق، ويتمم صفقته مع فيجو.

 

لاشك أن بيريز جعل من ريال مدريد امبراطورية اقتصادية قوية، بعد أن كان النادي غارقًا في الديون والأزمات، ولكن كل ماسبق كان شرحًا لماهية بيريز، وبناءً عليه سنكشف لماذا فقد ريال مدريد بريقه في سوق الانتقالات؟

 

 الجلاكتيكوس 1 و2.. نحو تعويض ما فات مدريد

 

في البداية، كلمة جلاكتيكوس، هي كلمة إسبانية، تعني المجرات، ويتم استخدامها في كرة القدم للإشارة إلى الفريق الذي يمتلك عدد كبير من النجوم دفعة واحدة، وهو ماحققه فلورنتينو بيريز، مع ريال مدريد في مناسبتين.

 

مع إرهاصات الألفية الثالثة، أبرم ريال مدريد عدة صفقات مدوية، كانت أولها بضم لويس فيجو، من برشلونة في عام 2000، وتلاها زين الدين زيدان، في 2001 من يوفنتوس، ورونالدو البرازيلي من إنتر في 2002، وديفيد بيكهام في 2003 من مانشستر يونايتد، ومايكل أوين من ليفربول في 2004.

 

بالإضافة إلى وجود لاعبين أمثال إيفان هوليجيرا، وروبرتو كارلوس، وميكيل سالجادو، وكلاود ماكليلي، وجوتي، وسانتياجو سولاري، وراؤول جونزاليز، وإستيبان كامبياسو، وستيف ماكمانمان، وفي حراسة المرمى إيكر كاسياس، الحارس التاريخي لريال مدريد.

 

ريال مدريد حقق في السنوات الأولى من الألفية الثالثة، لقب دوري أبطال أوروبا، في عامي 2000، و2002، بالإضافة إلى الدوري الإسباني، لموسمي 2000-2001، و2002-2003.

 

إلا أن جلاكتيكوس ريال مدريد لم ينجح في تحقيق لقب كأس ملك إسبانيا، حتى موسم 2010-2011.

 

كما حقق لقب السوبر المحلي، في موسمي 2001-2002، 2003-2004، ولقب كأس إنتر كونتيننتال في موسم 2002-2003، والسوبر الأوروبي في نفس الموسم.

 

6 ألقاب حصدها ريال مدريد في الفترة بين 2000، و2004

 

ورغم كل هذه الأسماء اللامعة، والتي كانت من الأفضل بمراكزها في العالم، وكونت فريق الأحلام لريال مدريد، إلا أن جلاكتيكوس ريال مدريد لم يحقق النجاح المرجو، إذ انتظرت جماهير البلانكوس أن يكتسح فريقهم كل البطولات.

 

وبدأت عملية تصفية جلاكتيكوس ريال مدريد برحيل كلود مكاليلي، وستيف ماكمنامان، وفيرناندو هييرو، في موسم 2003-2004.

 

وفي الموسم التالي، رحل فيرناندو موريانتيس، وإستبيان كامبوس، بين مجموعة تضمنت 11 لاعبًا ودعوا الملكي بنهاية ذلك الموسم.

 

وبنهاية موسم 2006-2007، رحل رونالدو نازاريو إلى ميلان، وأعلن زين الدين زيدان اعتزاله كرة القدم، وسط مجموعة ضمن 18 لاعبًا ودعوا الفريق، بينهم ألفارو أربيلوا، وروبيرتو سالدادو، والحارس كارلوس سانشيز، وجوليو بابتيستا، وخوسيه أنطونيو رييس.

 

كما رحل روبرتو كارلوس، وإيفان هوليجيرا، وروبن دي لا ريد، وديفيد بيكهام، وأنطونيو كاسانو، معارًا لفريق سامبدوريا الإيطالي  بنهاية موسم 2007 - 2008 – ثم رحل مجانًا في موسم 2008-2009.

 

وتوالت على ريال مدريد في تلك الفترة، عدد من الصفقات التي لم تنجح في إثبات جدارتها، مثل روبينيو، وكلاسيان هونتيلار، ورافائيل فان دير فارت،   إلا أن صفقة فان نيستلروي كانت الأفضل في تلك الفترة للبلانكوس.

 

فان نيستلروي، سجل 64 هدفًا في 95 مباراة بقميص ريال مدريد، بين صيف 2006 منذ انتقاله من مانشستر يونايتد، وشتاء 2010، ورحيله إلى هامبورج.

 

ومع انطلاقة موسم 2009-2010، تخلى ريال مدريد عن أرين روبن، وويسلي شنايدر، وكلاسسيان هونتيلار، وألفارو نيجريدو، ورود فان نيستلروي، وفابيو كانافارو، وميشيل سالجادو.

 

ليبدأ عصر الجلاكتيكوس الثاني، باستقدام كريستيانو رونالدو، من مانشستر يونايتد، وريكاردو كاكا من ميلان، وكريم بنزيما من ليون، وتشابي ألونسو من ليفربول، وراؤول ألبيول، من فالنسيا.

 

جلاكتيكوس ريال مدريد الثاني، حقق لقب الدوري الإسباني في موسم 2011-2012، وكأس ملك إسبانيا في 2010-2011، قبل أن تبدأ عملية تفكيك الجلاكتيكوس، برحيل مسعود أوزيل، وريكاردو كاكا، وجونزالو هيجواين في موسم 2013-2014.

 

واستقدام جاريث بيل، وداني كارفخال، ناتشو فيرنانديز، وخيسي رودريجز، وتصعيد ألفارو موراتا، من فريق الكاستيا، واستعارة كاسميرو من بورتو.

 

 

واستعاد ريال مدريد لقب دوري أبطال أوروبا في موسم 2013-2014، ولقب كأس ملك إسبانيا، وكأس العالم للأندية، والسوبر الأوروبي مطلع الموسم التالي.

 

وبدأ ريال مدريد موسم 2014-2015 باستقدام جيمس رودريجز من موناكو، وتوني كروس من بايرن ميونخ، وكيلور نافاس من ليفانتي، وخافيير هيرنانديز تشيتشاريتو من مانشستر يونايتد، وتفعيل شرط شراء كاسميرو من بورتو.

 

فيما رحل عن الفريق آنخيل دي ماريا لمانشستر يونايتد، وألفارو موراتا ليوفنتوس، وتشابي ألونسو لبايرن ميونخ، ونوري شاهين لبروسيا دورتموند، وتشيتشاريتو لمانشستر يونايتد، ودينيس تشيرتشيف لفياريال، وديجو لوبيز لميلان.

 

ولكن ريال مدريد لم يحقق أي من ألقاب الدوري أو الكأس أو دوري الأبطال في هذا الموسم، واكتفى ببطولتي كأس العالم للأندية، والسوبر الأوروبي، التابعتين للموسم الذي سبقه.

 

وبانطلاقة موسم 2015-2016، استقدم ريال مدريد 14 صفقة، على رأسها ماتيو كوفاسيتش من إنتر، ودانيلو من بورتو، وماركو أسنسيو، من ريال مايوركا، ولوكاس فاسكيز من إسبانيول، وخيسوس فاييخو من ريال سرقسطة، وفابيو كوينتراو من موناكو.

 

ورحل عنه بنهاية هذا الموسم، حارسه التاريخي إيكر كاسياس، وسامي خضيرة، وفابيو كوينتراو، معارًا لموناكو.

 

ليحقق مدريد في هذا الموسم المركز الثاني بالدوري الإسباني، ولقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ11 في تاريخه.

 

وبحلول موسم 2016-2017، استعاد ريال مدريد خدمات ألفارو موراتا بشرائه من يوفنتوس، وماركوس يورنتي من ألافيس، وعاد خيسوس فاييخو من الإعارة لريال سرقسطة، بجانب تصعيد ماريانو دياز من فريق الكاستيا، ومعه مارتن أوديجارد، وبورخا مايورال، وضم ديجو لورينتي من مالجا، وبورجوي من سبورتنج خيخون.

 

فيما رحل عن الفريق خيسي رودريجز، ودينيس تشريتشيف لفياريال، بعد عودته من الإعارة لفالنسيا، وإعارة خيسوس فاييخو لأينتراخت فرانكفورت، وديجو لورينتي لمالاجا، ومارتن أودريجارد في الشتاء لفريق هيرينفين الهولندي، وماركوس يورنتي إلى ألافيس، وديجو لورينتي إلى مالاجا، وبورخا مايورال إلى فولفسبورج.

 

بجانب الرحيل المجاني لألفارو أربيلوا، وانضمامه لفريق وست هام يونايتد الانجليزي.

 

وحقق ريال مدريد في موسم 2016-2017، بطولة الدوري الإسباني، ودوري أبطال أوروبا، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية.

 

 

في مطلع موسم 2017-2018، استقدم ريال مدريد ثيو هيرنانديز، وداني سيبايوس، وصعد أشرف حكيمي من فريق الكاستيا، واستعاد خدمات فابيو كوينتراو.

 

فيما تخلى عن ألفارو موراتا لتشيلسي، ودانيلو لمانشستر سيتي، وجيمس رودريجز لبايرن ميونخ، وماريانو دياز لأولمبيك ليون، وفابيو كوينتراو لسبورتنج لشبونة، وبيبي لبشكتاش. 

 

وحقق ريال مدريد لقب دوري أبطال أوروبا في هذا الموسم، وللمرة الثالثة على التوالي، بجانب لقب السوبر المحلي، والسوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية، واحتل المركز الثالث في الليجا.


ويأتي في الموسم التالي رحيل كريستيانو رونالدو، ليتوقف قطار جلاكتيكوس ريال مدريد عند 13 لقبًا لدوري أبطال أوروبا، و33 لقبًا للدوري الإسباني.

 

فاكس مانشستر يونايتد.. صفعة الدقائق الأخيرة

 

في الأيام الأخيرة من سوق الانتقالات الصيفية لعام 2015، كان ريال مدريد على بعد خطوة واحدة من التعاقد مع ديفيد دي خيا، حارس مرمى مانشستر يونايتد، في صفقة تبادلية توصل خلالها لاتفاق بانتقال كيلور نافاس، حارس الملكي آنذاك، ليونايتد، بالإضافة إلى دفع مبلغ 29 مليون جنيه استرليني.

 

ولكن إدارة مانشستر يونايتد، تقاعست في إرسال أوراق دي خيا لريال مدريد، على حد اتهام إدارة الفريق الملكي حينها، حتى تجاوزت الساعة الثانية عشر صباحًا، ليوم 1 سبتمبر 2015، وهو موعد نهاية سوق الانتقالات في إسبانيا.

 

وتبادلت الإدارتين الاتهامات في تلك الفترة، إذ زعمت إدارة مانشستر يونايتد، أن نظيرتها في مدريد هي المتسببة في فشل الصفقة بسبب تأخر دخولها في المفاوضات، بينما كشفت تقارير صحفية نقلًا عن مصادر داخل إدارة النادي الانجليزي، أن السبب في فشل الصفقة هو تعطل جهاز الفاكس في مانشستر يونايتد.

 

وظلت صفقة دي خيا، أو ماعرفت بأزمة فاكس، عار يطارد إدارة فلورنتينو بيريز، رغم النجاحات الباهرة التي حققها ريال مدريد في السنوات التالية، وتتويجه بلقب الدوري الإسباني في موسم 2016-2017، وحصد دوري أبطال أوروبا 3 مرات متتالية، رفقة زين الدين زيدان، المدير الفني للملكي في تلك الفترة.
 


كيليان مبابي.. لأن بيريز لا يملك خطط بديلة

 


لم يحسم كيليان مبابي، نجم باريس سان جيرمان موقفه بشكل نهائي من الانضمام لريال مدريد خلال الشهور الماضية، رغم أنه أفصح في وقت سابق عن رغبته في الانتقال للفريق الملكي، ليبث القلق في قلوب مشجعي النادي الملكي.

وتسرب القلق لإدارة النادي الملكي، خلال الأيام الماضية، خاصة بعدما توقف مبابي عن الرد على اتصالاتهم قبل إعلان بقائه في باريس بعشرة أيام.

 

لاشك أن مبابي تعرض لضغوط مادية وسياسية من أجل الاستمرار في باريس، بين مفاوضات مع مسئولين قطريين، واتصالات رسمية مع رئيس فرنسا، لكن وكيلة أعماله ووالدته، فايزة العماري،اتضح أنها تعاملت مع الأمر على أنه مزاد علني في إحدى صالات مزادات باريس، على تحفة فنية نادرة، لا يهم من سيشتري، ولا يهم أيضًا ماذا سيفعل بهذه التحفة، ولكن الأهم هو الحصول أكبر قدر ممكن من الأموال.

ولكن الخطأ الأكبر هنا دائمًا يعود لفلورنتينو بيريز، الرجل الذي ترك ريال مدريد دون خطة بديلة، كما هي عادته في أغلب أسواق الانتقالات، المهندس الإسباني رفض إبرام العديد من الصفقات، معللًا ذلك بأزمة مالية يمر بها النادي لانشغاله بتجديد ملعب سانتياجو برنابيو، ولكن في نفس الوقت كان مستعدًا لدفع أكثر 130 مليون يورو مكافأة توقيع للاعب واحد فقط، وتدعيم مركز واحد دون النظر لباقي المراكز التي مثلت تهديدًا واضحًا لريال مدريد خلال الموسم المنقضي.

الرجل الذي تولى تخطيط الطرق الإسبانية، مازال يسجل فشلًا تلو الآخر في صفقات ريال مدريد، ويتبقى للجماهير من تلك الصفقات فقط، صورة معدلة باستخدام برنامج الفوتوشوب، كأن رئيس النادي مختص في هندسة الفوتوشوب.