رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يخطف المنتخب تذكرة المونديال من داكار؟ «تحليل»

منتخب مصر
منتخب مصر

«أرى أننا قادرون على تحقيق الفوز في مباراة الإياب وليس التعادل فقط.. سنخطف بطاقة العبور».

ربما تعتقد الغالبية من الجمهور المصري أن هذا الكلام، الذي صرح به محمد صلاح قبل 48 ساعة من مباراة المنتخب الوطني أمام نظيره السنغالي، المقررة في السابعة مساء اليوم، مجرد حديث للاستهلاك ورفع المعنويات وترهيب الخصم.

وحتى مع إقرارنا واتفاقنا أن زرع الثقة وتحفيز اللاعبين هو أهم الأسلحة التي تميزنا مؤخرًا، أتفق تمامًا مع «صلاح» وأؤمن بأنه قصد ما قاله حرفيًا، ويعرف بأننا قادرون حقًا على الفوز في داكار، وليس مجرد عبور بالتعادل.

لأنه تمرس على مثل هذه الحالات وخاض تفاصيلها أكثر من مرة، أدرك «صلاح» ومعه زملاؤه أن فرص فوزنا وتقديم مباراة أفضل في داكار كبيرة للغاية.. لماذا؟

في القاهرة كنا مضغوطين وحذرين وينتابنا القلق لأسباب كثيرة، أولها أنك الطرف المطالب بالفوز والتسجيل، وتتخوف من استقبال هدف يُحسب بهدفين إذا تساوت الأهداف في مباراتي الذهاب والإياب.

وحينما تلعب وأنت الطرف المطالب بالتسجيل، تكون مهمتك أصعب كثيرًا عما إذا كنت مطالبًا بالدفاع والتأمين فقط.

في داكار سينتقل الضغط إلى المنتخب السنغالي، وسيكون مطالبًا باندفاع ومغامرة أكبر، بعدما فشل في التسجيل على مدار 90 دقيقة في القاهرة، وقبلها 120 دقيقة في نهائي أمم إفريقيا بالكاميرون.

كذلك سيلعب المنتخب السنغالي وهو يبحث عن هدف التعديل، خائفًا بل ومرعوبًا من استقبال هدف، لأنه حينها سيكون مطالبًا بتسجيل هدفين في المقابل.

بينما سيلعب المنتخب المصري بمخاوف أقل كثيرًا، فحتى في حال استقبلنا هدفًا لن نكون خاسرين، وسيضطر السنغال حينها إلى الحذر أكثر منا، خوفًا من قاعدة «الهدف بهدفين».

هذه العوامل مجتمعة ستجعل الخصم متسرعًا، متوترًا، ومعها تزداد نسبة أخطاء لاعبيه.

لذلك تعد نتيجة الـ1- 0 في القاهرة مثالية، وستكون- بإذن الله- مفتاح العبور الذي منح «صلاح» الثقة الكاملة التي دفعته للتصريح بكل ثقة بـ«أننا ذاهبون إلى داكار من أجل الانتصار لا من أجل العبور فحسب».

ولكي نستفيد من كل هذه العوامل علينا الحذر والحيطة واللعب بتركيز يفوق 100%، في انطلاقة المباراة، التي ستكون الأصعب بالتأكيد، وستشهد ضغطًا غير عادي من الخصم، ومعها صافرات ودعم جماهيري ربما يؤثر بعض الشىء على لاعبي مصر.

مهم للغاية تخطي الثلث الأول من المباراة دون استقبال، ومع أول نصف فرصة وأول تهديد لمرمى إدوارد ميندي، وبمجرد ظهور محمد صلاح على حدود منطقة جزاء السنغال، سيتسرب الخوف والقلق والشك في نفوس جميع عناصر منظومة المنافس.

فنيًا نحن بحاجة إلى انتهاج نفس الأسلوب القائم على حرمان السنغال من الخروج بالكرة بالأريحية التي يبحث عنها، عبر إغلاق زاويا التمرير على نامباليس ميندي، لاعب الارتكاز، واستخدام مصطفى محمد ومحمد لأداء هذه المهمة.

ولكي يُكتب لنا الفوز نحن بحاجة أيضًا إلى مباراة تاريخية ومثالية من محمد النني، الذي لم نحتج إليه أكثر من حاجتنا له اليوم، في مواجهة ساديو ماني، بدعم ومساندة من زميله عمرو جابر.

يحاول «ماني» التسلم في أنصاف المساحات، وتفوق أكثر من مرة على «النني»، لكن الأخير عودنا بأنه حينما تشتد الانتقادات، يراجع نفسه ويفاجئنا بأداء مثالي، لذلك إذا كُتب لنا العبور الليلة، سيكون للاعب وسط أرسنال دور كبير في تعطيل نجم ليفربول.

أيضًا علينا استغلال ضعف الجهة اليمنى لـ«أسود التيرانجا»، بتوجيه الكرة ناحية بونا سار، الظهير الأيمن لمنتخب السنغال، الذي يُعد اللاعب الأكثر تواضعًا في تشكيلة المنافس، لذا إذا تحرك مصطفى محمد في تلك المساحة لطلب الكرة، سيكون في مقدورنا خلق فرص تهديف مؤكدة.

افتقدنا أيضًا لتمريرات قُطرية من أحمد فتوح وعمرو السولية إلى محمد صلاح في الجهة العكسية، وإذا تحقق ذلك ستكون واحدة من أفضل الأدوات التي تمكنا من الفوز الليلة، خاصة مع بروز مساحات أكبر. 

والأهم من كل هذه التفاصيل، أن نكون جاهزين لكل السيناريوهات، ونحن على ثقة كاملة في حكمة كارلوس كيروش، وقدرته على الحيطة لكل المسارات التي يمكن أن تأخذها المباراة، وفي قدرته أيضًا على تأهيل اللاعبين لما قد يحدث، سواء الاستقبال أو استمرار التعادل السلبي لوقت طويل أو حتى التسجيل.

كما نعول كثيرًا على قيادة محمد صلاح لرفاقه ودوافعه للتأهل والظهور في الدوحة، فكأس العالم التي أحبت كريستيانو رونالدو وأطاحت لأجله بإيطاليا، على يد الصغيرة حجمًا في كرة القدم مقدونيا، لن ترضى أبدًا بأن يكون أهم كرنفال وحدث لكرة القدم دون نجمها الأول، فالجميع يترقب «مو» عازفًا في مونديال 2022.