رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطوة على الحُلم.. كيف يفكر كيروش لمواجهة السنغال الحاسمة؟ «تحليل»

كارلوس كيروش
كارلوس كيروش

مباراة واحدة، 90 دقيقة، 5400 ثانية تفصل المنتخب المنتخب المصري عن الحلم الكبير، التأهل لمونديال قطر 2022، والتواجد ضمن أقوى منتخبات العالم للمرة الرابعة في تاريخه والثانية على التوالي، في حدث هو الأول في تاريخ الكرة المصرية.

رجال كيروش، عبروا المرحلة الأولى من التصفيات النهائية للمونديال، وهزموا السنغال بهدف نظيف، في استاد القاهرة، ويتبقى لهم مرحلة أخرى، شوط ثانٍ للتأهل لنهائيات كأس العالم، التي تقام على أرض عربية للمرة الأولى في التاريخ.

ويفتقد المنتخب الوطني في المباراة جهود ثنائي الدفاع الأساسيين، محمود حمدي الونش، للإيقاف، ومحمد عبدالمنعم، للإصابة، واستدعى كارلوس كيروش، المدير الفني للمنتخب، علي جبر، ورامي ربيعة بدلًا منهما.

إذًا.. كيف يلعب المنتخب ضد السنغال؟ ولماذا لا يجب التراجع من بداية المباراة؟ وأين تكمن خطورة مباراة الإياب على المنتخب المصري؟ وما هي الأخطاء التي لا يجب الوقوع فيها ضد رفاق ماني؟ أسئلة يجيب عنها «الكابتن» في التقرير التالي.

 

المنتخب المصري، لعب مباراة الذهاب بطريقته المعتادة «4-3-3»، وقدم نموذجًا في الضغط على الخصم بنصف الساعة الأول من المباراة، ضغط منظم على دفاعات السنغال، وتقدم جريء وشجاع يحسب لكيروش، خنق دفاعات السنغال، وأجبرهم على الأخطاء، ومع تقدم لاعبي وسط ملعب منتخب مصر خلقت مساحة، مكنت عمرو السولية من صناعة الهدف الأول للمنتخب بعد 4 دقائق فقط من بداية المباراة.

ولكن.. الضغط لم يستمر، وتراجع المنتخب بشكل غير مبرر لوسط ملعبه، مما منح المنتخب السنغالي حرية أكثر في الخروج بالكرة، وسيطرة على وسط الملعب ومنطقة افتكاك الكرة، وهددوا المرمى في أكثر من فرصة لكنها لم تنجح في الوصول للشباك بسبب استبسال مدافعي المنتخب وتألق محمد الشناوي.

وبمرور الوقت، افتقد لاعبو الفراعنة تركيزهم في أكثر من موقف ثنائي ضد مهاجمي السنغال، نتج عنه هجمات خطيرة على مرمى الشناوي، إضافة إلى وقوع لاعبينا في الأخطاء منذ بداية المباراة على حدود منطقة الجزاء، والتي تعد موطن قوة للاعبي السنغال لامتلاكهم القامات الطويلة، والقوة البدنية أكثر من لاعبي الفراعنة.

كيف يلعب كيروش ضد السنغال في داكار؟

التفكير الأقرب لكيروش في الوقت الحالي، هو مواصلة اللعب بطريقته التي استطاع من خلالها قيادة المنتخب للمباراة النهائية لأمم إفريقيا، والوصول لهذه المرحلة من التصفيات.

مع وصول كيروش، بدأ في تغيير طريقة لعب المنتخب الوطني شيئًا فشيئًا، فلعب أولى مبارياته ضد ليبيا بالطريقة التي اعتمدها من قبله حسام البدري، وهي «4-2-3-1»، قبل أن يبدأ في إقحام أفكاره بمباراة الإياب واللعب بالـ«4-3-3»، ومعها بدأت الانتقادات والحديث عن أن ثلاثية وسط الملعب لا تناسب طريقة لعب المنتخب المصري، وأنها خطة دفاعية أكثر من اللازم.

بكل تأكيد الغرض الأساسي من ثلاثية وسط الملعب، هو تأمين عمق الملعب، وتوفير الدعم اللازم لظهيري الجنب في حالة استحواذ الخصم على الكرة والهجوم.

 كيروش ليس من المدربين ذوي الجمود التكتيكي، ودائمًا ما يختار العناصر والخطة المناسبة لكل مباراة، إلا أنه رأى في الـ«4-3-3» شيئًا قد لا يراه المتابع العادي، رغم الانتقادات الكبيرة التي تعرض لها كيروش منذ توليه مهمة تدريب المنتخب الوطني.
 

المنتخب المصري قارع أسماءً ومنتخبات بقدر كوت ديفوار، والمغرب، والكاميرون، والسنغال مرتين، وقبلهم نيجيريا، وقبلها لعب مباراة ودية، و4 بالمرحلة الأولى لتصفيات المونديال، و6 مباريات بكأس العرب.

أي أن المنتخب الوطني، لعب تحت قيادة كيروش 19 مباراة، تلقت خلالها شباكه 7 أهداف فقط، وخرج بشباك نظيفة في 12 مباراة، ولم يخسر سوى مباراة واحدة فقط أمام تونس – مع الأخذ في الاعتبار أن الخسارة بركلات الترجيح تعامل معاملة التعادل في لوائح الفيفا- وهو ما يعني أن الأرقام الدفاعية للمنتخب المصري تدل على وجود عمل تكتيكي دفاعي من المدير الفني، وتطور دفاعي يحتاج مزيد من الوقت لتمرس اللاعبين وزيادة الجودة.

ولكن رغم ذلك، فإن خطة «4-4-2» من الخيارات المطروحة أمام كيروش، من أجل تأمين جانبي الملعب بجناحين يمتازان بالسرعة والقدرة الهجومية بجانب عودتهم لتقديم الدعم الدفاعي، وغلق المساحات أمام أخطر مناطق الهجوم للسنغال وهي جانبي الملعب. 

وتزيد تلك الخطة من طابع الانتقال السريع من الدفاع للهجوم للاعبي المنتخب الوطني، خاصة في وجود أحمد سيد زيزو، على الجانب الأيمن، ومحمود حسن تريزيجيه على الرواق الأيسر، والاعتماد على قدراتهما في التحول السريع وتهديد المرمى بالكرات العرضية أو التسديد من خارج المنطقة، بالإضافة إلى قدرة الثنائي على اللعب في مركز وسط الملعب المساند، وهو مايجعل الخطة أكثر قابلية للتغيير على حسب سير المباراة.

وبوجود الثنائي محمد صلاح، ومصطفى محمد، في عمق الهجوم، سيفيد المنتخب في عملية الضغط المتقدم على دفاعات السنغال، مع وجود الجناحين بجوار ظهيري الجنب، وضغط ثنائي الهجوم على قلبي الدفاع أثناء محاولتهم للخروج بالكرة من الخلف، وتقدم لاعبي وسط الملعب الدفاعي لخنق ثنائي وسط السنغال، سيتولد موقف ضغط مثالي للمنتخب المصري، إذ أن شيخ كوياتيه هو اللاعب الذي يتحرك بالقرب من قلبي الدفاع لتسلم الكرة منهما، وأحيانًا يقوم إدريسا جايي بهذا الدور، وفي حالة تطبيق الضغط بشكل صحيح سيجبر لاعبي السنغال على تشتيت الكرة خوفًا من وصولها لأحد مهاجمي الفراعنة، وهنا سيتوجب على لاعبي الدفاع التركيز في الالتحامات الهوائية، وضرورة خطف الكرة قبل المهاجمين.
 


ولكن كيروش رجل يصعب التنبؤ بما يفكر فيه، ولا يمكن التوقع بمن سيضعه في تشكيله الأساسي، ولكنه يضع الفريق على رأس أولوياته قبل أي أسماء أو لاعبين، اتفقنا أو اختلفنا على اختياراته فهو رجلة المرحلة للمنتخب المصري.

وفي حالة اعتماد كيروش على نفس خطة مباراة الذهاب، سيكون الدور أكبر على محمد صلاح، وتريزيجيه في تقديم أدوار دفاعية ومنح المنتخب زيادة عددية في وسط ملعبه وقت استحواذ السنغال على الكرة، بالإضافة إلى أدوار مصطفى محمد في الضغط على مدافعي السنغال أثناء محاولة الخروج بالكرة.

اللجوء للتأمين الدفاعي قد يكون أحد تفضيلات كيروش في المباراة، بالاعتماد على دخول حمدي فتحي بين قلبي الدفاع في حالة استحواذ المنتخب الوطني على الكرة، وتحرير انطلاقات ظهيري الجنب والتقدم خلف الجناحين لتحقيق الأفضلية العددية في حالة الهجوم، وكذلك خنق لاعبي السنغال في حالتهم الدفاعية، وإجبارهم على التراجع لوسط ملعبهم.


الهجوم خير وسيلة للدفاع.. لماذا لا يجب التراجع أمام السنغال؟


أهم الأشياء التي يبحث عنها كيروش في مباراة الإياب، هو تسجيل هدف مبكر، وتكرار سيناريو الذهاب من أجل زيادة الضغط على لاعبي السنغال منذ بداية المباراة.

ولا بد أن يحدث ذلك، دون تلقي شباك المنتخب أي أهداف في بداية المباراة خصوصًا أن الإمكانيات الفردية للاعبين في صالح لاعبي السنغال وتفضلهم على منتخبنا، وهذا مايتم تعويضه باللعب التنظيمي، ومحاولة حرمان الخصم من اللعب بأسلوبه الخاص وتسيير المباراة كما يريد، وهذا لن يحدث بالتراجع للدفاع وترك الكرة للسنغال.
 
المنتخب السنغالي هو الأقرب للفوز بمعركة الاستحواذ، والسيطرة على الكرة، وهذا لا يعني الوقوف ومشاهدة رفاق ماني يتلاعبون بالكرة يمينًا ويسارًا، وتمني ألا تصل الكرة لمرمانا.

الضغط على دفاعات السنغال من الدقائق الأولى للمباراة سيكون أفضل وسيلة لإخراجهم من التركيز، خاصة أنهم يدخلون المباراة تحت ضغط كبير بعد خسارة مباراة الذهاب؛ وسيبدأون المباراة بأداء هجومي قوي وضغط من الخطوط الأمامية لتسجيل هدف مبكر.

ولا بد من التركيز على زيادة الضغط على مدافعي السنغال، بالتحرك أمام الدفاع وحرمانهم من الخروج بالكرة من الدفاع بشكل صحيح، ولكن دون تهور في الضغط الدفاعي، أي التحرك من ثلاثي الهجوم أمام الخط الدفاعي وقت الخروج بالكرة، وهي أضعف أوقات المنتخب السنغالي، وهي مرحلة تواجد الكرة في الخط الخلفي للسنغال.
 

وفي حالة نجاحهم في الخروج بالكرة، تبدأ عملية التراجع لوسط ملعب منتخبنا وتضييق المساحات على السنغال، لحرمانهم من استغلال أنصاف المساحات بين وسط الملعب والدفاع، وبين الظهيرين وقلبي الدفاع، والتي تسببت في أزمات لمنتخب مصر في مباراة الذهاب.

 

أين تكمن خطورة مباراة الإياب على المنتخب المصري؟

 

أهم الأزمات التي قد تواجه المنتخب الوطني في مباراة الإياب، هو تلقي هدف في الدقائق الأولى من المباراة، وتحرر لاعبي السنغال من الضغط ونقله للمنتخب الوطني، إذ أنه سيكون مطالب في تلك الحالة بغلق مساحاته الدفاعية، خاصة في حالة الضغط الكبيرة التي سينفذها ماني ورفاقه على دفاعات المنتخب الوطني.

الفوارق الفردية للاعبي السنغال، هي أكبر العوامل التي تشكل خطورة على دفاعات منتخب مصر في الإياب، ولا بد من تعويضها بترابط المنظومة، وتصحيح أخطاء مباراة الذهاب خاصة قلة التركيز الدفاعي في المواقف الفردية، والاختراقات من جانبي الملعب، وكذلك التراجع المبالغ فيه سيمنح لاعبي السنغال أفضلية في السيطرة على المباراة، وتهديد المرمى.

ماهي الأخطاء التي لا يجب الوقوع فيها ضد رفاق ماني؟

في مباراة الذهاب، افتقد لاعبو المنتخب المصري تركيزهم في أكثر من لعبة حول منطقة الجزاء، وتسببت في احتساب ركلات حرة للاعبي السنغال، كادوا من خلالها الوصول للمرمى، ولا بد من التأكيد على ضرورة عدم ارتكاب أخطاء في هذه المساحة لحرمان لاعبي السنغال من أي فرصة للوصول لداخل منطقة جزاء المنتخب الوطني.


كما أن الضغط الذي سيشكله الجمهور السنغالي، ومحاولاتهم لاستفزاز لاعبي منتخبنا، سيكون من العوامل الخطيرة على فرص صعود المنتخب الوطني للمونديال حال تأثر لاعبينا بأجواء المباراة.