رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف اغتال «محمد صلاح» كبرياء «خليلوزيتش»؟

محمد صلاح
محمد صلاح

«جربنا أكثر من استراتيجية لعب من أجل إيقاف محمد صلاح».. بهذه الكلمات عبر وحيد خليلوزيتش، المدير الفني لمنتخب المغرب، عما يدور في باله ولاعبيه قبل مباراة القمة التي جمعته بمنتخبنا الوطني وانتهت بفوزنا 2-1. 


في هذه التصريحات كشف «خليلوزيتش» عن رعبه الشديد من «صلاح»، وفضح بدون قصد ما يشغل عقله وينويه.


هنا كان أول المداخل التي منحت مصر هذا الانتصار التاريخي، وأسهمت بشكل كبير في فرض سيطرتنا بشكل كامل، جعلنا نشك في أن المغرب اختفى ولم يأتِ في جزئيات كبيرة من المباراة.


صحيح لم يلتقِ المنتخب المغربي بـ«نِد» كبير طوال مشوار البطولة، باستثناء الجابون الفريق الذي لديه قوام جيد وتكتيك يجعله مُصنفاً كخصم صعب، لكن أن يحدث هذا التحول المبالغ فيه في شكل المغرب الذي تراجع كليًا، فهذا يعكس حجم وقوة شخصية منتخب مصر.


أظهرت هذه المباراة واحداً من أهم المحددات التي نتغافلها هنا في مصر ونحن نتعاطى مع أداء منتخبنا، ونبادر في إطلاق حملات جلد النفس، ألا وهي نظرة الآخرين لنا.


دون أن ندرٍ نتجاهل بأن الجميع في إفريقيا، حتى ونحن في أضعف حالاتنا، ينظر إلينا نظرة «البطل الخارق»، صاحب الشخصية العنيدة، والاسم الذي يصعب هزمه، والبلد القادر على ولادة زعماء للقارة في كل وقت.


تلك النظرة هي التي دفعت المدير الفني لمنتخب المغرب لاستبدال حساباته وتغيير استراتيجيته، وبعدما كنا نحن نتحسب ونرسم سيناريوهات لكيفية توقيف أشرف حكيمي، بدا لنا جميعًا أنهم هم من كانوا مهمومين ومشغولين بإيقاف محمد صلاح، وعجزوا عن ذلك.


من الظلم أن تختصر ما قدمه «صلاح» أمام المغرب في لقطتي الهدف و«الأسيست»، بل إن «مو» فعل كل شىء، وكان سببًا في غياب المغرب.


بدون أن يلمس الكرة، أجبر نجم ليفربول مدرب المغرب على أن يحتاط بشكل كبير، ودفعه لتثبيت الظهير الأيسر آدم ماسينا، وبالتالي حرمه تمامًا من التقدم أو أداء أي أدوار هجومية، من أجل تضييق المساحات أمام «صلاح»، وكذلك تسخير كل الجهد البدني في مجابهته ومحاولة إيقافه.


نتيجة لذلك، اضطر الجناح الأيسر سفيان بوفال للبقاء على الخط طوال الوقت، بعدما كان يهاجم في العمق ويلعب بحرية أكبر طوال الفترة الماضية، أي أن «صلاح» حرم المغرب من مهاجمين كانا يستفيد منهما في المباريات السابقة.


كذلك حيطة «خليلوزيتش» وتخوفه دفعه لاستبدال الطريقة، وتخلى عن اللعب بمهاجمين صريحين، ليزيد لاعبي الوسط، وهنا كان سر تحول المغرب إلى الأسوأ، بفضل الرعب الذي سببه له محمد صلاح.


مع كل هذه «الإجراءات الاحترازية»، والتخلي عن الهوية الهجومية المعتادة، لم يفلح «أسود الأطلس» ومدافعيه في إيقاف محمد صلاح.


ذكاء ووعي ومهارة كبيرة استخدمها نجمنا الدولي في تجميع اللعب عنده في الجهة اليمنى بعد طلب الكرة في المساحة، ثم جمع 3 مدافعين أو 4 في بعض الحالات، ما يخلف وراءهم مساحات كبيرة، يحدث بعدها التحول إلى الجهة الأخرى، مثلما حدث في حالة الهدف الثاني، وقبلها تكرر الأمر أكثر من مرة.


وتجلت القيمة الفنية لمحمد صلاح، اللاعب الذي يتنافس الآن على أفضل لاعب في العالم، بشكل واضح للعلن أمام المغرب، وهكذا يمكنك الوقوف على قيمة نجم مثله.


إلى جانب «صلاح»، اختار «كيروش» فلسفة الضغط العالي، نعم كان حظنا سيئاً في الانطلاقة بتجاوز «حكيمي» لهذا الضغط عبر مهارة استثنائية، لكن تركيزنا عاد، ونجحنا بفضل هذا الضغط في خنق المغرب، واجباره على البقاء في مناطقه.


التزام مصطفى محمد برقابة سفيان إمرابط، لاعب ارتكاز المغرب، حرم الخصم من البناء السليم للهجوم، وشل حركته في التحولات، وهذا يجعلنا لا نتغافل عن هذا الدور الهام للاعب، رغم وجود بعض القصور لديه هجوميًا، والذي يمكن تصويبه إذا اهتم «البلدوزر» ببعض التفاصيل البسيطة الخاصة بالتمرير وتقليل الـ«ميس باص».


كان أيضًا أحمد فتوح نجمًا فوق العادة، صحيح أن «التكتك» والجماعية والكثافة في مكان الكرة ساعده كثيرًا في توقيف «حكيمي»، لكنه ظهر بشخصية قوية للغاية، ولم يهب العديد من المواقف الصعبة للغاية، تمامًا مثل عمر كمال في الجهة المقابلة، الذي ساعد «صلاح» كثيرًا على تقديم أفضل ما لديه.


أما محمد النني فكان رائعًا في منحنا عملية التحكم، وأداء أدوار التدوير ونقل الكرة من جهة إلى أخرى، ولم يشعرنا بغياب حمدي فتحي، وقدم أدوارًا كبيرة يستحق عليها التقدير.


المنتخب على مستوى الأفراد يرتفع، الجانب الخططي يتطور، العوامل المعنوية تتحسن. كل شئ يقول إن المنتخب المصري في الطريق السليم، مهما كانت نتيجة المباراة المقبلة.


لكن علينا تأكيد أن الضغط والنقد يولد التطور والتحسن مثلما جرى مع «كيروش»، بينما التأييد الكلي لـ«خليلوزيتش» في المغرب ما جنى عليهم غير النتائج السلبية.


فالسكوت عن غياب حكيم زياش هناك، وكذلك أشرف بن شرقي، ونظرته العجيبة لـ«بدر بانون» بعيدًا عن الإصابة، وإصراره على أيوب الكعبي، وغيرها، ما هي إلا أخطاءً ارتكبها المدرب البوسني.