رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

المئوية الصامتة ... 100 سنة كورة بدون لوائح ثابتة (2-8)

اتحاد الكرة
اتحاد الكرة


 

قديما قالوا أن القوانين والدساتير هى أساس بناء الحضارات، خاصة عندما يصل الأمر لتقديس هذه القوانين ووضع لوائح ثابته تسرى على الكبير قبل الصغير، دون محاباة أو مجاملة، وتظل المصلحة العامة هى الهدف والمعيار الذى تسير من أجله كل الامور .

لكن الأمر مختلف تمامًا فى مصر، لاننا نرفع دائما شعار "الدفاتر دفاترنا والورق ورقنا" على ذكر الراحل حسن البارودى فى فيلم الزوجة الثانية، حتى باتت هذه المقولة دستوراً يمشى على الأرض فى كل زمان ومكان، يمنح أصحابه حق تعديل القوانين وصياغة اللوائح التى تتوافق مع مصالحهم الشخصية، دون الوضع فى الإعتبار للمصلحة العامة .


  لائحة ملاكى فى الجبلاية

عرفت الجبلاية اللوائح الملاكى منذ القدم، حتى بعد أن وصل اتحاد الكرة لمئويته فى عام 2021، لم نجد هناك لوائح ثابته، بل يتم تغييرها بشكل سنوى وفقًا للأهواء، وقد يتم تعطيلها فى بعض الأحيان من أجل عيون الأهلى أو الزمالك، دون مراعاة لمبدأ تكافؤ الفرص أو أحقية الاندية الأخرى فى جزء قليل من العدالة .

ولعل ما حدث خلال أخر اجتماع لعمومية اتحاد الكرة فى مشروع االهدف قبل عدة أيام هو أبرز مثال على اللوائح الملاكى، بعدما رضخ مسئولو اتحاد الكرة لرغبة أعضاء الجمعية العمومية فى تعديل بعض بنود اللائحة الجديدة التى تم اعتمادها قبل عام واحد ولم تفعل حتى الان .




وشهد اجتماع الجمعية العمومية الغير عادية بحضور ممثلين عن ١١٠ ناد،  إجراء عدة تعديلات فى مقدمتها إجراء انتخابات مجلس إدارة اتحاد الكرة بنظام القائمة المغلقة، وتخفيض العدد المطلوب للدعوة لانعقاد الجمعية العمومية غير العادية ليكون 25% بدلا من 50%.، وتكليف لجنتي الانضباط والاستئناف بالاتحاد بتولي إدارة العملية الانتخابية بدلًا من اللجنة الثلاثية، وتطبيق بند الـ8 سنوات على أعضاء مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم السابقين، وأخيرا  إجراء تعديل في شروط الترشح يتيح الفرصة للترشح لكل من له خبرة في مجال كرة القدم دون حصرها في "اللاعبين والحكام والمدربين السابقين وأعضاء مجلس الإدارة"  ، وفى النهاية وافق الفيفا على جميع التعيدلات باستثناء لجنة الإشراف على الانتخابات.


 صراع اللوائح منذ فجر التاريخ

لم تكن أزمة تغيير اللوائح أو تعطيلها وليدة العقود الأخيرة فى تاريخ اتحاد الكرة، بل يعود الامر إلى عقود ماضية منذ خمسينات القرن الماضى، بهدف إرضاء الأهلى تارة، واحتواء الزمالك تارة أخرى، دون أدنى محاولة لفرض نظام قائم، وتطبيق اللوائح على الجميع من أجل مستقبل أفضل للكرة المصرية عبر التاريخ.

وتكرر الأمر فى عدة مناسبات، كان قرار الأندية هو الأقوى بعد التهديد بالإنسحاب، وكان قرار اتحاد الكرة وقتها هو تعديل اللوائح أو تعطيلها، وفى بعض الأحيان الإلتفاف حولها للخروج من الأزمة .




ففي موسم 1954-1955 فاز الأهلي على الترام بثلاثة أهداف لهدفين في مباراة أقيمت قبل جولتين من نهاية مسابقة الدورى، وهي المباراة التي أدارها تحكيميا حسين إمام ، وشهدت أحداث شغب بعد إعتداء توني لاعب الترام على طلعت عبد الحميد لاعب الأهلي، ليعلن الحكم طرد لاعب الترام، لكن محمد حسن حلمي حامل الراية، طالب بطرد طلعت أيضا، وهو ما رفضه الحكم.

ولم يذكر حكم اللقاء الواقعة في تقريره، لكن حامل الراية رفع تقريرا لاتحاد الكرة يطالب فيه بمعاقبة طلعت، ليقرر اتحاد الكرة إلغاء نتيجة المباراة وإعادتها بملعب طنطا بدون جمهور، مع إيقاف طلعت مباراتين، وتوني لنهاية الموسم.

واعترض الأهلي على قرار اتحاد الكرة باتخاذ القرار بناء على تقرير حامل الراية، وبعد اجتماع لمجلس إدارة الأهلى برئاسة الأميرالاي عباس حلمي الغمراوي تقرر الانسحاب من عضوية الاتحاد المصري لكرة القدم بالإجماع.

بعد ذلك اجتمعت اللجنة العليا لاتحاد كرة القدم وأصدرت قرارات جديدة باعتماد نتيجة مباراة الأهلي والترام 3/2 لصالح الأهلي، والموافقة على قرار لجنة الدوري بوقف لاعب الترام تونى حتى نهاية الموسم، وإقامة مباراة الأهلي والأوليمبي في طنطا بدلاً من ملعب الأهلي، والموافقة على اقتراح عبد الرحمن أمين رئيس اللجنة الأوليمبية باعتبار خطاب استقالة النادي الأهلي من الاتحاد قائما لحين ورود خطاب آخر من النادي يلغى الخطاب الأول، لكن مجلس إدارة النادي الأهلي، رأى أن قرارات اتحاد الكرة لم تغير من الأمر شيئا، وبالتالي اعتبر المجلس أن قراره بانسحاب الأهلي من عضوية اتحاد الكرة لا يزال قائماً.

وردًا على قرار الأهلي، اتخذ اتحاد الكرة قرارًا عنيفًا بشطب الأهلي من سجلاته، وقام بتخيير لاعبيه بين الإنضمام لأندية آخرى أو الإيقاف، مع منح لاعبيه مهلة لمدة شهر من تاريخه لتحديد موقفهم، وعقد لاعبو الأهلي اجتماعًا بالنادي وقرروا تأييد مجلس الإدارة في القرارات التي اتخذها.

إلى أن انتهت الأزمة بإلغاء الموسم 54ــ1955، وكان الزمالك لعب مباراتيه الأخيرتين في الدوري ففاز على الترام 4-2 وخسر من الإسماعيلي بنفس النتيجة وتصدر الدوري برصيد 24 نقطة بفارق نقطتين أمام الأهلي الذي تبقت له مباراتيه أمام الأوليمبي والقناة، ويحتاج منهما 3 نقاط فقط للفوز بالبطولة، لكن الموسم لم يكتمل ولم يلعب الأهلي مباراتيه، وبالتالي لم يفز الأهلي بالبطولة ولم تحتسب للزمالك .

وتكررت الأزمة عام 1976 حيث كانت بطولة الدوري الممتاز في هذا الموسم تقام من مجوعتين، تصدر الأهلي مجموعته وانتظر بطل المجموعة الأخرى ليواجهه في مباراتين فاصلتين لتحديد بطل الدوري، وكانت المنافسة على صدارة المجموعة الثانية بين الزمالك وغزل المحلة، وكان المحلة متصدرًا مجموعته بفارق نقطة عن الزمالك الذي سوف يلتقيه في المباراة الأخيرة بالقاهرة، ويحتاج لنقطة واحدة للتأهل لمواجهة الأهلي.




أقيمت المباراة وتقدم المحلة بهدفين لهدف في أول 20 دقيقة، لكن جمهور الزمالك أحدث شغبًا، ملقيًا بالحجارة على أرض الملعب، ليتعرض عمر عبد الله جناح المحلة ونجم منتخب مصر لقطع في رأسه وتسيل دماءه، بعدها قرر الحكم محمد رزق شحاتة  إلغاء المباراة.

وقرر اتحاد الكرة، والذي كان وكيله حينها حسن عامر رئيس الزمالك، استكمال المباراة، الأمر الذي كان مخالفا للوائح كرة القدم حينها، والتي تنص على معاقبة النادي الذي يتورط جمهوره في مخالفة، ليحتج المحلة على قرار اتحاد الكرة فيما اكتفى الأهلي بإبداء استياءه.

مع احتجاج المحلة تمسك اتحاد الكرة بقراره لينحسب المحلة من البطولة ويتضامن معه الأهلي والذي كان يرأسه في ذلك الوقت الفريق عبد المحسن مرتجي، بعدها قرر اتحاد الكرة إلغاء المباراة وإلغاء الدوري، ليقرر الأهلي إيقاف النشاط وعدم التعامل مع اتحاد الكرة.




وقتها اتخذ اتحاد الكرة موقفًا عنيفًا ضد الأهلي بمنح لاعبيه أحقية الإنتقال لأندية الدوري، حينها ثار جدل كبير، دفع عبد الحميد حسن وزير الرياضة في ذلك الوقت لاستصدار قرار بتشكيل لجنة محايدة لدراسة القضية، قبل أن توصي اللجنة بإعتبار الزمالك مهزومًا 2-0، ليخوض المحلة مباراتيه الفاصلتين أمام الأهلي ويتوج الأهلي بطلًا للمسابقة.

ومع ذلك اعترض الزمالك على قرار اللجنة وانسحب من بطولة كأس مصر في هذا الموسم، كنوع من الإحتجاج على قرار اتحاد الكرة، ولم يتم معاقبته على هذا الأمر .

وفى عام 1988 كانت المنافسة تنحصر بين الأهلي والزمالك على لقب الدوري، وكان الأهلي في مواجهة مع المحلة قبل 3 جولات من نهاية الموسم، حينها تقدم المحلة بهدف، واحتسب حكم اللقاء ركلة جزاء للأهلي في الدقيقة الأخيرة، لكن لاعبو المحلة احتجوا ضد قرار الحكم لتتوقف المباراة، وبعد شد وجذب قام الحكم باستطلاع رأي الديبة مراقب المباراة، ورأي مساعده، قبل أن يتراجع ويلغي ركلة الجزاء.

رفض لاعبو الأهلي بعدها استكمال المباراة ليطلق الحكم صافرته، لكنه لم يعلن إذا كان قد ألغى المباراة أم أنهاها، بعدها اعتبر اتحاد الكرة الأهلي خاسرا 1-0 ما يعني أن الحكم أنهى المباراة ولم يلغها.

وبناءًا عليه رفض الأهلي برئاسة صالح سليم حينها قرار اتحاد الكرة معلنًا تجميد النشاط، ليتدخل عبد الأحد جمال الدين وزير الرياضة ويعلن حل مجلس ادارة اتحاد الكرة وتعيين مجلس جديد برئاسة إبراهيم الجويني، وتشكيل لجنة لدراسة الموضوع.

عقوبات متفاوتة



بعيدًا عن اللوائح المنظمة لاتحاد الكرة على مدار التاريخ، هناك أزمات صغيرة تتمثل فى العقوبات التى يتم توقيعها على اللاعبين نتيجة بعض التصرفات خلال مباريات الدورى الممتاز ، والتى تكون دائمًا متفاوته دون معيار موحد، وكأنها يتم توقيعها وفقًا لوجهة النظر وليس بناءًا على لوائح وبنود ثابته فى لائحة المسابقات .



الأمر تكرر فى العديد من المناسبات، لعل أبرزها ما تعرض له محمود عبد الرازق شيكابالا لاعب الزمالك الذى تم إيقافه لمدة 8 أشهر كاملة تم تخفيضها إلى 8 مباريات، مقابل إيقاف محمود عبد المنعم كهربا 8 مباريات وتم تخفيضها إلى 4 مباريات، برغم أن التصرف الذى قام بها شيكابالا هو نفس التصرف الذى قام به كهربا وهو الإشتباك مع مسئولى اتحاد الكرة .