بين صفعة ميدو وتغيير قانون الكرة.. 5 محطات بحياة محمود الجوهري فى ذكرى رحيله
ما أعظم أن تكون غائبًا حاضرًا، على أن تكون حاضرًا غائبًا؛ مقولة تتردد كثيرًا بين ألسنتنا، إشارة إلى أهمية أن تبقى تخلد ذكراك في أذهان المقربين منك، وأصدقائك حتى بعد وفاتك.
هو ضابط عشق تراب الوطن، ودافع عنه بكل مايملك من روحه ودمه، تدرج في رتب ظباط الجيش إلى أن وصل لرتبة «المقدم»، تجرع مرارة الهزيمة واقتادته جينات جده، سيف الله المسلول؛ خالد بن الوليد، ليصل وزملائه بمصر إلى حلاوة النصر واسترداد الأرض بكل قطرة من دمائهم الغالية، وواصل الزود عن وطنه إلى أن وصل لرتبة «عميد».. ثم انتقل لرفع اسم مصر عاليًا ولكن هذه المرة على المستطيل الأخضر.. هو محمود الجوهري، أحد أفضل مدربي الكرة المصرية عبر عصورها.
وتحل اليوم الذكرى التاسعة لوفاة محمود الجوهري، المدير الفني السابق للمنتخب الوطني، ومنتخب الأردن؛ والمدير الفني لاتحاد الكرة المصري؛ ويرصد «الكابتن» مواقف من مسيرة الجوهري التدريبية.
محمود الجوهري من مواليد 20 فبراير من عام 1938؛ وبدأ مسيرته في النادي الأهلي ودافع عن ألوانه لمدة 6 سنوات؛ ثم اعتزل مبكرًا بسبب تعرضه لإصابة بقطع في الرباط الصليبي، لتبدأ مسيرته التدريبية الحافلة.
تمرد لاعبي الأهلي
رغم المعروف عنه بالتزامه العسكري الشديد، واهتمامه بمدى الانضباط؛ إلا أن محمود الجوهري كان بطلًا لواحدة من أكبر قصص التمرد في تاريخ الكرة المصري.
القصة بدأت في عام 1985، عندما قرر مجلس إدارة النادي الأهلي؛ شطب محمد عباس، لاعب الفريق؛ لعدم انضباطه، وتغيبه عن السفر لمعسكر ألمانيا؛ وصدر القرار وقت إقامة المعسكر.
عقب عودة الجوهري من ألمانيا، أبدى استيائه من قرار الإدارة لأنهم لم يشركوه في القرار بصفته المدير الفني؛ وقدم استقالته ليثير أزمة تاريخية رسخت أهم مباديء إدارات الأهلي عبر عصورها، وهي أنه لا أحد فوق النادي.
16 من أهم لاعبي الأهلي تضامنوا مع مدربهم، ورفضوا التدرب مع الفريق قبل مواجهة الزمالك ببطولة كأس مصر؛ ليأتي قرار مجلس الإدارة بإيقافهم؛ وتصعيد فريق تحت 21 عامًا ليلعب المباراة، وبالفعل فاز الأهلي على الزمالك بهدفين دون رد.
حلم المونديال
تولى محمود الجوهري، تدريب المنتخب الوطني في عام 1988؛ وخاض التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم 1990 بإيطاليا؛ واستطاع قيادة الفراعنة للتأهل المونديالي الثاني في تاريخهم، بعدما فاز على الجزائر في القاهرة بهدف حسام حسن.
واجه المنتخب الوطني، منتخب هولندا في أول مباراة بالبطولة، واستطاع خطف نقطة التعادل، بهدف لكل فريق؛ بركلة الجزاء الشهيرة لمجدي عبد الغني؛ ثم تعادل سلبيًا مع أيرلندا؛ وخسر في المباراة الأخيرة أمام منتخب انجلترا.
كما قاد الجوهري المنتخب الوطني للفوز ببطولة كأس الأمم الإفريقية 1998 في بوركينا فاسو؛ بعد هزيمة منتخب جنوب إفريقيا في المباراة النهائية بهدفين دون رد.
هذه البطولة رسخت ثنائية من أفضل الثنائيات في كرة القدم المصرية، وهي ثنائية حازم إمام وحسام حسن؛ بعد أن قدم الثنائي أداءً هجوميًا وتناغمًا باهرًا في الأداء سويًا.
تغيير قانون الكرة
مباراة مصر وأيرلندا شهدت واقعة غيرت قانون كرة القدم؛ إذ اعتمد لاعبو المنتخب المصري على تضييع الوقت عن طريق تمرير الكرة من الدفاع إلى الحارس، أحمد شوبير، آنذاك، ليمسكها بيده ثم يمررها لهم وهكذا؛ مما أثار غضب مدرب المنتخب الأيرلندي آنذاك، ليقول: "لقد كرهت كرة القدم، مادام المصريون لايريدون لعب الكرة، لماذا أتوا إلى هنا؟".
تلك اللقطة أجبرت الاتحاد الدولي لكرة القدم على تغيير لوائحه، ومنع حارس المرمى من الإمساك بالكرة الممررة له من زميله مباشرة، وفي حالة إمساكه لها تحتسب ركلة حرة غير مباشرة.
صفعة أحمد حسام ميدو
لم تكن واقعة انفعال أحمد حسام ميدو، مهاجم المنتخب الوطني السابق، على حسن شحاتة، المدير الفني السابق للمنتخب في بطولة كأس أمم أفريقيا 2006 هي الأولى من نوعها للاعب المتمرد.
مباراة مصر والجزائر 2001، شهدت غضب أحمد حسام ميدو، مهاجم المنتخب الوطني آنذاك، على محمود الجوهري؛ المدير الفني للمنتخب الوطني.
ويقول أحمد حسام ميدو عن تلك الواقعة: "تعاملت مع الجوهري في تلك المباراة بغضب شديد؛ تعاملت معه بحدة وقلة آدب، وفقًا لوصفه؛ والكابتن جوهري نظر لي بجانب عينه دون الحديث معي، وتركت الملعب ورحلت".
وتابع: "عقب وصولي للمنزل هاتفني سمير عدلي، المدير الإداري للمنتخب؛ وقال لي إن الجوهري يريد أن يراني وبالفعل ذهبت لهناك".
ويواصل أن الجوهري بمجرد دخول ميدو للمكتب، قام من مكانه وصفعه على وجهه ووجه له الشتائم وقال:" أنا محمود الجوهري مايتعملش معايا كده"، مضيفًا أنه تجاهل الأمر في الملعب، ولكنه لن يسمح بذلك مرة أخرى؛ وقال لميدو: "ستسافر لناديك، وستعود في الشهر المقبل لدينا مباراة أمام السنغال، أنت ستشارك وستمنحنا الفوز، وبالفعل هو ماحدث".
تاريخ النشامي
قاد محمود الجوهري، المنتخب الأردني لكرة القدم في الفترة بين عامي 2001، و2007، وصنع طفرة في تاريخ كرة القدم الأردنية.
نجح الجوهري في الوصول بـ«النشامي» وهو لقب منتخب الأردن، إلى بطولة كأس الأمم الآسيوية للمرة الأولى في تاريخهم بعام 2004؛ ولم يكتف بذلك بل قادهم للمربع الذهبي للبطولة، وخسر أمام اليابان بركلات الترجيح، ليصل الأردن للمركز 37 في التصنيف العالمي للمنتخبات.
كما حقق المركز الثالث في بطولة كأس العرب، ووصيف بطولة غرب آسية؛ ليحصل على وسام العطاء المتميز من ملك الأردن في نهاية مسيرته مع المنتخب؛ بعد أن وضع لهم أسسًا احترافية للمنتخب وللكرة الأردنية في كل مراحلها السنية.