رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

جريليش ودى بروين.. مزيد من الكرة الاستثنائية والهجوم اللانهائى

جريليش ودي بروين
جريليش ودي بروين

أثار تعاقد مانشستر سيتي بشكل رسمي مع جاك جريليش، صانع ألعاب المنتخب الإنجليزي، في صفقة قياسية؛ التساؤلات حول مدى حاجة الفريق لصانع ألعاب في وجود لاعب بحجم البلجيكي كيفن دي بروين، صانع ألعاب الفريق.

كيفن دي بروين صنع 107 أهداف، في 262 مباراة لعبها رفقة الستيسنز منذ انتقاله لصفوف الفريق من فولفسبورج في صيف 2015، إذًا، هل هناك حاجة للتعاقد مع صانع ألعاب آخر؟ وكيف سيوفق بيب جوارديولا بينه وبين جاك جريليش في تشكيل مانشستر سيتي؟ هذا ماسيجيب عنه «الكابتن» في التقرير الآتي.

قبل الإجابة عن أي سؤال مما سبق، لنتحدث قليلًا عن وسط ملعب مانشستر سيتي، وقناعات جوارديولا في مسألة اللعب على دائرة المنتصف.

خلال الموسم الماضي، اعتمد بيب جوارديولا على وجود إلكاي جندوجان كأحد أطراف مثلث وسط الملعب، ومن المعروف عن الألماني إتقانه الأدوار الدفاعية، ولأن بيب يفاجئنا كل مرة بخدعة جديدة وحل مبتكر لتسجيل الأهداف، رأينا جندوجان يدخل إلى مركز المهاجم الوهمي، ليتحرك في المساحة العمياء بالنسبة لوسط ملعب الخصم، وهي التي تعرف أيضًا بما بين الخطوط.

كيف يحدث ذلك؟ في أغلب فترات الموسم الماضي، لعب بيب جوارديولا، بطريقة اللا مهاجم، نعم لايوجد شيء في كرة القدم يسمى بهذا الاسم، ولكن دعنا نعتمده كتبسيط لفكرة المهاجم الوهمي، والتي تقوم على الدفع بأحد لاعبي وسط الملعب أو صناع اللعب في الثلاثي الهجومي الأمامي، مع بعض الأدوار المركبة لهذا الثلاثي بالتبادل في الأدوار أثناء المباريات؛ فيخرج دي بروين يمينًا تارة ويدخل بدلًا منه محرز، ويسارًا تارة أخرى ليدخل ستيرلينج أو فودين. 

الأكثر من ذلك أن إلكاي جندوجان، لاعب وسط الملعب والمنوط به تقديم الأدوار الدفاعية، كان هو من يدخل إلى منطقة الجزاء، قادمًا من المساحات الخلفية دون مراقبة في مساحات عمياء بين خطوط الخصم، أول ما سيخطر إلى بالك أن أحد لاعبي وسط الخصم عليه التحرك لمراقبته وإنهاء الثغرة قبل أن تبدأ؟ لكن خدعة جوارديولا دائمًا ما تكون ذات أكثر من جانب.

مانشستر سيتي في حالته الهجومية يعتمد على تطبيق أسلوب الضغط العالي، ففي حالة امتلاكه الكرة يتحرك الفريق ككتلة واحدة إلى منتصف ملعب الخصم، وتبدأ عملية الترحيل، الظهيران على جانبي الملعب، وصانع الألعاب في المساحة أمام المنطقة وبجواره لاعبي الوسط، والجناحين والمهاجم في قلب منطقة الجزاء، إذًا تحرك لاعب واحد من المنظومة الدفاعية لخصم جوارديولا في لقطة واحدة يعني ضربة قاضية من بيب لأن الحركة الواحدة في تفكير بيب يترتب عليها حركة فريق بأكمله.

إلكاي جندوجان، سجل 17 هدفًا في الموسم الماضي بكل في 46 مباراة خاضها رفقة الستيسنز بكل المسابقات، وصنع 5 لزملائه؛ من بينهم 13 هدفًا بالدوري الانجليزي ليتصدر ترتيب هدافي الفريق، كل هذا وهو متوسط ميدان دفاعي.

بنظرة بسيطة لمخططين حراريين لهدفين للستيسنز في مرمى برايتون ألبيون، ونيوكاسل يونايتد؛ نرى وجود جندوجان داخل منطقة الجزاء، في مركز المهاجم الصريح، متحررًا من كل الضغط أو عوامل المراقبة، لأن الجميع مشغول بمراقبة دي بروين وستيرلينج وفودين ومحرز.


ما علاقة كل هذا بجريليش ودي بروين إذًا؟

لم نخرج عن الموضوع إنما ما سبق هو مجرد شرح مبسط لبعض من أفكار بيب جوارديولا عن أهمية لاعب وسط الملعب الدفاعي في العملية الهجومية وطريقة تحويله لهداف للفريق.

نحن أمام تصورين، أو ما آلت عليه عقولنا غير الاستثنائية، لكن لا أحد يعرف كيف يفكر جوارديولا.

التصور الأول، هو إعادة الفريق لطريقة الـ"4-1-4-1"، والاعتماد على رودري أو جندوجان في وسط الملعب الدفاعي، والدفع بكيفن دي بروين بجواره في مركز الارتكاز  أو الـ"box to box"، وإسناد أدوار الخروج بالكرة من المنتصف الخلفي إلى الأمامي من الملعب وتسلم الكرة من خط الدفاع، وتحويل اللعب ناحية مرمى الخصوم.

والارتكان على جندوجان بشكل خاص في الأدوار الدفاعية، والتي لم يغفلها في الموسم الماضي؛ فعلى مستوى منافسات الدوري الإنجليزي أتم جندوجان 60% من تزحلقاته على الكرة بشكل ناجح، واسترجعها في 132 مرة وفاز بـ89 صراعا هوائيا.


لكن أن تتخيل عزيزي القارئ أن هذه الأرقام الدفاعية خاصة بهداف الفريق وليس متوسط الميدان الدفاعي فقط!

على الجانب الآخر، ستسند أدوار صانع الألعاب الصريح إلى جاك جريليش، بمنحه أدوارا مركبة بين صناعة اللعب، والخروج على أحد الجناحين ومنح الجناح حرية الدخول لقلب منطقة الجزاء، وتحرك دي بروين للمساحة أمام المنطقة فيصبح هو صانع الألعاب، وجريليش يتحول إلى الجناح.

وربما يفكر بيب في تثبيت جريليش في أدوار صناعة اللعب واستغلال قدراته المهارية في خلخلة دفاعات الخصوم، ومنح دي بروين المساحة للتحرك في قلب منطقة الجزاء والحصول على فرصة أفضل للتهديف؛ خاصة بعدما أظهر بيب اقتناعه الكامل بأسلوب المهاجم الوهمي للسيتي.

أما التصور الثاني، وهو تثبيت بيب جوارديولا خطة الـ"4-3-3" والتي اعتمد عليها في أغلب فترات الموسم الماضي.

في الموسم الماضي، اعتمد جوارديولا على دي بروين في مركز المهاجم الوهمي، مع إطلاق الحرية للثلاثي الأمامي للتحرك فيما بينهم وتبادل المراكز  بحثًا عن المساحة التي يتمكن من خلالها جندوجان من الدخول إلى منطقة الجزاء، دون مراقبة ليسجل الأهداف، وهو ما تظهره الخرائط الخاصة بأهداف الفريق وتحركات اللاعبين.

ولكن وجود جريليش قد يغير من بعض المراكز؛ إذ إن تراجع المستوى البدني لفيرناندينو، قد يضع جوارديولا أمام خيار مميز بوضع دي بروين بوسط الملعب بجوار جندوجان، وخلفهما رودري وزيادة الحلول الهجومية للفريق، وكذلك مضاعفة فرص السيطرة على وسط الملعب وتحول اللعب بسرعة في ظل وجود دي بروين لفترات أطول في مناطق الخروج بالكرة وبناء اللعب.

وهنا يأتي دور جريليش، ففي حالة استمرار جوارديولا على خطة المهاجم الوهمي، يمكن الدفع برحيم ستيرلينج إلى مركز المهاجم الصريح، ووضع جريليش على الجناح الأيسر ويمينًا يأتي رياض محرز.

إجادة جريليش الأدوار المركبة بين صانع الألعاب والجناح، مع المنتخب الإنجليزي، ومع أستون فيلا؛ تزيد من فرص تطبيق التصور الثاني لدى جوارديولا، لأن طريقة لعب المدرب الإسباني في الموسم الماضي اعتمدت بشكل كبير على السيطرة على الكرة، والضغط على المنافس وبنفس الوقت عدم المخاطرة بوضع الفريق في موقف ضعف حال فقدان الكرة.

ولكن هل سينتهج جوارديولا أحد هذين التصورين؟ أو دعنا نسأل السؤال بشكل صحيح، هل توافقت عقولنا البسيطة مع الرجل الاستثنائي الذي لا يعرف أحد ما يجول برأسه؟ عليك الانتظار 4 أيام فقط لترى ذلك.