رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أسقط مدربو المنتخبات الكبرى أنفسهم في «يورو 2020»؟

ديديه ديشامب
ديديه ديشامب

شارفت بطولة أمم أوروبا على النهاية، وتقلصت المنتخبات المشاركة في البطولة إلى 8 منتخبات فقط، بعدما وصلنا لمحطة الدور ربع النهائي؛ والذي ستنطلق مبارياته يوم الجمعة المقبل.

 

ولم يشهد دور الـ16، سوى مفاجأتين، بتأهل المنتخب التشيكي على حساب منتخب هولندا، وكذلك صعود منتخب سويسرا على حساب منتخب فرنسا.

كما خسر المنتخب البرتغالي أمام نظيره البلجيكي، وكذلك ودع
 منتخب ألمانيا البطولة على يد منتخب انجلترا.

 

ويحلل «الكابتن» لماذا ودعت تلك المنتخبات البطولة؟

ديديه ديشامب.. يورو لاتُلعب بـ«البلاي ستيشن»

منذ انطلاقة دور المجموعات، ورغم امتلاكها العديد من العناصر المميزة، ولم تقدم فرنسا الأداء المنتظر منها كبطل للعالم، أو كأقوى قائمة لاعبين في المنتخبات المشاركة بالبطولة.

وظهرت سلبية أداء ديديه ديشامب، المدير الفني لفرنسا، من الأدوار الأولى للبطولة، إذ جعل الاعتماد بشكل أكبر على الإمكانيات الفردية للاعبيه؛ وخاصة في الناحية الهجومية، والتي كان أغلب الاعتماد فيها على تمريرات بول بوجبا، ورؤيته في وسط الملعب؛ وترك الواجبات الدفاعية بخط الوسط لنجولو كانتي.

وبدى ديشامب كأنه اعتكف قبل البطولة على لعبة كرة القدم الافتراضية بجهاز اللعب والتحكم عن بعد "بلاي ستيشن"، ولم يفكر في أي خطة للفريق؛ وترك الاعتماد كله على المهارات الفردية.

وظهر المنتخب الفرنسي بأداء باهت في المباراة الأولى ضد ألمانيا، رغم امتلاكه عناصر هجومية على مستوى عالٍ، يكفي أن نقول أن قلبي هجوم فرنسا في هذه المباراة كانا كيليان مبابي، مهاجم باريس سان جيرمان، وكريم بنزيما، مهاجم ريال مدريد.

وعلى الرغم من كل تلك القدرات الهجومية؛ إلا أن المباراة الأولى بشكل خاص أظهرت ضعف ديشامب التكتيكي، واستمر في مباراتي المجر والبرتغال.

اعتماد ديشامب على المهارات الفردية للاعبيه، دون أن يتدخل بأي شكل أو حتى يحاول تحفيظ اللاعبين لبعض الخطط التكتيكية، والتحركات داخل الملعب، لاستغلال سرعات مبابي، وقوة بنزيما الهجومية؛ وكذلك عدم وجود شكل واضح للفريق، إذ أنه لم يلعب بشكل واضح، فلم يحاول الاستحواذ على الكرة وحرمان الخصم من بناء الهجمات، وكذلك لم يحاول ركن الباص، والاعتماد على الهجمات المرتدة.. كأنهم فريق بلا مدرب.

فرناندو سانتوس.. كفاك عبثًا بكرة القدم

منتخب البرتغال هو الآخر لم يقدم الأداء المطلوب منه في الدفاع عن لقبه؛ وواصل فرناندو سانتوس، المدير الفني للفريق الاعتماد على الارتكان للدفاع والتحولات الهجومية السريعة.

ولكن هذه المرة القدرات الدفاعية لفريقه لم تسعفه، اللهم إلا بيبي، صاحب الـ38 عامًا، والذي قدم بطولة من الأفضل في مسيرته.

واعتمد فرناندو سانتوس على التحول بالفريق من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية، معتمدًا على انطلاقات كريستيانو رونالدو، وقدرة بيرناردو سيلفا على إيجاد المساحات للتمرير لزملائه بين مدافعي الخصم؛ ولكنه لم يلحظ طوال البطولة وجود جواو فيليكس بجواره على دكة البدلاء، ولم يشركه إلا في مباراة بلجيكا الأخيرة.

إذا كنت تريد الاعتماد على التحولات، وتملك لاعبًا بسرعة جواو فيليكس، ويجيد التحرك داخل منطقة الجزاء، وإرباك الدفاعات، بجانب امتلاكه ميزة التسديد من خارج منطقة الجزاء، وقدراته المهارية في العبور بموقف الـ1-1، ولا تشركه؛ فأنت لديك مشكلة في عقلك!

وجود جواو فيليكس في تشكيل البرتغال كان سيضفي العديد من المميزات عليها؛ وأبرزها دخوله لمنطقة الجزاء وتأديته أدوار المهاجم الثاني، وسحب أحد مدافعي الخصم معه لمراقبته، لتسهيل مهمة كريستيانو رونالدو داخل المنطقة.

 كما أفقد سانتوس فريقه كثيرًا بإجلاسة ريناتو سانشيز بديلًا في أغلب المباريات، خاصة أن اللاعب أثبت قدراته في أكثر من مباراة شارك فيها بديلًا، وجاب الملعب يمينًا ويسارًا يقطع الكرات وينقل الفريق من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية.

ويجيد سانشيز التحول في الملعب من مركز وسط الملعب إلى الجناح، وكذلك يمتلك قدرًا لابأس به من السرعة، بالإضافة إلى قدرته على التسديد من مسافات بعيدة، والتحكم في أسلوب اللعب والخروج بالكرة من حالة الضغط.

كل هذه العوامل تكاتفت مع هبوط مستوى كريستيانو رونالدو، نجم البرتغال الأول، والذي لم يقدم المنتظر منه في بطولة قد تكون الأخيرة له مع بلوغه سن الـ36، فرغم احتلاله صدارة هدافي البطولة إلا أن رونالدو خذل مشجعي البرتغال في يورو 2020.

يواكيم لوف.. ألمانيا تسألك الرحيل

المنتخب الألماني ظهر بأداء باهت أكثر مما قدمه في نسخة كأس العالم الماضية "روسيا 2018"؛ وكأن يواكيم لوف أراد أن يضع حفنة من التراب على مسيرته الذهبية مع المانشفت، والتي انتهت بنهاية منافساتهم في البطولة، في انتظار تقديم هانس فليك، مديرًا فنيًا لألمانيا.

يواكيم لوف اعتمد في يورو 2020 على ثلاثية قلب الدفاع، والتي تعتبر في تكتيك كرة القدم واحدة من أكثر الخطط المتطلبة، والتي تشترط وجود لاعبين ذوي إمكانيات خاصة لتأدية أدوارها؛ وبالأخص في مركز الظهيرين.

وتتطلب تلك الخطة وجود لاعبين بمركز الظهيرين أصحاب قدرات بدنية عالية، وكذلك يمتلكون القدرة على الدخول في عمق الملعب وإحداث الخطورة على دفاعات الخصم من خلال انطلاقاتهم على جانبي الملعب، والتي تسمح لأجنحة الفريق بالدخول إلى منطقة الجزاء ومنح الفريق أفضلية عددية للمهاجمين على دفاع الخصم.

اعتماد يواكيم لوف على وجود جوسينس في مركز الظهير الأيسر في تلك الخطة، لم يأت بقوته؛ خاصة أن العيب الأول والأكبر في ثلاثية الدفاع الخاصة بالمانشفت هو البطء، إذ أنه لايملك أي منهم سرعة تمكنه من التغطية على انطلاقات الظهير، وهو ماسبب العديد من المشاكل لألمانيا في مباريات البطولة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في حالة عدم وجود لاعبين على الرواقين يمتلكون السرعة والقدرة على الركض في الملعب ذهابًا وإيابًا وتغطية المساحات، كان من الأفضل الدفع بأحد الجناحين ليروي ساني، وسيرجي جنابري ومنحهم أدوار دفاعية متقدمة بالعودة أثناء افتقاد الفريق للكرة وتغطية المساحات.


كما أن الجانب الهجومي لألمانيا لم يكن في أفضل حالاته؛ خاصة في ظل تحول توماس مولر، من مركز المهاجم إلى مركز صانع الألعاب أو المهاجم المتأخر خلال السنوات الماضية؛ فمثلًا نسخة مولر بعام 2013، كان بإمكانه أن يصبح هداف تلك النسخة، وعلى الرغم من إدراك لهذا الأمر إلا أنه فضل الدفع به في مركز المهاجم، وكان من الأفضل الدفع بتيمو فيرنر بجواره وتحرير مولر في المربع الأخير لملعب الخصم.

فرانك دي بور.. ممفيس ديباي ليس سوبر مان


المنتخب الهولندي رغم تحقيقه العلامة الكاملة في دور المجموعات، والانتصار على كل فرق مجموعته، إلا أنه افتقر للعديد من العوامل أهمها خبرة المدرب.

فرانك دي بور لم يشارك في بطولات كبرى من قبل كما أنه لم يشرف على أي فريق كبير؛ اللهم إلا إنترناسيونالي الإيطالي ولم يستمر فيه سوى 3 أشهر فقط.

واعتمد دي بور في أداء المنتخب الهولندي على انطلاقات ممفيس ديباي، وقدراته على العبور من مدافعي الخصوم، وكذلك امتلاك فرانكي دي يونج القدرة على التحكم في إيقاع اللعب وتوزيع الكرات لزملائه في الهجوم، وكذلك الأداء الجيد لدومفريس في البطولة.

كما حاول دي بور تقليد يورجن كلوب، المدير الفني لليفربول، في بعض المباريات، إذ اعتمد كلوب في بعض الأوقات على تحرير جورجيني فينالدوم، ومنحه أدوار هجومية في الدخول لمنطقة الجزاء كمهاجم متأخر، بالاعتماد على أن قدومه من وسط الملعب سيجعله بعيدًا عن مراقبة الدفاع؛ ولكن مع تقدم فينالدوم بالعمر، وعدم وجود شكل واضح للمنتخب الهولندي، سقط بسهولة أمام منتخب التشيك؛ في ظل التذبذب الدفاعي الواضح الذي ظهروا عليه في دور المجموعات، ولكن انطلاقات ديباي أخفته بالأهداف.