رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

سرجيو راموس.. بات مان الذى تستحقه مدريد ولا تحتاجه!

سرجيو راموس
سرجيو راموس

«إنه البطل الذي تستحقه جوثام ولكن ليس الذي تحتاجه الآن، لذا سنطارده ونهاجمه لأنه يستطيع تحمل ذلك، هو حارس صامت، حامي لا يغفل، إنه فارس الظلام».

هكذا اختتم الأخوان كريستوفر وجوناثان نولان سيناريو فيلم بات مان ذا دارك نايت، في وصف شخصية بات مان، والذي وافق على أن يكون منبوذًا من  سكان مدينة جوثام لأجل أن تعيش المدينة أطول فترة دون أن تتلوث سمعة هارفي دينت، المدعي العام لها، بعد الجرائم التي ارتكبها بتحريض من شخصية الجوكر.


قد يبدو لك الحديث غامضًا لكن هل فكرت قليلًا في لاعب يتحمل الانتقادات والهجوم من جماهير ولاعبي المنافسين وجماهير فريقه أحيانًا صامتًا ثم يخرج ويجمع الفريق من حوله مجددًا ويحمل البطولات وظهره مرشق بسهام الانتقادات..  دون مزيد من الغموض هو سرجيو راموس، حارس مدريد الصامت، حامي قلاع برنابيو، وقائد خط دفاعه الأول.

وأعلن نادي ريال مدريد الإسباني رحيل سرجيو راموس، قائد الفريق، بعد 16 عامًا قضاها داخل سانتياجو برنابيو، ويعيد «الكابتن» نشر هذا التقرير.


بطل تستحقه ولا تحتاجه

كمثل ماحدث مع شخصية بات مان، والتي أداها بين أفليك، وانهالت عليه الانتقادات طوال القصة من سكان مدينته، وألقوا عليه اللوم في كل مايحدث لهم وكل مايرتكبه الجوكر من جرائم  في المدينة معتبرين أنه من جلب عليهم كل هذا الجنون، رغم أنه كان يحمي المدينة  وحارسها الذي لا ينام.

سرجيو راموس، طوال فترته داخل نادي ريال مدريد اتخذ على عاتقه مسئولية الدفاع عن ناديه، دون أن يضع بالًا أو يفكر بما سيقال عنه من الجماهير أو الخصوم أو الصحافة.

انتقادات كثيرة تلقاها، وصلت أحيانًا إلى حد الإهانات، لكنه كان دومًا يخرج بفريقه إلى تحقيق البطولات.


سواء أحببت ذلك أم لا، اتفقت أم اختلفت مع الطريقة التي فاز بها مدريد بالبطولات الأوروبية الأربعة الأخيرة في آخر 5 سنوات، إلا أن راموس كان أحد العوامل الرئيسية في تحقيق كل تلك البطولات.

سرجيو راموس حقق 20 بطولة في 14 عامًا مع النادي الملكي، بواقع أربع بطولات لدوري أبطال أوروبا، و4 بطولات للدوري المحلي، وبطولتان لكأس ملك إسبانيا، و3 بطولات لكأس السوبر المحلي، و4 ألقاب لكأس العالم للأندية،  و3 بطولات للسوبر الأوروبي.


سرجيو راموس لم يعد يقدم مستواه المعهود مع الفريق، بل باتت الأمور من سيئ إلى أسوأ، والعمر يمر به، الآن هو البطل الذي لم يعد ريال مدريد في حاجة له بالملعب، ولكن الفريق مازال بحاجة له كقائد وحام للفريق، ولكن هل سيستطيع دي ليخت، أو أي من المرشحين للانضمام للملكي، أن يعوض الشخصية التي امتاز بها الإسباني، ويحكم سيطرته على الفريق.


لأن الهجوم خير وسيلة للدفاع

"هناك مدافعون يمتلكون قدرات فنية غير عادية ، وهناك مدافعون أصحاب مهارات دفاعية وفي مواقف الرقابة مثل كانافارو، وهناك من يؤثر في فريق بأكلمه بشخصيته القوية، وراموس يقوم بكل ذلك، فهو أحد أكثر المدافعين تكاملًا من حيث الفنيات وقوة الشخصية، وقيادة الفريق"، هذا ماوصف به كارلو أنشيلوتي، المدير الفني السابق للملكي سرجيو راموس قائد الفريق.


راموس على رغم قوة شخصيته وتأثيره بالملعب، لم يقدم طوال فتراته نفس النوعية والمستوى على العشب، بل كان سببا في بعض الأوقات بخسائر للفريق الملكي.


لكن دعك من كرة القدم الآن، فليذهب التكتيك والخطط إلى الجحيم، راموس كان دائمًا على الموعد حينما يبدأ الفريق في السقوط، سواء باستغلاله لشخصيته داخل الفريق ونفوذه ولم شمل زملائه، أو بتصريحاته الصحفية والتي يبعد الضغط عن زملائه، بل أحيانًا يتلقى هو كل التهم وحده، ثم يعود الفريق مرة أخرى ويحقق البطولات.

حكاية تكررت  في الأعوام الماضية في أكثر من مرة، في كل مرة منذ عام 2014 يبدأ فيها الفريق في السقوط يتدخل راموس لتهدئة زملائه واستعادة التوازن في الفريق، ليحقق ريال مدريد منذ تلك الفترة 14 بطولة، كان الإسباني عاملًا أساسيًا فيها جميعًا.

الجمهور لن يذكر سوى الألقاب 

سرجيو راموس على قوة شخصيته جاءت قوته البدنية، وقوة أحلامه .. في ليلة نهائي دوري أبطال أوروبا بكييف في الموسم الماضي، ارتكب خطأً على محمد صلاح وأسقطه على كتفه ليخرج الأخير ويبتعد عن الملاعب قرابة الشهرين، ذلك الخطأ كان  سيكلفه  قضاء بضعة أشهر في السجن لو كان الأمر منظورًا أمام أحد القضاة.


ورغم مرور مايزيد عن 3 سنوات، إلا أن العالم مازال يتحدث عن تلك الإصابة، ولكن إلى متى سيظل الحديث عنها؟

بعد قرابة العشرة أعوام لن يتذكر العالم ماحدث لمحمد صلاح من سرجيو راموس، ولن يتذكروا أيضًا كيف تدخل القائد التاريخي للملكي على يانيك كاراسكو، لاعب أتلتيكو مدريد، في نهائي 2016، كما تناسى الجميع لقطة ماتيراتزي وزيدان في نهائي مونديال 2006، وتذكروا فقط كيف رفع الأزوري اللقب الأغلى الجمهور لايتذكر فقط سوى الألقاب والبطولات.


أما راموس، فهو اختار دومًا أن يكون الحامي غير المرغوب فيه، يقاتل من أجل الفريق واقفًا على أبراج قلعة سانتياجو برنابيو يحميها ويذود عنها أمام كل معتدٍ، تمامًا كما واصل الشخصية الخيالية، بات مان، حماية مدينة جوثام رغم كره سكانها له.