رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

مباريات غيرت التاريخ «4».. بلاكبيرن وأولد إيتونيانز.. عندما تسبب لاعب في تغيير كرة القدم

بلاكبيرن أول فريق
بلاكبيرن أول فريق للعمال يتوج بكأس الاتحاد الإنجليزي

كرة القدم هي أفيون الشعب كما يُقال، هي الملاذ الوحيد للترفيه عن النفس في شعوب كثيرة حول العالم، هي معشوقة الجماهير الأولى عالميًا.

« مباريات غيرت التاريخ» هو عنوان لسلسلة، نستعرض فيها على مدار أيام شهر رمضان المبارك، عددا من المباريات التي غيرت في تاريخ الساحرة المستديرة أو العالم أجمع.

ونستعرض، اليوم، قصة مباراة تعود لأكثر من 130 عامًا، وهي التي كانت سببًا في دخول عالم الاحتراف للساحرة المستديرة.

إنجلترا كانت وستظل مهد كرة القدم حول العالم، فمنها بدأت اللعبة، وكانت بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي هي أول بطولة لتلك الرياضة.

كرة القدم كانت لعبة للهواة، فلم يكن يوجد اتحاد رسمي للعبة، لكن كان يوجد اتحاد إنجليزي ينظم اللعبة التي كانت الانتصارات فيها حكرًا على فرق النخبة.. فرق النخبة تلك كانت لنخبة وصفوة المجتمع، أما العمال فكانوا يشاركون في بطولة كأس الاتحاد، لكن دون تحقيق إنجازات.

نادي داروين، هو ناد تابع لمدينة بذات الاسم في إنجلترا، وهو خاص بمصنع للقطن، كان يشارك في البطولة وكان من فرق طبقة العمال وليس طبقة النخبة.. كان رئيسه محبًا لكرة القدم، وأراد أن ينافس ويفوز ويحدث تغييرًا جذريًا في اللعبة.

قرر رئيس ذلك النادي السفر لمدينة جلاسكو الأسكتلندية، ليقرر التعاقد مع نجمي فريق يُدعى بارتيك، تعاقد مع فيرجس سوتر وجيمي لوف بمقابل مادي، لتصبح تلك أول عملية احتراف في تاريخ اللعبة.. لم يفصح لأحد عن ذلك بالطبع، لأن ذلك لم يكن مدرجًا في قوانين المسابقة.

كان سوتر ولوف على قدر المسئولية، وقادا داروين لدور ربع النهائي لبطولة كأس الاتحاد الإنجليزي 1879، ليكون أول فريق من إنجلترا الشمالية ومن طبقة العمال بشكل عام، يتأهل لذلك الدور ليصطدم بأولد إيتونيانز فريق النخبة وأقواهم وحامل لقب البطولة.

خسر داروين في الشوط الأول بخمسة أهداف مقابل هدف، ليعود داروين في مفاجأة كبيرة بأربعة أهداف في الشوط الثاني، لينتهي اللقاء بالتعادل، ليرفض فريق النخبة أولد إيتونيانز لعب أشواط إضافية، وتعاد المباراة لينتصروا ويكملوا مشوارهم حتى النهاية، ويخرج داروين مرفوعي الرأس بقيادة بطلهم سوتر.

سوتر كان أفضل لاعبي داروين بل أفضل لاعبي البطولة ذلك الوقت، ليلفت أنظار فريق بلاكبيرن من الطبقة العاملة أيضًا، لكنه كان أغنى من داروين الذي عانى في تلك الفترة من أزمات مالية، ليبيع سوتر لبلاكبيرن عام 1880 بمقابل مادي كبير، لكن دون أن يعرف أحد عن إبرام تلك الصفقة بمقابل مادي.

لعب سوتر مع بلاكبيرن، وضربوا موعدًا مع أولد إيتونيانز في نهائي البطولة موسم 1883-1884، لكن فريق النخبة علم بانتقال سوتر لفريقه بمقابل مادي، وهو الأمر المخالف للقوانين، ليجتمع أعضاء الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لمناقشة تلك القضية.

ويجب أن نذكر أن أعضاء الاتحاد الإنجليزي كانوا معظمهم من لاعبي فريق أولد إيتونينانز، بل إن رئيس الاتحاد كان حارس مرمى ذلك الفريق، فكان واضحًا ما القرار الذي كانوا ينوون اتخاذه، لكن أرثر كينيرد قائد أولد إيتونيانز رفض ذلك الأمر، وطالبهم بإقامة المباراة، وقد كان، ليفوز بلاكبيرن بهدفين لهدف، ويصبحوا أول فريق من طبقة العمال يتوجوا ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي.

المباراة لم يقتصر تغييرها فقط على ذلك، بل إنها كانت سببًا في السماح باحتراف اللاعبين بمقابل مادي بشكل رسمي عام 1885.. كانت تلك المباراة هي بداية لفوز الضعفاء وبداية لعالم الاحتراف في كرة القدم.