رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

حصاد 2020.. عام إلغاء المناسبات الكبرى

طوكيو
طوكيو

على مدار شهور طويلة ، أحكمت أزمة تفشي الإصابات بفيروس "كورونا" المستجد قبضتها على عالم الرياضة وتسببت في تأجيل العديد من الفعاليات الرياضية وإلغاء البعض الآخر، ولكن هذا لم يمنع استئناف النشاط الرياضي في معظم أنحاء العالم وسط إجراءات وقائية واحترازية مشددة وبروتوكول طبي وصحي صارم.

ووسط تفاقم أزمة، لم تكن مفاجأة فعلية أن يتم تأجيل دورة الألعاب الأوليمبية طوكيو 2020 والعديد من الأحداث والفعاليات الرياضية الأخرى.

وأعلنت اللجنة الأوليمبية الدولية ومنظمو أوليمبياد طوكيو في 24 مارس الماضي عن تأجيل فعاليات هذه النسخة من الدورات الأوليمبية إلى العام المقبل 2021 بعدما تسببت الجائحة في توقف النشاط الرياضي في معظم أنحاء العالم.

وقبل ستة أيام من الإعلان عن تأجيل الأوليمبياد، أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" عن تأجيل بطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2020" بالتزامن مع توقف النشاط في كل بطولات الدوري المحلية الكبيرة في أوروبا ، كما ألغي موسم الرياضات الشتوية في ذلك الوقت.

وعندما تم الإعلان في أول أبريل الماضي عن إلغاء بطولة إنجلترا المفتوحة ثالث بطولات "جراند سلام" الأربع الكبرى ، كان واضحا تماما أن هذا النبأ ليس "كذبة أبريل .

كما ألغيت بطولة الجولف المفتوحة وسباق جائزة موناكو الكبرى ضمن بطولة العالم  لسباقات سيارات فورمولا-1، علما بأن بطولة فورمولا-1 بأكملها تأجلت إلى وقت لاحق من العام بدلا من بدايتها المعتادة في مارس.

وتوالت حالات الإلغاء والتأجيل للعديد من البطولات في مختلف الرياضات وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والقارية والعالمية.

ورغم هذا، شهد عام 2020 العديد من النجاحات والمحطات الإيجابية في العديد من الرياضات والدول وكان من بينها فوز ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الأولى منذ 30 عاما.

وإلى جانب ما أسفرت عنه جائحة كورونا من أجواء قاتمة على عالم الرياضة  تلقى عشاق الرياضة في كل أنحاء العالم أكثر من صدمة خلال هذا العام لوفاة أكثر من نجم وأسطورة رياضية في مقدمتهم نجم السلة الأمريكي الشهير كوبي برايانت وأسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا.

وأثارت جائحة كورونا حالة من الفوضى والارتباك في الروزنامة الرياضية العالمية ، وسرعان ما اتضح أن أبرز الرياضيين ليس لديهم الحصانة ضد الإصابة بفيروس "كورونا" .

وعانى عدد من نجوم الرياضة من الإصابة بالفيروس وفي مقدمتهم نجوم كرة القدم البرازيلي نيمار والبرتغالي كريستيانو رونالدو والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش ولاعب التنس الصربي ديوكوفيتش وكذلك بطل فورمولا-1 البريطاني هاميلتون.

كما خضعت فرق بأكملها مثل ريال مدريد الإسباني لفترة الحجر الصحي بسبب إصابة بعض عناصرها.

وصمدت اللجنة الأوليمبية الدولية لفترة طويلة في مواجهة الضغوط قبل أن تصدر بيانا مشتركا مع منظمي أولمبياد طوكيو بشأن تأجيل هذه النسخة الأولمبية بعدما طالبت اللجنة الأولمبية الأمريكية وعدد من الاتحادات الرياضية الكبيرة مثل الاتحاد الدولي للسباحة (فينا) والاتحاد الدولي لألعاب القوى بضرورة تأجيل هذه الدورة الأولمبية كما أعلنت كندا رسميا أنها لن ترسل رياضييها إلى الأولمبياد حال إقامتها في هذا التوقيت وسط اضطرام جائحة كورونا.

وذكر البيان المشترك : " الانتشار غير المسبوق وغير المتوقع للجائحة أدى إلى تدهور الوضع في بقية أنحاء العالم".

وبعد اتصال هاتفي جرى بين الألماني توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية وشنزو آبي رئيس وزراء اليابان في ذلك الوقت ، توصل الطرفان إلى ضرورة تأجيل هذه النسخة من الدورات الأولمبية "للحفاظ على صحة الرياضيين وجميع المشاركين في الدورة الأولمبية وكذلك المجتمع الدولي".

وكان هذا التأجيل ، وهو الأول على الإطلاق في تاريخ دورات الألعاب الأولمبية ، أمرا حتميا بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية أزمة فيروس "كورونا" المستجد جائحة عالمية وسط آلاف الوفيات يوميا واتجاه العديد من الدول إلى الإغلاق أو الصمود فعليا لاحتواء الفيروس القاتل.

وكان قرار تأجيل الأولمبياد صعبا بالتأكيد في ظل التكلفة الباهظة للتأجيل ، وهو ما يدفع اللجنة الأولمبية الدولية والمنظمين في طوكيو حاليا إلى العمل على إقامتها في الموعد الجديد بعام 2021 وعدم تأجيلها مجددا.

وتسبب تأجيل أو إلغاء بعض بطولات الموسم الماضي وغياب الجماهير عن المدرجات في خسائر مالية فادحة للرياضيية والأندية وروابط الدوري والاتحادات الرياضية في كل مكان.

ولجأت اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" واتحادات وهيئات أخرى إلى تقديم مساعدات مالية من أجل التخفيف من هذه المعاناة.

وفيما لجأ اليويفا إلى إقامة الأدوار النهائية لكل من بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي بنظام دورة مجمعة مع تقليص حجمها من خلال إقامة فعاليات كل دور من مواجهة واحدة بدلا من مباراتي ذهاب وإياب ، استأنف دوري كرة السلة الأمريكي فعالياته في إطار "فقاعة" صحية في أورلاندو.

وكان غياب الجماهير عن المدرجات أمرا غريبا لدى كثيرين ولكنه كان جوهريا وحتميا لاحتواء أزمة كورونا خاصة بعد الاشتباه في أن بعض الأحداث التي جرت في وقت مبكر من الأزمة مثل مباراة أتالانتا الإيطالي وبلنسية الإسباني بدوري أبطال أوروبا في 19 فبراير بمدينة ميلانو الإيطالية كانت بمثابة عامل انتشار كبير للفيروس.

وتجري السلطات الإيطالية الآن تحقيقا جنائيا بالفعل في هذا الشأن.

والآن ، تقام فعاليات الموسم الحالي في معظم أنحاء العالم رغم وجود العديد من حالات الإصابة بفيروس "كورونا" مع استمرار غياب الجماهير عن المدرجات.

وشهدت فترة أواخر صيف 2020 وخريف نفس العام إقامة فعاليات ثلاث بطولات مؤجلة للجولف وعدد من السباقات الكبيرة للدراجات وفي مقدمتها تور دو فرانس.

كما شهدت الشهور الماضية إقامة بطولة العالم لسباقات فورمولا-1 مع تقليص عدد السباقات إلى 17 سباقا أقيمت بين يوليو الماضي وديسمبر الحالي.

وحتى مع توفر اللقاح الخاص بفيروس "كورونا المستجد حاليا ، ستستمر تبعات الجائحة لسنوات.

وعلى سبيل المثال ، تم تأجيل بطولتي العالم لألعاب القوى والسباحة إلى عام 2022 بسبب تأجيل أولمبياد طوكيو إلى 2021 .

وفي نفس الوقت ، يأمل المسؤولون في أن تساهم هذه اللقاحات في حضور ولو عدد قليل من المشجعين في فعاليات أولمبياد طوكيو وأن يكون هذا بمثابة شعاع الأمل لعالم الرياضة وما دونه.