رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

هروب أم طموح مشروع.. «الكابتن» يفتح الصندوق الأسود لهجرة مواهب الكرة المصرية

محمود صابر
محمود صابر


أعاد إعلان نادي النجم الساحلي، التعاقد مع محمود صابر ناشئ النادي الأهلي، لمدة 4 مواسم، أزمة هروب اللاعبين الشباب من قطاعات ناشئين الأندية المصرية، للواجهة مرة أخري.

فصابر ليس الأول، الذي يقرر الخروج من قطاعات ناشئين الأندية المصرية، على الرغم من إبلاغه من قبل المسؤولين فى النادي الأهلي، رغبتهم فى توقيع عقد احتراف له، بمجرد وصوله لسن 18 عاما، فسبقه العديد والعديد من الأسماء فى السنوات القليلة الماضية.

فمن النادي الأهلي خرج كلا من مصطفي شعبان متجها إلي نادي إف سي جوفي إسبانيول الإسباني، بعد استبعاده من قائمة الفريق 3 مباريات متتالية، ليقرر الهروب، وسبقه أحمد عبد القادر لاعب سبارتا براج التشيكي حاليا، وهشام شعبان إلي الدوري السعودي، والشقيقين ريتشارد وصلاح الدين رضا إلي أودنيزي الآيطالي، ومن قبلهم أحمد حسن كوكا لاعب أولمبياكوس اليوناني الحالي.

قطاع ناشئين نادي الزمالك، لم يختلف كثيرا عن النادي الأهلي، وأشهرهم خليل حجي الشهير "بنيمار" الذي خرج لنادي روما، ومصطفي فريد شوقي للدوري التايلاندي، وغيرهم أمثال رضا العميد وسعيد الهوا وأسامة الجزار ومحمود عبد المنصف، وأحمد عادل منسي.

اتهامات عديدة بمعاناة الكرة المصرية من ندرة فى المواهب، وفي ظل تزايد ظاهرة هروب اللاعبين الشباب من قطاعات ناشئين الأندية، تشير هذه المؤشرات إلي خلل فى نظام الكرة المصرية بشكل عام وفي المنظومة الخاصة بهذه القطاعات، فهل هجرة اللاعبين الشباب، هروب أم طموح مشروع لهؤلاء اللاعبين؟


وللإجابة على هذا السؤال، حرص "الكابتن" على التحقيق فى الأمر، فى محاولة للوقوف على أسباب تزايد هذه الظاهرة، وتوضيح جميع الأراء، ومحاولة إيجاد حلول لها، وبدأنا بالتواصل مع محمود صابر لاعب النجم الساحلي، لمعرفة أسباب رحيله عن قطاع ناشئين النادي الأهلي، وجاء الرد كالأتي:

"وصلت إلي سن 18 عاما، وطلبت تحديد مصيري مع النادي الأهلي، فتم عقد جلسة بصحبة وكلائي مع أمير توفيق مدير التعاقدات بالنادي الأهلي، للحديث معه حول توقيع عقد احتراف مع النادي الأهلي، وأخبرني أن النادي الأهلي مهتم بتوقيعي، ولكن بشرط أن يكون التوقيع على "بياض" ويتم وضع القيمة المادية التي يراها النادي، ولكني رفضت ووكلائي أيضا، وطلبت منه وضع قيمة شرط جزائي فى العقد، ولكنه أبلغني رفضه، مشددا أن هذه هي لوائح الناشئين بالنادي الأهلي وتعليمات لجنة التخطيط".

ولأن التوقيع على "بياض" الذي تحدث عنه محمود صابر، قد يكون نقطة مفصلية فى هروب الناشئين من القطاعات، حرصنا على التواصل مع خالد بيبو مدير قطاع الناشئين بالنادي الأهلي، والذي رفض التحدث نهائيا عن هذا الأمر، مشيرا إلى أنه ليس لديه إذن من إدارة القلعة الحمراء للتحدث عن الواقعة أو الظاهرة بشكل عام، فتواصلنا مع الأطراف الذي تحدث عنها اللاعب، خلال سرده تفاصيل جلسة التوقيع، سواء كانت مسؤولي التعاقدات أو لجنة التخطيط بالنادي الأهلي.

محسن صالح رئيس لجنة التخطيط بالنادي الأهلي، نفي فى تصريحات خاصة، إصدار أي تعليمات من لجنة التخطيط، لقطاعات الناشئين، وخصوصا الأمور التعاقدية الخاصة بالناشئين، وأكد أن دور اللجنة ما هو إلا وضع سياسيات واستراتيجيات تسمح للقطاع بإفراز مواهب، قادرة على دعم الفريق الأول فى الفترة المقبلة، وأرجأ مسؤلية الحديث فى هذا الأمر، للجنة التعاقدات بالنادي الأهلي".


مسؤول فى لجنة التعاقدات بالنادي الأهلي رفض ذكر اسمه، فتح صدره بكل ترحاب للحديث حول هذا الأمر، وواقعة محمود صابر بالأخص، قائلا:"صابر أدلي بتصريحات غير صحيحة على الإطلاق، لم نطلب من اللاعب توقيع عقود على بياض نهائيا، فهذا ليس من سياسات النادي الأهلي أو حتي هناك تعليمات بهذا الأمر، وضعنا قيمة تعاقدية للاعب فى عقده وفقا لرؤيتنا الخاصة وبما يتناسب مع مرحلته العمرية، ومتساوية مع لاعبين أخرين فى نفس المرحلة العمرية أمثال عربي بدر ومحمد فخري، وأخرين تم التعاقد معهم بعقود طويلة الأمد، و"فيفا" يسمح لنا بتوقيع عقد احتراف مع أي لاعب فى القطاع، قبل سن ال18، وهو ما يحدث بالفعل مع أي موهبة نتوسم فيها، التوهج فى المستقبل، لكن فوجئنا أن اللاعب يطلب وضع شرط جزائي فى العقد وهو ما لن نقبله للاعب ناشئ، وحقوق رعايتنا محفوظة".

و اتفق أيمن عبد العزيز مدير قطاع الناشئين الأسبق بنادي الزمالك، مع مسؤول لجنة تعاقدات النادي الأهلي، فى نقطة حق رعاية النادي محفوظ، فعلق عبد العزير على هروب عدد من اللاعبين أثناء ولايته مسؤلية إدارة القطاع، قائلا:" أين هم هؤلاء اللاعبين فى ذلك الوقت؟، لقد اتخذوا القرار الخاطئ، بالفعل هرب الرباعي يقصد( رضا العميد- سعيد الهوا- أسامة الجزار- مصطفي فريد) وهم مقيدين بقائمة الفريق، فالنادي لم يقصر مع أي منهم، جميعهم عادوا إلي مصر سريعا ودون تحقيق شئ يذكر".

وأوضح:" وكلاء اللاعبين وأولياء الأمور لهم الدور الأبرز فى التأثير على قرار اللاعب، فالثنائي يتعامل مع اللاعب على إنه مجرد سلعة تباع وتشترى، لذلك فهذه النتيجة، خليل نيمار عاد إلي مصر وتم فسخ عقده مع الإسماعيلي، ورضا العميد توسل إلينا للعودة للقطاع، وتوصت له عند أمير مرتضي منصور للموافقة على عودته مرة أخري، بسبب ظروفه الأسرية الصعبة".


حديث المسؤولين فى النادي الأهلي والزمالك، يشير إلي جلسات توقيع مع اللاعبين عند وصول عمرهم لسن 18 عاما، فيفرض علينا هذا الحديث سؤالا: هل يجوز توقيع الأندية عقود احتراف للاعبيها قبل الوصول لسن 18 عاما، وفقا لما جاء فى لوائح "فيفا"؟.

ورد محمد بيومي خبير اللوائح بالاتحاد الدولي قائلا "لوائح فيفا لا تمنع النادي من توقيع عقد احتراف مع ناشئه منذ وصوله إلي 12 عاما، وبحد أقصي خمس سنوات، ولكن لا يجوز لأي لاعب الانتقال من بلد لأخري قبل سن 18 عاما، فيجوز انتقال اللاعب لبلد أخري بداعي انتقال الأسرة، ولا يجوز انتقال الأسرة لبلد أخري بداعي انتقال اللاعب، وهنا يسمح فيفا بمقاضاة النادي الذي يقوم بهذا الأمر".

"ولا يحق لأي نادٍ مقاضاة أي لاعب أقل من 21 عاما، خرج من قطاعات الناشئين، ولكن يسمح فيفا، بصرف تعويض للنادي المتضرر من رحيل اللاعب، بنوعين من التعويض، الأول هو بديل عن التدريب أو تطوير الإمكانيات وبحد أقصي 10 سنوات، والثاني هو مساهمة التضامن، وهذه تمنح للأندية التي قامت بتدريب أوتطوير اللاعب حتي سن 23 عاما، بخصم 5% من عقد انتقال اللاعب من ناد لأخر بشرط أن يكون العقد سار وليس انتقال حر، ويتم تقسيم ال5% بين هذه الأندية وفقا لعدد السنوات التي قضاها بين جدران كل ناد".

حديث محمد بيومي خبير اللوائح، انطبق بشكل كبير على حالة التوأم ريتشارد وصلاح باشا، لاعبا أودنيزي والنادي الأهلي السابقين، حيث انضم اللاعبان للأسرة التي تعيش فى إيطاليا، وليس العكس، وقال ريتشارد باشا فى تصريحات خاصة عن سبب رحيله " رحلنا عن النادي الأهلي، بسبب ظروف عائلية، والدي كان مريض فى إيطاليا، وسافرنا أثناء العطلة لزيارته، ولكن رحلة علاجه كانت طويلة، فقررنا البقاء هنا، ولعبنا لنادي أودنيزي، فهم كانوا يتابعوننا منذ أن كنا فى قطاع الناشئين بالأهلي، فعرضوا علينا الانضمام للفريق الرديف، بما أننا هنا فى إيطاليا فوافقنا، وساعدنا على ذلك امتلاكنا جواز سفر إيطالي، فالأهلي لم يتخذ ضدنا أي إجراء قانوني ولم يطلب حقوق رعايتنا".

مقارنة حديث ريتشارد باشا، بلوائح "فيفا" المنقولة على لسان خبير اللوائح، تشير إلي تقصير واضح من النادي الأهلي، فى مطالبة نادي أودينيزي بالحصول على تعويض التدريب أو التطوير.


مسؤولو الأهلي والزمالك، أشاروا أصابع الاتهام لوكلاء اللاعبين وأولياء الأمور فى اتخاذ القرارات لأبنائهم فى هذه المرحلة العمرية التي تحتاج للتوجيه، وهو ما اعترف به خليل حجي "نيمار" لاعب نادي الزمالك السابق فى تصريحات خاصة:" ندمان على قرار رحيلي عن نادي الزمالك، أين أنا الأن؟ لقد تم فسخ تعاقدي مع النادي الإسماعيلي وأصبحت بلا فريق ، مسؤولي الزمالك لم يقصروا نهائيا معي، عقدوا معي أكثر من جلسة للتوقيع ولكني رفضت، كان لدي هوس بعرض وصلني للانتقال إلي روما الإيطالي من كرستينا الوكيل السابق لمحمد صلاح، وبالفعل اتخذت قرار السفر، ولكني وجدت صعوبة بالغة فى استخراج البطاقة الدولية المؤقتة مع أكثر من ناد انتقلت له، وفي النهاية عدت إلي مصر".

وللحديث عن دور وكلاء اللاعبين فى التأثير على قرار اللاعب الناشئ بالخروج من ناديه، تواصلنا مع خالد سليمان وكيل اللاعبين، وقال:" المسؤولون تجنوا علينا فى هذا الأمر، فكيف تلوم الوكيل على مساعدة لاعب بتقديم عروض له؟ فدور وكيل اللاعبين، أن يكون لديه رؤية مستقبلية للاعب الناشئ، ومحاولة إحضار عروضا له، من أجل مساعدته والاستثمار فيه، لا يجب على المسؤولين إلقاء المسؤلية على عاتق الوكيل، فلماذا يتم إهمال اللاعب الناشئ طوال فترة وجوده فى القطاع، ولا يتم الاهتمام به إلا فى حالة المعرفة بوصوله عرضا ما، ففرصة اللعب فى الفريق الأول فى بعض الاندية الكبري انعدمت، عدا بعض الفرق مثل وادي دجلة وإنبي وأحيانا المقاولون".

حديث خالد سليمان عن وجود نماذج ناجحة لأندية مصرية فى التعامل مع قطاعات الناشئين، جعلنا نتحدث إلي بدر محمدين رئيس قطاع ناشئين نادي الاتحاد السكندري الحالي وإنبي السابق، وكذلك علاء نبيل رئيس قطاع الناشئين السابق بنادي المقاولون العرب، وجاء حديث الثنائي فى إتجاها واحد، وهو أن سياسة أندية المقاولون وإنبي هي صناعة لاعب ناشئ من أجل تجهيزه للعب فى الفريق الأول، ومن ثم بيعه لأحد أندية القمة فى مصر أو احترافه فى أوروبا، فهذا هو الدليل الإرشادي لنجاح المنظومة فى المقاولون وإنبي، أما فى الأندية الجماهيرية النجاح هو تحقيق الفوز ولا بديل عنه، وبالتالي يزيد التخوف لدي المسؤولين من إعطاء فرصة للناشئين، حرصا منهم على الحفاظ على أماكنهم.

يقول علاء نبيل،مدير قطاع النائيشن بنادي المقاولون العرب، لابد أن يتم التعامل مع قطاع الناشئين باهتمام لا يقل عن التعامل مع الفريق الأول، هناك "جواهر" فى قطاعات الناشئين، فى الغالب تتعرض للإهمال، عندما كنت فى المقاولون العرب كان يتم وضع شرط على أي مدير فني، السماح لثلاث لاعبين على الأقل من قطاعات الناشئين بالتواجد مع الفريق الأول، هذا الملف أصبح معقد للغاية، فأولياء الأمور أصبحت تدفع أموال للوكلاء لمساعدتهم على إيجاد عروض أو معايشات فى أندية أوروبية، وإدارات الأندية لا تبالي".


وشدد امام محمدين مدير قطاع النائشين بنادي الاتحاد السكندري، على ضرورة توقيع عقود مع اللاعبين المميزين فى سن مبكر، وقبل وصولهم لسن 18 عاما، لان فى هذا الحالة يحق للاعب رفض التوقيع واللعب لأي ناد أخر، ويصبح النادي فى موقف ضعيف جدا أثناء التفاوض، لأن هذا السن هو سن النضج لدي اللاعب، فتحاوطه العروض والوكلاء، وبالتالي يصبح الأمر صعب وهو ما يميز نادي إنبي.

وامتدادا لمحاولة إيجاد الحلول لهذه الأزمة، بالتواصل مع امام محمدين وعلاء نبيل، تواصلنا مع الدكتور جمال محمد علي نائب رئيس اللجنة الخماسية المنوطة بإدارة كرة القدم المصرية وعميد كلية التربية الرياضية بجامعة أسيوط سابقا، للحديث عن أسباب الأزمة وحلولها، ودور الجبلاية فى الحفاظ على حقوق الرعاية وإعادتها للأندية المتضررة.

وأرجأ دكتور جمال محمد علي، أسباب وحلول انتشار الظاهرة ل4 نقاط، جاءت كالأتي:

- خطأ إداري من الأندية، بعدم توقيع عقود اللاعبين فى سن مبكر، حيث أكد أن لوائح "فيفا" حددت سن 18 هو سن الاحتراف، لكن سمحت بتوقيع اللاعبين عقود احتراف فى سن مبكر، والسعودية كمثال، أقرت توقيع العقود فى سن 16 عاما وليس 18، علينا أن نطبق هذا.

- الاهتمام بتوفير الرعاية التدريبية والنفسية الجيدة للناشئ، داخل قطاع الناشئين، وصرف مرتبات "مقبولة"، وتقدير اللاعب ماديا أثناء توقيع العقد، وهو ما لا يحدث من بعض الأندية، ويجده فى العروض المقدمة، وأحيانا انتقال العائلة للعمل أو الهجرة للخارج، تجبر اللاعب على الرحيل معهم، باحثا عن حلم الاحتراف.


- تأسيس إدارة مختصة بالشباب والناشئين فى الاتحاد المصرى لكرة القدم تعمل على زيادة الترويج ورفع المعدلات التسويقية وتنظيم برامج خاصة بالتعاون مع الأندية من أجل تطوير مستمر لهم وزيادة التدفقات المالية للاندية فى هذا القطاع.

- أخيرا، أكد دكتور جمال ما تحدث عنه الاستاذ محمد بيومي خبير اللوائح بأن"فيفا" قام بحماية الأندية من خلال نظام حق الرعاية التى يحصل عليه النادى عند هروب لاعب ناشئ بموجب نسب مالية محددة من الأندية التى ينتتقل إليها اللاعب حتى يبلغ عامه ٢٣ عن كل سنة قضاها فى نادية الاصلى نسبة لعقد الانتقال وحجم النفقات السنوية التى أنفقت عليه.