رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا اختفى صلاح فى أزمة «كورونا»؟

صلاح ب
صلاح ب

منذ أطلّت أزمة فيروس كورونا المستجد على ملاعب كرة القدم بوجهها القبيح، مثلما طالت العالم أجمع، كان لنجوم كرة القدم الكبار أدوار مجتمعية رائعة. رسائل عدة حملها البعض للتعبير عن السمو بالإنسان ورفعة شأنه فوق كل اعتبارات، بما فيها كرة القدم والمليارات التى تتأتى من ورائها، والنجومية التى تصل لمرحلة أنصاف الأرباب عند البعض

.
كانت البداية مع كريستيانو رونالدو، نجم البرتغال وصاحب الأرقام القياسية التى لا حد لها، فبينما كان الجميع فى إيطاليا مشغولًا بمصير المباريات، وتأرجحت المواقف بين مؤيد ومعارض فى بداية الأزمة، كانت رسالته واضحة من البداية: «الإنسان أولًا».
يلعب رونالدو فى أمتاره الأخيرة، والاعتزال يحاصره من جميع الاتجاهات، لكنه رغم ذلك عبّر من خلال تغريدات عدة عن أهمية الاهتمام بالصحة ووضعها فوق كل اعتبار.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، بل كتب مرات عدة يدعم منظمة الصحة العالمية وكل الجهات الدولية التى تعمل فى مجابهة هذا السرطان الجديد، معلنًا تقديره الكامل تلك الجهات واستعداده لدعمها بأى شىء فى ظل الحرب على «كورونا».
أيضًا بادر «رونالدو»، قبل أى شخص آخر فى إيطاليا، بتخفيض راتبه بقيمة ٤ ملايين يورو لصالح العاملين والجهات التى بحاجة لأموال هناك فى تورينو، عوضًا عن عودته لمسقط رأسه بالبرتغال، مدينة ماديرا، وإعلانه الانضمام إلى أهل بلدته فى هذه اللحظات الصعبة، وحرص على التواصل الدائم معهم عبر السوشيال ميديا من خلال تقديم رسائله التى لا تنقطع.
وفى السياق ذاته، غرّد «ميسى» مادحًا كل الجهات الحكومية وما قامت به منظمات صحية فى العديد من البلدان، مطالبًا بضرورة دعمها وتوفير كل السبل التى تساعدها فى إتمام مهمتها لخدمة البشرية.
حرص ميسى مثل رونالدو على دعم المصابين أولًا، ثم توجيه رسائله إلى المواطنين ومحبيه والشعوب فى كل مكان بالعالم، ناصحًا بالالتزام بالقرارات الصادرة عن الحكومات، وداعمًا فكرة العزل والبقاء بالمنزل، كما حرص على التواصل الدائم مع الجمهور.
كما قاد ميسى حملة تاريخية للاعبى برشلونة اتفق خلالها معهم على التبرع بقيمة ٧٠٪ من رواتبهم من أجل دعم برشلونة وكتالونيا عمومًا فى تخطى محنتهم عوضًا عن مساعداته فى الأرجنتين، وهو ما جعل صحيفة «ليكيب» الفرنسية تصفه بـ«تشى جيفارا».
أما فى مصر فكان موقف نجمنا الدولى محمد صلاح غاية فى الغموض، ولا يعبّر أبدًا عن صورة الولد المحبوب العاشق لأهله وبلاده، فلم يظهر خلال تلك الأزمة للتضامن مع جمهوره وشعبه بأى وسيلة ممكنة.
لم يعلن صلاح مثل غيره من النجوم الكبار أو المحليين عن التبرع لصالح مصر أو لصالح مواطنين بعينهم، أو تبنيه حملة أو أى حركة تضامنية من المفترض أن يقوم بها فى مثل تلك الحالات.
سألتُ نفسى ربما صلاح يحب عمل الخير فى السر، لكنى وجدت العديد من مظاهر التفاخر بأعماله الخيرية القديمة، مثل دعم مستشفى بسيون بأجهزة، أو حفلات الزواج التى تتم فى قريته، حيث نجح فى إتمام ٧٠ حفل زواج فى سنة واحدة على نفقته الخاصة.
وهنا بادرتنى عدة تساؤلات استنكارية: هل صلاح يحب الأعمال التى تبرزه وحده كنجم كبير، فيرفض أن يكون نفرًا عاديًا وسط اللاعبين المتبرعين، مثل سعد سمير ووليد سليمان وجنش وعاشور وأبوجبل، وغيرهم ممن أطلقوا حملات لدعم الأسر وتبنى الحالات غير القادرة؟
لكن يقيننا الكامل أن صلاح ليس «رجل شو» ولا استعراض ولا يهوى التباهى بما يفعله لمساعدة غيره، فلماذا لم يقم مثلًا بتقديم أى رسائل تعبّر عن دعمه أهله وشعبه؟، يوجه نصيحة ما، يدعم حكومة بلاده مثلما فعل اللاعبون الكبار، يمدهم بما يحتاجون، يساعد فى الحملات الخاصة بالتوعية مثل الفنانين ونجوم المنتخب.
قرر محمد صلاح أن يختار الاختفاء طواعية، لكن الانزواء فى مثل تلك الظواهر تخلٍ، ولن نبالغ ونقول خيانة لحين يتضح لنا لماذا صمت صلاح، وهل سيدعم بلاده أم لا؟