رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

وسط ملعب الكلاسيكو.. البحث عن نتائج مختلفة لأخطاء متكررة

زيدان وفالفيردي
زيدان وفالفيردي

العالم بأكمله يعد الساعات والدقائق في انتظار نزول أليخاندرو هيرنانديز، الحكم الإسباني إلى أرضية كامب نو وإطلاق صافرة بداية المباراة التي ينتظرها كل محبي كرة القدم عبر أرجاء الكرة الأرضية؛ نعم كلاسيكو الأرض بين برشلونة وريال مدريد والذي تنطلق أولى منافساته لهذا الموسم في التاسعة مساء اليوم.

الفريقان يدخلان مباراة الليلة محملان بآمال الفوز والانفراد بصدارة الدوري؛ وكلاهما يعرف جيدًا نقاط قوة وضعف الآخر؛ لكن النصف الأبيض من هذا الكلاسيكو عليه أن يحذر بعض الأشياء.

قبل التمعن في تفاصيل الكلاسيكو الذي نحن على أعتابه دعونا نرجع سويًا بالزمن إلى ما يقارب العامين من الآن؛ يوم أن التقى الفريقان بالجولة الـ17 من الليجا على ملعب سانتياجو برنابيو في موسم 2017-2018.

في تلك المباراة اعتمد زين الدين زيدان، على رباعية في وسط ملعبه على شكل الماسة؛ بوضع كاسميرو وتوني كروس، ولوكا مودريتش وأمامهم ماتيو كوفاسيتش؛ والأخير كان له اختصاص واضح بمراقبة ليونيل ميسي دون غيره وألا يسمح له بالتنفس داخل الملعب ويترك كل شيء من أجله.

الحقيقة أن هذه الخطة ربما بدت وقتها منطقية لأغلب المتابعين خاصة أن ليونيل ميسي في هذه الفترة كان ينزل دائمًا إلى منطقة وسط الملعب والأمتار القليلة أمام الدائرة من أجل خلق المساحات لزملائه وخاصة باولينيو الذي كان يتقدم كمهاجم ثانٍ بجوار سواريز.

ولكن التزام كوفاسيتش الأعمى بالتعليمات تسبب في انطلاقة إيفان راكيتيتش وحيدًا بعد لمحة فنية من بوسكيتس تخلص بها من الضغط ومرر له الكرة على الدائرة لينطلق وحيدًا دون ضغط لمسافة قاربت الـ20 مترًا ويرسل الكرة نحو سرجيو روبرتو على اليمين ثم يحولها لسواريز ويسدد الأخير في المرمى مسجلًا الهدف.

لسنا هنا لاسترجاع الذكريات والبكاء على أطلالها؛ لكن هي ذكرى إن نفعت لأبناء العاصمة الإسبانية.
 

لماذا لايجب أن يراقب ميسي؟

قبيل أيام من الكلاسيكو؛ وبعد المستوى المميز الذي قدمه فالفيردي الشاب في مباريات النادي الملكي؛ أعيدت مرة أخرى الأحاديث عن إحتمالية الزج به كمراقب أساسي للأسطورة الأرجنتيني دون أي مهام أخرى بوسط الملعب.

لاشك أن أي مدرب يواجه ميسي يقضي ليالٍ كاملة في التفكير كيف سيوقفه على أرض الملعب ويحرمه من هز شباك فريقه أو إيصال رفاقه للمرمى؛ حتى أن جوزيه مورينيو أحد أساطير مدرسة كرة القدم الدفاعية أكد أنه كان يفكر طوال الليل كيف سيوقف ميسي وأن الأرجنتيني جعله مدربًا أفضل.

الحقيقة هي أن ليونيل ميسي لا يمكن التعامل معه بأسلوب الضغط بلاعب واحد فقط ضده؛ أو التعامل بالمراقبة اللصيقة لسببين؛ أولهما هو أن القدرات الفنية والمهارية لميسي تفوق قدرات أي لاعب وسط في تاريخ الكرة؛ فاحتمالية أن يوقفه أحد اللاعبين بمراقبة لصيقة من وسط الملعب لاتتعدى الـ1%؛ بالإضافة إلى ذكائه في التحركات بوسط الملعب فميسي يدرك يجدًا متى يتحرك وأين ويفرق بين اللحظة التي تبدو فيها الحركة بشكل عمودي منطقية وأي لحظة يجب فيها التحرك بأفقية أو بعرض الملعب.

أما السبب الثاني هو أنه إذا افترضنا جدلًا أن وسط الملعب المدافع نجح في إيقاف خطورة انطلاقات ميسي فإن الأخير سينزل إلى منطقة الدائرة ويسحب معه المراقب الشخصي فيحدث مساحة يتحرك فيها أحد زملائه ويخترق منطقة جزاء الخصم وهو ما حدث بالضبط في كلاسيكو 2017 الذي ذكرناه مسبقًا.


فريدريكو فالفيردي.. لا تستمع إلى زيدان 

فريدريكو فالفيردي، النجم الأوروجواياني الشاب استطاع خطف الأنظار منذ بداية الموسم وقدم أداء مميزًا رفقة الفريق الملكي في بطولتي الدوري ودوري أبطال أوروبا.
 
في 12 مباراة لعبها بمركز وسط الملعب الارتكاز سجل فالفيردي هدفين وصنع مثلهما؛ فيما لعب 8 في مركز وسط الملعب الدفاعي.

يجيد فالفيردي أداء الأدوار الدفاعية بامتلاكه مجهودا بدنيا وافرا؛ وقدرته على التغطية خلف انطلاقات الأظهرة بجانب تواجده في المساحة أمام منطقة الجزاء بين ثنائي الارتكاز والدفاع.

ويبدو أن زين الدين زيدان، ينوي إسناد مهمة شاقة للاعب الأوروجواياني بالمراقبة اللصيقة على ليونيل ميسي وحرمانه من تسلم الكرة وإحداث الخطورة على مرمى ريال مدريد.

معركة وسط الملعب ستكون الأقوى في مباراة الليلة؛ زيدان يفكر في الاعتماد على فالفيردي في الضغط على ميسي ثم إسناد باقي مهمة وسط الملعب لكاسميرو وكروس بالافتكاك وفرض السيطرة على وسط الملعب، والدفع بإيسكو ليؤدي أدوار صانع الألعاب في الحالة الهجومية للفريق وتمثيل أدوار الضغط العكسي على حامل الكرة بجوار كريم بنزيما لفصل الخطوط عن بعضها وحرمان الفريق الكتالوني من الخروج بالكرة بشكل صحيح؛ والاعتماد على سرعات بيل أو رودريجو جويس وكلاهما مرشح للمشاركة بجوار بنزيما في إنهاء الهجمات.

أزمة الكلاسيكو لاتكمن في عملية السيطرة على ليونيل ميسي؛ ليس تقليلًا من شأنه أو من قدراته حاشا الله ولكن لأن فكرة السيطرة عليه أشبه بمحاولات الإمساك؛ أما إذا أردت قتل الفريق الكتالوني عليك السيطرة على منطقة وسط الملعب وحرمانهم من الخروج بالكرة بشكل صحيح أو بمعنى أصح قطع الأكسجين عن ثلاثي الوسط؛ والذي من الأقرب أن يكون فرانكي دي يونج وبوسكتس وإيفان راكيتيتش؛ واستغلال تراجع مستوى الثاني والنزعة الهجومية للأول والأخير بالضغط عليهم بأكثر من لاعب وإغلاق المساحات فإن الأمور ستكون أسهل للفريق الملكي.

الفريق الكتالوني عانى في الفترات الماضية في المساحة خلف وسط الملعب خاصة في الهجمات المرتدة الخاطفة بجانب ضعف الأداء الدفاعي؛ وكذلك صعوبة الخروج بالكرة من تحت الضغط رغم أنه كان أكثر مايميز الفريق الكتالوني، ذلك الأمر الذي دفع ميسي في بعض المباريات للنزول إلى وسط الملعب وتقديم الحلول بنفسه للخروج بالكرة من الوسط.

أرتورو فيدال.. على طريق باولينيو 

الحقيقة أن أرتورو فيدال، لاعب وسط برشلونة هو أحد أخطر الأسلحة التي يتملكها إرنستو فالفيردي، ومن الأفضل بالنسبة للفريق الكتالوني بعد غياب آرثر ميلو رسميًا عن المباراة الدفع به في الوسط بجوار فرانكي دي يونج وإيفان راكيتيتش.

أرتورو فيدال لاعب وسط دفاعي ذي نزعة هجومية تدفعه دومًا للتحرك في المساحة بين قلبي دفاع الخصم وانتظار الكرات الطولية من ليونيل ميسي أو أحد زملائه في وسط الملعب لتسجيل الهدف؛ وهو أقرب بشكل كبير لنسخة باولينيو في 2017 مع الفريق الكتالوني.

وجود فيدال في وسط ملعب برشلونة سيضفي الكثير من الحيوية في عملية افتكاك الكرة خاصة في الحالة الدفاعية للفريق؛ بالإضافة إلى تحركاته لفتح مساحات التمرير لزملائه على دائرة المنتصف وقيامه بأدوار إفساد الهجمات بشكل مميز مما قد يربك خطة زيدان في السيطرة على وسط الملعب برباعية الماسة.

الاعتماد على فيدال في وسط الملعب وترك الحرية لفرانكي دي يونج في توزيع اللعب بين زملائه وإسناد الأدوار الدفاعية لإيفان راكيتيتش بمساعدة فيدال سيزيد من قوة معركة الوسط في المباراة بإسقاط الهولندي بين الثنائي راكيتيتش وفيدال وإطلاق ليونيل ميسي بشكل حر في المساحة خلف وسط الملعب والهجوم.

وكذلك إرباك وسط ملعب الفريق الملكي في انطلاقات فيدال أو دي يونج نحو منطقة الجزاء فكلاهما يمتلك نزعة هجومية ستجعل فريقه في حالة أفضلية عددية وامتلاك الكرة سيمنحهم القوة في عملية الضغط وتوزيع اللعب.

الحقيقة أن فالفيردي وزيدان يفتشان في أخطاء الماضي؛ فالأول يفكر جديًا في الدفع ببوسكتس الذي تهالكت قواه في الملعب ويأتي وجوده كعامل مساعد للخصم؛ والثاني يفكر في منح تعليمات مراقبة لصيقة لميسي كلفته منذ موسمين خسارة بثلاثة أهداف نظيفة.

263 مترًا تقريبًا هي مساحة دائرة المنتصف في الأبعاد المعروفة لملاعب كرة القدم؛ كانت دومًا لها الحسم في مباريات الكلاسيكو، والليلة أحد الفريقين سيسيطر عليها ويضرب الخصم على أرضها ويعتلي صدارة الدوري ثم يترك خصمه يعاني؛ من سيعاني ومن سيفرض سطوته عليها؟ أسئلة علينا الانتظار حتى الحادية عشرة مساء اليوم لنعرف إجابتها؛ فإلى أن تأتي تلك الساعة لا تغفل أعينكم عما سيحدث في تلك الدائرة.