رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

نجم 2020.. كيف يصبح رمضان صبحى أحسن لاعب فى مصر؟

رمضان صبحي
رمضان صبحي

منذ ظهوره للمرة الأولى مع نادى الأهلى عام 2014، توقع له الجميع مكانة كبيرة فى الكرة المصرية، وأجمع محبو وعشاق «الأحمر» على كونه واحدًا من أبرز المواهب التى أفرزتها الجزيرة فى الألفية الجديدة، وأنه سيلعب دورًا بارزًا فى الفريق الأول ومع منتخب مصر.

 

لكن بمرور السنوات، بدأ رصيد رمضان صبحى ينحدر ويتناقص من مرحلة إلى أخرى، وتضاءل دوره مع المنتخب الوطنى حتى انعدم تمامًا فى عهد المكسيكى خافيير أجيرى، كما خابت تجربته الاحترافية بالدورى الإنجليزى، إلى أن قرر العودة إلى الأهلى مجددًا لاستكمال رحلة البحث عن النجومية الغائبة.

 

ورغم كل العثرات التى مر بها، وخيبة الأمل التى عاشها رمضان صبحى، يبقى أحد الرهانات التى يعول عليها جمهور الأهلى طوال الوقت، فكيف يستعيد رمضان صبحى تألقه؟، وما الأزمات التى يعانيها؟، والأدوار التى يجب أن يتكشفها ليعود اللاعب الأهم فى منظومة الأهلى إلى توهجه ومن ثم يؤدى دورًا مهمًا مع المنتخب الوطنى؟.

 

"الكابتن" يعيد نشر هذا التقرير، بعد أن قادة صبحي المنتخب الأوليمبي أمس الإثنين للتأهل إلى نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية تحت 23 عاما في خطوة تقربه من أوليمبياد طوكيو 2020.

 

يختصر الأهلاوية دائمًا أزمة رمضان صبحى فى عدم إجادة التسديد على المرمى وتسجيل الأهداف، فينظر إليه كلاعب قليل الفاعلية رغم ما يقدمه من أدوار كبيرة متعلقة بقدرته على الاحتفاظ بالكرة ومنح سلاح الاستحواذ لصالح فريقه.

لكن فى حقيقة الأمر تظل أزمة اللاعب أكبر وأعمق من فكرة غيابه عن التسجيل وفاعليته أمام المرمى، وهى فكرة ظالمة لـ«رمضان» ولأى لاعب.

 

تكمن أزمة «رمضان»، وغيره من المواهب المهدرة، فى تمسكه بثقافة «لاعب الحوارى»، الذى لم يجد مديرًا فنيًا يعمل على عقليته ويطور قراراته، فظل متمسكًا بفلسفته القائمة على امتلاك الكرة ومراوغة الجميع من مرماه إلى أن يصل إلى مرمى الخصم.

 

يقول بيب جوارديولا، المدير الفنى لمانشستر سيتى الإنجليزى، إنه وجد صعوبات كبيرة فى بايرن ميونخ مع النجم الفرنسى فرانك ريبيرى، الذى لم يتخل عن ثقافة «لاعب الحوارى» تلك، وعندما ذهب إلى ألمانيا قرر أن يحول «ريبيرى» إلى «ميسى»، ذلك المهاجم الوهمى الذى يبنى عليه كل شىء، فحدد له أدواره، والمناطق التى يجب أن يتحرك بها، وكيف ومتى وأين يطلب الكرة من زملائه.

 

وجد «ريبيرى» صعوبات كبيرة فى الالتزام بخطة «جوارديولا»، ورفض أن ينتظر فى المقدمة، لأنه اعتاد أن يأخذ الكرة من المنطقة الخلفية ويجرى بها على الخط مراوغًا كل من يقابله، وهذا هو المضمون الحرفى لثقافة «لعب الحوارى»، الذى يمكن تلخيصه فى عبارة «الراجل يخطف الكورة منى».

 

يعانى رمضان صبحى أكثر من أى لاعب آخر فى مصر من تلك الثقافة، فلا يزال يؤمن بأنه الطفل الخارق، الذى يستطيع السير بالكرة دون أن يعطله أحد أو يخطفها منه أى مدافع، وهو يمتلك بالفعل ما يؤهله لذلك، لكن طريقة التوظيف ذاتها خاطئة، ما يجعله بعيدًا عن التهديف، ويعرقل فاعليته أمام مرمى الخصوم، إذ لا يجيد التحرك فى الثلث الأخير من الملعب، كما أنه ليس ذكيًا فى اختيار المكان الذى يتمركز فيه، ولا يعرف كيف ومتى يدخل منطقة جزاء الخصم، ولا يترك الخط أبدًا، كأن جل همه فى الحياة أن يحصل على الكرة من الخلف ويصنع ما يشاء.

 

ونجد كثيرًا من الأهلاوية يقولون «رمضان» يعانى من «أزمة فى التمرير»، «أزمة فى التسديد»، و«أزمات فى الأساسيات البسيطة»، والحقيقة أن أزمته الكبرى أنه مشغول بالصعب، فهو لا يرى التمرير أو هذا التسديد شيئًا خارقًا، بينما يؤمن بأن المراوغة على طريقة مارادونا هى العبقرية فى حد ذاتها.

 

وهنا نستعير نصيحة «جوارديولا» لأمثال «ريبيرى» و«رمضان»، لينتبه لها الأخير، إذ يقول الإسبانى: «إن ميسى ليس أفضل لاعب فى العالم لأنه يستطيع مراوغة الجميع ويسجل بعدها، بل لأنه يقوم بالأمور السهلة أفضل من جميع اللاعبين، فهو أفضل ممرر للكرة، وأفضل من يتسلمها».

ويضيف «جوارديولا» أن «ميسى» يعرف المكان الذى يجب أن يستقبل فيه الكرة، ويعرف المكان الذى يستوجب أن تتوجه فيه، لذلك لا أحد يستطيع التحكم بالنسق وأن يصنع الخطورة مثله.

 

يحتاج رمضان صبحى إلى «جوارديولا» فى حياته، وهنا نريد أن نوجه رسالتنا إلى «فايلر»، الذى قد يلعب هذا الدور، ويصبح المنقذ لـ«رمضان» وللأهلى، إذ يعانى اللاعب دائمًا فى صناعة الخطورة والفاعلية، لأنه يلعب دائمًا تحت الكرة، وهنا نعنى أنه ينزل للخلف كثيرًا كى يتسلم الكرة، بينما لا يجيد التسلم فى مناطق متقدمة فى أرض الخصم.

 

وكانت واحدة من أبرز مشكلات لاعب الزمالك، محمود عبدالرازق «شيكابالا»، أنه دائمًا ما يلعب تحت الكرة، ولا يطلبها بالمقدمة أبدًا، لكنه ظهر فعالًا كما لم يكن من قبل فى المباريات الأخيرة للأبيض.. أتعرفون لماذا؟

 

لأنه أصبح يجيد طلب الكرة خلف وبين دفاع الخصم، ولم يعد فى حاجة لعادته القديمة بتسلمها قبل المنتصف ومراوغة الجميع؛ فبات مؤثرًا على مرمى الخصم، لأنه لا يضيع كثيرًا من الجهد فى الخلف، وأصبح تسلمه للكرة فى الثلث الأخير خطرًا كبيرًا على كل الخصوم الذين واجهوا الزمالك.

 

لذلك يحتاج رمضان صبحى لمن يقول له: «الخط ليس كل شىء، ودورك ليس قاصرًا على الجبهة اليسرى فقط، تستطيع أن تمثل خطرًا على الخصوم؛ إذا أجدت التمركز بين الخطوط فى العمق تارة، وداخل منطقة الجزاء تارة أخرى».

 

 أشاد الجميع بأشرف بن شرقى، لاعب الزمالك؛ لفاعليته أمام المرمى، رغم أنه لم يراوغ ولم يخترع بل قدم أمورًا بسيطة، ملخصها إجادة التحرك والتمركز، و«بن شرقى» يلعب فى مركز الجناح الأيسر مثل «رمضان»، لكن الأول فى مرات كثيرة تجده متمركزًا فى العمق بمركز الـ10 ويطلب الكرة خلف خط وسط الخصم، وأمام خط الدفاع.

 

وعندما تكون الكرة فى الجهة العكسية للزمالك، يتحول «بن شرقى» لمهاجم داخل منطقة الجزاء، ويتوقع بشكل جيد المكان الذى ستأتى فيه الكرة، لذلك يصل إلى المرمى بسهولة كبيرة.

«رمضان» يحتاج إلى أن يتعلم كيف يتحرك، وأين يطلب الكرة، وكيف يحدث التحولات داخل الملعب، إلى أن يعتاد على اللعب فوق الكرة، وعندما يفعل كل ذلك ستجده أمام المرمى كثيرًا، وسيزداد مردوده، وستتضاعف أرقامه الهجومية.

 

تحدثنا عن رمضان صبحى تحديدًا، لأنه صاحب موهبة فريدة، ورغم كل المشاكل التى يعانيها جراء عدم قدرته على التخلص من ثقافته فإنه يظل مؤثرًا للغاية، فهو أفضل من يمنح فريقه الاستحواذ، ولا يستطيع أحد أن يتفوق عليه دفاعيًا أو هجوميًا فى الثنائيات، فكيف سيكون حاله إذا تطور فى الجوانب الخططية، هنا سنكون على موعد مع النسخة الأفضل من اللاعب الذى ينتظره الجميع، فهل يفعلها «فايلر»؟.