رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

"وهم" وزير الرياضة.. لماذا لا يصلح حسن شحاتة للمنتخب؟

حسن شحاتة
حسن شحاتة


بعد الإعلان عن تشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة اتحاد الكرة، بات الشغل الشاغل لـ"الجبلاية" ووزارة الشباب والرياضة اختيار المدير الفني الجديد لمنتخب مصر، وسط خلافات حول الرجل الأنسب لقيادة "الفراعنة" في المرحلة المقبلة.


وما بين أسماء مثل: حسن شحاته وحسام البدري وأحمد حسام "ميدو" وإيهاب جلال وحسام حسن، تسلط "الدستور" الضوء على مواصفات كل مدرب منهم ومدى تناسب قدراتهم وأفكارهم مع احتياجات ومتطلبات الفريق الوطني في المرحلة المقبلة.

المعلم

زمن المنتخبات الجاهزة انتهى.. وصفات المستشار لا تناسب مرحلة التأسيس


يحظى "المعلم" حسن شحاتة بدعم غير عادي من قيادات وزارة الشباب والرياضة التي يمكن القول إنها تقاتل كي تراه ثانية في قيادة المنتخب الوطني، لكونها تثق تماما في قدرته على النجاح.


ورغم كل النصائح التي حذرته من الاستعانة بـ"شحاته"، يبدو وزير الرياضة مؤمنًا بأن "المعلم" هو الرجل الأمثل والمدير الفني الأقدر علي انتزاع منتخب مصر من الفشل إلى قمة النجاح.


يبحث الوزير عن تكرار تجربته القديمة حينما كان عضوًا في اتحاد الكرة وقدم دراسة في 2005 طالب فيها بتعيين "المعلم" مديرا فنيا، مستندا إلى دراسته آنذاك للمنتخبات الإفريقية وأنها تنجح عادة بالمدرب الوطني وليس بالأجنبي.


كما استندت الدراسة إلى أن "شحاتة" على اتصال جيد بجيل رائع من منتخب الشباب الذي رباه ويعرف كل تفاصيله ما يجعله الأنسب للمهمة وقتها، وهو ما تحقق بالفعل، لكن الأمر مختلف حاليًا.


فالآن، باتت الحاجة إلى تكوين فريق جديد له شخصية مختلفة أمرا لا غنى عنه، وعندما نتحدث عن البناء والتأسيس فإن حسن شحاتة بعيد كل البعد عن هذا السيناريو، خاصة أن نجاحه القديم ارتكز على فريق متكامل يضم عناصر جاهزة تمامًا ليست في حاجة لنظام مؤسسي جديد لتدشينها ولا قواعد ضابطة تعاقب المخطيء وتكافيء المجتهد.


وعندما تسلم حسن شحاتة المهمة في 2006 كان 70% من قوام منتخبه من نتاج أفضل منتخبي شباب في تاريخ الكرة المصرية، المنتخب الذي حصد برونزية العالم وأنتج لنا جيلًا رائعًا قاده لاعبون مثل حسام غالي ومحمد شوقي، ومنتخب 2003 الذي صعد إلى ربع نهائي المونديال في الإمارات وقدم لنا جيلًا آخر بقيادة المايسترو حسني عبدربه ومعه أحمد فتحي وعماد متعب وعمرو ذكي، وغيرهم.


لم يتوقف حظ "المعلم" عن هذا الحد فحسب، بل ساندته أجمل الصدف بالقوة التي كان عليها فريق الأهلي الذي تسيد إفريقيا وقدم أفضل جيل في تاريخ "بطل القرن" الذي أبهر القارة والعالم وجعل مدربه مانويل جوزيه يتفوق علي الأسطورة جوزيه مورينيو في إحدى السنوات في صراع جائزة الأفضل في البرتغال.


إذا تسلم "شحاتة" لاعبين جاهزين وفرض عليهم شخصيته القوية ووضع نظاما جاء معه النجاح، وكان فيه استبعاد لاعب مثل أحمد حسام من التشكيل أمرًا عاديًا ومقبولًا لا يعارضه فيه أحد، رغم ما كان عليه "ميدو" وقتها من توهج وتألق في ملاعب أوروبا دون غيره من اللاعبين المصريين.


كما لم يسجل أي مصري اعتراضا على استبعاد "الزئبقي" محمد بركات من التشكيل أكثر من مرة، أو عدم النظر إلى "شيكابالا" مع تجاهل حسام عاشور تمامًا، لأن الجميع كان يعرف وقتها أن مصر كانت قادرة على خوض منافسات إفريقيا بمنتخبين مختلفين، ولو فعلت لاستطاعت حصد المركزين الأول والثاني بكأس الأمم دون أية مشكلة.

أما المرحلة الحالية فهي مغايرة تمامًا، فنحن لدينا منتخبات شباب لم تصعد منذ عام 2013 إلى بطولة أمم إفريقيا، بل شاهدنا معها فضائح مثل خروج الجيل الذي عرفناه بمنتخب "أبناء العاملين" من الدور التمهيدي للتصفيات بعد الخسارة من إثيوبيا بثلاثية نظيفة في القاهرة.

كما أن الأهلي الحالي لم يعد "أهلي جوزيه" القاهر الذي يخشاه كل إفريقي ولا يتمنى أي نادٍ بالقارة السمراء أن توقعه القرعة في طريق هذا المارد الذي لا يرحم، بل بات الفريق لقمة سائغة يتلاعب بها الصغير والكبير في القارة، حتى أنه سجل أسوأ نتيجة في تاريخه بالخسارة من صن داونز بخماسية نظيفة.

لكن.. هل هذه الأسباب وحدها كافية لاستبعاد "شحاتة" من المهمة؟

بالطبع لا، إذ إن حسن شحاتة انتقل من مرحلة "المعلم" الذي يغوص في تفاصيل التفاصيل ويطلع على كل صغيرة وكبيرة إلى مرحلة "المستشار".

و"المستشارية" هي تلك المرحلة والمنطقة التي يسكنها الكبار الذين أصبحوا غير قادرين على الإلمام بكل التفاصيل، وما أخطر أن توكل مهمة تنفيذية لمستشار يستطيع من حوله خداعه، وفي ذلك فإن تجربة "مورينيو" الأخيرة مع مانشستر يونايتد ليست ببعيدة.

فلا ينسى جمهور الشياطين الحمر اللحظة التي كشفت غياب "مورينيو" الفذ عن التفاصيل، حينما تعارك مع مساعديه على الخط لما نفذ لاعبو "اليونايتد" إحدى الكرات الثابتة بطريقة لا يريدها، ثم فاجأه مساعدوه من خلال سبورة شرح الخطة أنه هو من كلف اللاعبين بذلك.

وحينها، انكشف "مورينيو المستشار" الذي لم يعد يشرف على التفاصيل وتيقن الجميع من أسرار الهزائم والخسائر المتتالية، بعدما تحول من المدرب الشغوف الذي يجري كالمراهق في التدريب وعلى الخطوط ولا يترك تفصيلة إلا وتحدث فيها إلى ذلك الذي يشرف فقط على ما يقوم به مساعدوه.

وفي حال تكليف حسن شحاته، سنكون أمام تجربة "مستشار" جديد، وهو ما لا يدرك كثيرون من مؤيدي "المعلم" توابعه في الوقت الحالي.


ويمكن بسهولة أن نضيف إلى هذه النقطة أن حسن شحاتة هو مدرب "نمطي" لا يمتلك استراتيجية ولا يجيد الابتكار والاستجابة للمتغيرات الكروية وهو ما تبدى بشكل واضح عندما غيرت الأندية المصرية طريقة لعبها وتخلت عن 3/5/2 ومركز "الليبرو" وباتت تكتفي بـ 4 مدافعين.

وأمام الجديد، عجز "شحاتة" عن استيعاب التغيير المرحلي، ووقتها ودعنا التصفيات أمام "أنصاف منتخبات"، بعدما تاه "المعلم" بين الاعتماد على "الليبرو" المنتهية ولايته أو الاستجابة للطريقة التي لم يستوعبها من الأساس، فهل يراجع الوزير ومؤيدو المستشار حسن شحاته أنفسهم؟.