رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيو الصغير وبونجاح.. الدروس المستفادة من الكان

نهائي بطولة الأمم
نهائي بطولة الأمم الأفريقية

عندما سألنا قائد منتخب غانا أندريا أيوه عقب انتهاء مباريات الدور الأول، من هو اللاعب الأفضل في البطولة؟ قال: «شقيقي جواردان».
لم يكن «أيوه» مجاملًا لشقيقه الأصغر في حديثه، خاصة بعدما أنصفت اللجنة المنظمة للبطولة اللاعب ووضعته في مركز المهاجم ضمن التشكيلة المثالية للدور الأول.
لنعد إلى الوراء قليلًا حينما بدأت غانا البطولة التي انطلقت في 21 يونيو الماضي، ظهرت بشكل سيء للغاية في أولى مبارياتها أمام بنين، وقتها ولولا «أيوة» الصغير ما حضرت بالأساس.

أعاد «أيوه» الصغير بمجهوداته وأدواره التكتيكية تعريف فكرة المهاجم العصري، ودلل على الكيفية التي ينقذ بها فريقه، لأنه لم تعد مهمة المهاجم تجسيل الأهداف في مرمى الخصوم فحسب، بل تطورت مهام هذا المركز بشكل كبير للغاية في الكرة الحديثة.

تقتضي مهام المهاجم في الكرة الحديثة، طلب الكرة من منتصف الملعب، أو في مركز الجناح، أو التقدم بها وتمريرها كصانع ألعاب، كل هذه المواصفات وغيرها تنطبق نصًا على «أيوه» الصغير، بينما يفتقدها مهاجمو منتخب مصر: كوكا وأحمد على ومروان محسن.

حرمتنا تونس وعارضتها التي تصدت لهجمتين من استمرار غانا في البطولة والوصول للأدوار الأخيرة، ومنعت "جواردان" من مواصلة استعراض مهاراته بعدما سجل هدفين وصنع آخر في الدور الأول، فغابت عنه الأضواء ولم يشعر أحد بوجوده رغم أن تتبع أدواره والاستفادة مما قدمه سيكون كفيلًا بتغيير كثير من المفاهيم التي دمرت كرة القدم في مصر.
داخل قطاعات الناشئين مئات وآلاف المدربين غير المؤهلين، يدربون رؤوس الحربة على اصطياد الكرات العرضية، وينقلون لهم مفاهيم ما يسمونه بالمهاجم «المحطة» الذي يخفف الأعباء عن زملائه فحسب، لذلك لم نعرف الطريق حتى الآن لصناعة مهاجم عصري متكامل مثل "جواردان"، أو استنساخ تجربة محمد زيدان، الذي تعلم كيف يكون مهاجمًا في ملاعب أوروبا وليس هنا.



وعندما خرج "جواردان" من دائرة الضوء تسلم الراية الداهية الجزائرية بغداد بونجاح المهاجم السوبر الذي تتسابق على ضمه الأندية العربية كافة.
التشابه البدني الكبير بين «بونجاح» و«أيوه» الصغير مثير للدهشة، فكلاهما قادر على كسب أي صراع ثنائي بدني مع أي مدافع، لكن تفصلهما فوارق قليلة في الذكاء وحسن التصرف ترجح كفة المهاجم الغاني الذي يلعب لسوانزي سيتي بالدرجة الثانية للدوري الإنجليزي.
محال أن يخسر بغداد «بونجاح» أي صراع ثنائي مع أي مدافع، وإذا دخل في سباق للعدو مع أي مدافع فهو عدّاء خارق يقطع المائة متر في ثوان ويصل لمرمى الخصم في غمضة عين.

إذا طلب الداهية الجزائرية الكرة ووضع مدافع الخصم في ظهره فأنت واهم إذا اعتقدت أنه سيفقد الكرة بسهولة، ولو تركت له سنتيمترًا واحدًا سيعبر منه بالتأكيد، وإذا ظهر في الأطراف فسيعرف كيف يخلق المساحات لزملائه في عمق ملعب الخصم، ليمهد لهم طريق الوصول إلى المرمى.

يُجيد «بونجاح» التمركز واختيار أفضل المواقع المؤثرة داخل مربع العمليات، ويعرف أن فلسفة المهاجم «المحطة» لا تعني مجرد الاستفادة من أخطاء من الخصم فحسب، بل تتطلب استخدام عقله وقوته البدنية في صناعة الخطورة.
يستطيع المهاجم الجزائري «السوبر» أن يضعك أمام المرمى في لحظة.

فعلها مع زميله يوسف البلايلي في واحدة من أجمل اللقطات حينما سجل الهدف الأول للجزائر أمام غينيا، وكرر الأمر في قبل النهائي أمام السنغال، وقبلها أمام كوت ديفوار، لكن زملاءه رفضوا بعض هداياه ولم يسجلوا من تمريراته القاتلة الرائعة التي كررها كثيرًا.

سجل «بونجاح» خلال مشواره مع السد القطري في الموسم الماضي قرابة 50 هدفًا، ولما غاب عن التهديف واكتفى بهدف وحيد في هذه النسخة لم تقل أدواره وفاعليته أبدًا عما هو الأمر مع ناديه، لأنه أعاد صياغة مفهوم المهاجم العصري الذي لم يعد مجرد آلة تحول الفرص السهلة أمام المرمى لأهداف.
تميز "بغداد" أيضَا بأنه المهاجم الأكثر ضغطًا على الخصوم، والأفضل في تنفيذ عملية الضغط المتقدم بشكل مرعب لا تتوقف عند حد إفساد هجمات المنافس فقط، بل تمتد إلى خطف الكرة في مناطق متقدمة وصناعة فرصة مؤكدة للتسجيل.

الداهية الجزائرية إذا غاب عن التسجيل راوغ وخلق المساحات لزملائه، مثلما الحال في أكثر من كرة كتبت لـ«محاربي الصحراء» الوصول إلى نهائي البطولة التي في المقابل فشل «الفراعنة» في اجتياز دورها الـ16، لذلك بات من الضروري أن نعيد كتابة أدوار المهاجم وأن نربي مهاجمينا على اللعب بالطريقة الحديثة التي يجسدها بغداد وجوردان، وأن نمحوا من مدارس التدريب المصرية فلسفة المهاجم «المحطة» الذي بات عنوانًا للعجز والضعف والفشل.
تميز "بغداد" أيضَا بأنه المهاجم الأكثر ضغطًا على الخصوم، والأفضل في تنفيذ عملية الضغط المتقدم بشكل مرعب لا تتوقف عند حد إفساد هجمات المنافس فقط، بل تمتد إلى خطف الكرة في مناطق متقدمة وصناعة فرصة مؤكدة للتسجيل.

الداهية الجزائرية إذا غاب عن التسجيل راوغ وخلق المساحات لزملائه، مثلما الحال في أكثر من كرة كتبت لـ«محاربي الصحراء» الوصول إلى نهائي البطولة التي في المقابل فشل «الفراعنة» في اجتياز دورها الـ16، لذلك بات من الضروري أن نعيد كتابة أدوار المهاجم وأن نربي مهاجمينا على اللعب بالطريقة الحديثة التي يجسدها بغداد وجوردان، وأن نمحوا من مدارس التدريب المصرية فلسفة المهاجم «المحطة» الذي بات عنوانًا للعجز والضعف والفشل.