رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحلم العربي.. خطة الجزائر لخطف «لقب كان» من السنغال

لاعبي الجزائر
لاعبي الجزائر

مدعومًا بدعوات الملايين فى كل أنحاء البلدان العربية، يدخل المنتخب الجزائرى، الليلة، معركة نارية أمام نظيره السنغالى فى نهائى بطولة الأمم الإفريقية.
وبعد مشوار شاق ملىء بالعقبات، يسعى جمال بلماضى، المدير الفنى للمنتخب الجزائرى، إلى اختتام المشوار بالصورة التى تليق بأداء «محاربى الصحراء» وما قدموه خلال البطولة.
كيف سيلعب الجزائر؟ وما نقاط الضعف التى يمكن التركيز عليها فى منتخب السنغال؟ وكيف يتجنب مصادر القوة لدى تشكيلة المدرب السنغالى أليو سيسيه؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تجيب عنها «الدستور» فى التقرير التالى.



بن ناصر وقديورة يمنحان الأفضلية فى الوسط.. ومحرز يمتلك «حوافز التألق»

قدم المنتخب الجزائرى مع «بلماضى» أداء متكاملًا خلال مشوار البطولة، ونجح فى اجتياز عقبات هى الأصعب على الإطلاق.
فى بداية المشوار واجه منافسة قوية على صدارة المجموعة مع السنغال، ثم أطاح بكوت ديفوار فى أقوى مباريات «كان ٢٠١٩»، وبعدها اصطدم بنيجيريا فى ملحمة درامية كان النجم الجزائرى رياض محرز بطلها فى الثوانى الأخيرة بعد الدقيقة ٩٠، حتى وصل إلى المباراة النهائية، وهو يسعى لتتويج كل هذه المجهودات.
صعوبات كبيرة تنتظر «بلماضى» ورجاله، لأن المنتخب السنغالى الذى تعرض للهزيمة فى المباراة الأولى، سيكون أكثر حرصًا واتزانًا مما كان عليه فى البداية غير الموفقة.
فى مواجهة المجموعات راهن «بلماضى» على الصبر والتأنى، وترك الاستحواذ فى فترات كثيرة للمدرب السنغالى أليو سيسيه برغبته، لكنه استخدام تكتيكات متنوعة ما بين الضغط العالى والمتوسط، ونجح عبر قطع الكرة فى مناطق الوسط والارتداد السريع من لاعبيه فى صناعة فرص كثيرة أدت إلى التسجيل.
فكرة «بلماضى» اعتمدت على تشجيع لاعبى السنغال على التقدم إلى الأمام وترك المساحات، ثم خطف الكرة اعتمادًا على إسماعيل بن ناصر لاعب الارتكاز البارع فى نقل الهجمة من الثلث الأخير فى الدفاع إلى المناطق الأمامية، حيث سرعات «محرز» ويوسف بلايلى وبغداد بونجاح.
بشكل مؤكد ستكون فكرة أو طريقة اللعب واحدة من الأدوات التى سيراهن عليها «بلماضى» فى مباراة الليلة، إذ لن يكون متعجلًا فى امتلاك الكرة، إلا إذا كان لـ«سيسيه» رأى آخر بالتراجع للوراء، حتى لا يلدغ من جحر مرتين.
لكن المنتخب الجزائرى يتميز عن غيره من المنتخبات فى «كان»، بقدرته على خلق الفرص حتى فى المساحات الضيقة وعبر الهجوم المنظم، ويعود الفضل فى ذلك إلى زيادة عدد اللاعبين المهرة أصحاب الحلول الفردية، وتميز تركيبة وسط الملعب بالمهارات العالية.
وجود «بن ناصر» مع اللاعب عدنان قديورة فى الارتكاز يمثل ميزة واضحة، فكلاهما ليس مقاتلًا بارعًا فى الجانب الدفاعى فقط، بل يتميزان أيضًا بالقدرة على التقدم وصناعة الخطورة فى الهجوم.
كما يتميز اللاعبان بالقدرة على المراوغة فى موقف «لاعب أمام لاعب»، وإرسال الكرات البينية الخطيرة والتسديدات البعيدة، ودخول مناطق جزاء الخصم، وهذا الأمر يمنح الفريق الجزائرى زيادة عددية فى المقدمة، ويمنحه القدرة على خلق الفرص وصناعة الخطورة بشكل كبير.
سيراهن «بلماضى» أيضًا على مرونة مهاجميه فى الثلث الأخير بتحرير رياض محرز من رقابة الظهير الأيسر السنغالى، ويمثل دخوله للعمق واحدة من أهم الأفكار التى يمكن من خلالها أن يصنع الخطورة فى المساحات الميتة ما بين ظهيرى وقلب دفاع الخصم.
كما سيعتمد على تبادل الأدوار بين يوسف البلايلى، الجناح الأيمن، مع المهاجم الصريح بغداد بونجاح، عندما يخرج الأخير على طرف الملعب ويترك العمق لـ«البلايلى» أو الصاعد من الخلف سفيان فيجولى.
وإلى جانب كل هذه العوامل، يتسلح أيضًا منتخبنا العربى بقوة دوافع رياض محرز، الساعى لتأكيد تفوقه والتقدم نحو جائزة أفضل لاعب فى البطولة التى ستزيد من فرصه للفوز بجائزة أفضل لاعب إفريقى للمرة الثانية فى تاريخه.
كما يمتلك «بلماضى» ورقة رابحة هى آدم أوناس الذى يعد أفضل بديل فى البطولة، وفى حال تعثر الأمور فى البدايات، سيكون اللاعب سلاحًا قويًا فى مباراة الليلة خاصة إذا وصلت المباراة إلى الوقت الإضافى.


غياب يوسف عطال يمنح مانى «فرصة ذهبية» خلال اللقاء.. وجاى الورقة المؤذية لـ«أسود التيرانجا»

فى المقابل، يلعب المنتخب السنغالى بدوافع لا تقل أبدًا عن نظيره الجزائرى، فـ«ساديو مانى» نجم الفريق ولاعب ليفربول الإنجليزى، وعد قبل ٦ أشهر، وفى يناير الماضى على وجه التحديد، بالتتويج بـ«أمم إفريقيا».
سيكون «مانى» اللاعب الأكثر تركيزًا فى هذه المباراة، لكن ذلك يحمل آثارًا سلبية مثلما يحمل معانى إيجابية.
يسعى نجم ليفربول لتحقيق حلم بلاده، إذ لم يفز السنغال طوال تاريخه باللقب، ويمنى نفسه بالاقتراب خطوة كبيرة نحو منصة التتويج بجائزة أفضل لاعب فى إفريقيا.
ويمتلك «مانى» فى مباراة الليلة، مميزات كثيرة قد تؤهله لتحقيق حلمه وهى غياب الظهير الأيمن الجزائرى يوسف عطال، الذى كان من المفترض أن يواجهه لولا الإصابة التى طاردته فى المباراة قبل الماضية.
وستكون الغلبة لـ«مانى» فى مواجهة مهدى زفان الذى لا يثق فيه المعسكر الجزائرى بشكل كبير، بخلاف ضعف المساندة الدفاعية من رياض محرز الذى ينشغل كثيرًا بالهجوم والدخول إلى عمق الملعب.
سيكون «بلماضى» مطالبًا بتعطيل وتوقيف ساديو مانى بتكليف عدنان قديورة لاعب الوسط بالتواجد ناحية اليمين، وعدم ترك «زفان» فى مواجهة فردية مع «مانى»، لأن العقاب سيكون قاسيًا حينها، وكذلك يجب على قلب الدفاع الأيمن جمال بلعمرى أن يكون يقظًا بما يكفى للتغطية خلف «زفان»، وعدم إتاحة الفرصة للنجم السنغالى لينطلق خلفه فى تلك الجهة.
فى الناحية الأخرى، لا يقل الجناح الأيمن إسماعيل سار خطورة عن «مانى»، ورغم القوة البدنية للظهير الأيسر للجزائر رامى سبعينى الذى يواجه «سار»، إلا أن الأخير يمتلك السرعة والمهارة التى تؤهله للتفوق فى المواجهات الثنائية، خاصة أن «سبعينى» يميل إلى العنف أكثر من العقل، وهنا ستكون غلبة الأطراف لصالح تشكيلة أليو سيسيه.
كما يتميز الفريق السنغالى بالقدرة على تنويع الأداء الهجومى ما بين الأطراف القوية واللعب عبر العمق من خلال واحدة من الأوراق السحرية التى برزت خاصة فى الأدوار الأخيرة وهو اللاعب إدريسا جاى.
«جاى» لاعب الارتكاز الثانى مع بادو ندياى، يتميز بالخفة والذكاء فى التمركز والقدرة على الاختراق فى أوقات مناسبة لا يمكن تتبعه فيها، إذ يأتى من الخلف فى وقت مثالى ويطلب الكرة فى المساحة الخالية ما بين لاعبى ارتكاز الخصم وقلبى دفاعهما، ويجيد عمل الثنائيات مع هنرى سايفيت والجناحين.
«جاى» هو اللاعب الذى يمنح الفريق السنغالى المرونة الكبيرة فى التحول من طريقة اللعب «٤/٢/٣/١» إلى «٤/١/٤/١» وفجأة تراه فى بعض الأحيان رأس حربة مع مباى نيانج، وهنا تتحقق الكثافة، لكن هذا التقدم وهذه المغامرة أمام خصم بحجم الجزائر قد تكون عواقبه سلبية، إذا لم تكن هناك حسابات لتعطيل «بن ناصر» بعد خطف الكرة.
لكن فى الوقت ذاته سيعانى المنتخب السنغالى اليوم من غياب نجم دفاع الفريق خاليدو كوليبالى، الذى راهن عليه «سيسيه» فى تنظيم العملية الدفاعية وقيادة الفريق من الخلف.
ولا تتوقف أدوار «كوليبالى» عند الدفاع فحسب، بل يتولى مسئولية بناء الهجوم من الخلف، وتنظيم أداء زملائه وإرسال الكرات القطرية والبينية، بخلاف تفوقه الكبير فى الكرات العالية دفاعيًا وهجوميًا.
ومثلما تحدثنا عن قوة «دكة» الجزائر، فإن السنغال لديه الجناح الرائع كيتا بالدى، لاعب إنتر ميلان، الذى يستطيع منح قيمة مضافة وتغيير اللعب فى حال دخوله فى أى وقت.