رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يصلح حسن شحاتة مديرًا فنيًا للمنتخب؟

حسن شحاتة
حسن شحاتة

٣ بطولات أمم إفريقية حققها المعلم مع الفراعنة على التوالى

١٩٨٣ اعتزل المعلم كرة القدم وعمل فى مجال التدريب

٢٠١٠ صُنف أفضل مدرب فى قارة إفريقيا فى ترتيب الاتحاد الدولى لتأريخ وإحصاءات كرة القدم

٢٠٠٤ تولى قيادة المنتخب الوطنى

٢٠٠٦ فاز مع منتخب الفراعنة ببطولة كأس الأمم الإفريقية التى أقيمت فى مصر

٢٠١١ استقال عقب تضاؤل آمال مصر تمامًا فى التأهل إلى كأس الأمم الإفريقية ٢٠١٢


رغم إنفاقه قرابة نصف مليار إسترلينى لم يفلح العبقرى جوزيه مورينيو فى إعادة سفينة مانشستر يونايتد إلى بر الأمان ومنصات التتويج، التى اعتادها «الشياطين الحمر» على مدى تاريخهم.

فى عامه الأول قال: «أنا فى حاجة للوقت»، لكن ازدادت النتائج سوءًا فى الموسم الثانى، فوجدت الإدارة الحمراء نفسها فى موقف حرج أمام الجمهور الناقم على أداء الفريق، الذى كان مهددًا بالعودة إلى النصف الثانى من جدول الترتيب العام لـ«البريميرليج»، بعدما كان طامحًا فى العودة إلى القمة.. هل تريدون أن نعرف القصة كاملة؟.. لنكمل معًا.

من «سبشيال وان» إلى «المعلم».. أرض الجنود لا تليق بـ«المستشارين»

رحل «مورينيو» الأسطورة من الباب الخلفى، وسط ثورة تناديه باعتزال التدريب والتوقف عن المهنة التى أرهقته ونالت منه ولم يعد قادرًا على مزاولتها، كما قال كثير من المحللين والخبراء فى أوروبا.
يشيب البدن مبكرًا، لذا اعتزل ديفيد بيكهام وقال: «قررت مغادرة الملعب حينما تيقنت أن جسدى لا ينفذ ما يدور فى عقلى».
بكى طبيب برشلونة وهو يعالج ليونيل ميسى، قبل موسم واحد، وهو يقول له: «يحزننى أن أقول لك يا ميسى أنك لم تعد قادرًا على الركض كما الشباب، لن تكون قادرًا على الجرى بالكرة من قبل المنتصف إلى مرمى الخصم ولا يعنيك أن تواجه حتى فريقًا بأكمله كما كنت».
هكذا هى سنة الحياة، عندما يتقدم العمر باللاعب فإن عضلاته لا تستجيب لقراراته كاملة، ولا يمكنها استيعاب كل شىء، فالأمر فى العشرينات يختلف عن الثلاثينات والأربعينات.
وإذا كان البدن تصيبه الشيخوخة، فهل يتعرض عقل المدربين للأمر ذاته؟
مخطأ من يتوهم أن المدرب عبارة عن مجموعة من الأفكار وعدد من طرق اللعب التى يرص بها لاعبيه خلال المباريات.
وواهم من يظن أن التدريبات عبارة عن مجموعة «أقماع وحواجز»، و«كام لفة جرى حول الملعب» يستطيع المدرب أن يشاهدها حتى من المدرج.
تميز مورينيو حينما كان «سبشيال وان» بأنه أب اللاعبين، والموظف الغارق فى كل تفاصيل العمل، والمعد الذهنى الذى يجالس جميع أعضاء الفريق، يتعرف لمشاكلهم، ويطالع العقبات التى تواجههم، ويشاركهم طرق التخلص منها.
كان شغف «مورينيو» وحده حكاية ورواية يقشعر لهما البدن، وتذوب فيهما المشاعر، لدرجة جعل لاعبى «إنتر ميلان» يبكون رحيله، ويعيشون لحظات قالوا عنها الأصعب فى حياتهم.
ولما فقد هذا الشغف وتلك الطاقة، ولم يعد قادرًا على مجاراة التفاصيل الدقيقة، صار عدوًا للاعبين فى «اليونايتد»، ينظر إليهم من مدرج آخر، حيث يجلس على مقعد «المستشارية» فى المقصورة، لايرى ما يضايق بوجبا، ولايعرف ما الكامن فى باطن مارسيال وراشفورد، ولم تعد عافيته وطاقته قادرتين على مجاراة صراع الزمن، لذلك ودع غير مشكورًا.
فى إحدى مباريات «اليونايتد»، قبل مغادرته بأيام، وقف «مورينيو» إلى جوار مساعديه يلومهم: لماذا نفذ لاعبونا الكرة الثابتة بهذه الطريقة؟.. لم نكن متفقين على ذلك.
جاء المساعدان بـ«السبورة» الصغيرة، وقالا لـ«مورينيو» إنها الطريقة التى اتفقوا عليها، فتعصب بشكل مبالغ فيه، وضرب «السبورة» من يد مساعده ليطرحها أرضًا، فى صورة لا تليق بجهاز محترف يعى ما يعمله.
عكس ذلك الموقف عدم قدرة «مورينيو» على أن يكون ذلك الرجل الشغوف الغارق فى التفاصيل، وأنه انتقل إلى حيث يجلس المستشارون والمخططون، الذين لا تساعدهم طاقتهم على تحمل هذه التفاصيل.
لماذا كل هذا الحديث عن «مورينيو» فى هذا التوقيت؟ ولماذا كل هذه المقدمات؟..ببساطة شديدة، لأن هناك مستشارًا جديدًا قرر أن يهبط من مقصورة المشرفين إلى أرض الجنود حيث المعارك.
«حسن شحاتة مديرًا فنيًا لمنتخب مصر»، خبر صادم يعكس إلى مدى كبير كم أصبحنا فى عالم الرياضة وكرة القدم عاجزين، غير قادرين على اكتشاف عناصر جديدة، عادوا بنا إلى زمن كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، الذى يحمل العصا السحرية، ومانويل جوزيه، المنقذ الوحيد للأهلى، وكأن الزمن توقف بنا هنا، وكأن الدنيا أغلقت أبوابها فى وجوهنا.
لم يفلح فى أى اختبار بعد الفراعنة.. ولا يملك مشروعًا أو استراتيجية

بعد رحلته الناجحة مع المنتخب، لم يفلح حسن شحاتة فى أى اختبار آخر، فشل مع المقاولون العرب، وفشل فى المغرب والكويت، وكذلك كانت تجربته مع بتروجت.
ولم يكن «شحاتة» كذلك صاحب مشروع أو مالكًا لاستراتيجية، فهو لم يخترع طريقة لعب، ولم يكتشف من خلال «منتخب الإنجازات» جديدًا، بل كان رجلًا منظمًا أجاد استغلال الظروف المحيطة.
تسلم «المعلم» جيلًا عظيمًا من اللاعبين، بنى فريقه الوطنى من قوة «تشكيلة جوزيه» ودعمها بعناصر أخرى من الزمالك والإسماعيلى، لعب بنفس طريقة لعب الأهلى مع «جوزيه» التى كانت تعتمد على «الليبرو»، ولما حدث هوجة التغيير والتخلى عن «الليبرو» بعد ٢٠١٠ عجز «شحاتة» عن إيجاد مخرج فسقط فى تصفيات أمم إفريقيا سقوطًا مذلًا.
ولما غاب «جوزيه»، وانحدرت قوة الأهلى، لم يعرف «شحاتة» طريقًا لترميم الشيخوخة التى أصابت الكرة المصرية، وهو ظرف شبيه لما نحياه اليوم.
حسن شحاتة رجل منظم، لكنه من الناحية الفنية ليس بارعًا أو بين المبتكرين.. هكذا نعرفه جميعًا.
رجل يجيد استغلال الظروف الجيدة واستخدام عناصر قوية، لكن هل نحن نمتلك هذه المقومات فى هذه الآونة؟
اعتمد حسن شحاتة على قوام منتخبى شباب رائعين، أحدهما فاز ببرونزية كأس العالم فى الأرجنتين، والثانى صعد لدور الثمانية، لذلك كان بحوزته جيلين رائعين استخدمهما فى تكوين فريق رائع. أما الآن فنحن لدينا منتخبات شباب تخرج من الدور الأول فى تصفيات أمم إفريقيا أمام فرق بحجم إثيوبيا!
هل سيجيد حسن شحاتة بناء فريق جديد دون وجود قوامه، هذا يتطلب عملًا شاقًا وفكرًا مختلفًا، ورجل صاحب استراتيجية وفلسفة يفرضها على الجميع، وتلك مواصفات- مع كامل الاحترام لـ«المعلم»- لا يمتلكها لا هو ولا أى مدرب مصرى فى هذه الآونة بالتحديد.
مشوارنا المقبل لا يحتاج مدرب «دورات مجمعة».. والمطلوب الآن شاب على وعى بـ«ثورة الكرة»

حسن شحاتة هو رجل يشبه «مورينيو» فى مراحله الأخيرة، ولا يختلف عن مارشيلو ليبى الإيطالى الذى فاز بكأس العالم ٢٠٠٦، ولما عاد فى ٢٠١٠ ودع من الدور الأول للمونديال بـ«فضيحة»، مثيل لـ«فيليب سكولارى»، أسطورة البرازيل الذى قدم «مونديال» استثنائيًا فى ٢٠٠٢، ولما عاد فى ٢٠١٤ لقى منتخب بلاده كبرى فضائح «السامبا» عبر تاريخه، عندما سقط بالسباعية التاريخية امام ألمانيا فى أرض مهرجانات وكرنفالات كرة القدم.
دائمًا ما تسود نغمة أن الوقت ضيق، وأن التصفيات المؤهلة إلى المونديال على الأبواب، وأننا لا نمتلك رفاهية الاختيار بعناية، واختيار الأجهز دونما النظر إلى البعد الاستراتيجى، وماذا نريد نحن من الغد، والعام المقبل، والسنوات العشر التى تليها؟!، ننظر تحت أقدامنا فحسب، ولا يعنينا سوى أن نلم الأمور، وعلى رأى الكابتن هانى رمزى نستعين بمنهج «الجبلاية» المعتاد: «صلوا ع النبى، واقرأوا الفاتحة، والأمور هتبقى تمام».
فى الفترة الحالية يحتاج منتخب مصر مدربًا شابًا لا تزال لديه الطاقة والشغف، مؤهلًا بشكل كبير، حصل على كل الدراسات اللازمة، ولديه وعى كامل بالحداثة الخططية، والثورة التكتيكية التى يعيشها عالم كرة القدم من حولنا.
أضف إلى ذلك أن حسن شحاتة هو رجل الدورات المجمعة، أى مجرد تجمع يقام فى أسبوعين ثلاثة، ونلعب مباراة بمباراة، لكن ما ينتظر مشوار «الفراعنة» فى الآونة المقبلة هو مختلف تمامًا.
تنتظرنا تصفيات كأس عالم تحتاج إلى النفس الطويل، والقدرة على الصمود والاستمرارية، ونحتاج لمن يطبق طرق لعب جديدة غير تلك العقيمة التى سيطرت على الكرة المصرية فى آخر ٨ سنوات ولم نعد نعرف غيرها.
علينا إعادة النظر من جديد فى طريقة اختيار المنتخب، وعلى المسئولين الوعى بأن الآليات التى يفكرون بها تناسب أزمات قد ولت ولم يعد لها وجود.
أعرف أن الدكتور أشرف صبحى هو من اختار حسن شحاتة فى ولايته الأولى عندما كان الوزير لا يزال عضوًا بـ«الجبلاية»، وقدم دراسة حينها بأن المدربين المحليين هم من ينجحون وليس الأجانب، لكنهم فيما يبدو لا يدرون بثورة التطور التى جرت من حولنا لجيراننا فى إفريقيا، وأنه لم يعد هناك أى مدرب تجاربه مقصورة على العمل داخل القارة، فحتى المحليين أصحاب تجارب عالمية كبيرة فى أكبر ملاعب ودوريات أوروبا، وجاءوا بعد تأهيل وتمرس، ولم تعد الروح والتنظيم وحدهما الآليات التى تصنع الإنجازات، فهل نغلب المنطق والعقل؟