رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

المعجزة.. لماذا يبدو طموح كوليبالى مرعبًا؟

كوليبالى
كوليبالى

عندما هاتفه الإسبانى رافاييل بينيتيز لضمه من جينت البلجيكى إلى نابولى فى إيطاليا، لم يصدق واعتقد أنها مزحة من أحد أصدقائه.
3 مرات يعاود «بينيتيز» المدرب المخضرم الاتصال بالشاب خاليدو كوليبالى، لكن الولد الصاعد لا يصدق حقيقة ما يسمعه، ولسان حاله: «لا.. أصدقائى يواصلون فعلتهم لن أرد».
اضطر اللاعب السنغالى، الذى لم يكمل العشرين من عمره، للرد أخيرًا لمعرفة حقيقة هذا الاتصال، كاد أن يطير فرحًا عندما سمع الصوت القادم إليه: «نعم.. إنه بينيتيز فعلًا».
حياته كلها دراما، وطريقه الطويل مزدحم بالأحداث المثيرة التى تجعل بدنك يقشعر وأنت تطلع على تفاصيلها، كان منبوذًا فى صغره، وحده كان يؤمن بأنه يستطيع أن يكون لاعب كرة قدم، والده كان يقلل منه دائمًا، وأهله وأصدقاؤه لا يطيقونه، الجميع كان يؤكد: «أنت لا تصلح».
زرعوا الشكوك فى داخله، وجعلوه يتردد قليلًا، فاهتم بدراسته فى هذه الفترة وفكر أن يصبح عاملًا بإحدى المؤسسات المالية، طالما أن الجميع يحطم أمنياته، ولا يثق أحد بقدراته، ولا يرى فيه أى شخص موهبة تستحق.
يقول خاليدو كوليبالى: «أعرف أننى لم أكن موهوبًا، لذلك كان طريقى أكثر مشقة، ولم أمر بمراحل التكوين السليم للاعبين، وقضيت عمرى ألعب مع أصحاب الأربعين عامًا وأولئك العائدين من العمل بعد يوم شاق، ولم تكن لدى أى مؤشرات بأن أصبح لاعب كرة قدم محترفًا».


هل تتخيل أن هذا الشخص، الذى نتحدث عنه فى السطور السابقة، تلقى عرضًا للانتقال إلى مانشستر سيتى الإنجليزى بقيمة 120 مليون يورو؟.
نعم الولد الذى سخر منه والده، ونقم عليه أهله، وحطمه كل من حوله أصبح أهم مدافع فى العالم، وبات مطاردًا من كبار أندية العالم، مسئولو اليونايتد يحاربون منذ عامين لأجله، عرضوا 100 مليون يورو الموسم الماضى ولم يفلحوا، وسيكونون مضطرين إلى الوصول لأعلى من عرض السيتى إذا أرادوه.
فى إحدى المرات ذهب عامل غرفة ملابس نابولى إليه قائلا: «مارادونا يريد قميصك»، يقول عن تلك اللحظة: «اعتقدت أنها مزحها جديدة.. مارادونا يريد قميصى، هذا هو الإعجاز بعينه».
وقتها تذكر الولد الصغير لحظات قسوة الجميع عليه، وأراد أن يرى وجوههم الآن و«مارادونا» شخصيًا يطلب قميصه، يتمنى لو يرى ردة فعلهم تجاه طلب ساحر اللعبة وهو يشير إليه بـأهم لاعبى الدورى الإيطالى، يتمنى لو يشاهدهم جميعًا يتحدثون عن حرب الإنجليز من أجل نيل خدماته.


لو كان هناك شىء يجعلنا نتخوف على حظوظ منتخبنا فى الفوز باللقب فهو «كوليبالى» ورفاقه فى السنغال.
لا يرجع التخوف من السنغال لأمور فنية فقط، لكن لأن طموحهم مختلف، وجاهزيتهم هذه المرة استثنائية، «ساديو مانى» قال فى يناير الماضى: «هدفى هو أمم إفريقيا»، و«كوليبالى» الذى حارب الصخر وانتصر قال قبل الانطلاقة: «لقد تحديت أهلى وأسرتى مجددًا.. لن أعود دون الكأس». «كوليبالى» مدافع مثالى، يمتلك شخصية استثنائية، سرعة وقوة بدنية رهيبة، ذكى فى بناء الهجوم من الخلف، ومقاتل فى الثنائيات والكرات الهوائية، ويضع جسده كحائط لحماية مرماه، وحين تتعقد الأمور، تجده شرسًا داخل مناطق الخصم، تعود منذ كان صغيرًا على أن كل شىء يأتى بالجهد والعرق والكفاح، وليس شرطًا أن تكون موهوبًا كى تتفوق.