رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحليل الكان.. هل تنقذ شخصية الكاميرون سيدورف من البداية السيئة؟

منتخب الكاميرون
منتخب الكاميرون

وسط أزمات عديدة، وآمال جماهيرية محبطة، يدخل حامل اللقب الأفريقي إلى منافسات «كان 2019» التي تنطلق الجمعة المقبل في مصر.

واستعان الاتحاد الكاميروني بالنجم الهولندي "سيدورف"، لقيادة الفريق، لهدف معالجة الأمور، وجاء بزميله باتريك كليفورت، مهاجم برشلونة والطواحين، لمساعدته على أداء المهمة الصعبة مع فريق يعاني الكثير من الأزمات الفنية، وجمهور لا يقبل سوى بالمركز الأول دائمًا.

كيف يلعب الكاميرون مع «سيدورف»؟، وما المشكلات التي تنتظره؟، وكيف يتغلب عليها؟، وهل سيكون أسود إفريقيا حاضرون بقوة هذه النسخة؟.. هذه الأسئلة وغيرها تُجيب عنها «الدستور» في هذا التقرير.

الهزائم ونغمة الانكسار تثير روح التشاؤم .. وطريقة اللعب أكبر مشاكل الهولندي

في 6 لقاءات خاضها المنتخب الكاميروني تحت قيادة "سيدروف"، فاز في اثنين، وتعادل وخسر في مثلهما، وهي نتائج لا تعبر عن بطل يهابه الجميع، وقادر على الحفاظ على لقبه.

وخلال مشوار التصفيات المؤهلة إلى «كان 2019»، لم يكن الطريق ورديًا أمام "الأسود"، خاصة مع حضور الأزمات والنتائج السلبية، حتى تعلقت آمال الصعود إلى الجولة الأخيرة في منافسة مع منتخب متواضع لا يمتلك تاريخ ولا حاضر مثل جزر القمر.

في ضوء المعطيات السابقة، لا يؤمن المواطن الكاميروني بأن الجيل الحالي قادر على تحقيق البطولة، أو تشريف البلد الذي تسيد الكرة الأفريقية، وسبق جميع منتخباتها إلى المحافل الكروية العالمية، فيما عدا لاعب واحد من الجيل الحالي وهو الأسطورة روجيه ميلا.

«ميلا» لم تُعجبه نغمة الانكسار، ورفض محاولات التقليل من فرص منتخب بلاده في الفوز بـ«كان»، وقال في تصريحات من شأنها رفع الروح المعنوية: «كذلك كنتم جميعًا تؤمنون بأننا لن نعبر دور المجموعات في النسخة الماضية، وفزنا باللقب في الختام.. الكاميرون تستطيع دائمًا».

وجاءت تصريحات «ميلا» كاشفة عن حقيقة يعرفها كل متابعي كرة القدم، وهي قوة شخصية الفريق الكاميروني، تلك الشخصية التي تجلب الانتصارات والألقاب، رغم الأزمات التي يعانيها الفريق الحالي.

وربما لا يبرز في هذا جيل لاعب واحد ضمن التشكيلة الكاميرونية في الملاعب الأوروبية، ولم تتعلق قلوب الجمهور العاشق للكرة في مصر بأي منهم، ولا يعرف أحد تشكيلة المنتخب الكاميروني مثلما يحفظ الجميع التشكيلة المرعبة للمغرب أو السنغال أو الجزائر وغيرها، لكن ما قد يجهله كثيرين، أن هناك منتخبات وأندية لا يتطلب الأمر أن تكون في أفضل حالة كي تعانق كأس البطولة، فشخصية البطل مع بعض التنظيم التكتيكي، وخلق الدوافع بشكل جيد، يجدون أنفسهم فوق الجميع. 

أما عن الشكل الفني والخططي للفريق، فإن الفترة القصيرة لـ"سيدورف"، اتسمت بـ«التوهان»، وعدم الاستقرار على استراتيجية أو طريقة بعينها.

بدأ الهولندي بـخطة  «4، 2، 3، 1»، ثم تحول إلى «4، 3، 3»، واختتم بطريقة «4، 4، 2»، وربما يكون من الجيد قدرته على انتهاج أكثر من طريقة لعب، متمتعا بالمرونة التي تمنح الفريق سهولة التحول حسب مجريات المباراة وشكل الخصوم، لكن ذلك لم يكن السبب في تنوع الأشكال العددية لـ"سيدروف" الذي لم يلعب سوى 6 مباريات، لم يستقر خلالها على الشكل الأمثل لطريقة الأسود.

الفكر الهجومي والسرعات أهم سمات التشكيلة.. والرهان على قوة الحارس

إذا تحدثنا عن سمات «سيدورف» مع الكاميرون، بعيدًا عن تخبط البدايات، فإن أبرز ما يميزه هو فكره الهجومي، وسعيه الدائم للاستحواذ على الكرة، واللعب في المناطق المتقدمة ورغبته في الضغط الأمامي المستمر وعدم ترك الكرة للخصوم، لكن مع وجود مشكلات دفاعية تتمثل في ترك مساحات واسعة في الخطوط الخلفية، فلم تأت النتائج على ما يرام.

وتغيب مساحة الابتكار الفردي للاعبي الكاميرون مع «سيدورف»، فلم يظهر اللاعب المراوغ، أو اللاعب الماكر صاحب الحلول الاستثنائية، واقتصرت الحلول الفردية للخط الأمامي على القوة والسرعة وحسب.

وقبل الخوض في تفاصيل التشكيلة التي سيلجأ إليها «سيدورف»، علينا أن نتيقن بأن الكاميرون تمتلك سلاح يفتقده غيرها من المنافسين، ويمثل عاملا بارزًا من الممكن أن يقلب الأمور ويبدل الأوضاع، وهو الحارس العملاق أندريه أونانا، الذي قدم موسمًا خياليًا مع أياكس أمستردام، ويمتلك من المقومات والذكاء، ما يجعله سدًا منيعًا في مرماه، قائدًا لزملائه، ومحركًا خلفيًا يضبط بوصلة الدفاع.

ويعتمد «سيدورف» على خط دفاع يتميز بالقوة البدنية، والقدرة على التمركز الجيد، وسيكون بين أفضل خطوط الدفاع إذا كان هناك عملًا أكثر تنظيمًا في الخطوط الأخرى التي لم تقدم العون المطلوب خلال مشوار التصفيات.

وأظهر الهولندي اعتماده على قلبي الدفاع الرائعين "نجادو"، لاعب سلافيا براج التشيكي، و"أوينجو"، لاعب مونبيله الفرنسي، وعلى الطرفين يقبع في الجهة اليسرى ظهير برايتون الإنجليزي جايتان بونج، الذي يُعد بين أهم نقاط قوة الفريق، ويقدم أدوار كبيرة على المستويين الدفاعي والهجومي، وعلى الجبهة اليسرى يأتي كولينز فاي، لاعب ستاندر دو لييج البلجيكي، أحد اللاعبين المميزين الذين قدموا أداء ثابتًا في السنوات الأخيرة.

وفي وسط الملعب يعتمد «سيدورف» في بعض الأحيان على لاعبي ارتكاز، وفي أحيان أخرى يدفع بثلاثي من بين 4 أسماء هي زامبو أنجيسا، لاعب فولهام الإنجليزي، ويلفريد كابتوم، لاعب برشلونة السابق وريال بتيس الحالي، وجورج ماندجيك المحترف بدوري الكيان الصهيوني، وأرنود دجوم، المحترف بالدوري الإسكتلندي.

ويعد اللاعبان "زامبو" و"كابتوم" هما الاسمين الأبرز في خط الوسط، يعلق الجمهور الكاميروني عليهما آمالًا كبيرة، ويمكنهما تقديم الكثير إذا أجاد «سيدورف» توظيف أدوارهما. 

وفي الخط الأمامي يعتمد الهولندي على 3 مهاجمين، أبرزهم "موتينج"، نجم باريس سان جيرمان، وكلينتون موانجي، لاعب مارسيليا، ويفاضل بين "باسوجوج" الذي يلعب في الدوري الصيني، و"إكامبي" مهاجم فياريال الإسباني المتألق.

وتتميز التركيبة الهجومية لـ"الأسود" بالسرعات الكبيرة، والقدرة على كسب الصراعات الثنائية بدنيًا، ويتألق "إكامبي" في الأونة الأخيرة بأدوار رائعة، جعلته أحد أبرز نجوم الليجا، بإجادته للمراوغة والسرعة الكبيرة إضافة إلى كونه هداف من طراز فريد.

ويحتاج «سيدورف» إلى ضبط الأدوار الدفاعية للاعبي الوسط والخط الأمامي، وأن يوازن ما بين الرغبة الدائمة في امتلاك الكرة، وضرورة إغلاق المساحات بالثلث الأخير، ما يمكنه من كتابة تاريخ رائع مع الأسود.