رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحليل الكان 1 .. مشاكل قائمة الفراعنة وحلول لأزمات أجيري

الكابتن

منذ إعلان المكسيكي خافيير أجيري، المدير الفنى للمنتخب الوطنى، عن قائمة الفراعنة التي ستشارك في البطولة لم تتوقف الانتقادات الموجهة إلى الجهاز الفني، لكن هل كان المدير الفني محقا في اختياراته أم أنه جامل البعض على حساب الآخرين؟.

هنا سنبحث في حظوظ المنتخب المصري، وأدوات «أجيري» لتحقيق اللقب، وكيف يعالج القصور الذي قد يواجهه بسبب اختياراته وتجاهله بعض الأسماء التي كان بمقدورها الإضافة خاصة في الناحية الهجومية؟.

1.. قلة عدد أصحاب الأدوار الهجومية والتركيز على المدافعين أكبر أزمة فى "قائمة أجيري"

في منتخب فرنسا استبعد ديديه ديشامب مهاجم آرسنال الرائع ألكساندر لاجازيت، من قائمة المونديال، ومعه أنطونيو مارسيال جناح مانشستر يونايتد، وواجه انتقادات شديدة حينها، لكن في النهاية الجميع صفق له وهو يُعيد فرنسا إلى منصة التتويج بالذهب.

قبل أيام قليلة أيضَا اشتبك أحد الصحفيين الفرنسيين مع "ديشامب" بسبب استبعاده المستمر للمدافع الرائع إيمريك لابورتي، و"لابورتي" لمن لا يعرفه هو أهم مدافعي بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي، وثان أفضل مدافعي الدوري الإنجليزي بعد فان دايك، وربما في العالم، وهو الرجل الذي رفض ارتداء قميص منتخب إسبانيا رغم ضغوط كبيرة مورست عليه تمسكًا بمنتخب بلاده.

في بلجيكا استبعد "يانجولان" من قائمة كأس العالم أيضًا وحصد الفريق البرونز بعد إقصاء السامبا في مونديال سيبقي في ذاكرة كل بلجيكي.
ما نقصد قوله هنا أنه مهما تبدلت الأسماء ستأتي الاعتراضات، هذا هو عالم كرة القدم.

في حقيقة الأمر لا يستحق أي اسم خارج قائمة «كان» أن تدافع عنه لمجرد اسمه، لكن الخلاف الوحيد الذي قد يدفعنا إلى الاشتباك مع "أجيري" هي فلسفة الاختيارات التي تجاهل فيها زيادة عدد اللاعبين أصحاب الأدوار الهجومية وركز على المدافعين وهو طريق سيخلق بالنهاية صعوبات كبيرة خلال المباريات وفي مشوار البطولة.. كيف؟

إذا نظرنا إلى الشكل الهجومي لمنتخب مصر سنجده مكونا من محمد صلاح يمينًا، وتريزيجيه يسارًا، وبينهم عبدالله السعيد وفي الهجوم مروان محسن.

تخيل إذا تعقدت الأمور في إحدى المباريات، كيف ستكون الحلول على دكة البدلاء: «وليد سليمان وعمرو وردة».. هل تعتقد بأن تلك الحلول كافية؟.

هنا لا نقلل من "سليمان" أو "وردة"، لكن المنطق يقول أنك مطالب بتكثيف عدد اللاعبين القادرين على تطوير الأداء الهجومي بدلًا من تكثيف المدافعين الذين لن يشاركوا بالأساس.

سيلعب منتخب مصر بقلبي دفاع أحمد حجازي، وإلى جواره باهر المحمدي، إذا أصيب أحدهما فهناك محمود علاء، وإذا كانت الحاجة لمدافع رابع - وهذا لا يحدث كثيرًا في بطولة مجمعة تقام خلال أقل من شهر- سيكون لديك اثنين آخرين هم أيمن أشرف، وأحمد أيمن منصور، يمكن لكلاهما اللعب في هذا المركز وفي الظهير الأيسر، هل أنت في حاجة إلى مدافع خامس هنا؟.. ما الدافع وراء وجود محمود الونش وأحمد فتوح إذا؟.

ألم يكن من الأجدى لـ«أجيري» أن يستعين بمطور أداء ثالث مع "وردة" و"سليمان"؟

هنا كان لابد من استدعاء "كهربا"، أو رمضان صبحي، أو صالح جمعة أي لاعب يمكن استخدامه لتطوير الأداء أو مواجهة النقص المحتمل.

كما ضم "أجيري" كلًا من مروان محسن وأحمد علي و"كوكا" في مركز المهاجم الصريح، وسيلعب بواحد منهم فقط في التشكيلة الأساسية وسيحتاج لبديل له.

إذا فكر «أجيري» في تغيير الطريقة للعب بمهاجمين صريحين سيتحول "صلاح" إلى العمق ولن يحتاج أيضَا سوى لمهاجم واحد من الثلاثي المذكور، ويكفي بديل واحد.. فلماذا ثلاثة لاعبين في مركز واحد «المهاجم الصريح» يمكن أن يكون صلاح رابعهم أيضَا رغم أن هناك أماكن لا يوجد فيها بدائل كافية؟

لن نختلف مع «أجيري» في الأسماء، وسيقتصر الخلاف حول فلسفة الاختيارات التي أضرت بالطبع بالشكل الهجومي للمنتخب، وشهدت انحيازًا غير مبررًا للكثافة العددية في الخط الخلفي وهذا سيجعل دكة البدلاء هي أكبر أزمات القائمة الحالية للفراعنة.

العودة للطريقة القديمة فى اللعب «ممكنة».. ومهام كبرى لـ"الننى" وطارق حامد

انتهينا من قراءة قائمة "أجيري"، اختلفنا معه في جزئيات واتفقنا في آخرى.. ماذا بعد؟، وكيف سيكون شكلنا الخططي؟.

راهن «أجيري» منذ مجيئه على استبدال طريقته إلى 4/3/3، وعلى الورق تتحول في الحالة الهجومية إلى 3/4/3 بعودة لاعب الارتكاز للتحضير بالتمركز بين قلبي الدفاع وصعود الظهيرين على أطراف الملعب.

ساعد المدير الفني في ذلك ضعف خصوم التصفيات ووجود المساحة لتجريب بعض العناصر قد لا تكون صالحة في مواجهة كبيرة مثل تلك المرتقبة في البطولة.

إذا أصر «أجيري» على الشكل ذاته فإنه سيواجه بعض المشكلات، أولها أن طارق حامد لاعب الارتكاز لا يُجيد البناء من الخلف والقيام بأدوار صناعة اللعب من الثلث الأخير للملعب، فهو قاطع كرات من طراز فريد، ومقاتل يطارد الخصم أينما ذهب لذلك ستكون مهمته صعبة هنا.

بخلاف «حامد» ربما يكون "النني" هو الاختيار الثاني لتنفيذ تلك المهمة، لكن أزمة جديدة قد تبرز، وهيّ أن تحول طارق حامد إلى لاعب صانع ألعاب بجوار عبدالله السعيد أمر مستحيل للغاية، والبدء بوليد سليمان مع "السعيد" أيضًا ليس في حسابات «أجيري»، سواء لعدم جاهزية السعيد الكاملة أو لأن ذلك سيؤثر على القوة الدفاعية للفريق بالوسط.

هنا قد يكون «أجيري» مضطرَا للاعتماد على طارق حامد في أدوار على غزال القديمة، على أن يعود "النني" وعبدالله السعيد لتسلم الكرة من مناطق متأخرة وإعفاء طارق حامد من مهمة البناء، ويقتصر دوره على مجرد التمركز بين قلبي الدفاع لإعطاء الحرية للظهيرين أيمن أشرف في اليسار وأحمد المحمدي في اليمين بالصعود إلى الثلث الهجومي.

سيناريو آخر بديل جربه «أجيري» من قبل وهو الاعتماد على عمرو وردة في مركز صناعة اللعب، وإذا جاور "وردة" زميله عبد الله السعيد في عمق الملعب، سيكون بمقدور المدير الفني الرهان على "النني" كمحطة صناعة لعب من الخلف، لكنه هنا سيخسر مقاتل كبير في وسط الملعب مثل طارق حامد، كما ستصبح دكة البدلاء لديه ضعيفة للغاية ولا تمتلك حلولًا هجومية كبيرة، فهذا الشكل «وردة مع السعيد» قد يصلح لوقت قصير من اللقاء عندما تتأزم الأمور ويكون في حاجة إلى تكثيف العدد في المناطق الأمامية.

كما أنه بمقدور «أجيري» العودة للطريقة الاعتيادية للكرة المصرية وهي 4/2/3 /1 ، وفيها يكون على طارق حامد و"النني" مسئولية مهمة وكبيرة وهي تغطية عرض الملعب، وتسلم الكرات من قلبي الدفاع.

ويكتفي «أجيري» من خلال الطريقة السابقة بصعود أحد الظهيرين «المحمدي وأشرف» فقط في الحالة الهجومية على أن يبقى الآخر كمدافع ثالث لذلك تبقى فكرة استبدال الطريقة الحالية لـ"أجيري" واردة بقوة.

ثنائية «مو - المحمدى» وصحوة تريزيجيه ودوافع السعيد وسليمان.. الفرديات تحسم أحيانًا

ربما تحاصرك كثير من الأزمات الخططية والفنية، وتعاني قصور تكتيكي كبير، وربما ينقصك بعض العناصر والمراكز المهمة، وفي النهاية تحقق النجاحات وتكسب البطولات بفضل فرديات، هذا جزء أصيل في كرة القدم لا يمكننا تجاهله.

في هذه النسخة بالتحديد ربما يتميز المنتخب المصري بالأمور الفردية عن الشكل التكتيكي والجماعي.

لدينا محمد صلاح الذي يعيش أفضل حالاته وبعيدًا عن إمكانياته وقدراته الكبيرة فهو يمتلك دوافع غير عادية للتتويج باللقب، رغبة في أن يُكتب اسمه في تاريخ الكبار بالقارة من جهة، وأملًا في الحفاظ على لقب أفضل لاعب بالقارة السمراء من جهة أخرى، خاصة أن منافسه الشرس السنغالي ساديو ماني يأتي برغبة كبيرة في تتويج بلاده لخطف اللقب من قلب القاهرة.

"صلاح" يعيش مرحلة جيدة، واستعاد مستواه بشكل كامل في الأونة الأخيرة، ويأتي مدفوعًا بدعم إعلامي وجماهيري غير مسبوق لم يحظى أي لاعب في تاريخ مصر بمثله.

كما سيعينه هذه المرة لاعب كبير بحجم أحمد المحمدي الذي سيلعب خلفه في الجهة اليمني، وهذا يجعلنا ننتظر جهة رائعة ربما تكون سر الانتصار والطريق الأقرب إلى لقب البطولة.

واحدة من أبرز العوامل التي ساعدت «صلاح» على التألق مع ليفربول هو ثنائيته مع ظهير أيمن رائع مثل أرنولد، يُجيد التقدم وصناعة التمريرات البينية ويقرأ تحركات "صلاح" بشكل رائع، وهنا ربما يكون "المحمدي" خير معوض له.

"المحمدي" في الأونة الأخيرة قاد فريقه أستون فيلا للعودة إلى البريميرليج ويمتلك دوافع كبيرة لرفع كأس البطولة لأول مرة وهو قائد للفريق المصري.

ويتيمز «المحمدي» بإرسال الكرات الطولية خلف المدافعين والكرات العرضية الرائعة، عوضًا عن قوته البدنية في الاحتكاك والدفاع، وكلها أمور ستساعد "صلاح".

كما يحب "المحمدي" التقدم إلى الأمام كثيرًا، وهذا سيمنح "صلاح" حرية كبير في التحرر من مركزه بالجناح الأيمن ودخول عمق الملعب ومنطقة جزاء الخصوم كيفما يشاء، وفيها فوائد كبيرة للمنتخب.

بالإضافة لذلك يعيش نجم الأهلي السابق محمود حسن الشهير بـ«تريزيجيه» فترة رائعة مع فريقه قاسم باشا التركي، ويقدم مردودًا رائعًا، يجعله من بين الفرسان الذين يراهن عليهم الجمهور المصري.

«تريزيجيه» من بين لاعبين قلائل يمكنهم خلق الفرص من مجهود فردي، وحمل من صغره ثقافة الحواري، وحب امتلاك الكرة والجري بها، ومراوغة كل من يقابله بالسرعة والاختراق وهيّ حلول جريئة غالبًا ما تحتاجها في مواجهة العامل البدني.

بعد "تريزيجيه" يأتي عبدالله السعيد الذي انضم إلى صفوف الفراعنة بعد جدل كبير، ولأنها البطولة الأخيرة له مع المنتخب الوطني فإنه يمتلك دوافع أكبر من أي شخص آخر، وسيضاعف من مجهوداته ليختتم مسيرته بشكل يليق باسمه وتاريخه الكبير مع الأهلي والمنتخب.
غاب «السعيد» عن تشكيلة "أجيري" طوال الفترة الماضية لكنه حضر بالنهاية وأثبت بأنه لا يوجد من يعوضه في مصر بالفترة الحالية لذلك سيسعى لتكريث ذلك المفهوم والتأكيد على أنه لا سعيد سوى واحد فقط.

وكذلك وليد سليمان الذي جاء في القائمة بحملة جماهيرية ودعم غير مسبوق، فبعدما أعلن اعتزاله اللعب الدولي، وجد نفسه يزين قائمة المنتخب الوطني.

«سليمان» تؤهله خبراته الطويلة ليكون سلاح مهم للغاية في الثلث الأخير من المباريات عندما يحل بديلًا لتطوير الأداء، ويمتلك القدرة على أن يُشكل خطورة كبيرة ويُعين رفاقه على إحداث تغيير كبير على المستوى الهجومي.

عندما يحصل صانع ألعاب الأهلي على راحة ويجد من يعينه على المسئولية مثلما الحال في المنتخب تأكد بأنك ستجد مردودًا رائعًا وسيمثل أحد أهم العوامل التي قد تساعد في تتويج الفراعنة باللقب.