رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل فشل لاسارتي مع الأهلي حقًا؟

الكابتن

ما بين قطاع ثائر ضد الأورجوياني مارتن لاسارتي، وآخر يدعو إلى الاستقرار لتجنب مزيد من التخبط في مرحلة الحسم ببطولة الدوري العام، انقسم جمهور الأهلي بعد الهزيمة من بيراميدز حول مصير الجهاز الفني للفريق، تمامًا مثلما تضاربت الرؤى والمواقف داخل المجلس.

فهل فشل الأوروجوياني حقًا مع الأهلى؟، ولماذ سقط الأهلى مجددًا أمام بيراميدز؟، وكيف ينقذ «بيبو» ورفاقه الموسم الأحمر من الضياع؟.. تساؤلات عدّة يُجيب عنها «الكابتن» في السطور التالية.

بداية، وبالنظر إلى أرقام الأورجوياني محليًا، فإننا أمام واحد من أنجح المدربين الذين قادوا الأهلي في السنوات الأخيرة، وتقترب نسبة تحقيقه للفوز من أرقام أبرز وأهم المدربين في العالم .

وبصرف النظر عن قصر المدة التي تولى فيها الأورجوياني قيادة الأهلي والبالغة 4 أشهر، فإن نسبة الفوز التي فاقت الـ 76% بتحقيق 10 مكاسب، وهزيمتين وتعادل وحيد، هي نسبة لا يحققها غالبًا سوى صاحب اللقب، والبطل الحقيقي لأي بطولة دوري في العالم.

نجح لاسارتي نظريًا وبأرقامه الرائعة في إعادة فريق مترهل وبعيد تمامًا عن مناطق المنافسة إلى القمة بسرعة الصاروخ، وأصبح بين عشية وضحاها منافسًا على اللقب، لكنه لم يفلح بعد في استعادة شخصية وهوية الأهلي، ولم يستطع نيل ثقة جمهوره أو أحتى أغلبية مجلس إدارته، وحتى لاعبيه تسرب إلى كثير منهم عدم مقدرته على قيادة السفينة الحمراء إلى بر الأمان، فلماذا حدث ذلك؟

في حقيقة الأمر وإن بحثنا عن سبب جاد لتوتر العلاقة بين لاسارتي وباقى أطراف المنظومة الأهلاوية فلاشك بأن كارثة صن داونز، أحدثت شرخًا كبيرًا في العلاقة لا يمكن ترميمه في وقت قصير، وجعل التماس الأعذار مجددًا أمرًا غير مقبول، بل غيب لغة المنطق عند الكثيرين وجعلهم غير راغبين في استمرار الرجل لمجر التصاق اسمه بالفضيحة التاريخية أمام بطل جنوب إفريقيا.

إلى جانب ما جرى للأهلي أمام صن داونز، لم يكن الأورجوياني محظوظًا بخسارة أهم الأوراق في أصعب الأوقات.

فبعد بداية رائعة وشكل جديد للأهلي اعتمد فيها لاسارتي علي تبديل طريقة اللعب وانتهاج شكل جديد راهن فيه على التحول من طريقة 4/2/3/1 إلى أشكال خططية جديدة أكثر مرونة، سقط منه كريم نيدفيد أهم الأوراق التي اعتمد عليها لاسارتي في الشكل الخططي الجديد، وغاب اللاعب الذي بفضله يتبدل الشكل العددي داخل الملعب وتتحول الطريقة من وضع إلى آخر مختلف، بفضل أدواره المزدوجة.

كما لم يكن لاسارتي محظوظًا لما خسر جهود جيرالدوا الذي تألق معه في انطلاقة الدوري، بسبب عدم قيده في القائمة الإفريقية، فعندما يتألق اللاعب محليًا ويكون ركيزة أساسية، تجد نفسك مضطرًا بعدها في تبديله بلاعب آخر، وهذا أثر نسبيًا على شكل الفريق.

وزادت المصائب بعدم قيد صالح جمعة أيضًا، اللاعب الذي يؤمن به لاسارتي كثيرًا، فلما تعثر ناصر ماهر لم يجد الأهلي صانعًا للعب في البطولة الإفريقية بالتحديد.

إلى جانب كل هذه المشكلات انضم حمدي فتحي و رمضان صبحي ومحمد هاني مؤخرًا إلى قائمة الغائبين، وخسارة صبحي بالتحديد تٌعني خسارة الأهلي للأداة التي تمنحه التحكم في رتم اللقاء، والسيطرة علي منتصف الملعب، فبفضل قدرات صبحي في الوقوف علي الكرة وتهدئة الرتم يُجيد الأهلي دائمًا السيطرة علي المباراة، وبفضله أيضًا يعرف كيف يطور الأداء في الثلث الأخيرة عبر مراوغاته وتمريراته الرائعة.

ضف إلى كل هذه المشكلات أن كل هذه الصفقات الجديدة خلال 4 أشهر لا يمكنك أن تنتظر منها أن تقدم أكثر من ذلك علي الأقل محليًا، فمن غير المعقول أن يقدم ياسر إبراهيم، وصبحي، وجيرالدو، والشحات، كل ما لديهم ويتأقلموا علي الوضع داخل الفريق في هذه الفترة الوجيزة.

أعذار كثيرة يمكن أن نلتمسها إلى المدرب الأورجوياني، ولغة الأرقام قد تنحاز إليه، لكن هل هذا يعني أنه لم يخطأ؟

مؤكد أن لاسارتي كان جزءً رئيسيًا من السوء الذي عاناه الأهلي مؤخرًا، وكان بمقدوره أن يحمى الأهلي من هذه السقطات رغم كل الأزمات التي حاصرته، لكنه ظهر مرتبكًا كثيرًا خاصة في استبداله طريقة اللعب.

رغم بدايته القوية عندما قرر لاسارتي التخلي عن لاعبي ارتكاز دفاعيين، والدفع بأصحاب الكرة الهجومية في منطقة الارتكاز لتطوير الفريق بالثلث الأخير من الملعب والوصول إلى مناطق الخطورة عند الخصوم بشكل أسرع وأسهل، فاجئنا بالعودة إلى الشكل التقليدي وعاد من جديد يراهن على الثنائية الأسوء (عاشور _السولية) ومعها عاد الأهلي إلى بلادته الهجومية، وعجز عن خلق الفرص كما كانت الأمور في البدايات.

كما أدى تخبط لاسارتي وتعدد رهاناته في استخدام أشكال خططية عدّة في حرمان الفريق من الاستقرار علي شكل خططي، واكتشاف شخصيته التي يفرضها على الخصوم، فتارة يلعب بـ 4/2/3/1 ، وآخري 4/1/4/1 ، وثالثة لجأ فيها إلى 4/3/3 الدفاعية التي راهن فيها على ثلاثي ارتكاز قوي لا يُجيد سوى الضغط والدفاع ومع الأخيرة كانت مصيبة صن داونز.

المرونة أمر مهم، والقدرة علي التحول من شكل إلى آخر ضرورة، لكن الاستقرار على فلسفة وشكل خططي بعينه يمكن التحول من خلاله داخل الملعب إلى أشكال آخرى فرض لا بد منه، وهذا ما عجز عنه لاسارتي، وعليه أن يضعه نصب عينه في الفترة المقبلة.

تثبيت الشكل والطريقة واكتشاف شخصية للأهلي هو التحدٍ الأبرز لمدرب الأهلي، وعليه الإيمان من جديد بأنه حان أن يراهن علي أصحاب المهارات العالية لا المدافعين في وسط الملعب، فالعالم يتبدل من حولنا، ولا زال الأهلي وحده يٌصر علي لاعبي ارتكاز دفاعيين.

على لاسارتي أن ينظر إلى جروس ويستفيد من الكيفية التي يتعامل من خلالها مع غياب فرجاني ساسي أهم لاعبي الزمالك، فلم يلجأ إلى محمود عبد العزيز زيزو الذي يميل إلى الأدوار الدفاعية أكثر، أو مثيله محمد حسن، بل كان اصراره علي اللاعبين المهرة أصحاب الأدوار الهجومية هو الرهان الذي تحدى به منتقديه من جمهور الزمالك منذ اليوم الأول له وما زال يتمسك به، فدفع بمحمد إبراهيم كصانع ألعاب إضافي مع يوسف أوباما.

الأهلي يمتلك التفصيلة الأفضل، والنوعية الأبرز في مصر، فوجود ناصر ماهر مع صالح جمعة، وعودة وليد سليمان أمور تحتم على المدير الفني أن يُطلق فكرة الإصرار علي عاشور والسولية، وأن يبدأ من جديد في الرهان علي ثنائي يُجيد التطوير الهجومي في عمق الملعب حتى لا تتفاقم الأمور.

أمام الأهلي 8 مباريات ببطولة الدوري العام، يستطيع الفوز بالدوري اذا فاز بها جميعًا بصرف النظر عن أي نتائج آخرى، لكن ذلك لن يتحقق سوى بنظر لاسارتي إلى عيوبه وإيجاد حلول لها، بينما سيكون مخطئًا تمامًا إذا اعتقد أن الحلول نفسها قد تؤدي إلى نتائج جديدة.