رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

مباريات غيرت التاريخ «3».. عندما ساعد محمد شوقى دروجبا فى منع إراقة مزيد من الدماء فى كوت ديفوار

دروجبا
دروجبا

كرة القدم هي أفيون الشعب كما يُقال، هي الملاذ الوحيد للترفيه عن النفس في شعوب كثيرة حول العالم، هي معشوقة الجماهير الأولى عالميًا.

« مباريات غيرت التاريخ» هو عنوان لسلسلة، نستعرض فيها على مدار أيام شهر رمضان المبارك، عددا من المباريات التي غيرت في تاريخ الساحرة المستديرة أو العالم أجمع.

وفي ثالث حلقاتنا، نستعرض قصة المباراة التي منعت إراقة دماء الشعب الإيفواري بعد حرب أهلية استمرت لـ 5 سنوات.

في شهر أكتوبر لعام 2005، تواجدت منتخبات مصر والكاميرون وكوت ديفوار والسودان في مجموعة واحدة من التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم 2006.

الصراع كان محتدمًا في الجولة الأخيرة بين كوت ديفوار والكاميرون، الأولى كانت ستواجه السودان في السودان، أما الكاميرون كانت ستستضيف منتخبنا الوطني في ياوندي، والأفضلية لهم، فالانتصار يعني تأهلهم للمونديال.

في ذلك الوقت، كانت الحرب الأهلية مشتعلة في كوت ديفوار، منطقة الجنوب تحكمها الدولة والحكومة، أما الشمال وتحديدًا مدينة بواكي والتي كانت مقرًا للمتمردين منذ عام 2002.

المنتخب الإيفواري استطاع الانتصار على نظيره السوداني على ملعب المريخ.. جيل ذهبي بقيادة دروجبا وكولو توريه وزوكورا كان يمني النفس بانتهاء مباراة الفراعنة أمام الكاميرون بأي نتيجة غير انتصار رفاق صامويل إيتو، حتى يستطيعوا تحقيق حلم التأهل للمونديال للمرة الأولى في تاريخهم.

منتخب الكاميرون كان متقدمًا، حتى تعادل محمد شوقي لمنتخبنا، لكن الكاميرونيين تحصلوا على ضربة جزاء في الدقيقة الأخيرة، ليحبس رفاق دروجبا أنفاسهم وهم يرتقبون نتيجة اللقاء.. انتهى اللقاء بالتعادل بعد ضياع الركلة الجزائية، وتأهل الإيفواريون للمونديال.

فى ظل فرحة التأهل التاريخية لكأس العالم في كوت ديفوار، أمسك قائد المنتخب ديديه دروجبا الميكروفون و جلس على ركبته هو و باقى زملائه في الفريق ووجه مناشدة لإيقاف الحرب الأهلية.

كلمات دروجبا جاءت كالآتي: رجال ونساء كوت ديفوار،من الشمال والجنوب والوسط والغرب ، أثبتنا اليوم أن جميع سكان ساحل العاج يمكنهم التعايش واللعب معًا بهدف مشترك - التأهل لكأس العالم."

وأضاف:"وعدناكم أن الاحتفالات ستوحد الناس - اليوم نرجوكم على ركبنا،البلد الوحيد في إفريقيا الذي يمتلك الكثير من الثروات يجب ألا ينزلق إلى الحرب. من فضلك ألقوا أسلحتكم وأجرِوا الانتخابات.. نريد أن نحظى بالمرح ، لذا توقفوا عن إطلاق النار من بنادقكم."

الجميع في كوت ديفوار احتفل في تلك الليلة، نسوا ليوم أنهم منقسمين، حتى أنهم تجمعوا أمام السفارة المصرية هناك لإظهار تقديرهم وشكرهم بعد تعادل الفراعنة أمام الكاميرون، عادت الحرب واستمرت بعد ذلك، لكنها كانت بمثابة بارقة أمل على إمكانية إنهاء ذلك الصراع.

كان الإعلام الإيفواري يعيد تشغيل خطاب دروجبا مرارًا وتكرارًا.. الحرب كانت مستمرة، لكن بدا أنه من الممكن إنهاء تلك الحرب.

وفي عام 2007، كان مقررًا أن تقام مباراة بين كوت ديفوار ومدغشقر في العاصمة أبيدجان.. دروجبا طلب نقل المباراة لمركز الصراع، مدينة بواكي، بعد أن كان وعد أهلها بذلك بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب إفريقي العام السابق.. أقيمت المباراة في بواكي، وألقى الجميع أسلحته، انتهت الحرب الأهلية بين الطرفين وإن كانت كوت ديفوار غارقة في الصراعات حتى يومنا هذا، لكن أشرس الحروب توقفت بسبب مباراة كرة قدم، وبداية تلك الهدنة كان هدف محمد شوقي في شباك الكاميرون.