رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

صلاح والنني .. على الحلوة والمرة معاه (2)

محمد صلاح والنني
محمد صلاح والنني

أحياناً قد تلعب الصدفة دوراً في تشابه موقف لاعب ما مع زميلٍ له.. ربما تتقاطع السبل بين لاعبَين في موقف ما.. يجتمعان في فريق ما مرتين أو يشتركان معا في إنجاز معين.. أما فيما يتعلق بأ(محمد صلاح) لاعب ليفربول ورفيق دربه (محمد النني) لاعب آرسنال، فالأمر ربما يختلف قليلا فيما يبدو.. لقد لعب القدر دوراً ما ليسلك النجمان الكبيران درباً واحداً.

وأعلن الاتحاد المصري لكرة القدم مساء الاثنين إيجابية عينة اختبار فيروس كورونا لنجم منتخب مصر الأول محمد النني بعد ظهور نتيجة المسحة التي خضع لها أعضاء الفريق عقب وصولهم توجو عشية مباراة المنتخبين ضمن منافسات الجولة الرابعة لتصفيات إفريقيا المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الإفريقية المقبلة والمقرر إقامتها بالكاميرون.

وجاء إعلان إصابة نجم أرسنال بكوفيد 19 ليصبح اللاعب الثاني الذي تتأكد إصابته بالفيروس ضمن صفوف المنتخب بالمعسكر الحالي بعد محمد صلاح جناح ليفربول الإنجليزي ليتأكد غياب الثنائي عن مباراة العودة.

إصابة النجمين الكبيرين بكوفيد في نفس التوقيت لم تكن المفارقة الأولى في مسيرتهما بل إنها جاءت كحلقة جديدة في سلسلة التشابهات المثيرة للانتباه في حياة لاعبَي المنتخب الوطني والتي بدأت منذ مولدهما في الواقع.

في الحلقة الثانية من "صلاح والنني على الحلوة والمرة معاه" نلقي نظرة على عدد لا بأس به من المفارقات التي جمعت بين صلاح والنني والتي وصلت لحد التشابه في بعض الأزمات.

 

الاستقرار الأسري: وراء كل رجل عظيم امرأة

سلطت العديد من الصحف العالمية الضوء أكثر من مرة على الحياة الأسرية لجناح ليفربول، مؤكدةً أهمية الروابط العائلية واستقرارها بالنسبة للاعب الذي أكد مراراً أهمية أسرته التي تشغل الحيز الأكبر من حياته إلى جانب كرة القدم.

وصرح اللاعب وعدد من المحيطين به في عدة مناسبات أن زوجته ماجي هي الحب الأول والأخير في حياته، حيث ارتبطا بعد قصة حب بدأت منذ طفولتهما.



وارتبط صلاح بماجي بعد قصة حب بدأت في مسقط رأسهما نجريج بعد أن تزاملا معا بالمرحلة الإعدادية ليعلنا الارتباط الرسمي عقب احترافه بصفوف بازل مباشرةً لينجبا طفلتيهما مكة وكيان.

ولم يختلف  حال النني في هذا الأمر عن زميله، حيث ارتبط كذلك بزوجته آمال التي التقى بها في مرحلة مبكرة من حياتهما ليتزوجا وينجبا طفليهما مالك وفاطمة وتنتقل الأسرة لتعيش معه في سويسرا ثم إنجلترا بعد ذلك عند انتقاله لصفوف أرسنال.

وأكد النني وصلاح في عدة مناسبات أهمية الحياة الأسرية بالنسبة لكليهما؛ حيث صرحا بأنهما يقضيان أغلب الوقت في المنزل وأنهما لا يميلان لمشاهدة مباريات كرة القدم كثيرا في أوقات فراغهما حيث يفضلان قضاء أكبر وقت ممكن مع أطفالهما.



 

أزمات متشابهة.. الكيان الصهيوني عامل مشترك

في عام 2013 كان محمد صلاح على موعد مع أولى أزماته الكبرى التي أثارت الجدل آنذاك بعد أن أوقعت القرعة فريقه بازل السويسري في مواجهة مع فريق مكابي تل أبيب ممثل الكيان الصهيوني في بطولة الدوري الأوروبي.

ترقبت وسائل الإعلام الرياضية العالمية، خاصةً المصرية منها موقف اللاعب الذي كان قد بدأ يحظى بمتابعة كبيرة من الجمهور المصري بشكل كبير بعد بدايته القوية مع فريقه السويسري.



 وزادت التكهنات حول موقف اللاعب من تلك المواجهة، خاصةً ما يتعلق بالسفر إلى الأراضي المحتلة للعب مباراة أمام فريق يمثل الكيان الصهيوني.

صلاح بدأ بإثارة الجدل مبكراً من المباراة الأولى بعد أن تجنب مصافحة لاعبي الفريق الصهيوني في لقطة ذكية تعمد فيها التوجه لخط التماس بالتزامن مع مراسم مصافحة الفريقين بدعوى الحاجة لتغيير حذائه ليعود مباشرةً للملعب بعد انتهاء مراسم المصافحة.

واشتعلت وسائل الإعلام العالمية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك كرد فعل على هذا التصرف حيث انقسمت الآراء بين الإشادة بذكاء اللاعب وبين مهاجمته بدعوى خلط الرياضة بالسياسة.

وقبل مباراة العودة تلقى فريق بازل تحذيرات من الاتحاد الأوربي وصلت لحد التهديد بفرض عقوبات على الفريق إذا كرر صلاح ما فعله في مباراة الإياب.

إذ إن صلاح في النهاية واضطر للسفر مع فريقه إلى الأراضي المحتلة إلا أنه لجأ لحيلة ذكية جديدة حين قرر مصافحة أعضاء فريق مكابي بكفٍ مضمومة لا تظهر شيئا من الود تجاههم ليغضب الجمهور ويثور على اللاعب.

وعقب هذه اللقطة انهالت عبارات السباب على صلاح طوال أحداث المباراة إلى جانب إطلاق صافرات الاستهجان ضده مع كل لعبة يشترك فيها إلا أنه حافظ على هدوء أعصابه.

نجح صلاح يومها في تسجيل هدفا لفريقه ليحتفل بالسجود في أرضية الملعب مُخلفاً عاصفة من السخط بين جماهير الفريق الصهيوني قبل أن يخرج في نهاية المباراة مصفقا بيديه وهو يبتسم ساخراً من صافرات الاستهجان المحيطة به.

وكان محمد النني بطبيعة الحال طرفاً في هذه الأزمة بحكم تواجده مع صلاح في بازل إلا أنه تعامل مع الموقف بشكل مختلف، خاصة لكونه لم يكن قد بدأ يلعب بشكل كبير مع الفريق الذي كان قد انتقل إليه للتو في ذلك التوقيت.

شرح الننيي كيفية تعامله مع الموقف لاحقاً في تصريحات صحفية قائلا: "كنت أنظر للعب في إسرائيل بنظرة مختلفة لأنني أؤمن أن الهروب من الحرب ليس صائبا، فاللعب هناك وتسجيل هدف والسجود كما فعل صلاح أفضل من رفض السفر إلى هناك.

الفوز هناك كان يعني الانتصار دون أسلحة، فهي حرب نفسية وفوز بازل هناك كان بمثل انتصار لنا كمصريين على إسرائيل، ولذلك كان رأيي منذ القرعة أن أسافر إلى إسرائيل، ونقلت رأيي ذلك لصلاح".


النني نفسه كان بطلا لأزمة مشابهة في أبريل 2019 حين نشر صورة له برفقة زميله الألماني بيرند لينو أمام طائرة ظهر عليها علم الكيان الصهيوني أثناء الاستعداد لرحلة مع فريقه أرسنال عشية مواجهة نابولي الإيطالي في إياب ربع نهائي بطولة الدوري الأوروبي.

وعلى إثر هذه الصورة تعرض النني لسيل من الانتقادات دفعه لتعديلها وإخفاء العلم, وكتب عليها: "لا يزال أمامنا 90 دقيقة من اللعب، أتطلع للقاء مثير جدا ليل غد، حان وقت الإقلاع الآن إلى نابولي".

الانتقال لإنجلترا.. خفوت ثم لمعان.


الوجه الأكثر إشراقا في قصة صلاح والنني تمثل في انتقالهما للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز - أقوى دوري في العالم - من وجهة نظر الكثيرين بل أنهما انتقلا مباشرةً للعب تحت قيادة أسماء من أفضل مدربي العالم ولحساب فرق من ضمن الأعظم في تاريخ المسابقة الإنجليزية العريقة.


وفي هذه المرة لم يتطابق السيناريو تماما كالعادة حيث أن كان لكل من النجمين قصة مختلفة اتفقا فيها على البداية الخافتة قبل التحول نحو اللمعان الباهر.

ومثلما حدث عند انتقالهما لبازل فقد سبق صلاح زميله أيضا هذه المرة في خطوة الانتقال نحو بريمير ليج حين تلقى مكالمة خاصة من الاستثنائي جوزيه مورينيو انتقل على إثرها للعب تحت قيادة البرتغالي في صفوف فريق تشيلسي الإنجليزي في يناير 2014.

انتقال صلاح نحو عاصمة الضباب لم يُكلل بالنجاح حيث ظل اللاعب حبيسا لمقاعد البدلاء طوال أغلب فترات الموسم الوحيد الذي قضاه مع البلوز.


ولم يتمكن صلاح من تسجيل أكثر من هدفين في بريمير ليج خلال هذا الموسم جاء أحدهما في شباك أرسنال - الفريق الذي انضم له النني لاحقاً -  في المباراة الشهيرة التي فاز بها البلوز بستة أهداف دون مقابل.


وفي يناير 2015 خرج صلاح مُعاراً إلى فريق فيورونتينا الإطالي باحثاً عن فرصة جديدة للتألق بعيدا عن دكة الاستثنائي.


وقضى صلاح عامين ونصف العام في إيطاليا بين فيورونتينا وروما نفض فيهما التراب عن موهبته ليسطع من جديد في سماء أوروبا قبل أن يعود في صيف عام 2017 إلى بريميرليج من بوابة ليفربول فريقه الحالي الذي صنع معه تاريخا ذهبياً لن يُمحى من سجلات النادي العريق.


أخيراً أصبح ابن قرية نجريج من أساطير ليفربول الحية بعد أن حطم العديد من الأرقام القياسية مع الفريق تحت قيادة مدربه  الألماني الملهم يورجن كلوب.


وبعد عامين من رحيل صلاح عن سويسرا وتحديدا في يناير 2016 آن للنني أن يسلك درب رفيق عمره حين طلب البروفيسير الفرنسي أرسين فينجر التعاقد معه للانتقال إلى صفوف العملاق اللندني أرسنال.


وكان النني في البداية أفضل حالا قليلا من صلاح حيث وضعه فينجر ضمن خطته بشكل أو بآخر إلا أنه لم يكن لاعبا أساسيا على أي حال.


وتدهورت الأمور سريعا بالنسبة للنني حين رحل الفرنسي المخضرم عن مقعد قيادة الجانرز بعد سنوات طويلة قضاها داخل جدران القلعة اللندنية.


وخلفا لفينجر تم تعيين الإسباني أوناي إيمري مديرا فنيا للجانرز ليخرج النني سريعا من حسابات مدرب فيا ريال الحالي ويقرر اللاعب الخروج لاستكشاف فرصه بعيدا عن إنجلترا.


عاد النني إلى الواجهة من جديد عبر بوابة بيشيكتاش التركي الذي انتقل له على سبيل الإعارة لمدة موسم تألق خلاله وحجز مركزا أساسيا في صفوف الفريق الذي جاهد مسؤولوه من أجل الاحتفاظ باللاعب نهائيا أو تجديد الإعارة على الأقل إلا أن الإدارة التركية لم تنجح في التوصل لاتفاق مع اللاعب وفريقه.


النني استغل فترة وجوده في تركيا على أفضل نحو ممكن  حيث استفاد من القوة البدنية والندية الكبيرة التي يشتهر بها الدوري هناك ليتحسن بشكل ملحوظ على المستوى البدني.


وعاد النني إلى الجانرز مطلع هذا الموسم تحت قيادة إسباني آخر وهو المدرب الحالي مايكل أرتيتا الذي زامل النني كلاعب قبل اعتزاله كرة القدم والاتجاه للتدريب.


وعلى عكس إيمري فقد بدا أن أرتيتا يولي النني ثقته الكاملة وشرع في الاعتماد عليه كلاعب أساسي في أغلب مباريات الفريق بالموسم الجاري بل وأنه كان عنصرا أساسيا في جميع مباريات الجانرز ضد الفرق الكبرى منذ بداية الموسم.


ولم يخذل النني مدربه ليقدم أداءا رائعا مع المدفعجية في كل المباريات التي شارك فيها وخاصةً مباراة مانشستر يونايتد التي فاز بها الفريق في أولد ترافورد معقل الشياطين الحمر لينال إشادة مدربه وثناء العديد من متابعي الدوري الإنجليزي الممتاز.

وشرعت الصحافة الإنجليزية في الإشادة بأداء النني والتغني بتأثيره الكبير في خط وسط العملاق اللندني لتبدأ الصحف الإنجليزية في مقارنة تأثيره بالأثر الذي يحدثه مواطنه وزميله المصري محمد صلاح مع ليفربول حامل لقب البريمير ليج.



وأخيراً عاد اسما الثنائي للظهور معاً من جديد بعض إصابتهما بفيروس كورونا في معسكر منتخب مصر ليتأكد غيابهما عن مواجهة توجو التي تنطلق بعد قليل.



ندعو الله  للنجمين الكبيرين بشفائهما وعودتهما سريعاً من أجل المنتخب واستكمال رحلة التألق في الملاعب الإنجليزية.

طالع الحلقة الأولى من " صلاح والنني على الحلوة و المرة معاه"