رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

صلاح والنني ... على الحلوة والمرة معا (1)

محمد صلاح ومحمد النني
محمد صلاح ومحمد النني

أحياناً قد تلعب الصدفة دوراً في تشابه موقف لاعبٍ ما مع زميلٍ له.. ربما تتقاطع السبل بين لاعبَين  في موقف ما.. يجتمعان في فريق ما مرتين أو يشتركان معا في إنجاز معين.. أما فيما يتعلق بـ(محمد صلاح) لاعب ليفربول ورفيق دربه (محمد النني) لاعب آرسنال فالأمر ربما يختلف قليلا فيما يبدو.. لقد لعب القدر دوراً ما ليسلك النجمان الكبيران درباً واحداً.

وأعلن الاتحاد المصري لكرة القدم مساء الإثنين إيجابية عينة اختبار فيروس كورونا لنجم منتخب مصر الأول محمد النني بعد ظهور نتيجة المسحة التي خضع لها أعضاء الفريق عقب وصولهم إلى توجو عشية مباراة المنتخبين ضمن منافسات الجولة الرابعة لتصفيات إفريقيا المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الإفريقية المقبلة والمقرر إقامتها بالكاميرون.

وجاء إعلان إصابة نجم أرسنال  بكوفيد- 19 ليصبح اللاعب الثاني الذي تتأكد إصابته بالفيروس ضمن صفوف المنتخب بالمعسكر الحالي بعد محمد صلاح جناح ليفربول الإنجليزي ليتأكد غياب الثنائي عن مباراة العودة.

إصابة النجمين الكبيرين بكوفيد في نفس التوقيت لم تكن المفارقة الأولى في مسيرتيهما، بل إنها جاءت كحلقة جديدة في سلسلة التشابهات المثيرة للانتباه في حياة لاعبَي المنتخب الوطني والتي بدأت منذ مولدهما في الواقع

في هذا التقرير نلقي نظرة على عدد لا بأس به من المفارقات التي جمعت بين صلاح والنني والتي وصلت لحد التشابه في بعض الأزمات..

 

السن ومحل الميلاد:

يبلغ عمر الثنائي 28 عاماً تقريباً حيث وُلد كلاهُما بمحافظة الغربية في صيف عام 1992, ذلك الشهير بعام الزلزال في مصر.

محمد صلاح الذي وُلِد  في قرية نجريج التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية في الخامس عشر من يونيو 1992 يكبُر رفيق كفاحه محمد النني ب26 يوما فقط حيثُ وُلِد الأخير على بُعد 30 كيلومترا فقط من بسيون وتحديداً بالقرب من منطقة أبوشاهين ضمن نطاق لمركز المحلة الكبرى التابع للمحافظة نفسها في الحادي عشر من يوليو من العام ذاته.

 قصة الكفاح.. النوم مع الكرة ونادي التكوين.

من المعروف عن محمد صلاح أن طريقه لم يكن مفروشا بالورد ودائماً ما يحكي عن بداياته التي يفتخر بها وكيف كان ينتظم  بالمدرسة صباحاً قبل أن يسافر يوميا عبر ثلاث أو أربع من وسائل النقل من مسقط رأسه في نجريج عبر بسيون إلى وسط القاهرة للالتحاق بتدريبات فريقه المقاولون العرب في الجبل الأخضر بحي مدينة نصر.

وكثيراً ما حكى صلاح ومدربوه في الجبل الأخضر عن قصة شغفه وتعلقه بكرة القدم ومجهوداته الدائمة خلال التدريبات من أجل تحسين مهاراته وإثقال نقاط ضعفه لدرجة أنه كان ينام أو يغفو أحيانا من شدة الإعياء والكرة بين أحضانه.

الأمر لا يختلف كثيرا إذا تحدثنا عن محمد النني الذي يحكي في لقاء سابق  عن بداياته الصعبة وكيف كانت والدته- رحمها الل-ه تصطحبه في رحلة يومية عبر القطار من المحلة الكبرى إلى القاهرة للانتظام في تدريبات ناشئي الأهلي قبل اجتماعه مع محمد صلاح في صفوف المقاولين العرب.

ويقول ناصر النني والد اللاعب ومدربه كذلك في مرحلة الطفولة إنه كان يطلب من نجله النوم برفقة الكرة وقتما كان يدربه مع براعم نادي بلدية المحلة قبل انضمامه لصفوف ناشئي الأهلي ليشق طريقه بعد ذلك نحو الجبل الأخضر.

 


ومثلما كان نادي المقاولون العرب هو كلمة السر وصاحب الفضل في معرفة العالم بالثنائي فإن عام 2010 كان كذلك بمثابة عام ميلاد الاسمين في عالم احتراف كرة القدم، حيث شهد على تصعيدهما معا للفريق الأول بالمقاولين تحت قيادة مدربهما آنذاك محمد رضوان.

ومن بوابتي قطبي الكرة المصرية جاءت بداية اهتمام الإعلام المصري بالموهبة الاستثنائية للثنائي بعدما قدما أداء لافتاً في مواجهات فريقهما ضد الكبيرين الأهلي والزمالك.

في شباك الأهلي دَوَّن محمد صلاح أول أهدافه  مع المقاولون العرب بعد أشهر قليلة من تصعيده للفريق الأول، فيمَ استقبل الأبيض واحداً من ثلاثة أهداف فقط سجلها النني في مسيرته بالدوري المصري قبل رحيله عن ذئاب الجبل.

وإلى جانب تسجيل ثلاثة أهداف مع المقاولين العرب فقد صنع محمد النني ثلاثة أهداف أخرى طوال مسيرته مع الفريق كذلك.. جميعها جاءت بإمضاء محمد صلاح لتتحدث الصحافة المصرية عن ثنائية جديدة صاعدة بقوة في سماء كرة القدم المصرية، حيث تكررت هذه اللقطة بعد ذلك لمرات عديدة لاحقاً مع منتخب مصر.

 المسيرة الدولية: متطابقة تقريبا.

إذا اطلعنا على السيرة الذاتية لبطلي قصتنا فسوف نلاحظ تكرار تاريخاً مميزاً.. الثالث من سبتمبر 2011.

 اليوم الذي بدأ فيه الثنائي مشوارهما الدولي مع منتخب مصر الأول.. بداية لم تكن سعيدة على أي حال لأن المنتخب خسر يومها بهدفين لهدف أمام منتخب سيراليون ضمن التصفيات المؤهلة لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2012.

المنتخب كان قد فشل في الصعود إلى نهائيات بطولة كأس الأمم  الإفريقية قبل انطلاق هذه المباراة لتتم الإطاحة  بالمعلم حسن شحاتة  من قيادة الفراعنة وتكليف هاني رمزي بقيادة المنتخب مؤقتا حتى نهاية التصفيات.

اتخذ هاني رمزي قراراً بإشراك عدد كبير من لاعبي المنتخب الأولمبي في المباراتين المتبقيتين بالتصفيات وكان من بين مَن وقع عليهم الاختيار  صلاح والنني ليدونا مشاركتهما الأولى سوياً أمام سيراليون خارج الديار.

ويمتلك اللاعبان أرقاماً متقاربة فيم يتعلق بعداد المشاركات الدولية لكل منهما.. يتفوق النني بحصيلة تصل إلى 78 مباراة باحتساب مباراة توجو الماضية فيمَ ارتدى صلاح قميص المنتخب في 67 مباراة دولية.

 ولعل فارق 11 مباراة فقط بين النجمين الكبيرين هو رقم متوقع ومنطقي نظراً لتقارب السن بينهما وبدايتهما للمشوار الدولي سوياً من بوابة سيراليون.

تطابُق المسيرة الدولية لنجمي الدوري الإنجليزي الممتاز لم تقتصر على مشوارهما مع الفريق الأول.. النني وصلاح  تزاملا كذلك في منتخب مصر بمختلف الأعمار السنية تقريبا.


كأس العالم للشباب في كولومبيا 2011 شهد  بداية ظهور الثنائي معاً لأول مرة بمستوى مميز حين نجح الفريق في الصعود لدور ال16 ليصطدم الفريق بالأرجنتين ويخرج بصعوبة من الباب الكبير.

وفي عام 2012 كان الثنائي على موعد مع التألق من جديد وبقميص المنتخب الأولمبي هذه المرة بعد أن نجحا رفقة زملائهما في الوصول لأولمبياد لندن لأول مرة في تاريخ مصر بعد غياب 20 عاماً.

20 عاماً  كان عمر الثنائي آنذاك, حين كانت آخر مشاركة لمصر قبلها ترجع لسنة 1992 وهو عام ميلاد النني وصلاح الذان قادا المنتخب خلال هذه المشاركة للصعود إلى ربع النهائي بأداء رائع توجهُ صلاح بتسجيل ثلاثة أهداف في دور المجموعات قبل مغادرة البطولة بالخسارة من منتخب اليابان القوي بثلاثية.

 بازل..  بوابتهما للعالمية.. والاتصال عبر البلوتوث.

في صيف 2012 كانت انطلاقة محمد صلاح للعالمية من بوابة فريق بازل السويسري.. صفقة غيرت حياة الفرعون للأبد.. ومعها تغير موقع مصر على خريطة كرة القدم العالمية ولو على المستوى التسويقي.

صفقة انتقال صلاح من المقاولين العرب نحو بازل السويسري تمت بصعوبة وبعد مفاوضات طويلة بين إدارتي الناديين إلا أن مسئولي الفريق السويسري كانوا مُصرين على الظفر بخدمات المصري الموهوب بعد أن اجتاز بنجاح فترة المعايشة التي قضاها ضمن صفوف كبير سويسرا.

ولم تمضِ أكثر من ستة أشهر على انضمام صلاح لبازل ليلتحق محمد النني بصديقه في عاصمة السلام ومدينة الجواهر.. انتقال لم يكن سهلا كذلك.



يحكي جورج هيتز والذي كان يشغل منصب المدير الرياضي في بازل وقت إتمام التعاقد عن كواليس الصفقة وكيف لعبت الصدفة دوراً هاما لإتمامها.

إيقول هيتز: "أتذكر عندما كنا نتفاوض مع المقاولون العرب بشأن صفقة محمد صلاح، أخبرني رئيسهم أن لديه لاعب آخر يمكن أن ينضم لنا، كان يقصد محمد النني". وأكد هيتز أن رئيس المقاولين العرب قد أخبره بأن اللاعبين يحظيان بعلاقة صداقة رائعة ومن الممكن أن يشكلا ثنائيًا رائعًا في بازل.

يواصل هيتز: "ما زلت أتذكر ما قاله عن محمد النني، لديه بلوتوث مع محمد صلاح!".

في النهاية,  وبعد مفاوضات طويلة,  التءم شمل الثنائي من جديد بفريق واحد ولكن هذه المرة في أوروبا.

 أول بطولة:

بنهاية موسم 2012/2013 كان الثنائي على موعد للتتويج معاً بأول بطولة في مسيرتهما الاحترافية حين نجحا في قيادة الفريق لحصد لقب الدوري السويسري.. بطولة كانت الأولى ولكنها قطعاً لم تكن الأخيرة.. فالثنائي شقا طريقهما للعديد من البطولات بعد ذلك مع بازل نفسه ثم ليفربول وأرسنال عملاقي الكرة الإنجليزية.