رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يجب عودة الدورى؟.. الإجابة عن كل تساؤلات الأندية المعارضة لقرار الدولة

الدورى المصري
الدورى المصري

حينما كان يُسأل عن مصير بطولة الدورى العام، كانت إجابة المهندس عمرو الجناينى، رئيس اللجنة الخماسية لإدارة شئون اتحاد الكرة، واحدة ومكررة خلال أسابيع عدة: «هذا قرار دولة».
وفى مؤتمر رسمى أعلن الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، قرار الدولة بعودة الدورى العام، ولما شكك البعض فى ماهية شكل العودة، سواء كان يقصد استكمال الموسم الجارى، أم انطلاق موسم جديد، اضطر للخروج ثانية وثالثة وعاشرة ليؤكد أن القرار يعنى استكمال الموسم.
ولما جاء الدور على مجلس الوزراء بإعلان عودة الحياة وفق مخطط مدروس، ليست مصر وحدها من أقبلت عليه بل سبقها وسار معها وسيليها عديد البلدان، لم يستوعب البعض أيضًا أن الدولة بالفعل لديها الرغبة كاملة فى استكمال الموسم.
ورغم أن المتحدث باسم مجلس الوزراء، نادر سعد، أعلنها للمرة المليار أن القرار معناه استكمال الموسم، إلا أن هناك عددًا ليس بقليل من الأندية يريد الانتصار لمصالحه الخاصة، والهرب من مسئولياته أمام مكونات منظومته، ومجتمعه.
لكن السؤال الأهم، الذى يجب أن يستوعب إجابته هؤلاء المعارضون، لماذا تنحاز الدولة لقرار استكمال الدورى؟
بشكل مختصر ومعلوم وواضح، لأن الإلغاء يعنى خسائر قرابة ٥٠٪ من مداخل وعوائد صناعة كرة القدم لموسم ٢٠٢٠، عوضًا عن تأثيره على رؤية العالم حولنا.
عودة الدورى مثل عودة المساجد والجامعات والمصانع والسياحة ولو بشكل جزئى، وكلها مؤشرات تنقل للعالم بأننا قادرون على تجاوز الأزمة، مثلما فتحت بلدان كثيرة الحياة رغم أنها تعانى أكثر منّا من الأزمة.
لكن أمام ذلك كله نجد غيابًا للمنطق والحجة والإقناع فى الأسباب التى عددتها الأندية الرافضة قرار الدولة، والتى لم تحتوى على سبب واحد ينم عن فكر ومنهجية، بل ارتفعت كل الأصوات لأجل مصالح خاصة وفق منظور ضيق، وهذا ما سنوضحه فى الإجابة عن كل تساؤلات وذرائع المعارضين للقرار.

فى البداية قالوا نريد إلغاء الموسم حرصًا على سلامة المشاركين فى المنظومة الرياضية فى ظل اتساع رقعة المصابين بفيروس كورونا.
وهنا وجد الجميع السبب واهيًا ومضحكًا، لأن كل من تذرع بهذه الحجة لا يعارض انطلاق دورى جديد، رغم أنه يرفض استكمال الموسم الحالى.


الذريعة الثانية، إننا لا نمتلك وقتًا كافيًا لإنهاء الموسم، وأن الدوريات الأوروبية عادت لأن عدد مبارياتها أقل منّا. وهنا الحجة ليست أقل بلادة من الأولى، لأننا فى مصر بالتحديد لم ننه الدورى العام فى موعده الطبيعى منذ سنوات طويلة، سواء لأسباب طارئة، أو لضعف إدارة منظومة الكرة.
فى الليجا الإسبانية كانت هناك ١٠ جولات متبقية، وفى البريميرليج كانت هناك ١٠ جولات، وعدة مباريات من جولة مؤجلة، أما فى مصر فلدينا ١٧ جولة، أى الفارق فى ٦ جولات فقط، وإذا كنا نلعب مبارتين فى الأسبوع، إذًا نحن لسنا فى حاجة سوى لثلاثة أسابيع فوق المدة التى تقام فيها مباريات الدوريات الأخرى.

لذريعة الثالثة، إن فترة الإعداد غير كافية لعودة النشاط.
لدينا ٣٥ يومًا كاملة منذ عودة التدريبات فى ٢٠ يونيو الجارى إلى ٢٥ يوليو، يوم عودة النشاط، وربما يمتد لأول أغسطس، ما يعنى أن لدينا أكثر من ٤٠ يومًا، وإذا سألت أعتى مدير فنى فى العالم عن فترة الإعداد سيقول لك ٤٠ يومًا، وبالنظر إلى الدوريات الأوروبية ستجد أن الأندية حصلت على مساحة زمنية أقل من شهر، وربما ٢٠ يومًا فقط قبل انطلاق المنافسات.



لذريعة الرابعة، إننا ليس لدينا وقت لبدء الموسم الجديد، ولن تكون مدة الـ١٥ يومًا كافية للفصل بين موسمين.
وهنا الرد بأننا فى مصر، منذ ثورة ٢٥ يناير، معتادون على تلاحم المواسم دون وجود راحة بالأساس، وحتى فى الموسم الماضى كنّا الدولة الوحيدة التى لعبت بعد أمم إفريقيا ثم بدأنا الموسم الجديد دون راحة.
ومن جهة أخرى، إذا تحدثنا عن المعايير البدنية، فإن اللاعبين حصلوا على راحة امتدت لأربعة أشهر ولسنا بحاجة لراحة أخرى للفصل بين الموسمين أكثر من ١٥ يومًا، لأننا سننهى الموسم الجارى فى فترة شهرين ونصف.

الذريعة الخامسة، إن الفحوصات كشفت إصابة ٦ لاعبين بفيروس كورونا قابلين للزيادة، وهذا تهديد للجميع.
وهذا أيضًا أمر يجافى المنطق، لأن الطبيعى أن هناك مصابين وأننا نقوم بمسحات لاكتشاف الحالات وعلاجها، لا لتحديد قرار.
ففى إنجلترا على سبيل المثال كان هناك ١٥ لاعبًا مصابًا بكورونا عشية انطلاق المنافسات يوم ١٦ يونيو، وفى ١٣ يونيو الماضى أعلن نادى نوريتش سيتى إصابة لاعبين وعضو بالجهاز بفيروس كورونا، ومع ذلك خاض الفريق أولى مباريات البريميرليج الجمعة ١٦ يونيو أمام ساوثهامبتون، ورغم حاجة نوريتش سيتى لنقاط المباراة أكثر من أى فريق آخر، حيث يعانى صراع الهبوط، لكنه لم يعترض ولم يحمل خسارته لتلك المباراة لغيره.
وفى إسبانيا أيضًا كانت هناك ١٢ حالة إصابة بكورونا قبل انطلاق المنافسات، ورغم ذلك لم يعوق الأمر عودة البطولة.
وبعيدًا عن تلك التجارب، فهل الفيروس سيطاردنا إذا استكملنا الموسم الجارى، وسيتركنا إذا بدأنا موسمًا جديدًا؟


الذريعة السادسة، إن الأندية لا تمتلك الإمكانيات المادية لاستعادة النشاط.
وهنا نقول إن قلة الإمكانيات ليست جديدة، وضعف موارد الأندية بسبب عجزها وفشل أساليبها الإدارية، وغياب الرؤى القادرة على التطوير، فى ظل الاتكاء دائمًا على دعم الدولة، ومع ذلك هناك دعم مادى من الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» لدعم الأندية غير القادرة، عوضًا عن وجود نية لدى الدولة، ممثلة فى وزارة الشباب والرياضة، لسد أى عجز بأى مكان، وهناك خطة جاهزة لاستيعاب أندية الأقاليم مثل أسوان وطنطا وتوفير كل احتياجاتها لاستكمال البطولة.


الأسباب الحقيقية لرفض استكمال المسابقة: الهروب من الهبوط وفشل الإعداد

بين كل هذه المزاعم والتساؤلات والذرائع التى ارتكنت إليها الأندية الهاربة من فشلها، لم تجد الدولة ولم يجد العقل ما هو منطقى، بل جاءت هذه الأزمة كاشفة للدولة وأجهزتها عن كيفية إدارة الكرة المصرية، وتعرفت بشكل جاد على رؤى ومواقف الأندية التى تذهب بالنهاية إلى إهدار المال العام، من أجل المصلحة الخاصة.

الأمر بشكل واضح للجميع، هناك ٧ أندية تخشى من الهبوط، وبينها من هبط إكلينيكيًا منذ أول خمسة أسابيع فى الدورى بسبب غياب التخطيط والإعداد الجيد من البداية، وجميعها وجدت الفرصة سانحة لكسب حقوق ليست لها، وهناك ثلاثة أندية أخرى بينها وبين مركز الهبوط ٦ نقاط فقط.

كما أن هناك أندية كبيرة مثل الإسماعيلى والمصرى فى منتصف الجدول، وليس لها أى أمل فى الوصول إلى المربع الذهبى، وبالنسبة لها استكمال الموسم مجرد تحصيل حاصل، بل وسيكلفها أكثر مما ستحصل، لذلك فالموقف عند الجميع أصولى بحت، دون الأخذ فى الاعتبار المصالح العامة.

ما يحدث الآن هو محاولة من مجموعة أندية للهروب من مسئولياتها وتحمل نتائج خيبة موسمها والسطو على مكاسب غيرها.

أندية فشلت فى الإعداد للموسم من البداية فضمنت الهبوط قبل انطلاق الموسم بالأساس مثل نادى مصر، وأندية أخرى تعاقدت مع مدربين قالت عنهم عالمين وسيذهبون بأنديتهم لكأس العالم للأندية، أو بنقل مدرسة التيكى تاكا لمصر، مثل مصر للمقاصة ودجلة، ثم وجدت نفسها فى المؤخرة ومهددة بالهبوط، ومجموعة ثالثة ليس لديها موارد وتريد البقاء موسمًا آخر فى الدورى بأى وسيلة مثل أسوان وطنطا، وأخرى الدورى بالنسبة لها تحصيل حاصل.

ولأن صانع القرار يريد الصالح العام فيعى جيدًا كل هذه التفاصيل والأسرار، ويعرف أنه لا يوجد أى سبب حقيقى يجعلنا نقبل بخسارة أكثر من نصف عوائد الدورى العام، لأنها ستعود بالسلب على الجميع، وهو ما دفع كل العالم لاستكمال موسمه وتحصيل ما تبقى من عوائد.