رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنا محمد صلاح وهذه قصتي.. 6 محطات فارقة في مسيرة الفرعون المصري

الكابتن

أنا محمد صلاح حامد محروس غالي، لست ابن مليونير أو ابن مسئول كبير، بل انتمي لأسرة عادية في قرية نجريج بمحافظة الغربية، لكنني بالإصرار وبالتعب وبتوفيق الله أصبحت أحد أفضل اللاعبين في العالم.. وفي عيد ميلادي الثامن والعشرين أقص عليكم قصتي مبرزًا أهم المحطات في مسيرتي الكروية.

المحطة الأولى.. عثماثون ثم المقاولون والاحتراف الأوروبي


كعادة أي شاب مصري، أحببت كرة القدم، لعبت في الشوارع والحارات ولعبت في دوري المدارس، لعبت في أندية محافظتي في مرحلتي السنية، لكن لطول المسافة وصعوبتها عليً كنت أرحل من نادي لآخر، وكان هناك أحد الكشافين يدعى رضا الملاح، أتى لمركزنا لمشاهدة أحد اللاعبين تمهيدًا لضمه لنادي عثماثون التابع لشركة المقاولون العرب.. لعب صلاح الطفل الصغير في مباراة ودية صغيرة، تألق فيها بشكل لافت للنظر، حتى طلب الملاح من والده قبول عرضه بأخذ صلاح للعب في عثماثون.



وافق صلاح حامد محروس غالي على انتقالي لـ عثماثون، ومن هنا أدركت أن فرصة العمر التي لا تأتي للفرد سوى مرة وحيدة قد أتت لي بالفعل، لعبت وتألقت مع عثماثون، حتى شاهدني مسئولي فريق الناشئين في المقاولون العرب، وانضممت لفريق الناشئين لديهم.

كنت أسافر للقاهرة يوميًا في بداية مسيرتي مع المقاولون، كان أبي ينتظرني على المحطة ليلًا أو صباحًا، كان الأمر صعب على طفل في سني، لكن كل شيء يهون أمام هدفي الذي أرغب في الوصول إليه.. أن أصبح أفضل اللاعبين في مصر والعالم.

أذكر كابتن ريعو، وكابتن حمدي نوح، وبالأخص الأخير الذي ساهم بشكل كبير في إظهار موهبتي، ومحاولته معي بشكل كبير على أن أصبح لاعبًا كاملًا بحسب إمكانياتي وموهبتي التي منحها الله لي، لم أكن ألعب بقدمي اليمنى نهائيًا، أخذ يعلمني كيف ألعب بها، كنت ألعب في الجناح الأيسر وليس الأيمن كما ألعب الآن، تألقت معه ومع فريق الناشئين حتى تم تصعيدي للفريق الأول عام 2010.

لعبت مع المقاولون وأبدعت أمام الكبار، لا أنسى تلك المباراة أمام الأهلي وهدفي آنذاك، بدأ اسمي يلمع وتم طرح اسمي على نادي الزمالك، لكن رئيس النادي آنذاد قال لوسائل الإعلام أنني لست بقدر نادي الزمالك للانضمام إليه.



لعبت مع المقاولون بشكل طبيعي، وزاد تألقي، حتى تلقى النادي عرضًا من نادي بازل السويسري للتعاقد معي، ألحيت كثيرًا حتى يوافقوا على العرض، وبالفعل حققت حلمي الأصغر بالاحتراف في القارة الأوروبية وفي ناد كبير وهو بطل الدوري السويسري.

لعبت مع بازل وكنت أفضل اللاعبين، في سني الكثير من ذهبوا للاحتراف الأوروبي وعادوا خائبين.. بكل تأكيد التجربة مختلفة وصعبة لكن حلمي بأن أصبح أفضل اللاعبين في العالم كان هدفي في الغربة.

على صعيد المنتخبات، لعبت للمنتخب الوطني الأول منذ عام 2011، ومع المنتخب الأولمبي تأهلنا للأولمبياد وصعدنا لدور ربع النهائي، وتألقت في دورة 2012 بشكل كبير، يكفي أن أقول أنني سجلت هدفين في مرمى المنتخب البرازيلي.

المحطة الثانية..الانتقال لتشيلسي وجحيم مورينيو

حصلت على كل البطولات المحلية مع بازل، وعلى الصعيد القاري، فكنت أيضًا ألعب معهم في دوري الأبطال وسجلت في أقوى الفرق كتشيلسي، وفي الدوري الأوروبي تأهلت معهم لدور نصف النهائي.. سجلت في مرمى تشيلسي أيضًا في تلك البطولة.. بدأ اسمي في الذيوع في أوروبا، تلقيت عروضًا من أندية كبيرة أبرزها من ليفربول وتشيلسي.



فضلت الانتقال لتشيلسي لأنه كان الأفضل في ذلك الوقت من ليفربول الذي كان يعاني، بالإضافة إلى أنني سأتدرب تحت قيادة المدرب الاستثنائي جوزيه مورينيو، ذهبت وأنا لم أفكر في أنني سأجد صعوبة في حجز مركزي على حساب ويليان أو إيدين هازارد.



لم أشارك كثيرًا، لا يمكنني أن أقول أنني كنت ضحية لمورينيو لكنه كان محقًا فأنا لم أصل لذروة موهبتي، تمت إعارتي لفيورنتينا الإيطالي.. ولأنني عندما أوضع في أصعب الاختبارات أخرج أفضل ما لدي، لعبت للفريق الجديد 6 اشهر فقطن كنت الأفضل فيهم الدوري الإيطالي، أثبت للعالم كله أنني كنت أحتاج لمزيد من الوقت مع البلوز حتى أخرج ما لدي، لكن لولا رحيلي عن تشيلسي، لما تألقت في فيورنتينا، ومن ثم في روما الذي انتقلت إليه بعد ذلك على سبيل الإعارة لمدة موسم.



رحلة تألقي في بلاد الطليان استكملتها مع روما، حتى قاموا بشرائي بصفة نهائية من نادي تشيلسي .

المحطة الثالثة.. ملك روما ينتقل لـ ليفربول لكتابة التاريخ

أطلق المشجعين في العاصمة الإيطالية،عليً لقب ملك روما على محمد صلاح، صلاح أصبح من أفضل لاعبي مركز الجناح على مستوى العالم بالفعل، حققت حلمي أخيرًا.. لكنني سأواصل حتى أصل لأعلى الأماكن.



سجت 19 هدفًا موسم 2016-2017 مع روما، قدته لتحقيق المركز الثاني خلف يوفنتوس في الدوري الإيطالي، صنعت 11 هدفًا، تم اختياري لاعب العام في روما في بطولة السيريا إي.

أنهيت موسمي، فاوضني ليفربول ووافقت هذه المرة، انتقلت له وأصبحت أغلى لاعب إفريقي، أغلى لاعب في تاريخ النادي، كان يورجن كلوب يبني الفريق واختارني لأن أكون واحدًا من مشروعه.



بدأت رحلتي مع ليفربول بتسجيل هدف في شباك واتفورد، بعد ذلك تباعًا أخذت في هز شباك جميع المنافسين تقريبًا، سجلت هدفًا في مباراة، ثم هدفين في مباراة أخرى، سجلت هاتريك، وسجل سوبر هاتريك.. سجلت 4 أهداف في شباك واتفورد!

راهن الجميع على فشلي بعد كل مباراة، الكل قال أن محمد صلاح وأرقامه القياسية ستتوقف بكل تأكيد، بعد رحيل كوتينيو قالوا ذلك، وبعد كل مباراة أفشل في التسجيل فيها كانوا يقولون ذلك.. لم ألتفت، كسرت كل الأرقام القياسية الممكنة في موسمي الأول مع ليفربول، أنهيت احتكار هاري كين لجائزة الحذاء الذهبي.. نعم، محمد صلاح حامد محروس غالي هو اللاعب الأكثر تسجيلًا للأهداف في الدوري الإنجليزي موسم 2017-2018، ليس كذلك فقط، فأنا أكثر لاعب أحرزت أهدافًا في موسم واحد في تاريخ البطولة!، تفوقت على عمالقة مثل تيري هنري ودروجبا وفان نيستلروي وأجويرو، سجلت 32 هدفًا في ذلك الموسم، إنه أفضل مواسمي..ولذلك كان من الطبيعي أن أتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج هذا الموسم رغم احتلال فريقي المركز الرابع.



رحلتي لم تنتهي بعد مع ليربول، لكن تخللتهما محطتان يجب ذكرهما، فهما الأفضل في حياتي بحلوهما ومرهما 


المحطة الرابعة.. حققت حلمي وحلم 100 مليون مصري

كنت الأفضل في مسيرتي مع المنتب القومي بالأرقام والإحصائيات كان كل المدربين بلا استثناء يعتمدون علي، لم نتأهل لكأس الأمم 2012، 2013، 2015.. تأهلنا لبطولة 2017 لكننا خسرنا النهائي أمام الكاميرون.. حسرة كبيرة.

أما في بطولة كأس العالم، ففي تصفيات 2014، ستظل ذكرى سداسية غانا هي الأسوأ لي كما أنها الأسوا لكل المصريين رياضيًا، كنا الأفضل طيلة التصفيات والتي ظهرت فيها بأفضل أدءاتي، لكن في مباراة وحيدة ضاع حلمنا بكل سهولة ولم نتأهل لبطولة البرازيل، لكنني وعدت نفسي بأنني سأقود منتخب بلادي للبطولة القادمة.

أوقعتنا قرعة تصفيات بطولة 2018 مع غانا وأوغندا والكونغو.. "غانا تاني!"، هي الجملة التي سمعتها كثيرًا من المصريين والمحللين الرياضيين، البعض قال أننا خارج البطولة لـ 4 سنوات أخرى، لكنني وعدت نفسي وأنا لا أخلف وعودي أبدًا.. كان مستر كوبر يعتمد كثيرًا عليً، لكنني كنت على قدر المسئولية.

كان المنتخب الغاني ضعيفًا في تلك التصفيات، لكن منتخب أوغندا كان بمثابة الحصان الأسود، أخذنا مشوار التصفيات خطوة بخطوة، كان بطاقة التأهل بيننا وبين الأوغنديينن والذين تعثروا في خامس الجولات أمام الغانيين ، ما يعني أنه بمجرد تحقيق الانتصار في مباراتنا أمام منتخب الكونغو الضعيف على أرضنا.

بالفعل كان ستاد القاهرة كان ممتلئ على آخره على أمل تحقيق الحلم الغائب منذ 28 عامًا، في البداية أحرزت هدفًا، وكانت كل الأمور تشير لصعودنا كما كان متوقعًا، لم نحاول مضاعفة النتيجة وتأمين فوزنا.. كنا منتخب دفاعي بحت حسب طريقة لعب كوبر.

وفي أخر 10 دقائق، حدث أمر لم يكن في الحسبان، منتخب الكونغو أحرز في مرمانا هدفًا!، كل هذا الحلم قد يتبخر في لحظة، سقطت على أرضية الملعب، بكيت وصرخت في زملائي.. رأيت حلمي وحلم 100 مليون مصري يضيع أمامي، فعلت ما في وسعي ولكن كل ما فعلته لم يكن كافيًا! حزنت للغاية وكنت أمني النفس في تسجيل هدف الانتصار وإن كان الأمر صعب، قبل ترك أمر الحسم للمباراة في كوماسي أمام المنتخب الذي تسبب في بكائي قبل 4 سنوات المنتخب الغاني، وعلى نفس الملعب.



وفي الوقت الضائع، تحصلنا على ركلة جزاء بعد عركلة مدافع الكونغو لتريزيجيه، ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة وأمام أكثر من 100 ألف مشجع على أرضية الملعب، ركلة جزاء يتابعها 100 مليون مصري.. كلهم يرددون في نفس واحد كلمة "يارب"، ماذا لو أضعتها؟ سأتسبب في حزن كبير للمصريين.. مسئولية كبيرة وضخمة كانت محملة على عاتقي.. لكنني استعنت بالله وسددت الكرة بكل قوة، حتى سكنت الشباك، هنا حققت حلمي، شعرت بأنني أملك الأرض وما عليها.. صعدت بمصر لكأس العالم.


المحطة الخامسة.. ابتلاءات من عند الله


نعود لمحطة ليفربول، في موسمي الأول معهم، كنت هدافًا أيضًا لهم في دوري أبطال أوروبا، سجلت 10 أهداف ساهمت في إقصاء بورتو من دور الـ 16، مانشستر سيتي من دور ربع النهائي، ثم إقصاء فريقي السابق روما من دور نصف النهائي، لأتأهل بالريدز لنهائي الشامبيونزليج لمواجهة ريال مدريد المتوج باللقب أخر نسختين.

كانت كل الأعين عليً، كنت نجم ليفربول الأول، فماذا لو حققت معهم لقب دوري الأبطال؟ كنت قريبًا من تحقيق ذلك بالمعطيات، لكن كل ذلك انهار في لحظة أمام عيني، تدخل مع سيرجيو راموس سبب لي خلعًا في الكتف، بكيت، حلم دوري الأبطال ضاع، لن أتمكن من مساعدة فريقي، بل والمصيبة الأكبر أنني قد لا أشارك مع مصر في كأس العالم، بكيت كالطفل حزنًا، وبالفعل خسر فريقي دوري الأبطال، وأشارت التقارير لغيابي عن كأس العالم.


تم استدعائي لقائمة الفراعنة للمونديال رغم إصابتي، لم أكن أعرف مصيري من المشاركة، لم ألعب المباراة الأولى أمام الأوروجواي وخسرناها بهدف، في المباراة الثانية شاركت امام روسيا وأنا مصاب وسجل هدفًا، كذلك أمام السعودية.. خرجنا من المونديال بصفر من النقاط ولم أستطع مساعدة منتخب بلدي للإصابة، لكنني كما كل مرة، أعود أقوى بعد كل هزيمة.


المرحلة السادسة.. مازلت أحصد نجاحي

وفي تلك المرحلة، توجت بلقب هداف الدوري الإنجليزي للمرة الثانية تواليًا، أثبت للجميع أنني لست لاعب الموسم الواحد، نعم خسرت لقب البريميرليج بفارق نقطة وحيدة، لكنني قدت فريقي للتتويج بدوري أبطال أوروبا ولم أنتظر سوى عام للثأر مما حدث في العام السابق، مازلت أسجل الأهداف، مازلت أدخل البهجة على شعب بلادي وجمهور ليفربول، صرت قدوة للأطفال والشباب، وها أنا على بعد خطوات قليلة من تحقيق لقب الدوري الإنجليزي، حققت كل ما يمكن تحقيقه مع ليفربول وفي إنجلترا، صرت أحد أفضل 5 لاعبين في العالم.. أنا محمد صلاح حامد محروس غالي ، وسردت قصتي في يوم عيد ميلادي الثامن والعشرين.