رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

الملف المسكوت عنه.. جريمة الجهاز الطبى للأهلى فى تدمير «الصفقات المليونية»

اصابه لاعبي الاهلي
اصابه لاعبي الاهلي

قرابة ٣٠٠ مليون جنيه وربما أكثر أنفقها مجلس إدارة الأهلى برئاسة محمود الخطيب على الصفقات فى آخر موسمين، أملًا فى استعادة مكانة الأهلى الحقيقية وتسيد القارة السمراء، والعودة إلى سابق الأمجاد بحصد كل البطولات المحلية والإفريقية نعم قطع مجلس «بيبو» شوطًا كبيرًا نحو تكوين «فريق أحلام» يضم أهم وأفضل اللاعبين فى مصر، وجاء بجهاز فنى رائع لا يشك أحد فى امتلاكه استراتيجية وفلسفة لعب عصرية تناسب الحداثة الخططية، وقد برهن على ذلك بأرقامه وأداء الأهلى الرائع مع انطلاقة الموسم الحالى بالتحديد.

لم تأتِ تلك الصفقات من فراغ، وتطلبت جهدًا كبيرًا وتخطيطًا رائعًا من مجلس «الخطيب»، بدأ بالإطاحة بمسئولى التعاقدات محمد فضل وحسام غالى بعد فشل تجربتهما، ودون التخوف من مكانتهما جماهيريًا وإعلاميًا.
ثم قلص «بيبو» صلاحيات عدلى القيعى بعدما ثارت الشكوك حول عدد من الصفقات التى أبرمها رفقة أحد وكلاء اللاعبين المعروفين ولم تفلح، ونقله من موقعه التنفيذى إلى مكانة المستشار الذى يبقى فى المنطقة الشرفية فحسب.
بعد هاتين الخطوتين جاء «بيبو» بأمير توفيق، الرجل الذى يملك العقلية العلمية فى التسويق، وبرهن خلال فترة وجيزة على أن رهان رئيس الأهلى كان صائبًا، حينما تحدى الجميع وأقبل على تلك الثورة الرائعة فى ملف التسويق والتعاقدات.
أفلح «بيبو» من خلال هذه الخطة فى بناء فكر جديد، كان بداية لبناء جيل جديد للأهلى يضم أهم اللاعبين فى مصر، وبالفعل نجح أمير توفيق فى إبرام أهم وأفضل الصفقات خلال السنوات الأخيرة، وبالنظر إلى قائمة اللاعبين بات الأهلى فريقًا مرعبًا يضم أهم العناصر.
ورغم كل هذه الجهود والتخطيط الرائع جاءت نتائج الأهلى غير معبرة عما قدمه «الخطيب» فى هاتين السنتين، ولغرابة الأقدار حقق ٤ بطولات، أقل من الزمالك صاحب البطولات الخمس، رغم كل ما يحيط بـ«الأبيض» من أزمات إدارية، ووجود ما يشبه الإجماع على أن ميت عقبة هى «قلعة اللا استقرار».
فى حقيقة الأمر لا تعكس النتائج والبطولات الأخيرة مردود مجلس «بيبو» الذى كان نموذجًا فى التخطيط والتعاقدات على وجه التحديد. لكن بالنظر إلى سبب القصور، ورغم تباين الرؤى حول المسببات من مدرب إلى آخر، ستجد عاملًا مشتركًا دائمًا، وهو إصابة أهم وأفضل اللاعبين بشكل دائم ومتكرر.
ودون الذهاب بعيدًا، فإن الأهلى فى آخر موسمين يفتقد أهم ٣ لاعبين تعاقد معهم، هم: محمد محمود الذى تعرض إلى قطع فى الرباط الصليبى مرتين، وحمدى فتحى الذى لم يلعب بقدر ما غاب، وانضم إليهم مؤخرًا رمضان صبحى صاحب الإصابة العجيبة التى لا يعلم تفاصيلها إلا الله.
ومع تلك الصفقات، جاء غياب كريم وليد «نيدفيد» أغرب وأعجب، وكذلك يتعرض محمود متولى وياسر إبراهيم لإصابات لا تتوقف وتتكرر بشكل دائم، بما يثير شكوكًا كبيرة حول إدارة الملف الطبى فى الأهلى.
نكاد نجزم بأن الأهلى لو لم يفتقد محمد محمود و«نيدفيد» وحمدى فتحى ورمضان صبحى، مع القوام الحالى والفكر الرائع لـ«فايلر»، ما فقد أى بطولة.
ربما تفقد عنصرًا أو اثنين لفترة وجيزة، ثم يعودان وتفقد غيرهما، لكن أن يغيب فريق كامل فهذا لا يحدث سوى فى الأهلى، وأن يغيب عنك أهم العناصر فترات طويلة ويتكرر الأمر فهذا يستدعى تدخلًا عاجلًا لإنقاذ الأمر بدلًا من إهدار الملايين على صفقات لا يستفيد منها الفريق.
عندما سُئل رينيه فايلر عن حقيقة إصابة رمضان صبحى، رد بحالة يشوبها غضب وعدم رضا عن شىء ما داخل الفريق، فحينما يقول إنه «لا يعرف شيئًا عن الإصابة وموعد عودة اللاعب»، فهذا يعكس غضبه من الطريقة التى يعالج بها، أو تعرضه للخداع حول نوعية الإصابة وموعد العودة مثلما تابعنا على مدار الأسابيع الماضية.
وللأسف الشديد يحاول إعلام الأهلى التشويش على الحقيقة، وبدلًا من الحديث عن نوعية الإصابة ومدة الغياب تجد نفيًا وتكذيبًا وحديثًا لا ينقطع عن جاهزية اللاعب، ثم نفاجأ بإعلان غيابه، وهو أمر يزيد الضرر ويجعل موقف الإدارة أكثر حرجًا أمام الرأى العام.
هل تتخيل أن الأهلى لم يستفد من ١٥ مليون جنيه دفعها فى محمد محمود، ولم يحصل من رمضان صبحى الذى دفع فيه ٤٥ مليونًا سوى ٣ أشهر لعبًا، وكذلك حمدى فتحى الذى يلعب أيامًا ويغيب شهورًا، فكل تلك الملايين الضائعة تكشف بشكل أو بآخر وجود قصور يتطلب تدخلًا قويًا.
ما يتعرض له الأهلى مؤخرًا فى الملف الطبى وكثرة حالات الإصابة المؤثرة للغاية يستوجب أن يبدأ «بيبو» فى ثورة جديدة بالملف الطبى مثلما فعل فى ملف التعاقدات. بات الأهلى فى حاجة ملحة لفريق طبى عالمى، أو إخصائى تغذية يحدد للاعبين احتياجات أجسامهم، ويراقب حركة ما يدخل ويخرج من أجسامهم بدلًا من تركهم أحرارًا فى نظام غذائى عشوائى.
فى بداية رحلته مع بايرن ميونخ وجد الإسبانى بيب جوارديولا لاعبى فريقه يأكلون بشراهة بمطعم النادى مع صديقاتهم وزوجاتهم، فتعجب من كيفية عدم التزام فريق محترف ونجوم كبار ببرنامج غذائى محدد.
دخل «بيب» فى صراع كبير مع فرانك ريبيرى ومولر وعدد من اللاعبين، حينما قرر إجبارهم على وجبات بعينها، خاصة بعد التدريب والمباريات.
الدراسات العلمية الحديثة تشير إلى أن جسد لاعب كرة القدم الذى يشارك فى تدريب أو مباراة يفقد الكثير من العناصر التى يتطلب تعويضها اتباع نظام علمى فى تناول الأطعمة، وبشكل عام يجب أن يتبع لاعب الكرة برنامجًا غذائيًا فى تناول الوجبات الثلاث الأساسية «الإفطار والغداء والعشاء»، وهوا ما يتطلب استشارة متخصص فى التغذية ليحدد احتياجات كل لاعب.
العشوائية التى تحكم طريقة تناول لاعبى الأهلى الغذاء، وما نراه فى الكافيهات أمام اللاعبين من مأكولات ومشروبات، أسباب واضحة للإصابات، تبرز ضرورة وأهمية البحث عن عقل جديد ينظم هذا الملف، حتى لا تتفاقم الأمور وتضيع الجهود التى بذلها «بيبو» ورفاقه على مدار الفترة الماضية.