رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاقبوهم.. لماذا تدافعون عن شيكا وجمعة وكهربا؟

شيكا وجمعة وكهربا
شيكا وجمعة وكهربا

على مدار شهور طويلة بل سنوات، تطالب كل شاشات «التوك شو» بعودة الجماهير، وتُسطّر الأقلام بكل الصحف دفاعًا عن ذلك، وتُشكّل مواقع التواصل الاجتماعى حملات لا تتوقف عن أهمية وضرورة عودة الجمهور.
دائمًا ما كان الأمن هو الشماعة الوحيدة التى نلقى عليها سر فشلنا فى استعادة الوجود الجماهيرى، ولا نتهم أى طرف آخر بالعجز سواه، لكن لا تأتى أى فرصة طوال هذه السنوات إلا وثبت بأنه لا يوجد أى طرف داخل المنظومة على صواب سوى الأمن.
اللاعبون متعصبون أكثر من «الألتراس»، والإعلاميون أكثر تعصبًا لا يكتبون عبر مواقعهم أو يقولون من خلال شاشاتهم سوى لصالح النادى الذى يتقاضون منه نهاية كل شهر، وجمهور غالبيته يُهمش العقل لصالح العاطفة.
جاءت أزمة مباراة السوبر بدءًا بما جرى فيها من انفلات وخروج عن النص من قِبل اللاعبين، ومرورًا بردود أفعال الجماهير، لتعرينا أمام العالم، ولتكون كاشفة عن مدى التخلف والتعصب الذى وصلنا إليه جميعًا، لا فارق بين مثقف أو جاهل، بين مسئول أو غير مسئول، كل خرج يدافع عن الطرف الذى ينتمى إليه، بصرف النظر عن التفاصيل.
الأهلاوى لا يرى سوى أخطاء لاعبى الزمالك، والزمالكاوى يدافع عن الأخطاء ويبررها برص وعدّ حالات خروج عن النص مشابهة، وكأنها الطبيعى والمفترض أن يكون، وليست الشذوذ بعينه.
دون داعٍ تحولت مباراة القطبين من كرنفال، أراده مسئولو مصر والإمارات، إلى «خناقة شوارع» بين مراهقين بدوا سذجًا جهلة بمكانتهم وطبيعة المسئولية الملقاة على عاتقهم فى تمثيل بلد كبير بحجم مصر، وفى ضيافة بلد عزيز مثل الإمارات الذى بذل كل شىء لأجل اكتمال العرس.
ومن هنا نطالب بألا تكون هناك أى شفقة مع المخطئين هذه المرة، لطالما ارتبط الأمر باسم مصر وتعلق المصير بمواقف مشابهة، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن ما جرى فى «ليلة أبوظبى» قد يكون بداية وانطلاقة لكارثة جديدة إن لم تكن هناك حدة وقسوة فى العقاب.
من يدافعون عن «شيكابالا» بمنطق أن هناك حالات مشابهة لا يدركون أن طبيعتنا تختلف عن طبيعتهم، وأن ظروفنا غير ظروفهم، وأن عقلياتهم وثقافاتهم تتضاد تمامًا مع رجعيتنا.
ذهب «شيكا» صغيرًا إلى «الوايت نايتس» فى «التالتة يمين» يغنى سبابًا فى حق جمهور الأهلى، وقف يتراقص بشكل لا يليق بقائد كبير مثل الزمالك، ولما رد عليه جمهور الأهلى بنفس طريقته بكى واستعطف الجميع.
جاءته فرصة تاريخية ليصوب خطيئته حينما ذهب لعزاء «ألتراس أهلاوى»، لكنه لم يتوقف عن أموره الصبيانية وكرر الأمر ثانية، وحتى عندما قلنا إنه يختم مشواره اليوم وبات رجلًا مسئولًا وأبًا يعى مكانته التى تختلف عن مرحلة التهور، وجدناه أكثر رجعية يذهب لجمهور الأهلى وكأنه يلعب فى «دورة حوارى» يستفزهم بأبشع التصرفات.
يعرف «شيكابالا» أن الجزء الأكبر من قيمته لدى جمهور الزمالك هو اللعب على وتر العاطفة وكيد الخصم، عبر الرقص على نغمات سب الآخرين، ورص الجمل والعبارات والمواقف التى تبرزه كعاشق للكيان، بصرف النظر عن ماذا أعطى لهذا الكيان طوال مشواره مع «الأبيض».
لذلك لم يتوقف عن اكتساب المزيد من «جيوش اللايك والشير»، ولما صار كبيرًا وعملاقًا فى قلوب «زمالكاوية السوشيال ميديا» دون عطاء ومردود حقيقى تحوّل لنموذج لآخرين، فسار خلفه مراهق جديد مثل عبدالله جمعة لا يشارك ولا يقدم شيئًا، لكنه عرف كيف يكون الطريق لقلوب الجمهور وبناء كتائب جديدة عبر «السوشيال ميديا».
وعلى طريقتهم أصبح «كهربا» غير معنى سوى بما سيقول عنه الجمهور: «الحراق».. «قاصف الجبهات»، فبات مشغولًا بأمور أخرى غير كرة القدم: كيف يستفز الخصم؟ وكيف يجعل شكله سيئًا أمام الجمهور؟
ولما بات كل هؤلاء أباطرة وأساطير عبر «السوشيال» فلا عجب حينما ترى طفلًا جديدًا اسمه إمام عاشور يعتدى على شيخ الموهوبين وليد سليمان فى صورة تكرس مدى الانحطاط الذى وصل إليه لاعبونا وجمهورنا.
ولأن الرادع غائب والجهل سائد والمسئول غير مؤهل، بات كل خطأ مباحًا، وكل صواب استثناءً.
وإذا أردنا أن نكون جادين فى معالجة هذه الخطايا، فلنبحث بالأساس عن ثقافة هؤلاء وكيفية تشكيل وعيهم فى الأندية منذ صغرهم، وأين دور الطب النفسى الرياضى فى تكوين شخصيتهم المنقوصة كثيرًا، لأنها السبب الحقيقى لتدنى أخلاقهم.
ولا أكشف عن سر جديد إذا قلت بأن بين هؤلاء الخارجين من دخلوا عالم كرة القدم بالتزوير فى أعمارهم بالأساس، وإذا أراد أحدكم التأكد من الحقيقة كاملة فليذهب إلى إدارى إنبى الذى يدعى «كابتن قنديل» هناك فى منطقة عين شمس ليقول لكم الأعمار الحقيقة لـ«عبدالله جمعة» و«كهربا» وغيرهما ممن يدمرون الكرة فى مصر.
إذا أردنا حلولًا جادة فلنوقف برامج التعصب التى تقوم على رصد الغير وتتبعه والانشغال بالخصم أكثر من الحديث عن النفس.
إذا أردنا إنهاء الكراهية فليكفينا سنوات من «ملك وكتابة القيعى والمنيسى»، ولنتخطى مرحلة برامج «الجزيرة» التى قامت على فكرة بث الخلاف تحت ذريعة الرأى الآخر و«الاتجاه المعاكس».
إذا أردنا أن نعرف كيف نتنافس فى مناخ سليم فلا مكان لبرنامج «خط أحمر» مهمته قصف كل ما هو «أبيض»، ولنبلغ خالد الغندور بأن برنامجه اسمه «زملكاوى» وليس «نقد الأهلاوى».
إذا أردنا أن نوقف التعصب، فلنحيد الصحفيين والإعلاميين الذين يتقاضون عشرات الآلاف من الأندية التى يدافعون عنها ويحوّلون منصاتهم لمدافع تنشر وتبث التعصب وتضلل الحقيقة.
إذا أردنا حلولًا فلا بد من تدخل قوى بوقف بل شطب البعض من الذين لا يستحقون أن يكونوا ممثلين ومعبرين عن بلادنا، فلا أحد يلوم وليد سليمان حينما يقول بأنه لا مكان للأخلاق فى المباريات المقبلة، ولنترك كل شخص يأخذ حقه بيده.
وإن لم نكن كاتحاد كرة قادرين على وضع نظام وتطبيق قانون رادع للجميع، فهناك من يستطيع أن يرسخ لمفهوم النظام السائد بكل أجهزة الدولة.. فلنتنحى جانبًا ونترك الأمر لمن يقدر عليه