رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرابعة يازمالك.. كيف يخطف «الأبيض» سوبر إفريقيا من أنياب الترجى؟

الزمالك
الزمالك

مصحوبًا بدعوات ١٠٠ مليون مصرى، يخوض نادى الزمالك تحديًا قاريًا جديدًا ولقاءً صعبًا حينما يواجه الترجى، بطل تونس وحامل لقب دورى أبطال إفريقيا الموسم الماضى، فى مباراة كأس السوبر الإفريقى. ويسعى الزمالك، بطل الكونفيدرالية، لرفع ألقابه الخاصة ببطولة السوبر إلى ٤ بطولات، والاقتراب أكثر من الأهلى صاحب الـ٦ بطولات، فى حين يريد الترجى الحصول على اللقب الثانى له، حيث لم يتوج بالسوبر الإفريقى سوى فى بطولة ٢٠١٨.
كيف يخوض الزمالك معركة الجمعة؟ وما نقاط القوة والضعف لدى الخصم التونسى؟ وكيف يتغلب عليها؟.. تلك وغيرها من التساؤلات نُجيب عنها فى السطور التالية

منذ جرى الإعلان عن قرعة دورى أبطال إفريقيا، التى أسفرت عن وقوع الزمالك أمام الترجى، تعالت الأصوات المتشائمة، وزادت الشكوك فى قدرة «الأبيض» على خوض ٣ مواجهات أمام بطل تونس فى شهر واحد.
صور الكثيرون الترجى عملاقًا من بين عمالقة العالم الذين يستعصى على الكثيرين إيقافهم، وتحدث عنه البعض وكأنه الفريق المعجزة.
أعرف أن جزءًا من المبالغة سببه التشكيك فى قدرات الزمالك بالأساس، أكثر من كونه تفخيمًا ومديحًا فى الفريق التونسى، الذى مهما كان جيدًا فلا يمكن تصوير الزمالك أمامه وكأنه قزم صغير، لا يستطيع المقاومة والصمود وتحقيق الانتصار.
بداية، وقبل الخوض فى التفاصيل الفنية، علينا التأكيد على أن بطل تونس الذى توج زعيمًا للقارة السمراء موسمين متتاليين لم يعد الفريق نفسه الذى خاض منافسات النسختين الأخيرتين، وتبدلت عناصره كثيرًا عن الفترة الماضية.
لم يعد بحوزته أفضل صانع ألعاب فى إفريقيا يوسف البلايلى، الفائز بجائزة أفضل لاعب داخل القارة الموسم المنقضى، إذ إنه رحل للعب ضمن صفوف نادى أهلى جدة السعودى، ولحق به أنيس البدرى ضمن صفوف الاتحاد السعودى، وتبعهم فرانك كوام الارتكاز الخارق الذى يلعب حاليًا للريان القطرى، اللاعب الذى كان بمثابة العمود الفقرى والركيزة التى يعتمد عليها الترجى.
نجح الترجى فى إبرام صفقة كبيرة مؤخرًا، وضم عناصر مهمة للغاية تمتلك مهارات عالية جدًا يمكنها تعويض السابقين، لا ننكر هذا أبدًا، لكن تلك العناصر التى وصلت للتو لا يمكنها الدخول بشكل سريع وتقديم الأداء نفسه، وسيتطلب انسجامها مع بقية عناصر الفريق وقتًا قد يطول قليلًا لكى يتأقلموا ويصلوا لأعلى فورمة وحالة فنية وبدنية، لذلك لا بد أن نعى أن نسخة الترجى الزعيم ليست هى النسخة التى ستقابل الزمالك.
إذًا ماذا عن شكل الترجى الحالى، وكيف يواجهه الفرنسى باتريس كارتيرون؟
الترجى حاليًا لم يغير من استراتيجية اللعب فقط بل استبدل العناصر، فهو نفس الفريق الذى يلعب بطريقة لعب تتخذ الشكل العددى «٤-٣-٣». وتتسم تلك الطريقة بكثافة عددية فى الوسط، تمنح الفريق القدرة على الاستحواذ والتحكم بالمباريات، عوضًا عن امتلاك أطراف قوية فيها ٣ لاعبين بكل جهة.
وتعد الجهة اليسرى هى الأقوى للفريق التونسى، حيث يتواجد فيها الجناح الليبى حمدى الهونى، اللاعب الأمهر حاليًا فى منظومة الفريق التونسى، ويساعده واحد بين أفضل لاعبى الوسط فى تونس وإفريقيا حاليًا عبدالرءوف بن غيث، ومعهما الظهير الأيسر إلياس شتى.
تتميز الجبهة اليسرى للترجى بثلاثة لاعبين من أصحاب المهارات الفنية العالية، وهو ما يركز عليه معين الشعبانى، المدير الفنى للفريق، ويسعى للاستفادة منه إلى أقصى حد، عبر تركيز هجومه من تلك الجبهة بشكل أكبر مقارنة بالجبهة اليمنى.
ويعول «الشعبانى» على مهارة ومرونة «الهونى» فى ترك الخط ودخول العمق كصانع ألعاب، أو التحول لمهاجم ثانٍ مع «وتارا»، وفتح الخط أمام إلياس شتى الذى يشبه طريقة لعب على معلول فى الصعود الدائم إلى الأمام. كما يستفيد «الشعبانى» من «بن غيث» لاعب الوسط الذى يجيد التقدم ودخول مناطق الخطورة للخصم، مع التزامه الخططى وعودته للخلف لتأدية الدور الدفاعى.
وهنا سيكون باتريس كارتيرون، المدير الفنى للزمالك، مطالبًا بالحرص والتأمين أكثر فى تلك الجهة، فعليه أولًا أن يقيد تقدم حازم إمام، وأن يلزمه بالوجود الدائم فى المناطق الخلفية للزمالك، وأن يكون صعوده للأمام بحساب، أو اللجوء إلى حل دفاعى آخر غيره بالاستعانة بأحد قلوب الدفاع. وعليه أيضًا أن يجعل طارق حامد قريبًا إلى هذه الجهة فى حال امتلاك الفريق التونسى الكرة، لتكوين مثلث مع الظهير الأيمن للزمالك سواء حازم أو بديله، وثالثهم الجناح أحمد سيد زيزو وليس أوناجم. ونقول هنا أحمد سيد زيزو وليس محمد أوناجم، لأنه اللاعب الأكثر التزامًا فى منظومة «كارتيرون»، والأقدر على تأدية الأدوار الدفاعية وإفساد هجمات المنافس.
أما الجهة الأخرى فى الترجى فربما تكون مفتاح الفوز لـ«الأبيض»، فالظهير الأيمن إيهاب المباركى يترك مساحات خلفه دائمًا، وهو ضعيف فى التغطية العكسية، وفى نفس الوقت يتميز الزمالك بامتلاك جبهة يسرى قوية، فى وجود أشرف بن شرقى.
وهنا سيكون لـ«بن شرقى» الدور الأبرز فى هجوم الزمالك من خلال اللعب خلف «المباركى»، وطلب الكرة بين الخطوط.
وعلى «كارتيرون» أن يعتمد على اللعب المباشر وإرسال الكرات الطولية لمصطفى محمد، لاستغلال بطء قلب دفاع الفريق التونسى اليعقوبى واستغلال غياب بدران، فـ«اليعقوبى» بطىء لدرجة كبيرة، ويركز على النظر إلى الكرة تاركًا خلفه المهاجم الذى يستطيع استغلال تلك المساحة. لذلك فإن الزمالك مطالب بأن يقلل من عملية التحضير، وأن يقلل عدد التمريرات، وأن يختصر نقل الكرة من الخلف إلى الأمام بالاعتماد على إرسال الكرات الطولية لـ«بن شرقى» ومصطفى محمد خلف قلبى دفاع الترجى.
نقطة أخرى مهمة ستفيد الزمالك إذا ما أراد تعطيل الترجى، وهى ضرورة عودة مصطفى محمد لمراقبة لاعب الارتكاز الذى يبنى الهجوم التونسى «كوليبالى».
عودة مصطفى محمد أو التزام يوسف أوباما، صانع الألعاب، بتحديد موقع «كوليبالى» وحرمانه من التحضير السليم للفريق التونسى، سيكون علامة فارقة فى تحديد مصير البطولة.
كذلك التزام «بن شرقى» بأدواره الدفاعية أو تعويض تأخره فى العودة بعض الأوقات بفرجانى ساسى أمر مهم جدًا، وإلا سيندم الزمالك كثيرًا إذا ترك عبدالله جمعة فى موقف لاعب ضد لاعب أمام بلال بن ساحة، الذى يتميز بالسرعة والمهارة الفائقة، ويمكن تحقيق الفارق عبر الحل الفردى. أما فى الثلث الدفاعى، فإن الترجى يمتلك مهاجمًا شرسًا هو الإيفوارى إبراهيما وتارا، ولكى يكون الزمالك قادرًا على إيقافه، فإنه فى حاجة ليكون كل من محمود علاء ومحمود حمدى الونش فى يقظة كاملة، والتزام أحدهما بالخروج معه حينما ينزل لطلب الكرة وحرمانه من التسلم، لأنه يعرف كيف يفك التكتلات ويفتح المساحات لزملائه حينما يتسلم الكرة بالخلف أو عبر الأطراف، وهنا سيكون قلبا دفاع الزمالك فى حاجة لدعم من أقرب لاعبى وسط حينما ينزل اللاعب للخلف.
إجمالًا نستطيع القول إن المباراة متقاربة، وإن امتلك الترجى أفضلية نسبية، لكن الرهان على الشخصية المصرية، والحوافز المعنوية الكبيرة يبقى مهمًا فى تحديد الفائز.