رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

شكرًا إكرامى.. كيف خرج «وحش إفريقيا» من الباب الكبير للقلعة الحمراء؟

إكرامى
إكرامى

من الباب الكبير قرر شريف إكرامى أن يخرج ويودع الأهلى مرفوع الرأس ومحمولًا على الأعناق، ليكتب نهاية رائعة لمسيرة كبيرة مليئة بالبطولات، ولحظات حزن وسعادة وانكسارات وبطولة.

اختلفنا كثيرًا مع «إكرامى» بسبب أخطائه الفنية فى سنواته الأخيرة، مثل لاعبين كُثر تسببوا فى كوارث أضرت بالفريق، واشتد خلافنا معه بعد سقطته الكبيرة حينما رفع حذاءه موجهًا إياه لكل منتقديه حينها، وقعت بيننا الأزمة وانتهت ببلاغ وقضية ضدنا هنا فى «الدستور»، لكننا لم نكن نقصد أبدًا من نقدنا التجريح أو التهويل، وما كان حديثنا سوى رد فعل على الفعل الخطأ الذى اعترف به «إكرامى» فيما بعد.

منذ «واقعة الحذاء»، وبعدما تعرض له الحارس من انتقادات كبيرة من نقاد وجمهور ومسئولين، قدم «إكرامى» نموذجًا يُحتذى به لأى لاعب محترف ونجم يعبر عن هوية وقيمة ناديه الكبير الذى تربى فيه، لم يرتكب «إكرامى» أى خطأ آخر، تعرض لضغوط ومشاكل كبيرة، تم استبعاده من تشكيل الفريق، لم يلقَ الاهتمام الذى يليق باسمه عند التجديد، حتى التدوير وعدد الدقائق القليلة التى نادى بها لم يجدها.

ومع كل ذلك لم يخرج «ابن النادى» ينتقد أى طرف داخل النادى، لم يمارس ضغوطًا على الجهاز الفنى، لم يُشعر زميله محمد الشناوى بأن بداخله أى ضغينة تجاهه، أو حاول تشتيته، بل كان سندًا وداعمًا له، ولنكن محقين لعب دورًا مهمًا فى زرع الثقة فى زميله من خلال هدوئه واعترافه بواقع أحقية «الشناوى» باللعب، وتقديم الدعم والمشورة دائمًا له.

كان بإمكان «إكرامى» الاسم الكبير أن يفعل أشياء كثيرة، مثل التلويح بورقة اللعب لفريق الزمالك، والجميع يعلم أن إدارة «ميت عقبة» تتمنى ذلك وسترحب بشدة بسبب حالة الصراع بين إدارتى الناديين، وما يمثله «إكرامى» باعتباره امتدادًا لـ«وحش إفريقيا الكبير»، ولما يمتلكه من مقومات شخصية وسمات أحبها جمهور الأهلى.

كان بمقدوره أن يحرج الجهاز الفنى ويسلح ويجيش إعلاميين، مثلما فعل غيره من نجوم الأهلى فى سنواتهم الأخيرة، ولعلكم تتذكرون ما فعله البعض من هجوم كبير على جهاز حسام البدرى فى الفضائيات والصحف، وتسبب حينها فى أزمة بين اللاعب والجمهور، لكنه تجاوز كل هذه النقاط، وكان حكيمًا واعيًا، واستفاد كثيرًا من «أزمة الحذاء»، وكان رائعًا فى التعامل معها، وبدلًا من المكابرة والعناد والنرجسية التى يتسم بها لاعبو كرة القدم السطحيون، قرر عدم التمادى فى الخطأ والتراجع خطوة للوراء وإعادة حساباته.

 أسهمت الأزمة فى تقويم سلوكياته، وربما أسهم والده إكرامى الشحات فى ذلك، فأصبح تعامله مع الأزمات والمشكلات بعيدًا تمامًا عن العصبية والانفلات المبالغ فيه، لذلك جاءت صورته فى عيون وقلوب الأهلاوية مثالية بمشهد ختام ولا أروع جعل الجميع ينادى باستمراره، أو لعبه دورًا إداريًا فى المستقبل القريب.

قدم «إكرامى» لنا جميعًا درسًا فى كيفية الاستفادة من الأزمة والضغوط لتجنب الأخطاء فيما هو قادم، فأسهم ذلك فى تكوين شخصية نموذجية الجميع يثق بها وبعقليتها، كما جاءت هذه الأزمة لتؤكد لنا كجمهور ومتابعين أنه لا يوجد نجم كبير على النقد، وأن الوقوف مع المخطئ لا يفيده بل يدفعه للتمادى فى خطئه.

وكما كنا حادين فى نقدنا وهجومنا على حارس الأهلى وقت ارتكابه تلك الخطيئة، فإننا مدينون له بالاعتذار، كما اعتذر هو للجميع فى «خطاب الوداع»، خاصة أننا كنا نجهل حينها ما يمر به من ظروف أسرية دفعته للتعصب والتجرد من شخصيته الحقيقة، ونتمنى له كل التوفيق فيما هو قادم داخل أو خارج «القلعة الحمراء».